دعا المشاركون في الندوة الوطنية المنعقدة بأگادير السبت الماضي، والتي نظمتها فيدرالية التضامن الجمعوي بجهة سوس ماسة درعة بتنسيق مع جريدة «أصداء الجهة» حول «دورالإعلام الجهوي في ترسيخ قيم الجهوية ومبادئ الحكم الذاتي» إلى إجراء إصلاحات كبرى لترسيخ قيم الجهوية الموسعة بجهات المملكة ومبادئ الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية. وفي هذا السياق أكد عبد العالي دومو، برلماني وعضو المجلس الوطني للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، أن مشروع الجهوية الموسعة والحكم الذاتي يدخل في باب الإصلاحات التي يباشرها المغرب اليوم لوجود إكراهات اجتماعية واقتصادية عديدة خاصة أن الدولة توجد في وضع اقتصادي لم يعد يمكنها من تلبية حاجيات المواطن نظرا لإعتمادها على سياسة المركزية والتمركز، في الوقت الذي صارت فيه الحاجيات والمتطلبات تطورت وتصاعدت بشكل لافت للنظر. وقال إن ما بذلته الدولة المغربية في الأقاليم الجنوبية من مجهودات من حيث الميزانية المخصصة والبنيات التحتية والمرافق الإجتماعية وغيرها هو ضعف ما بذلته في الأقاليم والجهات المغربية الأخرى، وأن المصاريف المالية التي صرفت في الجهات الصحراوية هي ضعف ما صرف في باقي الجهات المغربية بشمال ووسط وشرق المغرب، فالمواطن الصحراوي صرفت عليه الدولة في ميزانيتها حوالي12 ألف درهم بينما المعدل الوطني لايتجاوز 5000 درهم لكل مواطن. ورغم تلك المجهودات الكبيرة التي قام بها المغرب في الأقاليم الجنوبية، يقول دومو، وجدنا هناك توترا اجتماعيا واحتجاجا متصاعدا كما حدث بالعيون مؤخرا، لوجود خلل في التدبيرلذلك لابد من إصلاح جهوي جديد ينبني على حكامة ترابية ومحلية وعلى ازدواجية المسؤولية للإدارة الترابية والهيآت المنتخبة، ولابد من تبني نموذج جديد يقوم على وحدة المسؤولية السياسية في الجهات التي تبنتها بعض الدول كإسبانيا وإيطاليا وألمانيا عوض أن يبقى المغرب دائما يشكومن نظامه الترابي وهذا راجع إلى تبنيه للنموذج الفرنسي. وذهب الدكتور البشير الدخيل، عضوالكوركاس ورئيس منتدى البدائل الدولية، إلى أن الخطاب الإنفصالي إذا ما قارناه إعلاميا مع الإعلام الوطني نجده يرتكزعلى العاطفة(القبيلة والعشيرة)، ونجد جهات مسؤولة تكرس هذا التوجه من خلال الإعتماد على مفردات يكررها الإنفصاليون في بياناتهم ونشراتهم وخطاباتهم، هذا في الوقت الذي نجده فيه الخطاب الوحدوي بسيط جدا لا يمتلك أسسا فكرية ووطنية ورؤية عميقة نظرا لإرتباطه بما هو رسمي لذلك عليه أن يتحررمن التبعية ومن القرارات الفوقية وخاصة بالنسبة للإعلام المرئي. وأضاف أن الإصلاح الجهوي الجديد والحكم الذاتي المرتقب ينبغي أن يأخذ بعين الإعتبارمجموعة من العناصر الإقتصادية والثقافية والتعليمية والإجتماعية في هذه الجهوية الموسعة، زيادة على إصلاحات أخرى تستوجب مراجعة الدستور للتنصيص عليها لأن السياسة التي تدخلت في الصحراء المغربية ليس بسياسة عقلانية، على حد قوله، بل سياسة اعتمدت على «التسول» و«توزيع بطائق الإنعاش= الكَارْتِية». وتلك منتهى سياسة الريع التي تشجع على الإتكالية والتواكل وتكريس للقبلية الضيقة ذلك أن هناك بطائق للإنعاش يوزعها شيوخ القبائل على أبناء