تواصلت مرافعات الدفاع في ملف محمد مبديع، الوزير والبرلماني ورئيس جماعة الفقيه بن صالح السابق، حيث قدمت الأستاذة رشيدة حسون مرافعة مطولة تناولت الجانب الواقعي والشخصي لموكّلها، في مواجهة تهم ثقيلة تتعلق ب جناية تبديد أموال عمومية، والارتشاء، واستغلال النفوذ.
واستهلت المحامية مرافعتها بمحور التأطير الزمني والوقائع التي رافقت الملف، مشيرة إلى ما وصفته ب"الحملة الممنهجة" التي استهدفت مبديع، بدءًا من "قضية لحم الغزال" التي اعتبرتها مفبركة بالكامل، مرورًا ب"قصر بسكورة المزعوم" الذي تم تضخيمه إعلاميًا.
وقالت إن مبديع "أشرك الجميع في عرسه، كبيرًا وصغيرًا، وكان الاحتفال في ضيعة فلاحية بسيطة، دون أي آليات لحجب الهواتف أو منع التصوير، ودون وجود لحم غزال كما تم الترويج له"، معتبرة أن تلك الفيديوهات "صُنعت لإثارة زوبعة حوله".
وعندما نبّهها رئيس الجلسة علي الطرشي إلى أن هذا ليس موضوع المتابعة، أجابت بأن "هذه الشوشرة أثرت على الرأي العام، وتلتها مباشرة تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، ثم اعتقاله بعد ذلك".
وقالت حسون إن دخول جمعية حماية المال العام على خط الملف ومطالبتها بمتابعة مبديع "كان جزءًا من تأثيرات تلك الضجة"، معتبرة حسب تعبيرها أنها "كانت تخدم أجندة معينة".
وأضافت المحامية أن موكلها "تعرّض للابتزاز"، مضيفة: "أقول إن مبديع كان مخطئًا ومستهترًا لشخصه فقط، وليس للرأي العام، لكنه كان شغوفًا بعمله، يقضي ساعات طويلة في مكتبه، يستقبل الجميع، متواضع، ويساعد المحتاجين، ورجل توافقات".
وانتقلت المحامية إلى الحديث عن وضع مدينة الفقيه بن صالح قبل تولي مبديع رئاستها، قائلة إنها كانت "مدينة شبه مهجورة بمساكن عشوائية"، وأن ميزانيتها لم تكن تتجاوز 50 مليون سنتيم إضافة إلى 50 مليون سنتيم من الدعم، وهي "لا تكفي لتأهيل مدينة من الجوع"، على حد تعبيرها، مشددة أن المدينة "عرفت ازدهارًا في فترة ولاية مبديع، من خلال مشاريع للبنية التحتية، شبكات الصرف الصحي، التأهيل الحضري، بناء مرافق إدارية، والحصول على دعم مؤسسات حكومية ووزارات ومجالس منتخبة".
وقدّمت حسون أمام المحكمة صورًا لمشاريع منجزة، من بينها، القرية الأولمبية، المركب الثقافي و المستشفى الإقليمي وأحياء سكنية مؤهلة ومرافق عمومية كبرى، حيث جاء ذلك ردًا على مرافعة الأستاذ صالح مرشدي ممثل الجماعة، التي طالبت بمليار سنتيم كتعويض.
وقالت دفاع مبديع إن ما قُدم ضد مبديع كان "أقرب إلى حملة انتخابية منه إلى مرافعة قانونية"، معتبرة أن طلب تعويض بقيمة 100 مليار سنتيم "مبلغ جزافي يفتقر للتفصيل ويمنع فهم القيمة الحقيقية لما يقال إنه اختلاس"، مؤكدة أن "الفقيه بن صالح كانت قرية بشاتها، وأصبحت مدينة في فترته".
وأشادت المحامية بمرافعة الوكيل العام، واصفة إياها ب"المحاضرة القانونية في كلية العلوم القانونية"، قبل أن توضح أن رئيس الجماعة يعد موظفًا عموميًا بموجب الفصل 224، وأن رؤساء الجماعات عمومًا "يقعون في أخطاء واختلالات إدارية بحكم عدم إلمامهم الكامل بالجوانب القانونية، وهذا يحدث في جميع الجماعات بدون استثناء".
وفي تعقيبها على ما أورده ممثل الحق العام حول "الاستيلاء على الصفقات بسوء نية"، قالت حسون إن القصد الجنائي الذي تتحدث عنه النيابة "قصد جنائي خاص، وليس عامًا"، مشددة على أن جميع الشهود والمتدخلين أجابوا بأن مبديع "لم يكن على علم بتلك الأخطاء والاختلالات التي تظل بسيطة"، موضحة أن الصفقات موضوع المتابعة "تم إنجازها وفق الوثائق التبليغية والقوانين المعمول بها، وكانت ممضية وتشهد على صحة الأشغال والدفعات المالية".
وتطرقت المحامية إلى ملف السيارة، حين سُئل مبديع إذا كان يعاني ضائقة مالية، فأجاب بأن "ظروف العمل وتلك اللحظة هي ما دفعته لاقتناء السيارة، وأن" العربي .ال" كان دائم المساعدة وساعده مراراةفي قضاء بعض معاملاته المالية ".
وفي ختام مرافعتها، طالبت الأستاذة حسون ب الحكم ببراءة مبديع لفائدة القانون، وإذا رأت المحكمة خلاف ذلك، دعتها إلى مراعاة "حالته النفسية والإنسانية، فهو كان وزيرًا ورئيس جماعة وسياسيًا، وأصبح اليوم سجينًا"، مستشهدة بمقولة : "ارحموا عزيز قوم دُلّ"
وقررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى غاية يوم الجمعة المقبل لاستكمال الاستماع إلى باقي مرافعات دفاع المتهمين.