بلجيكا تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تضع جهة الصحراء "في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية"    الحكومة تصادق على مرسوم الرفع من التعويضات العائلية لأجراء القطاع الخاص بأثر رجعي من يناير 2023    جلالة الملك يبعث ببرقية تهنئة للأخ الكاتب الأول إدريس لشكر    تحت الرعاية الملكية السامية.. التزام مغربي متجدد لبناء فلاحة إفريقية صامدة ومبتكرة    جدد المغرب وبلجيكا، اليوم الخميس، التأكيد على إرادتهما المشتركة في تعميق شراكة استراتيجية ومهيكلة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وتقارب وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الكبرى    "ميتا" تقرر إلغاء 600 وظيفة في قسم الذكاء الاصطناعي    الرباط تخصص لهم استقبالا شعبيا كبيرا .. أبطال العالم فخورون باستقبالهم في القصر الملكي ويعبرونه حافزا للفوز بألقاب أخرى    فوزي لقجع لصحيفة "لوفيغارو".. الإنجازات التي حققتها كرة القدم المغربية تتويج لرؤية جلالة الملك    كرة القدم ..المغرب يستضيف بطولة " فيفا يُوحِّد: سلسلة السيدات" لعام 2025 يوم 26 أكتوبر الجاري (فيفا)    زياش يوافق على حمل قميص الوداد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الممثل محمد الرزين في ذمة الله    وللفوز أجنحة الفرح    فقدان آخر للفن..رحيل الفنان محمد الرزين عن 79 عاماً    المسابقات الإفريقية.. الأندية المغربية في مواجهات مصيرية للعبور إلى دور المجموعات    الحكومة تصادق على مرسوم يحدد شروط إنتاج الطاقة الكهربائية ذاتياً    سائق "إسكوبار الصحراء": "مشغلي كان يملك سيارتين تحملان شارات البرلمان حصل عليهما من عند بعيوي والناصيري"    عاجل.. سكتة قلبية تنهي حياة أشهر "بارون المخدرات بدكالة" حمدون داخل سجن سيدي موسى بالجديدة...    رئاسة النيابة العامة تقدم دليلاً جديداً لحماية الأطفال في وضعية هجرة    مذكرة توقيف دولية ثالثة يصدرها القضاء الفرنسي ضد بشار الأسد المنفي في روسيا    الجمعية المغربية لحماية المال العام تتهم الحكومة بحماية "المفسدين" وتعلن تضامنها مع رئيسها الغلوسي    بيلينغهام يمنح ريال مدريد فوزا صعبا على يوفنتوس في دوري الأبطال    شباب "جيل زد" يجددون احتجاجاتهم يومي السبت والأحد.. ومطلب الإفراج عن المعتقلين على رأس الأولويات    المحفظة العمومية تضم 267 مؤسسة ومقاولة عمومية في نهاية شتنبر 2025    محكمة العدل الدولية: على إسرائيل كقوة احتلال تأمين الغذاء والماء والمأوى والإمدادات الطبية للفلسطينيين    تقرير حقوقي يوثق خروقات بالجملة في محاكمات معتقلي احتجاجات "جيل زد"    تسارع ارتفاع أسعار النفط بعد العقوبات الأميركية على مجموعتي النفط الروسيتين    هنري يرشح المغرب للتتويج بالمونديال    غوتيريش يدعو إلى "تسريع" وتيرة البحث عن حل دائم لقضية الصحراء وتمديد ولاية "مينورسو" لعام إضافي    الفنان الممثل محمد الرزين في ذمة الله    في مديح الإنسانية التقدمية، أو الخطاب ما بعد الاستعماري وفق مقاربة فلسفية ايتيقية    وجدة: حين يصبح الحبر مغاربياً    تنوع بصري وإنساني في اليوم السادس من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    توأم تونسي يحصد لقب الدورة التاسعة من مبادرة "تحدي القراءة العربي"    المؤسسات والمقاولات العمومية: استثمارات متوقعة لعام 2026 تقارب 180 مليار درهم    