قبيلتهم، مع أن القبيلة ليست مؤسسة شرعية لكي تقوم بهذا الدور، وما لاحظناه في الصحراء هو أن خلال 35 سنة برز بإسم هذه الخصوصية سماسرة للقبيلة يقومون اليوم بتوزيع بطائق الإنعاش والبقع الأرضية على المقربين منهم في حين تم حرمان العديد من السكان والمواطنين مما خلق سخطا لدى الشباب. فالعقلانية هي أن نُعلم الشباب الصحراوي ونُدَرسه لنجعل منه إطارا ونعلمه الحقوق والواجبات ونعلمه الديمقراطية المبنية على المواطنة الحقة والكفاءة وتكافؤ الفرص في التوظيفات بين جميع الشباب بالجهات الجنوبية كباقي المواطنين بالمملكة وليس أن نربيه على الولاء للقبيلة وغيرها، مع العلم أن الشباب أقل من 25 سنة يمثل نسبة 57 من المائة من سكان الأقاليم الصحراوية، وتأكد لنا ذلك من خلال احتجاجات العيون الأخيرة التي قام بها معظم الشباب والمراهقين. واعتبرحسن إكروم، أستاذ باحث، وعضوالمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، مشروع الجهوية الموسعة إعادة لهيكلة الدولة المغربية، وتقسيم الثروات والسلطات بين المركزوالقاعدة، بحيث سيمكن هذا المشروع الجماعات المحلية والجهات من تقريرمصيرها الإقتصادي والإجتماعي والثقافي من خلال اعتمادها على مقومات ذاتية. كما أن الإعلام الرسمي والحزبي والمستقل والجهوي لازال ضعيفا سواء على مستوى التشريعي أو الأخلاقياتي، مما يفرض حاليا ضرورة الإهتمام به ودعمه ماليا حتى يلعب دورا كبيرا في القرب من المواطنين بالجهات، وينأى عن بعض الممارسات التي أضرت به كالتبعية والزبونية وغيرهما. بينما أحمد عصيد، باحث في الثقافة الأمازيغية وعضوالمعهد الملكي للثقافة واللغة الأمازيغية، رأى أن نجاح الإصلاح الجهوي رهين بربطه واعتماده على الخصوصيات الثقافية وتأطيرالسكان لفهم الرهانات المعقودة على الجهوية الموسعة غدا،لأن هذا المشروع لم يجد له صدى بعد في وعي المواطنين. وقال عصيد إن النقاش اليوم حول الجهوية الموسعة ينبغي أن ينصب على نخب الجهات وسكان الجهات والخصوصيات الثقافية والإقتصادية التي تطبع شخصية كل جهة على حدة،وذلك لكون الخصوصية المنفتحة هي أساس التقسيم الجهوي الحقيقي حتى يخرج المغرب من إطارالمركزية على المستوى الإقتصادي والتعليمي والتراثي والثقافي. ويتجلى دور الإعلام الجهوي، يضيف عصيد، في قربه من حياة الناس اليومية والإهتمام بمشاكلهم والتركيزعلى ما يميز الجهة من خصوصيات التاريخية والإجتماعية والفنية والثقافية والتربوية. هذا وركزت الأستاذة إحسان بودريك، باحثة في مجال الإعلام والتواصل، وأستاذة بالمركزالتربوي الجهوي بمراكش، في مداخلتها على الدورالذي يمكن أن يلعبه الإعلام الجهوي في الجهوية الموسعة، حيث أكدت أن الجهوية الموسعة تنمية متوازنة بالجهة، وأن الصحافة عموما مرتبطة أساسا بحرية التعبير والرأي وأنها مهنة شريفة تفرض على ممتهنيها الحياد والموضوعية... وأعطت الباحثة نماذج وأمثلة عن الدورالذي ينتظرالإعلام الجهوي المسموع والمرئي والمكتوب في ظل جهوية موسعة ومتنافسة في كل شيء، كما ركزت على وسائل التواصل والإتصال وعلى وسائل تعريف الإعلام بخصوصيات الجهات بتقنيات تقليدية وعصرية ورقمية وإلكترونية من خلال المواقع والبوابات والمدونات والجرائد الإلكترونية وغيرها.