تواصلت، اليوم الخميس، أطوار محاكمة الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بن صالح الأسبق، محمد مبديع، أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وسط سجالات قانونية حادة بين هيئة الدفاع وهيئة الحكم، تمحورت بالأساس حول تمكين المتهم من الوثائق المرتبطة بالقضية.
وجدّد المحامي إبراهيم أموسي، عضو دفاع مبديع، التأكيد على أن موكله يواجه ملفات معقدة ذات طبيعة مالية وإدارية مرتبطة بالصفقات العمومية، غير أن مناقشتها على نحو جدي وموضوعي يظل متعذرا في ظل غياب الوثائق الرسمية، مشددا على أن المحكمة ترفض تمكين المتهم من الاطلاع على ملفه داخل المؤسسة السجنية، رغم أن هذه الوثائق تمثل جوهر الاتهامات الموجهة إليه.
وجدد أموسي، خلال الجلسة طلبه، في مداخلته أمام القاضي علي الطرشي قائلا: "نحن لا نطلب امتيازا، بل نمارس حقا أصيلا يضمنه القانون في إطار المحاكمة العادلة".
وكشف الدفاع أنه اصطدم شخصيا، أمس الأربعاء، مع أحد حراس سجن عكاشة بسبب منعه من استكمال جلسته مع مبديع، معتبرا أن مثل هذه العراقيل تمس حقوق الدفاع وتعرقل سير العدالة.
وتابع أن "هذه أول مرة في مسيرتي المهنية أُحرم حتى من عطلتي الصيفية بسبب هذا الإشكال القانوني البديهي"، مؤكدا أن الدفاع لا يسعى إلى المماطلة وإنما يطالب فقط بتمكين المتهم من أدوات الدفاع عن نفسه.
وأوضح الدفاع، أن مبديع، بصفته رئيسا سابقا للمجلس الجماعي للفقيه بن صالح، لم يكن يتدخل تقنيا في تفاصيل الصفقات، بل يقتصر دوره على التأشير، وهو ما يجعل ضرورة الاطلاع على الوثائق أمرا أساسيا لتحديد حدود مسؤوليته القانونية والإدارية.
ومن جهته، شدد المحامي عمر حلوي، عضو هيئة دفاع المتهم (لحسن.ز) المتابع في نفس الملف، على أن موكله يعيش وضعا استثنائيا بسبب استمرار اعتقاله الاحتياطي لأزيد من سنتين، في حين أن القاعدة الدستورية والقانونية والدولية تفترض أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
وأبرز المحامي نفسه، أن الاعتقال الاحتياطي تحول في هذا الملف إلى ما يشبه "عقوبة سالبة للحرية قبل صدور حكم نهائي"، في تناقض مع مقتضيات الفصل 23 من الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وطالب بتمتيع موكله بالسراح المؤقت، مبررا ذلك بتوفر جميع الضمانات القانونية لالتزامه بالحضور أمام المحكمة.
وأشار الدفاع عينه، إلى أن استمرار هذا الوضع لا يضر فقط بحقوق الأفراد بل يمس أيضا بثقة المواطنين في عدالة القضاء، مؤكدا أن العدالة الجنائية العادلة تقوم على الموازنة بين حماية المجتمع وضمان حقوق المتهمين.
وقررت هيئة الحكم، برئاسة القاضي علي الطرشي، تأجيل البت في الملتمسات المقدمة إلى غاية يوم الثلاثاء المقبل، على أن تستأنف جلسة المحاكمة يوم الخميس القادم لمواصلة استجواب مبديع ومن معه.
ويتابع الوزير السابق في حالة اعتقال منذ أبريل 2023 بتهم تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية خلال فترة رئاسته المجلس الجماعي للفقيه بن صالح، فيما يتمسك ببراءته ويعتبر نفسه "ضحية حسابات سياسية"، بينما يصر دفاعه على أن "حرمانه من الوثائق يشكل مسا خطيرا بحقوق الدفاع وخرقا لمبادئ المحاكمة العادلة".