تفاصيل اختيار الكاف لحكم مباراة بركان والزمالك    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    المغرب التطواني ينهزم أمام مضيفه نهضة بركان    بوروسيا دورتموند يكرر فوزه على "سان جيرمان" وييلغ نهائي عصبة الأبطال للمرة الثالثة    طقس الأربعاء.. موجة حر تصل 44 درجة تضرب عدة مناطق مغربية    الملف المطلبي يدفع التنسيق النقابي لقطاع الصحة إلى تفعيل إضراب وطني    جماعة الحسيمة تصادق على 20 نقطة في دورة ماي 2024    وزير الثقافة المالي يشيد بجهود جلالة الملك الداعمة لإشعاع الثقافة الإفريقية    "الكاف" يعين صافرة سنغالية لقيادة مباراة نهضة بركان والزمالك المصري    "نتنياهو يعرف أن بقاء حماس يعني هزيمته"    توقيف شخصين بأكادير للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات الصلبة    الرباط.. تتويج الفائزين بجوائز القدس الشريف للتميز الصحفي في الإعلام التنموي في دورتها الثانية    توقعات لهبات رياح قوية نوعا ما فوق منطقة طنجة    انطلاق تكوين أساتذة مادة الأمازيغية في السلك الابتدائي بجهة الشمال    الملك محمد السادس يستقبل الأمير تركي حاملا رسالة من العاهل السعودي    باريس سان جيرمان يخطط للتعاقد مع نجم المنتخب المغربي    الداخلية تفتح باب الترشح لخلافة بودريقة في رئاسة مرس السلطان    بنموسى يكشف عن مصير الأساتذة الموقوفين    رئيس روسيا يأمر بمناورات نووية    قتلى وجرحى في هجوم بالصين    الجزائر تعاقب إسبانيا وتوظف ورقتها الضاغطة    عبد النباوي ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الكويتي يتفقان على وضع إطار اتفاقي للتعاون    مجلس المستشارين يناقش حصيلة الحكومة    الشرطة الفرنسية تصادر مليون قرص مخدر    المغرب يقتحم الحدود الممنوعة في صناعة السلاح الفتاك    بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين    الاتحاد الآسيوي يوقف حمد الله 3 مباريات    القرطاس تضرب فتيزنيت باش البوليس يسيطرو على مسلح نشر الرعب فالمديمة    وكالة تنمية اقاليم الشمال تعقد مجلسها الإداري ال12    نصف ساكنة السجون المغربية شباب.. وعدد المعتقلين يتجاوز 102 ألفا    حملة بيطرية تختتم "مهرجان الحمار"    إدارة إشبيلية تحتفي بالمدرب الركراكي    مطار أكادير المسيرة…ارتفاع بنسبة 23 في المائة في حركة النقل الجوي    "غارديان" تكشف مستجدات زياش وتشيلسي    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    تداولات الافتتاح في بورصة الدار البيضاء    وزير الصحة يعلن تسجيل أزيد من 32 ألف حالة مرض سل في المغرب    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    مناسبة لتأكيد تمسك الأمة بمبدأ الوفاء للعرش العلوي المجيد.. الذكرى الواحدة والعشرون لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن    "حماس": 54 شهيدا خلال 24 ساعة في غزة    غلاء ثمن دواء سرطان الثدي يسائل الحكومة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    احتفاء المهرجان الدولي مسرح وثقافات بسنته ال 20 : كوميديا موسيقية ومسرح أمازيغي وعودة مسرح الحي، لتتويج هذا الاحتفاء    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    الأمم المتحدة تحذر من أن مخزونها من الوقود يكفي ليوم واحد فقط في غزة    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    الأمثال العامية بتطوان... (589)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهوية القادمة ...تدبير جديد بصلاحيات جديدة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 28 - 03 - 2011

