مولاي الحسن.. 22 سنة من الأمل والاستمرارية    اجتماع مغربي إسباني في قادس لتعزيز التنسيق لرؤية مشتركة لحسن تدبير عبور الجالية    حكيمي يقود سان جيرمان لتجديد الفوز على أرسنال وبلوغ نهائي الأبطال    أشرف حكيمي يقود سان جرمان للنهائي ويتوج بأفضل لاعب في مواجهته ارسنال    اتفاقية رقمنة تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بالمغرب    استنفار أمني بالعرائش بعد إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من المخدرات    عبد اللطيف حموشي في زيارة عمل إلى فيينا ويلتقي مسؤولي أجهزة استخبارات من قطر وتركيا والسعودية والإمارات وباكستان    الرئيس الشرع يؤكد إجراء "مفاوضات غير مباشرة" بين سوريا وإسرائيل    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    بلقشور يكشف عن موعد إجراء مباراتي السد ويؤكد تواجد تقنية "الڤار"    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    التجسس على "واتساب": القضاء الأمريكي يغرم "إنزو" الإسرائيلية بمبلغ 168 مليون دولار لصالح "ميتا"    متابعة ناشطين من حراك فجيج بينهما "موفو" في حالة اعتقال وأولى جلسات محاكمتهما يوم الخميس    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يوقع اتفاقيتين مع جامعتين مجريتين لتعزيز الشراكات الدولية    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقص الهيليوم يتفاقم عالميا: كيف تستعد الدول لمواجهة الأزمة القادمة؟
نشر في الأيام 24 يوم 02 - 04 - 2025

تعتمد حياتنا بشكل مذهل على غاز خفيف وخامل، رغم هشاشة إمداداته، ألا وهو غاز الهيليوم.
شعرت نانسي واشنطن بالإحباط عندما علمت بعدم وصول شحنة الهيليوم. تلقّت وفريقها من الكيميائيين في مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني بالولايات المتحدة إشعاراً مفاجئاً من موردهم يفيد بعدم توافر شحنتهم المعتادة من الغاز، الضروري لإجراء العديد من التجارب.
أدى النقص إلى تقليص إمدادات الهيليوم، واضطر المختبر ببساطة إلى الاكتفاء بكمية أقل، ففي الأسابيع الأولى من ذلك العام، تراجعت الإمدادات إلى ما دون 2500 لتر (660 جالوناً) التي كان يستقبلها عادةً، وبحلول أبريل/ نيسان، أي بعد شهرين فقط، لم يكن المختبر يحصل إلا على أقل من نصف احتياجاته من الهيليوم.
نظراً لامتلاك المختبر عدداً محدوداً من الأجهزة التي تحتاج إلى إعادة تعبئة منتظمة بالهيليوم السائل، لم يكن أمامه خيار سوى إعطاء الأولوية للأجهزة الأكثر أهمية، ومن بينها كان مطياف الرنين المغناطيسي النووي المفضل لدى نانسي، وهو برج ضخم قادر على تحليل البنية الجزيئية للذرات، وتساعد قياساته في تطوير تقنيات مثل البطاريات وأنظمة تخزين الطاقة.
* 4تك: أكبر طائرة هجينة في العالم تطير عبر غاز الهيليوم
* غوغل تقترب من تغطية جزء من الأرض بخدمات الإنترنت عبر البالونات
كان هذا المطياف هو الوحيد من نوعه في أمريكا الشمالية، وبعد أقل من 12 شهراً من تركيبه، أظهر نتائج مثيرة للاهتمام!
فعند تشغيله على عينات من أكسيد المغنيسيوم، أظهر أن هذه المعادن قادرة على سحب الكربون من الغلاف الجوي، وقد اكتُشفت هذه "المعدنة الكربونية" منذ فترة طويلة كوسيلة لمكافحة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لكن النتائج أظهرت مدى فائدة هذه المعادن.
تقول واشنطن: "لم يكن هناك دليل واضح سابقاً على تكوّن الكربونات على هذه الأنواع من أكاسيد المغنيسيوم"، وتضيف: "لم أصدق البيانات في البداية، لكن الحصول عليها والطريقه التي سارت بها هذا الاكتشاف كان أمراً مذهلاً".
لكن سرعان ما اضطر كل هذا العمل إلى التوقف فجأة.
