مهرجان الظاهرة الغيوانية في دورته الثالثة بالدار البيضاء    مبرزو التربية الوطنية يضربون من أجل المطالبة بإنصافهم    الاتحاد الأوروبي يقترح فرض عقوبات على إسرائيل بسبب الحرب على غزة    الحسيمة.. توقيف شخصين متلبسين بتنظيم الهجرة السرية وحجز زورق مطاطي    التقدم والاشتراكية ينتقد "تدهور" القطاع الصحي العمومي ويحذر من استغلال المال العام في الحملات الانتخابية المبكرة    الموسيقى المغربية تتألق في حفل "أصوات من الديار" بواشنطن        الذكاء الاصطناعي يرفع التجارة العالمية ب 40%    تحذير للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات بوجود ثغرات في أنظمة إلكترونية    تصفيات مونديال 2026.. جيبوتي يختار ملعب العربي الزاولي بالدار البيضاء لمواجهة مصر    الرجاء يوضح قواعد حضور جماهير مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي    وهبي يكشف لائحة أشبال الأطلس لمونديال الشيلي    إقصاء ثلاثة عدائين مغاربة من سباق 800 متر لألعاب القوى بطوكيو 2025    التوفيق يكشف حصيلة تأهيل المساجد المتضررة من زلزال الحوز    زخات رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ترشيد "الروشيرش"... النيابة العامة توجه دورية لعدم الالتجاء لبرقيات البحث إلا عند الضرورة القصوى    الأمن يكشف حصيلة حوادث السير بالمدن المغربية        أمن طنجة يوقف مروج مخدرات ويحجز كميات مهمة من الشيرا والكيف بحي بير الشيفا    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    والي بنك المغرب يشدد على أهمية التعاون العربي في المجال النقدي    "حين سقط القمر" رواية جديدة للكاتب والأديب المغربي محمد بوفتاس    هوليوود تودع أسطورة السينما روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عاما        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    بعد أكادير والناظور.. دعوات لوزير الصحة لزيارة المستشفى الاقليمي بالحسيمة    تفاوت في أسعار الخضروات والفواكه بسوق الجملة بالدار البيضاء        السيارات الكهربائية: المغرب يحتضن أكبر مصنع للبطاريات            الجيش الإسرائيلي يعلن قصف "أكثر من 150 هدفا" في مدينة غزة منذ الثلاثاء    غرق مركب الصيد "أبو الهناء" بسواحل الداخلة وإنقاذ كامل طاقمه    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    جيش إسرائيل يواصل التقتيل في غزة        بوبريك: 24 مليون مستفيد من التغطية الصحية و4 ملايين أسرة تحصل على الدعم المباشر    تراجع أسعار الذهب وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية    مع تكثيف القصف.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن إقامة "مسار انتقال مؤقت" لخروج سكان مدينة غزة    إيران تعدم شخصا بتهمة التخابر لصالح إسرائيل    القمة ‬العربية ‬الإسلامية ‬تحث ‬المجتمع ‬الدولي ‬على ‬إدانة ‬إسرائيل ‬وردعها    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    الصين تطلق قمرا اصطناعيا اختباريا لتكنولوجيا الانترنت    15 ألف عداء مرتقب في سباق 10 كلم بالدار البيضاء    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    هيئات جمعوية وحقوقية تدافع عن القسم الاقتصادي بعمالة إقليم الجديدة    الكان، الشان، ودوري الأبطال: الكاف يرفع الجوائز المالية ويشعل المنافسة القارية    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ    كلاسيكو الرجاء والجيش يلهب الجولة الثانية من البطولة الإحترافية        مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج الاستعجالي والهدر المدرسي : مقاربة تربوية واجتماعية

يشكل الهدر المدرسي معضلة تربوية كبرى، لأنه يحول دون تطور أداء المنظومة التربوية خصوصاً في العالم القروي، ويحدث نزيفاً في الموارد المادية والبشرية، ويؤثر سلباً على مردوديتها الداخلية. وقد كان تعميم التعليم وإلزاميته من الأهداف الأساسية التي أولتها البلاد أهمية قصوى منذ الاستقلال الى الآن، فوضعت لها مخططات خماسية ونظمت منتديات للإصلاح، بل شكل التعميم الدعامة الأولى في الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وبالرغم من المجهودات المبذولة والمكتسبات المحققة في مجال تعميم التعليم، وتحقيق تكافؤ الفرص بين الذكور والإناث، فإن الهدر المدرسي، وخاصة في الوسط القروي يحول دون بلوغ الأهداف الإصلاحية المنشودة في الآجال المحددة. لذا يمثل تعميم التعليم والاحتفاظ بالتلميذات والتلاميذ في المنظومة التربوية رهاناً كبيراً بالنسبة لإصلاح منظومة التربية والتكوين.