اخترنا في جريدة الاتحاد الاشتراكي وفي سياق الرغبة في تدشين نقاش وطني ، استعراض المضامين الأساسية لمشروع الجهوية المقبل من حيث التركبة الانتخابية للمجالس الجهوية واختصاصاتها ومواردها المالية ودورها القوي في التنمية المندمجة ... ومعلوم أن اللجنة التي صاغت ملامح الجهوية المتقدمة اعتبرت النموذج المتوصل إليه نموذج مغربي صرف ، يستمد مقوماته من الحقائق والتطلعات المجتمعية، إلى جانب الحقائق الجغرافية والاقتصادية. لكن الرغبة في توطين جهوية متقدمة لم تجد المكانة التي تلائمها ضمن الدستور الحالي، لذلك برزت الحاجة إلى إصلاحات دستورية ، وفي هذا السياق يتجه الخيار اليوم كما ورد في الخطاب الملكي ل9 مارس إلى إقرار جهوية متقدمة، بانتخاب مباشر لأعضاء المجلس الجهوي، وتمتيع رئيس المجلس بسلطة تنفيذية. إلى جانب تعزيز حضور المرأة، وتحويل الجهة إلى رافعة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
انتخاب وتركيبة المجالس الجهوية
يتكون المجلس الجهوي من أعضاء منتخبين لهم صوت تقريري ومن أعضاء بحكم القانون أو الصفة لهم صوت استشاري بغية الربط بين الديمقراطية التمثيلية وبين مأسسة مشاركة المنظمات المهنية والشخصيات المؤهلة للمساهمة في تدبير شؤون الجهة . وسيتم انتخاب أعضاء المجلس الجهوي ذوي الصوت التقريري عن طريق الاقتراع العام المباشر . و يضم المجلس الجهوي أيضا كأعضاء بصوت استشاري البرلمانيين المنتخبين في الجهة ورؤساء الغرف المهنية، في انتظار تأسيس مجموعات جهوية لهذه الغرف، وعضوا منتدبا عن كل نقابة من النقابات الممثلة في مجلس المستشارين من البرلمان . وينتخب كل مجلس جهوي، باعتباره هيئة ناخبة جديدة مستقلة، عددا من أعضائه لملء مقاعد في مجلس المستشارين في البرلمان يساوي ثلث العدد الإجمالي للمقاعد المخصصة في هذه الغرفة لمجموع مجالس الجماعات الترابية للجهة . و يحتفظ هؤلاء المنتخبون بأصواتهم التقريرية في المجلس الجهوي. ويتنافى منصب رئيس المجلس الجهوي مع العضوية في البرلمان. وكل رئيس مجلس جهوي يترشح لانتخابات إحدى غرفتي البرلمان ملزم بالاستقالة من الرئاسة، ضمانا لاستمرارية وفعالية وظائف هذا المنصب بما فيها من وظائف التنفيذ. كما لا يمكن لنفس الشخص أن يجمع بين عضوية المجالس الترابية الثلاثة على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي..
ومن أجل دعم التدبير الديمقراطي للشؤون الجهوية تناط برئيس المجلس الجهوي سلطة تنفيذ مداولات المجلس ، فهو الآمر بصرف المداخيل والنفقات المتعلقة بتسيير المجلس الجهوي .ويضطلع بالتنفيذ المباشر لقرارات المجلس ذات الطابع الإداري، الفردي أو الجماعي، أو ذات الطابع المعياري. وتوضع رهن إشارته وكالة لتنفيذ مشاريع الاستثمار التي يقررها المجلس الجهوي
توسيع الاختصاصات
يقترح المشروع ضمن هذا المحور مقاربة منفتحة متدرجة وأحسن تمفصلا لاختصاصات الجهات في مجال التنمية المندمجة، طبقا للقواعد التالية :
أ- فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، يعتبر كل مجال للاختصاص(الماء،الطاقة، النقل...) قابلا لأن تتقاسمه الدولة والجماعات الترابية عملا بمبدأ التفريع .(subsidiarité)
ب- في كل مجال من هذه المجالات، تنقل مسؤوليات الدولة ومهامها المدققة إلى الجهات أو الجماعات الترابية الأخرى في إطار قانوني، ويجري ذلك بالتدريج على أساس تعاقد مضبوط الشكل بحسب قدرات الجماعات على تحملها، ويقترن هذا النقل دائما بجعل الموارد والوسائل المطابقة رهن إشارة تلك الجماعات.
