تستعد مدينة العيون لاحتضان واحد من أبرز مشاريع الطاقة المتجددة في المغرب، وذلك من خلال شراكة استراتيجية بين مجموعة "ينّا" المغربية وشركة "أميا باور" الإماراتية. المشروع الجديد يتمثل في إنشاء حقل لطاقة الرياح بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميغاوات، مما يرسخ موقع المدينة كفاعل محوري في التحول الطاقي الوطني، ويعزز في الوقت نفسه مكانة المغرب كواحد من أبرز رواد الطاقة الخضراء في القارة الإفريقية. هذا المشروع الطموح يأتي في إطار التزام المغرب بخفض اعتماده على الطاقات الأحفورية، التي ما تزال تمثل النسبة الأكبر من إنتاجه الكهربائي، حيث يشكل الفحم أكثر من 70 في المئة من مصادر توليد الكهرباء على الصعيد الوطني. ومن خلال تطوير هذا الحقل الجديد، يسعى المغرب إلى رفع حصة الطاقات المتجددة ضمن مزيج إنتاجه الطاقي لتبلغ 52 في المئة بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي يعمل عليه منذ سنوات من خلال مشاريع ضخمة في مجالي الرياح والطاقة الشمسية. قدرة هذا المشروع، التي تقدر ب100 ميغاوات، تعني عملياً إمكانية تزويد ما بين 60 إلى 80 ألف أسرة بالكهرباء سنوياً، ما يعكس الأثر المباشر لهذا الاستثمار على مستوى الأمن الطاقي. كما يُتوقع أن يُسهم المشروع في خلق فرص شغل عديدة، سواء خلال مرحلة البناء أو عند بدء التشغيل، وهو ما من شأنه دعم الدينامية الاقتصادية والاجتماعية في جهة العيون الساقية الحمراء. وتُعد شركة "أميا باور" من أبرز الفاعلين في مجال الطاقات النظيفة على المستوى الإفريقي، حيث تمتلك محفظة مشاريع تفوق 5 جيغاوات، وتمكنت من إنجاز مشاريع ريحية و شمسية كبرى في عدد من الدول، أبرزها مصر، حيث أنجزت مزرعة رياح بقدرة 500 ميغاوات، تُعد الأكبر من نوعها في القارة. من جهة أخرى، يعكس هذا المشروع مدى جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقات المتجددة، بفضل ما يوفره من بيئة تشريعية واستقرار سياسي ومؤهلات طبيعية متميزة، خاصة في المناطق الجنوبية المعروفة بقوة رياحها وانتظامها. ويُرتقب، في حال نجاح هذا المشروع الأولي، أن تتوسع الشراكة المغربية الإماراتية إلى مشاريع أخرى أكثر طموحاً، قد تشمل أيضاً مجالات متقدمة كالهيدروجين الأخضر وتخزين الطاقة. إن حقل الرياح المرتقب في العيون لا يُمثل مجرد مشروع لإنتاج الكهرباء، بل يُجسد رؤية بعيدة المدى لمغرب يؤمن بأن التنمية الحقيقية تمر عبر الانتقال الطاقي، والانفتاح على شراكات دولية متينة، والاستثمار في مستقبل نظيف ومستدام للأجيال القادمة.