وفي هذا السياق وضعت وزارة التربية الوطنية البرنامج الاستعجالي لتصحيح الاختلالات البنيوية وتسريع وتيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين، انطلاقا من توجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
ويتضمن هذا البرنامج الاستعجالي مشروعاً لمحاربة ظاهرتي التكرار والانقطاع عن الدراسة، انطلاقاً مما تم التوصل إليه من خلال تشخيص وضعية التمدرس بمنظومتنا التربوية والمتمثلة في استمرارية معاناة التلميذات والتلاميذ بشكل كبير من ظاهرة التكرار السنوية المتراوحة في الغالب ما بين 12.7% بالابتدائي و 18.9% بالثانوي الإعدادي، وبالرغم من التزايد المهم لأعداد التلاميذ المتمدرسين تفعيلا للتوجهات الأساسية المحددة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإن المنظومة تواجه صعوبات فيما يتعلق بضمان مواصلة التلاميذ لدراستهم، حيث ان نسب الانقطاع عن الدراسة تظل مرتفعة، إذ تصل الى 5.7% في الابتدائي و 13.6% في الثانوي الإعدادي و 13.9% بالثانوي التأهيلي، مما يؤكد عدم تحقيق تقدم ملموس منذ سنة 2000 في الاحتفاظ بالتلاميذ داخل المنظومة، وانطلاقاً من هذا التشخيص، حدد البرنامج الاستعجالي هدفا للمشروع، يتمثل في تقليص نسب الهدر المدرسي والفشل الدراسي للتلميذات والتلاميذ بما يمكن فوج سنة 2010/2009 من استكمال سنوات الدراسة بالتعليم الابتدائي دون تكرار بنسبة 90% في سنة 2015/2014، وبالنسبة للتعليم الثانوي الإعدادي، يتوخى البرنامج الاستعجالي بلوغ نسبة استكمال سنوات الدراسة بالتعليم الثانوي الإعدادي دون تكرار تصل الى 80% بالنسبة لفوج 2010/2009، وذلك في أفق سنة 2018/2017. أما بالنسبة للتعليم الثانوي التأهيلي، فالبرنامج الاستعجالي يتوخى بلوغ نسبة 60% من التلميذات والتلاميذ المؤهلين لاستكمال الدراسة بالتعليم الثانوي في أفق سنة 2021/2020 بالنسبة لفوج 2010/2009 من التلميذات والتلاميذ.
ولتقليص نسبة الهدر المدرسي والفشل الدراسي، يعتمد البرنامج الاستعجالي مقاربة تربوية واجتماعية لمواجهة ظاهرة الهدر المدرسي، وتتمثل المقاربة التربوية في إرساء اليقظة التربوية وتوفير الدعم التربوي من خلال:
التتبع الفردي للتلاميذ طيلة سنوات التمدرس بالتعليم الابتدائي عبر بطاقات فردية للتتبع، ترافقهم طيلة سنوات تمدرسهم، بهدف رصد التلاميذ المتعثرين دراسياً وإيجاد الحلول لحالاتهم قبل وصولهم الى وضعية الفشل ثم الانقطاع عن الدراسة.
وأسندت مهمة هذا التتبع الفردي للمدرسات والمدرسين بتنسيق مع المستشارين في التوجيه لرصد المتعثرين وتوجيههم الى خلايا اليقظة لتحديد أسباب تعثر هؤلاء التلاميذ وتنظيم دعم مدرسي لفائدتهم.
تقديم الدعم البيداغوجي للتلاميذ المتعثرين لتحسين مستواهم في السلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي، وذلك بإدراج حصص الدعم في استعمالات زمن المدرسات والمدرسين.
أما التدابير ذات البعد السوسيو اقتصادي التي أوردها البرنامج الاستعجالي، فتهدف في إطار تحقيق مبدأ تعميم التعلم الإلزامي، إلى إبقاء المتمدرسات والمتمدرسين في أسلاك التعليم وتوفير الدعم الاجتماعي لمواجهة الأسباب الرئيسية للانقطاع والعزوف عن التمدرس، والمتمثلة في بعد المدرسة، وارتفاع تكاليف التمدرس، والاتجاه الى تشغيل الأطفال، ومن التدابير المقترحة في هذا الإطار ما يلي:
توسيع العرض في الداخليات، وخاصة في الوسط القروي، من خلال إحداث داخليات بالثانويات الإعدادية الجديدة في الوسط القروي، وإحداث المدارس الجماعاتية، بالإضافة إلى الرفع من قيمة المنح ومن عدد المستفيدين من الإطعام بالداخليات.