ج- وللجهات ولباقي الجماعات الترابية اختصاصات ذاتية، في مختلف المجالات، تمكنها من حرية اتخاذ المبادرات في إطار القانون بحسب ما لديها من الموارد الذاتية من غير تلك التي تقترن بالاختصاصات المنقولة إليها من طرف الدولة. وتحيّن تلك الاختصاصات وتحدد بشكل منتظم قياسا على تطور الموارد الذاتية لمختلف الجماعات وقدراتها على التدخل.
د- للمجلس الجهوي دور الصدارة تجاه باقي المجالس المنتخبة، مع احترام اختصاصات هذه الأخيرة، وذلك فيما يخص وضع برامج التنمية الجهوية وتتبعها في انسجام مع توجهات الدولة وبعد استشارة مختلف الفاعلين العموميين والخواص في المجال الجهوي. فضلا عن ذلك ترمي هذه المقاربة إلى تطوير التجمعات البينية للجماعات وإعادة النظر مستقبلا في مستويات الجماعات الترابية والتمثيل الانتخابي للمواطنين.
الموارد المالية للجهة
-فيما يعود للمداخيل الجبائية أو شبه الجبائية، ُتكلف مصالح الدولة المختصة بتحديد الوعاء ومراقبته وتصفيته واستخلاصه من خلال التعاقد ومقابل مكافأة عادلة عن التكاليف الناجمة عنه.
، وسيمح فرض رسوم جديدة تتناسب مع خصوصيات كل جهة على مستعملي التجهيزات الأساسية الكبيرة ومنها، على سبيل الإشارة المطارات والمحطات السككية الكبرى.
كما ستعزز الموارد الاقتراضية للمجالس الجهوية بتوسيع طاقات صندوق التجهيز الجماعي (FEC) وإشراك القطاع البنكي بإقامة «كونسرسيومات» معه، خاصة في المشاريع القابلة للتمويل البنكي.
ويُرخص للمجالس الجهوية، في مرحلة أولى، باللجوء إلى سوق السندات الداخلية، وفي مرحلة لاحقة إلى السوق الخارجية، شريطة أن تستعد لاعتماد نظام التنقيط بالنسبة لإصداراتها على غرار ما تقوم به الدولة. وتستوجب الجهوية المتقدمة الزيادة في الموارد المرصودة للمجالس الجهوية من قبل الدولة بشكل ملموس لكي تتمكن من إنجاز أعمال هامة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. كما ستعين- حسب التوجهات المقبلة- الرفع من حصة عائدات الضرائب والرسوم المرصودة حاليا من طرف الدولة للمجالس الجهوية خصوصا بما يلي :
ا- الرفع من الحصة المرصودة لها من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل من % 1 إلى 5%
ب- الاقتسام المتساوي بين الدولة والمجالس الجهوية لعائدات رسوم التسجيل والضريبة السنوية الخاصة على العربات ذات المحرك.
ج- تخويل الجهات أهلية الاستفادة من عائدات الضريبة على القيمة المضافة على أن يصرف نصيبها من ذلك في الاستثمار.
تدرج الحكومة في القوانين المالية المبالغ المرصودة للمجالس الجهوية وباقي المجالس الترابية، وتقدم للبرلمان تقارير خاصة ترافق مشاريع قوانين المالية وقوانين التصفية حول استعمال هذه الموارد. وسيتلازم كل اختصاص تنقله الدولة للجهة مع نقل الميزانية المطابقة له، بمقتضى القانون وعملا بالتعاقد. ويعود للجنة مختصة تحديد الاختصاصات وما يتصل بها من التحملات وتقييم حسن التنفيذ. كما سيتم بانتظام تحيين الميزانيات المنقولة للجهات اعتبارا لتطور التكاليف ومؤشرات أداء المجالس الجهوية بشأن كل اختصاص منقول. وفي هذا الصدد سيصبح من اللازم تبويب قانون المالية والبرامج المتعددة السنوات لمختلف الوزارات بحسب الجهات لإبراز ما يرصد لكل جهة من الاعتمادات العمومية جملة وتفصيلا، سواء في شكل حصص من العائدات الجبائية للجماعات الترابية أو في شكل منح أو في شكل تحملات تتكفل بها إدارة الدولة في مجالي الاستثمار والمرافق العمومية. كما سيتم تبويب ميزانيات المؤسسات العمومية الوطنية والجهوية على نفس الشاكلة وتحاط المجالس الجهوية علما بها.