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    سكان أكفاي يطالبون بمنتزه ترفيهي    العطلة المدرسية تعيد النقاش حول أهمية التوازن بين الراحة والمراجعة    التعاونيات تبرز أصالة وجودة المنتوج المغربي بمعرض أبوظبي للأغذية    استفتاء في ميونخ بشأن استضافة الألعاب الأولمبية    الرباط ضمن أفضل 5 وجهات عالمية    مصادر أممية تتوقع تقليص ولاية بعثة "المينورسو" في الصحراء المغربية    بروكسل تقرض القاهرة 4 ملايير يورو    التجويع يفرز عواقب وخيمة بقطاع غزة    عناصر الأمن الإيرلندي ترشق بالحجارة في دبلن    القنصلية الإيطالية تحذر من النصابين    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    نجاحات كرة القدم المغربية، ثمرة رؤية ملكية متبصرة (وسائل اعلام صينية)    الملك محمد السادس يواسي أسرة المرحوم الفنان عبد القادر مطاع    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصاعد التوترات مع تنافس القوى العظمى على قطعة من القطب الشمالي
نشر في الأيام 24 يوم 30 - 05 - 2025

BBCأفراد في سفالبارد يحتفلون باليوم الوطني للنرويج بالزي الوطني للبلاد
بمجرد أن أصبح ماغنوس مايلاند عمدةً لبلدة صغيرة في الطرف الشمالي للنرويج أواخر عام 2021، طرقت ثلاثة وفود من الصين بابه.
يقول مايلاند: "هذا لأنهم يريدون أن يكونوا قوة قطبية عظمى".
ربما لا يتبادر إلى الذهن اسم الصين، عند التفكير في القطب الشمالي، لكنها مصممة على أن تكون لاعباً رئيسياً في هذه البقعة من العالم. فهي تتنافس على شراء العقارات، والمشاركة في مشاريع البنية التحتية، وتأمل في ترسيخ وجود إقليمي دائم.
وتصف الصين نفسها بالفعل بأنها "دولة قريبة من القطب الشمالي"، على الرغم من أن عاصمتها الإقليمية في أقصى الشمال، هاربين، تقع على خط عرض مدينة البندقية الإيطالية تقريباً.
ومع ذلك، فإن القطب الشمالي يتحول بسرعة إلى أحد أكثر مناطق العالم تنافساً.
وتواجه بكين منافسة شرسة من روسيا وأوروبا والهند والولايات المتحدة، وبدأ السباق على القطب الشمالي.
يقول علماء المناخ إن درجة حرارة القطب الشمالي ترتفع أسرع بأربع مرات من أي مكان آخر، ما يؤثر على النظم البيئية والحياة البرية والسكان المحليين.
ويحتل القطب الشمالي منطقة شاسعة، تغطي 4 في المئة من مساحة الكرة الأرضية.
وترى القوى العالمية عالماً جديداً من الفرص المبشرة في القطب الشمالي على خلفية التغيرات البيئية؛ حيث يُسهّل ذوبان الجليد في القطب الشمالي الوصول إلى الموارد الطبيعية الهائلة في المنطقة، كالمعادن الأساسية والنفط والغاز.
ويُقال إن القطب الشمالي يحوي نحو 30 في المئة من الغاز الطبيعي غير المستغل، الأمر الذي يفتح أبواباً جديدة لطُرُق التجارة البحرية، ما يُقلل بشكل كبير من وقت السفر بين آسيا وأوروبا.
ففي مجال التصدير، الوقت من ذهب.
BBCتأمل كيركينيس أن تكون المحطة الأوروبية الأولى لسفن الشحن الصينية في المستقبل، لكنها حذرة من السماح لبكين بقدر كبير من النفوذ في الميناء
عندما زُرتُ ميناء كيركينيس، وجدته يبدو مهجوراً تماماً.
ففي داخل الدائرة القطبية الشمالية، أقصى شمال البر الرئيسي للنرويج، هناك تناقض صارخ بين واقع مدينة التعدين السابقة والصورة البريدية والجبال المغطاة بالثلوج والمضايق المحيطة بها.
لذا، يمكن تخيل مدى الإغراء في فكرة أن تصبح أول ميناء أوروبي لسفن الحاويات القادمة من آسيا، اعتماداً على سرعة ذوبان الجليد القطبي.