إذ شكّل معدل استهلاك هذا الجهاز للهيليوم مشكلة، أدى ذلك لتبعات وصفتها واشنطن بأنها "صادمة"، حيث تم فصل الطاقة عن الجهاز وإيقافه مؤقتاً، وعُلقت تجاربه، و بقي الجهاز غير قابل للاستخدام لعدة أشهر حتى يتم تأمين المزيد من الهيليوم. واليوم على الرغم من أنه عاد للعمل، ولكن المختبر لديه الهيليوم الذي يحتاجه بشكل مؤقت.
Getty Imagesتعتمد تقنية التبريد على الهيليوم، وهي التقنية الهامة في العديد من المختبرات والتصنيعات
ما هي استخدامات الهيليوم؟
يتم تسليط الضوء على مدى ضعف إمدادات الهيليوم، وأسباب السعي العالمي لإيجاد طرق للحفاظ على هذا الغاز الأساسي وإعادة تدويره.
لم يقتصر تأثير النقص في عام 2022 على الباحثين وحدهم؛ فقد لا تدرك ذلك، لكن الهيليوم يدخل في العديد من المنتجات والعمليات التي تواجهها يوماً.
على سبيل المثال، تُعدّ المستشفيات أكبر مستهلك للهيليوم عالمياً، إذ تمثل نحو 32% من السوق، يُستخدم هذا الغاز في تبريد المغناطيسات داخل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
كما يُستخدم الهيليوم في تصنيع أشباه الموصلات (رقائق الحاسوب)، التي تُعدّ أساس الأجهزة الإلكترونية. كما يستخدم في اللحام، بل وحتى في ضغط خزانات وقود الصواريخ التي تُطلق الأقمار الصناعية إلى المدار. إضافةً إلى ذلك، يُعدّ الهيليوم جزءاً من خليط الغازات المُستخدم في نفخ الوسائد الهوائية للسلامة في السيارات.
* من قال إن البنات يكرهن العلوم؟
* مم يتكون الخبز الأبيض "الصحي" الذي يعمل علماء على تطويره؟
الهيليوم غاز عديم الرائحة وخفيف للغاية، وعلى عكس عنصر آخر خفيف جداً كان يُستخدم سابقاً في المناطيد، وهو الهيدروجين، فإنه لا يشتعل أبداً. عند تبريده، يتحول إلى سائل فقط عند درجة حرارة شديدة الانخفاض، تبلغ حوالي 4.2 كلفن (-269 درجة مئوية/-452 فهرنهايت).
إضافةً إلى ذلك، لا يتجمد الهيليوم تحت الظروف الجوية العادية، حتى عند الوصول إلى الصفر المطلق (0 كلفن أو -273 درجة مئوية/-460 فهرنهايت)، هذا يجعله مفيداً للغاية.
تقول صوفيا هايز، أستاذة الكيمياء بجامعة واشنطن في سانت لويس: "الهيليوم عنصرٌ سحري، لا مثيل له في الكون".يكتسب الهيليوم السائل خصائص فريدة عند تبريده إلى ما يقارب الصفر المطلق، حيث يتحول إلى سائل فائق يتميز بانعدام الاحتكاك. إذا حُرِّك كوب يحتوي على هذا السائل، فسيستمر في الدوران داخله نظرياً إلى الأبد. يُعد الهيليوم فائق السيولة ضرورياً للموصلات الفائقة واسعة النطاق، مثل تلك المستخدمة في مصادم الهدرونات الكبير في سيرن، الواقع على الحدود بين سويسرا وفرنسا.
منذ عام 2006، تواجه الكميات المعروضة من الهيليوم نقصاً متكرراً، بدأت مؤشرات النقص تظهر في يناير/ كانون الثاني 2022، ثم عادت للتحسن في العام التالي، إلا أن إمدادات الهيليوم ظلت محدودة، حيث يكافح المنتجون لمواكبة الطلب المتزايد.
من المتوقع أن يزداد الطلب على الهيليوم بشكل كبير، إذ يقدّر بعض المحللين أنه قد يتضاعف بحلول عام 2035، وذلك نظراً لدوره الحيوي في تصنيع أشباه الموصلات وبطاريات المركبات الكهربائية، بالإضافة إلى استخداماته في مجالات الطيران والفضاء.
هناك مصدران فقط للهيليوم: تفاعلات الاندماج النووي عالية الطاقة داخل النجوم، بما فيها الشمس، والتحلل التدريجي للعناصر المشعة في قشرة الأرض.
ونظراً لعدم قدرتنا على تصنيع الهيليوم صناعياً بالتقنيات الحالية، فإنه يُعد مورداً محدوداً، وبدلاً من إنتاجه، يُستخرج عادةً مع الغاز الطبيعي عبر حفر آبار عميقة في باطن الأرض، وهي عملية لا تزال مقتصرة على عدد قليل من الشركات عالمياً.
