نظم عدد من أصحاب مستودعات ومحلات بيع مواد البناء بعين الشق، صباح اليوم، وقفة احتجاجية أمام مقر مقاطعة سيدي معروف، وذلك رفضا لقرارات الهدم التي باشرتها السلطات المحلية في الأيام الأخيرة، دون توضيحات كافية أو تقديم بدائل تضمن استمرارية نشاطهم. ويأتي هذا التحرك الاحتجاجي بعد أن شرعت السلطات المحلية، متمثلة في مصالح عمالة مقاطعة عين الشق، في تنفيذ قرارات هدم جزئي لعدد من المستودعات المعروفة محليا ب"الكلسات" الكائنة بشارع الخليل، بدعوى استغلالها غير المشروع للملك العمومي.
ووفق معطيات متطابقة، فقد تم تحرير أجزاء من الأرصفة والمساحات العمومية التي كانت تستغلها هذه المحلات، في خطوة اعتُبرت تمهيدًا للإفراغ الكامل، ما يهدد بمحو مصدر رزقهم بين ليلة وضحاها، ويعرّض شركاتهم للإفلاس، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد. وفي تصريحات للجريدة، كشف عدد من المتضررين أن نشاطهم في المنطقة يمتد منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث تُعد هذه المستودعات نقطة توزيع رئيسية لمواد البناء بالمنطقة، وتشغّل عشرات العمال وتعيل العديد من الأسر، مؤكدين أن القرار جاء بشكل مفاجئ، دون إشراكهم في أي نقاش قبلي أو تقديم بدائل واضحة. وفي تطور لافت، كشف أحد المصرحين أن وفدًا من ممثلي المهنيين عقد اجتماعًا مع مسؤولين من عمالة مقاطعة عين الشق، حضره باشا المنطقة، حيث تم عرض مطالبهم بشكل مباشر، مشيرين بأن السلطات أبدت تجاوبًا إيجابيًا، ووعدت بالنظر في الملف المطلبي للمحتجين، خصوصًا ما يتعلق بتمديد المهلة الزمنية الممنوحة لهم قبل تنفيذ قرارات الإفراغ الكامل.
وأضاف المتحدث أن المسؤولين عبروا عن تفهمهم لمطالب الباعة، ووعدوا بدراسة الموضوع مع الجهات المسؤولة في إشارة لوالي جهة الدارالبيضاء، في إنتظار منحهم بعض الوقت الإضافي من أجل ترتيب أوضاعهم المهنية وتفادي أية قرارات مفاجئة قد تُربك نشاطهم وتُهدد استقرارهم الأسري. وأجمع المتضررون على أن قبولهم بالإفراغ مشروط بتوفير بدائل مناسبة، سواء عبر تعويض مالي عادل، أو إعادة إيواءهم في فضاءات مهنية بديلة تضمن استمرار نشاطهم، مشددين على ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي لهذه القرارات، محذرين من أن تنفيذها بشكل فجائي وبدون إجراءات مرافقة قد يؤدي إلى أوضاع مأساوية، تشمل البطالة والتشريد. وفي سياق متصل، كان عدد من مستغلي العقارات التابعة لأملاك الدولة في حي المصلى، التابع للمنطقة نفسها، قد توصلوا بإنذارات رسمية من مندوبية أملاك الدولة بتاريخ 26 يونيو 2025، تدعوهم إلى إفراغ العقارات التي يشغلونها "بدون سند قانوني".
وجاء في المراسلات، التي اطلعت عليها الجريدة، أن الأمر يتعلق باحتلال غير قانوني للملك الخاص للدولة، وأن المصلحة العامة تقتضي استرجاع هذه العقارات، وقد منحت المندوبية للمعنيين مهلة لا تتجاوز 15 يومًا لتنفيذ الإفراغ، مع التلويح باللجوء إلى المساطر القضائية في حال عدم الامتثال. وتندرج هذه التحركات في إطار حملة موسعة أطلقتها السلطات لاسترجاع أملاك الدولة وتحرير الملك العمومي من الاستغلال غير القانوني، حيث حرر قائد دائرة المصلى محاضر مخالفات تتعلق بالتعمير، تبين من خلالها وجود مستودعات ومنشآت مبنية بدون ترخيص، أو تم تشييدها فوق أراضٍ تابعة للملك الخاص للدولة دون سند قانوني.
وتسود أجواء من الترقب والقلق في صفوف المهنيين المعنيين بهذه القرارات، الذين طالبوا السلطات باعتماد مقاربة تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، بدل الاكتفاء بالمقاربة الزجرية، داعين إلى فتح حوار جاد ومسؤول مع المهنيين لإيجاد حلول توافقية تضمن استقرارهم وتحفظ حقوق الدولة في الوقت ذاته.
ويأمل المحتجون أن تترجم وعود المسؤولين إلى خطوات ملموسة، تُجنب المنطقة مزيدًا من الاحتقان، وتحافظ على استقرار العائلات التي بات مستقبلها المهني والمعيشي على المحك.