ويخطط مدير ميناء المدينة، تيرجي يورغنسن، لبناء ميناء دولي جديد كلياً.
رأيت لمعة في عيني يورغنسن عندما تحدث عن إمكان أن تصبح سنغافورة الشمال الأوروبي، قائلاً "ما نسعى إلى تشييده هنا في كيركينيس هو ميناء شحن عابر، حيث تلتقي ثلاث قارات: أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا".
وأضاف يورغنسن: "سننقل البضائع إلى الشاطئ ونعيد تحميلها على سفن أخرى [لمزيد من التصدير]. لسنا بحاجة إلى بيع أي أرض لأي جهة، لا لشركة بريطانية ولا لشركة صينية".
وأوضح أن القوانين الجديدة في النرويج تحظر نقل الملكية أو الأعمال التجارية، إذا كان البيع سيضر "بالمصالح الأمنية النرويجية"، مضيفاً أنهم في انتظار توجيهات واضحة من الحكومة حول نوع البنية التحتية الحيوية التي قد يغطيها هذا الأمر.
ويبدو أن رئيس البلدية مايلاند قلق من نوايا بكين؛ حيث قال لبي بي سي: "نريد علاقة مع الصين، لكننا لا نريد الاعتماد عليها".
"على أوروبا أن تسأل نفسها: إلى أي مدى ترغب في أن تكون معتمدة على الأنظمة الشمولية والاستبدادية؟!"، بحسب مايلاند.
وقد بدأ نهج الصين القائم على "شراء طريقك إلى القطب الشمالي" يُلاقي رفضاً في جميع أنحاء القطب الشمالي الأوروبي.
على سبيل المثال، حاولت بكين شراء حصص في موانئ بحرية في النرويج والسويد، ومطار في غرينلاند، لكن هذه المحاولات واجهت رفضاً.
* قصة غرينلاند التي يريد ترامب "اقتناصها" من الدنمارك
هذا يدفع الصين - أكبر قوة عظمى ناشئة في العالم - المتعطشة للقطب الشمالي، نحو أحضان روسيا التي تعد أكبر قوة فاعلة في القطب الشمالي.
BBCشعرت مدينة كيركينيس الحدودية بالتأثير الاقتصادي للحرب في أوكرانيا. اختفى الزوار الروس واختفت التجارة عبر الحدود تقريباً
وتسيطر روسيا على نصف ساحل القطب الشمالي تقريباً، مستقطبة استثمارات صينية، كما يتعاون البلدان عسكرياً في القطب الشمالي أيضاً.
دخل خفر السواحل الصيني القطب الشمالي لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول، في دورية مشتركة مع القوات الروسية.
كان البلدان أجريا تدريبات عسكرية مشتركة هنا في الشهر السابق. في يوليو/تموز، قامت قاذفات بعيدة المدى من كلا البلدين بدوريات استفزازية في المحيط المتجمد الشمالي بالقرب من ألاسكا في الولايات المتحدة.
يبدو الأمر كما لو أن بكين وموسكو تنظران إلى حلف الناتو، الذي كثّف مناوراته في القطب الشمالي، وتقولان: يمكننا فعل ذلك أيضاً.
جميع الدول المطلة على القطب الشمالي أعضاء في حلف الناتو باستثناء روسيا. وانضمت فنلندا والسويد بعد الغزو واسع النطاق لأوكرانيا.
يصف أندرياس أوستاغن، الزميل في معهد فريدجوف نانسن المستقل، القطب الشمالي بأنه "فرصة سهلة المنال" للتعاون الروسي الصيني.
تحتاج روسيا إلى استثمارات وجهات تجارية فاعلة مهتمة بتطوير موارد القطب الشمالي كموارد الغاز الطبيعي المسال، وموارد النفط، أو تطوير طريق بحري شمالي كممر ملاحي.
"الصين هي تلك السوق. يبحث البلدان عن سبل لتوسيع تعاونهما السياسي والاقتصادي، بل وحتى العسكري".
