في تقرير تحليلي مطوّل، رصد موقع قناة DW الألمانية ما وصفه بكونه "تحولا نوعيا" في مسار نزاع الصحراء، بعدما تبنّى مجلس الأمن الدولي مبادرة الحكم الذاتي المغربية كأساس "واقعي وعملي" للحل، في خطوة وصفتها القناة بأنها قد تُعيد رسم موازين القوى في شمال إفريقيا بعد نصف قرن من الجمود.
ووفق ما أورده التقرير، تقوم المبادرة المغربية على منح الأقاليم الصحراوية صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية واسعة في إطار السيادة المغربية، بما يسمح لسكان المنطقة بإدارة شؤونهم محليا ضمن نموذج ديمقراطي ولا مركزي متقدم.
ويشمل هذا النموذج بحسب "DW" مؤسسات محلية منتخبة تتكفّل بإدارة التنمية والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية، بينما تحتفظ الدولة المركزية بصلاحياتها السيادية في مجالات الدفاع والأمن والعلاقات الخارجية والمقومات الوطنية.
ويُفصل التقرير أن ثجهة الحكم الذاتي بالصحراءث ستضم برلمانا جهويا منتخبا يفرز رئيس حكومة محلية يُعيَّن بظهير ملكي، وتخضع قوانينه لدستور المملكة.
كما يُمنح الإقليم حق إعداد ميزانيته وتحصيل موارده الجبائية، مع التزامه بالوحدة الترابية والرموز السيادية للمغرب، بما في ذلك العلم والنشيد الوطني والعملة والمجال الديني.
منعطف أممي وتحوّل في المواقف الدولية
وقالت القناة الألمانية، إن القرار الأممي الصادر في 31 أكتوبر 2025 شكّل "منعطفا تاريخيا" في النزاع، ليس فقط لاعتماده المقترح المغربي كأساس للتسوية، بل أيضا لما كشفه من تغيّر في مواقف عدد من القوى الدولية الكبرى التي كانت في السابق متحفّظة على المبادرة.
وتوقّفت القناة عند امتناع الجزائر عن التصويت بدلا من الرفض، معتبرة ذلك "إشارة سياسية لا يمكن إغفالها"، تعكس تزايد الواقعية في المقاربة الإقليمية تجاه صراع استنزف المنطقة سياسياً واقتصاديا لعقود.
ونقلت DW عن القيادي السابق في جبهة البوليساريو، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، قوله إن القرار "فتح الباب مجددا أمام الحوار"، مؤكدا أن المغرب "أصبح في موقع قوة بعد أن كرّس رؤيته كخيار وحيد قابل للتطبيق". وأشار إلى أن الدعم الأمريكي للمبادرة قد يسهم في تقريب المواقف وتهيئة المناخ نحو تسوية تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف.
في الداخل المغربي، اعتُبر القرار تتويجاً لمسار دبلوماسي طويل عزّز موقع الرباط على الساحة الدولية. وشهدت مدن الصحراء والعاصمة الرباط احتفالات شعبية واسعة عقب التصويت الأممي، وصفها التقرير بأنها "تجسّد إحساساً جماعياً بالاعتراف الدولي بالموقف المغربي".
وفي خطاب لاحق، أكد الملك محمد السادس أن المملكة ستعمل على "تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي" وتقديمها للأمم المتحدة باعتبارها "الأساس الوحيد لأي مفاوضات مقبلة"، في إشارة إلى انتقال الرباط من مرحلة الدفاع عن المبادرة إلى مرحلة تفعيلها الميداني.