يعتبر الهيليوم عنصراً يصعب احتواؤه بشكل ملحوظ، فقد أسهم استخراج وحرق الوقود الأحفوري في زيادة تراكمه في الغلاف الجوي للأرض خلال العقود الأخيرة، ما أدى إلى استنزاف احتياطياته التي كانت محفوظة داخل الكوكب.
* هل نحن مستعدون لمواجهة الوباء التالي؟
* كيف تغيّر آراء الآخرين بحيلة بسيطة؟
لكن بسبب خفته الشديدة، يتسرب الهيليوم تدريجياً من الغلاف الجوي متجهاً إلى الفضاء. وعندما يكون في حالته فائقة السيولة، يمكنه النفاذ عبر أضيق الشقوق والثقوب، بل وحتى التدفق صعوداً على الجدران، هذه الخصائص تجعل التعامل معه وتخزينه تحدياً كبيراً، إذ يمكن أن يضيع بسهولة بعد الاستخدام.
كل هذه العوامل تجعل سلسلة توريد الهيليوم غير مستقرة، ما تسبب في حدوث أربع أزمات نقص عالمية خلال العشرين عاماً الماضية فقط.
أبرز هذه الأزمات عندما أدى النقص الحاد في عام 2022 بالهيليوم إلى إفساد بعض أبحاث واشنطن، وذلك حدث بعد سلسلة من الحرائق في مصنع روسي كبير لمعالجة الغاز في منطقة أمور في سيبيريا.
وفاقمت الحرب في أوكرانيا المشكلة، من خلال زيادة أزمة الإمدادات، حدث ذلك بالتزامن مع توقف مصنع الهيليوم في قطر عن العمل للصيانة المخطط لها، وفي الوقت نفسه، تم إغلاق وحدة تخصيب الهيليوم الخام في الاحتياطي الوطني الأمريكي للهيليوم خلال صيف عام 2021، ومرة أخرى لمدة أربعة أشهر في نهاية يناير 2022.
* "أضخم" تسرب لغاز الميثان في تاريخ الولايات المتحدة
أدى إغلاق تلك المراكز في الولايات المتحدة إلى إزالة حوالي 10٪ من الطاقة الإنتاجية العالمية للهيليوم من سلسلة التوريد، وقد أدت هذه الحوادث مجتمعة إلى نقص مفاجئ وسلطت الضوء على مدى ضعف إمدادات الهيليوم في العالم.
وبحلول عام 2023، تضاعف سعر البيع الصناعي للهيليوم تقريباً عما كان عليه قبل خمس سنوات، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.
على الرغم من زيادة إنتاج الهيليوم منذ ذلك الحين، لا يزال العالم يواجه اضطرابات محتملة تؤدي إلى تقلبات في أسعار السوق.
ففي سبتمبر 2024، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، شملت حظر استيراد الهيليوم.
ورغم أن روسيا لا تمثل سوى 1% من واردات الاتحاد الأوروبي من الهيليوم، إلا أن هذه الخطوة زادت من الضغوط على الإمدادات، بالإضافة إلى ذلك، أسهم بيع أكبر احتياطي عالمي من الهيليوم – الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي – في زيادة حالة عدم الاستقرار في السوق.
كانت الولايات المتحدة مسؤولة لعدة عقود، عن توفير نحو عُشر إمدادات الهيليوم العالمية، وذلك من مخزون اتحادي تحت الأرض أُنشئ قبل قرن بالقرب من أماريلو، تكساس، ولكن في يونيو/ حزيران 2024، باع مكتب إدارة الأراضي، المسؤول عن إدارة احتياطي الهيليوم الأمريكي، آخر كميات الهيليوم الفيدرالي لشركة ميسر الألمانية لتوريد الغاز.
وقبيل إتمام الصفقة، حذّرت الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب في تقريرٍ من أن بيع هذا الاحتياطي الاستراتيجي لشركة تجارية قد يزيد من حالة عدم الاستقرار في سوق الهيليوم.
حثت هيئات تجارية، بما في ذلك رابطة الغاز المضغوط وجمعية التكنولوجيا الطبية المتقدمة (أدفا ميد)، الحكومة الأمريكية على تأجيل عملية البيع بحجة أنها قد تؤدي إلى "أزمة في سلسلة التوريد".