لكن الصين حريصة على عدم التقارب الشديد مع روسيا. فهي تريد تجنب العقوبات الغربية ومواصلة التعامل مع القوى الغربية، داخل القطب الشمالي وخارجه.
ولروسيا تحفظات أيضاً.
يقول أوستاجن: "احذروا المبالغة في تقدير أهمية العلاقة الروسية الصينية. لا تزال روسيا حذرة من السماح للصين بالتغلغل في عمق القطب الشمالي".
تعتمد موسكو بشكل كبير على مواردها الطبيعية هناك. وتسعى أيضاً إلى جذب مستثمرين آخرين في القطب الشمالي، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفقاً للتقارير.
BBCنهر باسفيك الذي يتميز بنقطة حدودية صفراء على الجانب النرويجي غير الخاضع للحراسة إلى حد كبير
تعتمد روسيا أيضاً على منطقة القطب الشمالي لتخزين الأسلحة الإستراتيجية، وخاصةً في شبه جزيرة كولا، المليئة بالقدرات النووية ومقر أسطولها الشمالي الأسطوري.
في النرويج، يعيش سكان كيركينيس تحت ظلال الدب الروسي المجاور. لطالما كانوا يعيشون هناك. تقع الحدود مع روسيا على بُعد 10 دقائق بالسيارة. وشبه جزيرة كولا تبدو قريبة بشكل غير مريح.
في زمن الحرب الباردة، عُرفت المدينة بأنها وكر للجواسيس، فهي خط مواجهة بين الغرب والاتحاد السوفياتي.
تعتقد النرويج أن روسيا تستخدم منطقة القطب الشمالي لتدريب مجندين جدد على القتال، ولإطلاق قاذفات القنابل منها، لمهاجمة أوكرانيا.
وعلى الرغم من أنها ليست في حالة حرب مباشرة مع روسيا، إلا أن النرويج تشعر بأنها تتعرض للهجوم، لاسيما شمال البلاد على طول حدودها البرية التي يبلغ طولها حوالي 200 كيلومتر.
يقول الكولونيل يورن كفيلر لبي بي سي بجانب المياه الصافية لنهر باسفيك الذي يفصل النرويج عن روسيا: "نرى ذلك هنا محلياً. أمامنا مباشرةً تقع مراكز الحدود النرويجية الصفراء الزاهية، ومراكز الحدود الروسية الحمراء والخضراء".
ومنذ الغزو الشامل لأوكرانيا، ازدادت حوادث تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بوتيرة متزايدة، ما دفع حتى الطيارين التجاريين إلى تغيير أنظمة الملاحة.
وتزايدت حالات التجسس على الحدود بشكل كبير، "من استخبارات الإشارات إلى إرسال عملاء إلى النرويج" بحسب كفيلر.
كما أن النرويج وحلفاءها في حلف الناتو في حالة تأهب، تحسباً لغواصات التجسس الروسية وسفن أخرى في القطب الشمالي.
BBCنرويجيان في سفالبارد، مع وجود المياه والقمم الجليدية على مسافة بعيدة
أُتيحت الفرصة لبي بي سي كي تشهد كيفية رصد النرويج لهذا التهديد، بعد حصولنا على تصريح أمني مشدد لدخول مقر القيادة العسكرية المشتركة للبلاد في حقبة الحرب الباردة.
يقع المقر في أعماق جبل كوارتز في بودو، داخل الدائرة القطبية الشمالية. وهناك متاهة من الأنفاق وغرف المراقبة حيث تجمع النرويج معلومات استخباراتية آنية من البر والجو والبحر، مُركزةً على السفن المشبوهة في مياهها القطبية الشمالية وبالقرب منها.
ويُشارك المقر كل شيء بشكل آني مع حلفاء الناتو.
والأهم من ذلك، أن أي سفينة روسية ترغب في دخول أوروبا يجب أن تمر أولاً عبر المياه النرويجية.
في المقر الجبلي، يفتش العملاء عن أي علامات تجسس وتخريب حول ما يُطلق عليه المسؤولون "البنية التحتية الحيوية" تحت الماء، كجزء من حرب الكرملين الهجينة ضد الغرب.