توفير النقل المدرسي بالوسط القروي من خلال النقل بالحافلات المدرسية واعتماد الدراجات الهوائية التي تتلاءم مع الخصوصيات الجغرافية لبعض المناطق، بالإضافة الى استثمار إمكانيات الشراكة مع الجماعات المحلية والمنظمات غير الحكومية، من أجل تحسين تمويل وتدبير النقل المدرسي المزمع توفيره.
توفير المساعدات المادية للدعم المدرسي من خلال برنامج «تيسير» بتأطير من الجمعية المغربية لدعم التمدرس، يوفر مساعدات مادية مباشرة لدعم تمدرس الأطفال في وضعية هشة، وهي موجهة للأسر المعوزة من أجل الاحتفاظ ببناتهم وأبنائهم بالمدرسة الابتدائية، وعدم الاضطرار إلى تشغيلهم.
الاستمرار في توفير مستلزمات التمدرس وتوسيع قاعدة المستفيدات والمستفيدين منها، وخاصة بالعالم القروي من خلال المبادرة الملكية لتوزيع مليون محفظة التي انطلقت مع الدخول المدرسي 2008، باعتبارها ترجمة إجرائية لتكامل مكونات المجتمع المغربي لدعم عملية التمدرس، وذلك للتقليص من تكلفة التمدرس على الأسر في وضعية هشة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدخول المدرسي الحالي (2010/2009) عرف مستجدات وتدابير تندرج في إطار الشروع في تفعيل مشروع البرنامج الاستعجالي المتعلق بمحاربة ظاهرتي التكرار والانقطاع عن الدراسة التي أشرنا إليها سابقاً، وذلك من خلال اتخاذ تدابير سوسيو اقتصادية هادفة إلى تدعيم التمدرس ومواجهة الأسباب الرئيسية للانقطاع عن الدراسة، وتتمثل هذه المستجدات، كما تضمنتها الوثائق الرسمية لوزارة التربية الوطنية في توسيع المبادرة الملكية «مليون محفظة» ليستفيد منها هذه السنة جميع تلميذات وتلاميذ التعليم الابتدائي في الوسطين القروي والحضري، وجميع تلاميذ السنة الأولى الإعدادي في الوسط القروي (بلغ عدد المستفيدين 3.677000)، كما تم توسيع برنامج «تيسير» للدعم المادي المباشر للأسر مما أدى إلى الزيادة في نسب الالتحاق بالمدرسة والانخفاض الملموس في عدد المنقطعين، بالإضافة الى النقل المدرسي الذي تم تعزيزه باللجوء إلى تفويض خدماته إلى الخواص من خلال اكتراء حافلات واقتناء دراجات هوائية (عدد المستفيدين 19580). وبخصوص اللباس المدرسي الموحد، فقد تم توفيره للتلميذات والتلاميذ الذين هم في حاجة إليه، حيث بلغ عدد المستفيدين هذه السنة 750.000 تلميذة وتلميذ، باعتبار اللباس الموحد مدخلا أساسياً لترسيخ السلوك المدني والتربية على المواطنة. وفي مجال الداخليات والإطعام المدرسي، فقد تم للرفع من قيمة المنحة الدراسية للتلاميذ، والرفع من عدد الأيام المفتوحة للإطعام المدرسي والإطعام بالداخليات، وحسب وزارة التربية الوطنية، فإن الميزانية المخصصة لمواجهة المعيقات السوسيو اقتصادية بلغت هذا الموسم مليار و 730 مليون درهم عوض 760 مليون درهم خلال الموسم المنصرم.
والملاحظ أنه بالرغم من التدخلات المكثفة من قبل وزارة التربية الوطنية، فإن الدخول المدرسي واجه صعوبات وإكراهات بسبب التراكمات والاختلالات التي عرفها القطاع التعليم، كالخصاص في الموارد البشرية أطراً تربوية وإدارية، والاكتظاظ المؤثر سلباً على جودة التعليم واستمرار ظاهرة الهدر المدرسي، وهذا يستدعي تظافر جهود الوزارة بمكوناتها المركزية والجهوية والاقليمية والمحلية، وكذا مكونات المجتمع المدني من أجل إنجاز الإصلاح، وإنزال مشاريع البرنامج الاستعجالي إلى المؤسسات التعليمية وتجاوز الاختلالات البنيوية في المنظومة التربوية، خاصة وأن إصلاح التعليم يحظى بدعم غير مسبوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.