شهد المجتمع المغربي تزايدا ملحوظا في ظاهرة العنف الرقمي ضد النساء، كشكل من أشكال العنف الأشد تعقيدا، ليشكل تحديا مقلقا يفرض تظافر الجهود، من أجل تعزيز التوعية والتحسيس بأهمية التبليغ عن هذا النوع من الجرائم، ذلك لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب، واستهداف ضحايا جدد.
وبالرغم من وجود النصوص القانونية التي تؤطر هذه الفعل المدان، إلا أن غياب الوعي يفاقم عدد الحالات التي تتعرض يوميا لهذا العنف، والتي تتطلب الدعم النفسي، ولمواكبة المستمرة، لاستعادة الشعور بالأمان والثقة.
وفي هذا الصدد، حذرت جمعية "بين الحكمة" من تصاعد ظاهرة العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، مؤكدة أنها أصبحت تشكل تحديًا متزايدًا في العصر الحالي.
وأفادت الجمعية في بلاغ أصدرته بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، أن المجال الرقمي، الذي كان من المفترض أن يكون فضاء للتعبير الحر والنقاش البناء، بات اليوم مرتعا لأشكال جديدة من العنف، تستهدف النساء بشكل غير متناسب.
وفي نفس السياق، أشارت الجمعية إلى أن أن الفوضى الرقمية التي يشهدها اليوم المغرب، من خلال حملات التشهير والتنمر الإلكتروني وانتهاك الخصوصية، واستغلال المنصات الرقمية في نشر خطاب الكراهية، تشكل تهديدًا مخيفا للسلامة النفسية والاجتماعية للنساء.
وحذر البلاغ من تداعيات استمرار هذه الظاهرة في الانتشار، لاسيما وأن الوضع يكشف ضعف الإجراءات الوقائية والمجتمعية لمحاربتها، مؤكدة أن أن التصدي لهذا النوع من العنف يستوجب اعتماد نهج شامل وتضافر للجهود على جميع المستويات.
ودعت الجمعية إلى ضرورة تعزيز وتحديث القوانين المتعلقة بالعنف الرقمي، مع ضمان آليات فعّالة لحماية الضحايا وتطبيق العقوبات المناسبة على مرتكبي هذه الجرائم، وتنفيذ حملات توعوية مكثفة تستهدف النساء، لتعريفهن بحقوقهن الرقمية، وكيفية حماية أنفسهن من العنف الإلكتروني، مع تعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول للإنترنت.
وأوصى المصدر ذاته بإدراج التربية على الاستخدام الآمن والواعي للفضاء الرقمي ضمن المناهج التعليمية، بهدف تنشئة جيل جديد واعٍ بأهمية احترام الآخر، ومكافحة ثقافة العنف والتشهير، وتحمل منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية في تطوير أدوات فعّالة لمكافحة العنف الرقمي، والعمل على وضع آليات لرصد وحذف المحتوى المسيء بشكل فوري.
وفي الآن ذاته، طالبت الجمعية بإنشاء مراكز متخصصة توفر الدعم النفسي والقانوني للنساء اللواتي تعرضن للعنف الرقمي، مع توفير خدمات شاملة تساعدهن على تجاوز آثار هذه التجارب، وتعزيز عملية إعادة الإدماج الاجتماعي.