وتشمل الأهداف كابلات الاتصالات البحرية - التي تربط القارات وتسمح بمعاملات مالية بقيمة تريليونات الدولارات يومياً - بالإضافة إلى خطوط أنابيب النفط والغاز.
وتعد النرويج مورداً رئيسياً للغاز الطبيعي إلى أوروبا، بما يشمل المملكة المتحدة، لا سيما منذ فرض عقوبات على الصادرات الروسية عقب غزوها أوكرانيا.
وتعمل موسكو على تحديث قدراتها العسكرية في القطب الشمالي، ولديها أسطول ضخم من غواصات التجسس والغواصات النووية.
وإذا مرت هذه الغواصات دون أن تُكتشف، فقد تستهدف عواصم أوروبية بالصواريخ، كما قد تُهدد الولايات المتحدة.
BBCضباط المخابرات يراقبون التحركات الروسية في مياه القطب الشمالي من المقر العسكري داخل الجبل BBCلا يزال القادة العسكريون النرويجيون يجرون مكالمات اتصال أسبوعية مع نظرائهم في موسكو
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأوروبا إنه يتعين عليها بذل المزيد من الجهود للدفاع عن نفسها.
ومع ذلك، فإن هناك "تداخلاً كبيراً في المصالح" داخل القطب الشمالي، كما يقول رئيس المقر النرويجي المشترك، نائب الأدميرال رون أندرسن.
ويضيف: "يتعلق الأمر أيضاً بالدفاع الوطني الأمريكي . إن تركيز روسيا على الأسلحة النووية، والقدرات التي تنشرها، لا يستهدف أوروبا فحسب، بل الولايات المتحدة أيضاً".
ولا يعتقد نائب الأدميرال أندرسن أن أي طرف يسعى إلى صراع مفتوح في القطب الشمالي، لكن مع تصاعد التوترات العالمية في أماكن أخرى، مثل أوكرانيا، فإن احتمال امتداد الصراع إلى القطب الشمالي قائم.
ويُجري فريق نائب الأدميرال اتصالاً روتينياً بالأسطول الشمالي الروسي بعد ظهر كل أربعاء - كما يقولون - لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، تحسباً لأي طارئ.
BBCمجندون يراقبون سفناً حربية أخرى تابعة لحلف شمال الأطلسي من على متن الفرقاطة النرويجية أوتو سفيردروب BBCيقول نائب الأدميرال رون أندرسن لبي بي سي إن حلفاء الناتو يوفرون الآن رادعًا أكثر قوة ضد روسيا في القطب الشمالي BBCمجندون وضباط يشاركون في تدريب على إطلاق النار الحي على متن السفينة أوتو سفيردروب
عند مغادرتك كيركينيس متجهاً نحو القطب الشمالي، ستجد أرخبيل سفالبارد النرويجي الرائع عند منتصف الطريق تقريباً، والذي يعد موطن كتل جليدية طافية وأنهار جليدية، ودببة قطبية أكثر من البشر.
وتقع سفالبارد في قلب الصراع بين القوى العالمية على موارد القطب الشمالي.
وعلى الرغم من أن الأرخبيل نرويجي، إلا أنه يخضع لمعاهدة تسمح لمواطني جميع الدول الموقعة عليه بالعمل فيه بدون تأشيرة، حيث يعمل معظمهم في المناجم والسياحة والبحث العلمي.
لكنْ منذ غزو أوكرانيا، شهدت المنطقة بروزاً ملحوظاً للنزعة القومية في بعض المجتمعات.
وتشمل هذه النشاطات عروضاً عسكرية أقامتها المستوطنة الروسية احتفالاً بذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، ورفع العلم السوفياتي فوق البنية التحتية الروسية، وتزايدت الشكوك في أن الصينيين جعلوا من محطة أبحاثهم في سفالبارد غرضاً مزدوجاً يشمل التجسس العسكري.
وبغض النظر عن صحة ذلك أم لا، يقول عمدة المنطقة، تيرجي أونيفيك: "من السذاجة القول بأنه لم تكن ثمة عمليات جارية لجمع معلومات استخباراتية في مراكز الأبحاث التابعة لمختلف الدول".