التنميةالجهوية المندمجة
تستشير الحكومة المجلس الجهوي كلما كان الأمر يعنيه، عند إعداد ما يلي :
- الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛
- المخططات القطاعية الوطنية والجهوية؛
- التصميم الوطني لإعداد التراب والتصميم الجهوي للتنمية الحضرية ؛
- الاستراتيجيات الوطنية والجهوية في مجالات النهوض بالاستثمارات والتشغيل والماء والطاقة والبيئة والتربية والتكوين المهني والثقافة والصحة؛ كما يستشار المجلس الجهوي بشأن كل مشروع كبير تعتزم الدولة إنجازه في الجهة. وإذا ما رفضت الحكومة كليا أو جزئيا مقترحات للمجلس الجهوي تعني جهته، فلا بد من تعليل الرفض.
وفي انسجام مع توجهات الدولة واستراتيجيتها، وبعد التشاور مع السلطة التي تمثل الدولة في الجهة، وبعد استشارة باقي المجالس الترابية وإدارات الدولة اللاممركزة والمؤسسات اللامركزية والمنظمات الممثلة للأوساط الاقتصادية والمأجورين والمجتمع المدني، يضع ويتبنى المجلس الجهوي :
- تصور الجهة ومخطط تنميتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛
- التصميم الجهوي لإعداد التراب.
كما يسهر على تفعيل ذلك بعد موافقة الدولة وبتشاور مع السلطة التي تمثلها في الجهة.
- يتصدر المجلس الجهوي الجماعات الترابية الأخرى في حدود اختصاصه بتجميع وتنسيق مقترحات تلك الجماعات وجعلها تنسجم وتندمج في تصور التنمية الجهوية ، وذلك مع احترام الاختصاصات المخولة لتلك الجماعات.
-تعد مجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات مخططاتها وبرامجها ومشاريع تنميتها الذاتية في انسجام مع التصور الذي يتبناه مجلس الجهة وتصادق عليه الدولة.
- في انسجام مع توجهات الدولة وبعد الاستشارات والمشاورات والمصادقات المنصوص عليها في القانون يقوم المجلس الجهوي، في حدود اختصاصاته ووسائله، بإعداد وتبني وإنجاز خطط العمل وبرامج التجهيز الخاصة به في مجالات الاستثمار والتشغيل و قطاعات الماء والطاقة والبيئة والتربية والتكوين والثقافة والصحة.
الشراكة مع الدولة والجماعات المحلية
- يساهم المجلس الجهوي، بشراكة مع الدولة وباقي الجماعات الترابية، في إنجاز برامج في الميادين التالية :
- أشغال البنيات التحتية والتجهيز من أجل تقوية الجاذبية الاقتصادية للجهة ؛
- السكن الاجتماعي؛
- النهوض بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي للعالم القروي ودعم الساكنة في وضع هش.
يسهر المجلس الجهوي، بعد مصادقة الدولة، على تكثيف التعاون الدولي اللامركزي مع الجهات والمؤسسات التي يتقاسم معها مصالح مشتركة، وذلك لفائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للجهة.
وبشراكة مع الجامعة، يشجع المجلس الجهوي أشكال تنمية البحث العلمي والتكنولوجي وانفتاح الجامعة على محيطها الجهوي والإشعاع الثقافي للجهة والنهوض بمجتمع العلم والمعرفة.
كما يجوز للمجلس الجهوي أن يتقدم إلى الحكومة بكل مقترح يدخل في مجال اختصاصاته، مع حقه في الجواب في آجال محددة.
صندوق التأهيل الاجتماعي وآخر للتضامن بين للجهات
اعتبارا لوجوه العجز البينة التي تعاني منها جل الجهات من حيث التنمية البشرية، فإن مشروع الجهوية المتقدمة يقترح تبني مخطط ينهض بالمستوى الاجتماعي للجهات. ولهذه الغاية يحدث صندوق للتأهيل الاجتماعي وآخر للتضامن الجهوي.