* المنذر: كيف تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي مع إعلان البحرين إنشاء وكالة للفضاء؟
* لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة المرضى، فهل يمكنها معالجة الآلام المزمنة؟
كما أشارت شركة "بريمير" للرعاية الصحية، التي تقوم بتوريد الهيليوم لصالح آلاف المستشفيات، إلى أن عملية البيع قد يكون لها تأثير سلبي على رعاية المرضى.
ورغم أن هذه المخاوف لم تتحقق حتى الآن، إلا أن هناك مؤشرات تدل على أن الأمور لا تسير جيداً.
بعد أشهر من عملية البيع، اضطرت شركة (ميسر) إلى طلب أمر تقييدي مؤقت لمنع إغلاق وحدة تخصيب الهيليوم الخام مرة أخرى على خلفية قضايا تعاقدية.
وفي وقت لاحق، تم وضع الشركة التي تدير وحدة التخصيب تحت الحراسة القضائية، مع ذلك، أكدت شركة (ميسر) أن نظام الهيليوم لديها "يعمل بكفاءة ودون انقطاع منذ الاستحواذ عليه في يونيو/حزيران السابق، مع توقع أن تستمر العمليات بسلاسة ودون مشاكل في المستقبل".
لكن تحليلاً حديثاً لإمدادات الهيليوم يشير إلى أن هذا المورد الطبيعي من المرجح أن يكتسب أهمية جيوسياسية متزايدة خلال السنوات القادمة مع تزايد الطلب عليه وتزايد المنافسة عليه.
تستحوذ الولايات المتحدة على حوالي 46% من المعروض العالمي من الهيليوم، تليها قطر (38%)، ثم الجزائر (5%)، و في حال انقطاع الإمدادات الأمريكية مجدداً، فسيكون التأثير ملموساً في جميع أنحاء العالم.
مع ذلك، دفعت سنوات من شح إمدادات الهيليوم وتقلبات أسعاره الهيئات الأكاديمية والتجارية والطبية إلى استكشاف أساليب أكثر استدامة لاستهلاك الهيليوم، تستهدف هذه الجهود أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي،التي تُعد من أكبر مستهلكي الهيليوم.
Getty Imagesأحد منشآت استخلاص غاز الهيليوم
يتطلب جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي التقليدي ما يقارب 2000 لتر من الهيليوم السائل لتبريد المغناطيسيات التي يحتاجها الجهاز.
وتحتاج هذه الأجهزة إلى إعادة تعبئة دورية، إذ إنه بدون التبريد بالهيليوم، ستسخن المغناطيسات، ما يؤدي إلى تبخر الهيليوم الموجود في الخزان ثم إخراجه بالكامل في عملية تُعرف باسم "التبريد المفاجئ".
ورغم ندرة حدوث ذلك، إلا أنه يشكل خطراً كبيراً؛ حيث يُفقد الهيليوم بالكامل، ما يتطلب بضعة آلاف من اللترات الإضافية لإعادة تشغيل الجهاز.
وفي حال تسبب التبريد المفاجئ في أضرار جسيمة، فقد يصبح استبدال الجهاز بالكامل أمراً ضرورياً، ما من شأنه تكبد تكاليف باهظة.
الآن، بدأ ظهور جيل جديد من أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي التي تتطلب كمية هيليوم أقل بكثير، فالعديد من هذه الأجهزة منخفضة الهيليوم لا تحتاج إلا إلى لتر واحد من الهيليوم لتشغيلها، ما يجعلها مغلقة بإحكام.
في السنوات الأخيرة، بدأت هذه الأجهزة بالظهور في المستشفيات والمؤسسات البحثية.
لكن هناك تحديات، فهذه الأجهزة التي تستهلك كميات أقل من الهيليوم تُعد مكلفة، وسيستغرق استبدال أكثر من 35 ألف جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي في العالم إلى سنوات عديدة.
كما أن أجهزة المسح الجديدة قادرة فقط على إنتاج قوة مجال مغناطيسي تبلغ حوالي 1.5 تسلا، أي ما يقارب نصف ما تنتجه الأجهزة السابقة الأكثر قوة.
* علماء يتوصلون إلى طريقة لتفتيت المواد الكيميائية الضارة في الأدوات المنزلية
* عالم فلسطيني الأصل ينتج مادة قد تحدث ثورة في صناعة السيارات
تقول شارون جايلز، مديرة عمليات التصوير السريري والبحثي في كلية كينجز كوليدج لندن: "تتمتع أجهزة المسح ذات قوة المجال الأعلى بالقدرة على المسح بتفاصيل أدق و/أو أسرع من أجهزة المسح ذات قوة المجال الأقل". لذا، فإن استخدام هذه الأجهزة منخفضة الهيليوم يبقى محدوداً.
