في تطوّر يعكس تمسّك الجزائر بموقفها الحذر من أي انفتاح دبلوماسي تجاه المغرب، نفى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، بشكل قاطع، وجود مفاوضات سلام أو مساعٍ للوساطة بين البلدين. وجاء هذا النفي خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء، رداً على تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، الذي توقع الشهر الماضي إمكانية عودة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين الجزائر والرباط خلال ستين يوماً.
وأبدى عطاف استغرابه من تصريحات المبعوث الأمريكي، مؤكداً أن "الحوار الثنائي مع المغرب غير مطروح إطلاقاً" على جدول أعمال الدبلوماسية الجزائرية في المرحلة الراهنة. وأشار، نقلاً عن وكالة "إيفي" الإسبانية، إلى أن ويتكوف "خلط بين التحركات الأمريكية المتعلقة بملف الصحراء وبين طبيعة العلاقات الجزائرية المغربية"، في محاولة لتوضيح الفجوة بين ما تراه الجزائر مصالحها الإقليمية وما يطرحه الجانب الأمريكي من توقعات.
وكان ويتكوف قد صرّح في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية بأن واشنطن "تعمل حالياً مع المغرب والجزائر"، مضيفاً أن التوصل إلى "اتفاق سلام" بين البلدين ممكن خلال فترة قصيرة. غير أن النفي الجزائري يعكس قراءة مغايرة، مفادها أن الظروف السياسية لم تنضج بعد لفتح قنوات تواصل رسمية، رغم ما يبدو من اهتمام أمريكي متجدد بدفع الطرفين نحو تهدئة إقليمية.
ويكتسب الموقف الجزائري حساسية خاصة في ظل التطورات الأخيرة المرتبطة بملف الصحراء، إذ يأتي هذا الرفض بعد أسابيع من دعوة جديدة وجهها الملك محمد السادس، في خطاب 31 أكتوبر، للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أجل "حوار أخوي وصادق". وقد جاءت دعوة الملك مباشرة بعد قرار مجلس الأمن الدولي الذي شدّد على ضرورة استئناف المفاوضات حول الصحراء على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي. ورغم هذا الجو المشحون، برزت إشارات متباينة من الجانب الأمريكي؛ إذ كشف مسعد بولس، مستشار ترامب للشؤون العربية والإفريقية، في مقابلة تلفزيونية بداية الشهر الجاري، أنه لمس "انفتاحاً عاماً على الحوار" لدى القيادة الجزائرية خلال زيارة حديثة له للجزائر، مؤكداً أنه ناقش هذا الموضوع مع الرئيس تبون وفريقه.
وبينما تتقاطع التصريحات الأمريكية مع إشارات مغربية نحو التهدئة، يبدو أن الجزائر تختار حالياً تجميد أي مسار تفاوضي مباشر، متمسكة بقراءة تعتبر أن الظروف الإقليمية والسياسية لا تتيح بعد استئناف العلاقات المقطوعة منذ 2021. وبهذا، يظل المشهد مغلقاً دبلوماسياً، رغم كثافة التحركات الدولية التي تشير إلى وجود اهتمام متزايد بإعادة ترتيب التوازنات في المنطقة المغاربية.