على هامش أشغال النسخة الثانية من منتدى الشراكة العربية-الإفريقية، المنعقد بالعاصمة المصرية القاهرة يومي 19 و20 دجنبر الجاري، أجرى وزير الشؤون الخارجية الجزائري سلسلة لقاءات ثنائية، سعى من خلالها إلى إعادة طرح ملف الصحراء المغربية ضمن الأجندة الدبلوماسية، رغم الغياب اللافت لجبهة البوليساريو عن المنتدى.
وبرغم هذا الغياب، حاولت الجزائر استثمار المنصة الإقليمية للترويج لأطروحتها الانفصالية، غير أن هامش تحركها بدا محدوداً، إذ لم تجد تجاوباً سوى من دولتين تُعرفان بمواقفهما التقليدية المناوئة للمغرب، ويتعلق الأمر بكل من زيمبابوي وناميبيا، في وقت فضّلت فيه دول أخرى تحييد نزاع الصحراء عن لقاءاتها الثنائية مع المسؤول الجزائري.
وفي هذا الإطار، حرص وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف على إدراج الملف خلال محادثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتجارة الدولية الزيمبابوي، أمون مورويرا، وكذا مع وزيرة العلاقات الدولية والتجارة لجمهورية ناميبيا، سلمى أشيبالا موسافيي. ووفق بيانات صادرة عن الخارجية الجزائرية، فقد تم الحديث عن "توافق" حول ما وُصف ب"نصرة القضايا العادلة"، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية و"قضية الصحراء"، إلى جانب التأكيد على التنسيق المشترك في هذا الاتجاه.
في المقابل، عكست لقاءات أخرى حدود هذا المسعى الجزائري، حيث امتنعت كل من مصر وتنزانيا عن إدراج نزاع الصحراء ضمن مباحثات مسؤوليها مع وزير الخارجية الجزائري. فقد خلا اللقاء الذي جمع أحمد عطاف بنظيره المصري بدر عبد العاطي من أي إشارة إلى الملف، وهو نفس النهج الذي طبع محادثاته مع وزير الخارجية والتعاون مع شرق إفريقيا لجمهورية تنزانيا الاتحادية، محمد ثابت كومبو.
ويقرأ متابعون هذا التباين باعتباره مؤشراً على اتساع دائرة الدول الإفريقية التي باتت تتعامل بحذر مع محاولات تسييس المحافل متعددة الأطراف، وتفضّل التركيز على قضايا التعاون والشراكة بعيداً عن النزاعات الإقليمية الخلافية.
وفي السياق ذاته، يندرج استبعاد جبهة البوليساريو من المنتديات والقمم الروسية-الإفريقية ضمن توجه دولي متنامٍ يقصر المشاركة على الدول ذات السيادة المعترف بها دولياً وذات العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، وهو ما يحدّ من محاولات إدخال أطراف غير معترف بها في مسارات التعاون القاري.
ويُنظر إلى هذا النهج باعتباره عاملاً مساهماً في تفادي التشويش والانقسام داخل الفضاء الإفريقي، خاصة في ظل رفض عدد متزايد من الدول إشراك البوليساريو في القمم الدولية، لما لذلك من تأثير سلبي على مصالح القارة وشراكاتها الاستراتيجية، بالنظر إلى التداعيات السياسية والاقتصادية المستمرة لنزاع الصحراء.