وأضاف أونيفيك: "بالطبع هناك. أعتقد أن العالم سيطر عليه الخوف من فوات الفرصة القطبية الشمالية".
عند وصولي إلى سفالبارد، كان اليوم الوطني للنرويج، وكانت الشوارع تعج بموكب متعرج من الأمهات والآباء وأطفال المدرسة المحلية، يرتدون الزي الوطني النرويجي.
وتعد لونغياربين أقصى مدينة شمالية في العالم، تتلألأ فيها أشعة الشمس الساطعة على مياه القطب الشمالي أسفل الشارع الرئيسي، وتحيط بها الجبال المسطحة المغطاة بالثلوج والجليد.
أينما نظرت، هناك واجهات المتاجر وعربات الأطفال وتسريحات الشعر النسائية مزينة بالأعلام النرويجية الزرقاء والبيضاء والحمراء. ربما تخيلتُ ذلك، لكن وسط كل هذا البهجة، تسرب إلي شعور آخر غير مُعلن: تذكير بأن" "سفالبارد ملكٌ لنا!".
إنّ تصاعد التنافسات الوطنية في القطب الشمالي لن يكون خالياً من العواقب.
BBCتقع سفالبارد في قلب الصراع بين القوى العالمية على موارد القطب الشمالي
وغالباً ما تشعر المجتمعات الأصلية في المنطقة، التي يعيش أكثر من نصفها بقليل في القطب الشمالي الروسي، بتقصير من جانب أصحاب السلطة في الاعتراف بحقوق الشعوب التي لطالما اتخذت المنطقة موطناً لها.
تقول ميوكي داورانا، وهي ناشطة شابة من غرينلاند تمثل مجتمع الإينويت الأصلي، إنه عندما أعلن دونالد ترامب رغبته في شراء البلاد خلال فترة رئاسته الأولى، سخروا منه. لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفاً.
وتقول: "بسبب الوضع السياسي العالمي الحالي، مع صراع النفوذ والتنافس على الموارد، أصبح الأمر أكثر خطورة بكثير".
تتهم داورانا وآخرون في المجتمعات الأصلية الدول الأوروبية باستخدام "أزمة المناخ" كذريعة "لنهب وغزو أراضي السكان الأصليين".
وتوضح: "إنه ما نسميه الاستعمار الأخضر أو العدوان التنموي. يريدون حقاً الاستيلاء على المزيد والمزيد من الأراضي".
وأضافت داورانا أن القطب الشمالي "ليس مجرد موضوع لنا. إنه ليس مجرد اهتمام أو دراسة. إنه حرفياً حياتنا ونضالاتنا ومشاعرنا الحقيقية، وما نتعرض له من ظلم جائر".
"من المفترض أن تعمل الحكومة والسياسيون لصالح الشعب. لكنني لم أرَ ذلك. الأمر في الغالب مجرد كلام دبلوماسي"، وفق داورانا.
قبل فترة ليست ببعيدة، كان الحديث عن استثنائية القطب الشمالي، وكانت الدول الثماني المطلة على القطب الشمالي - كندا، وروسيا، والولايات المتحدة، وفنلندا، والسويد، والنرويج، والدنمارك، وأيسلندا - إلى جانب ممثلين عن ست مجتمعات أصلية في القطب الشمالي، ودول مراقبة أخرى، كالصين والمملكة المتحدة، تنحّي خلافاتها السياسية جانباً للعمل معاً لحماية هذه البقعة الرائعة من العالم وحكمه.
لكننا نعيش الآن في عصر سياسات القوى الكبرى. وتعمل الدول بشكل متزايد وفقاً لمصالحها الخاصة.
ومع وجود العديد من الدول المتنافسة الآن في القطب الشمالي، فإن مخاطر سوء التفسير أو سوء التقدير عالية.
* خطة "مجنونة" لإنقاذ الجليد البحري في القطب الشمالي
* ما هي قصة ترامب وغرينلاند أكبر جزيرة في العالم؟
* ماذا يحدث لو ذاب الغطاء الجليدي في غرينلاند؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.