اتجه باحثون آخرون إلى استكشاف طرق للاستغناء عن الهيليوم تماماً، وذلك من خلال تطوير مواد فائقة التوصيل لا تتطلب التبريد إلى درجات حرارة شديدة الانخفاض.
بدأ الباحثون في تعزيز استدامة مواردهم من خلال إعادة تدوير الهيليوم على نطاق واسع، تتيح أنظمة استعادة الهيليوم التقاط وإعادة استخدام الغاز المتبخر، والذي كان سيفقد لولا ذلك.
يقول نيكولاس فيتزكي، مدير منشأة الرنين المغناطيسي النووي (NMR) بجامعة ولاية ميسيسيبي حول قضية إستعادة الهيليوم: "سيمكننا هذا النظام من استرجاع نحو 90% من الهيليوم الذي نستهلكه سنوياً." ويضيف: "عند إعداد المقترح، أجرينا الحسابات ووجدنا أن التكلفة الإجمالية للنظام تجاوزت قليلاً 300 ألف دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يغطي النظام تكاليفه خلال ست سنوات".
Getty Imagesأصبح التصوير بالرنين المغناطيسي عنصراً أساسياً في الرعاية الصحية حول العالم، إلا أن هذه الأجهزة تعتمد على كميات كبيرة من الهيليوم لتشغيلها بكفاءة.
لكن تركيب تقنية استعادة الهيليوم، والتي تتضمن تركيبات معقدة من الأنابيب والوصلات التي يجب توصيلها عبر أجهزة المنشأة، يعد عملية معقدة تستغرق وقتاً طويلاً.
كما أن هذه الأنظمة قد تتعرض للعطل أو التسرب، وحتى عند تنفيذها بشكل صحيح، تخشى نانسي واشنطن من أن البعض قد لا يدرك فائدتها بشكل كامل. تقول: "إذا قلنا أننا نحتاج إلى 600 ألف دولار لتركيب وحدتين لاستعادة الهيليوم، سيقول البعض ما الفائدة من ذلك لنا؟ فالأمر يشبه تركيب أنابيب جديدة'"، مشيرةً إلى أن هذا النوع من العمل يفتقر إلى عنصر "البراعة" الذي يبرر بعض الاستثمارات العلمية الأخرى.
ولكن قد تلوح في الأفق أيضاً بوادر ارتياح، فقطر في طريقها لافتتاح مصنع جديد للهيليوم بحلول عام 2027، بينما بدأت شركات أخرى البحث عن حقول تحت الأرض لم تُستغل سابقاً.
في عام 2016، عُثر على أكبر احتياطي للهيليوم في العالم في تنزانيا، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج فيه عام 2025. كان هذا أول حقل غاز هيليوم يُكتشف بشكل متعمد، وسيُمثل بدء العمليات هناك أول مرة يُستخرج فيها الهيليوم على نطاق واسع، بدلاً من استخدامه كمنتج ثانوي لاستخراج الغاز الطبيعي الملوث.
* تلوث الهواء: ما هو غاز الشعلة وما الأضرار التي يسببها للبشر والبيئة؟
* تغير المناخ: رصد زيادة انبعاثات غاز الميثان في الأراضي الرطبة جنوب السودان
كما اكتُشفت احتياطيات كبيرة من الهيليوم في حوض خليج بوهاي الصيني.
ساهم كريستوفر بالنتين، رئيس قسم الكيمياء الجيولوجية في قسم علوم الأرض بجامعة أكسفورد، في البحث العلمي الذي ساعد في نهاية المطاف على تحديد موقع رواسب الهيليوم في تنزانيا. لكنه يحذر من المبالغة في الحماس. ويقول: "يتطلب تحدي العثور على رواسب هيليوم كبيرة لتلبية الطلب العالمي المتزايد تمويلاً كبيراً وفترة تحضير طويلة".
لقد ذكّرتنا الإمدادات المتقلبة في السنوات الأخيرة بمدى نفاد هذا المورد الثمين، ومدى سرعة استنزافه.
تؤكد واشنطن على المخاطر قائلة: "تخيلوا لو لم يكن هناك ما يكفي من الهيليوم، ولم تتمكن جدتكم من إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لأن موصلها الفائق قد تعطل. هذا أمر خطير، وعلينا التعامل معه."
* مغامر يطير آلاف الأمتار باستخدام بالونات هيليوم
* كيف نكوم كنزا من المعادن الثمينة في منازلنا دون أن ندري؟
* ستة أشياء ربما لم تكن تعلم أنها على وشك النفاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.