من ناحية أخرى، وحتى تتمكن الجهات من القيام بمهامها الجديدة في التنشيط والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، فإن الدولة سترصد لها مزيدا من الموارد المالية. و يهدف هذا التأهيل، الذي تندرج فيه البرامج المعتمدة من قبل القطاعات الوزارية، إلى الإسراع بسد مظاهر العجز الكبرى في الجوانب المرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية، والتي تتقاطع بشكل واسع مع مجالات اختصاص الجهات حسبما جاء في هذا الإصلاح، ويتعلق الأمر بما يلي :
أ?- تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب وبالكهرباء ومحو مدن الصفيح والسكن غير اللائق؛
ب- الارتقاء بالجهات، من حيث الصحة والتربية وشبكة الطرق، إلى المعدل الوطني (السيناريو الأول) أو إلى مستوى المعايير الوطنية والدولية (السيناريو الثاني).
-تتراوح المبالغ المالية المقدرة لهذا المجهود بين 128 و 215 مليار درهم بحسب السيناريوهين المذكورين أعلاه. وتغذي هذه المبالغ بالتدريج صندوقا للتأهيل الجهوي تندرج أقساطه في القوانين المالية ليتأتى برمجته على عدة سنوات ومتابعته وتقييم نتائجه بشكل لائق. وتتكفل لجنة مختصة بتحديد معايير الانتقاء والتوزيع. وتفاديا لترسيخ منطق الاتكال على برنامج للإعانة الدائمة، وسعيا لتمكين الجهات من معالجة أوجه عجزها بنفسها فإن هذا التأهيل المقترح يمتد على ولايتين. ويبدو هذا الأفق الزمني قريبا بما يكفي لإنجازه بوتيرة ملائمة ولتعزيز ثقة السكان بالجهوية المتقدمة منذ بداية انطلاقها. كما أنه كاف لتجنب ضغط مالي لا تتحمله موارد الدولة ولتمكين كل من البنيات الجهوية الجديدة من بناء قدراتها الذاتية على الفعل والمواكبة اعتبارا لخصوصياتها.
من المراقبة القبلية
إلى المراقبة البعدية
لن تخضع للمراقبة بالمصادقة المسبقة إلا القرارات والأعمال المنصوص عليها صراحة في القوانين والأنظمة، على أن يتم الحد تدريجيا من هذه المراقبة بتقليص آجال جواب السلطة المختصة، أولا، ثم ثانيا، بحصر القرارات والأعمال التي تبقى خاضعة لها على جدول أعمال الاجتماعات والميزانيات والحالات القصوى التي قد تمسّ بالنظام العام أو المصلحة الوطنية أو التوازن المالي للجماعات الترابية. وفي حالة عدم المصادقة الواجب تعليله، فبوسع رؤساء المجالس أن يلجؤوا، حسب الحالات، إلى تحكيم الوزير المعني أو الوزير الأول، أو إلى المحاكم المختصة. ويقترن الرفع التدريجي للمراقبة المسبقة بجودة التنظيم ونظام المعلومات المعتمدين في كل جماعة ترابية، وبأدائها وإقامة نظام للمراقبة الداخلية وتدبير المخاطر واحترام المعايير المعمول بها في التدبير المالي الجيد.
وتنحصر في حدود ما تنصّ عليه القوانين والأنظمة، المراقبة على الالتزام بالنفقات وأدائها من طرف الجماعات الترابية، وكذا المراقبة المالية على المؤسسات العمومية والشركات التابعة لهذه الجماعات والوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع. ويتم تمتيع هذه المجالس والمؤسسات والشركات بكل ما يعتمد من مرونة في هذا المجال لفائدة إدارات الدولة ومؤسساتها، ولاسيما في شكل مراقبة معدّلة (contrôle modulé) أو مواكبة. كما سيتلازم تعزيز المراقبة البعدية على حسابات الجماعات الترابية وتدبيرها مع الرفع التدريجي للمراقبة المسبقة ومع ما يعتمد من مرونة في مراقبة الميزانيات والمراقبة المالية المشار إليها أعلاه. وستعزز على الخصوص المراقبة القضائية من طرف المجالس الجهوية للحسابات، وتعبأ لذلك كل الوسائل اللازمة.
كما سيتم اللجوء عند الاقتضاء وبمبادرة من الدولة إلى الافتحاصات الخارجية بواسطة مكاتب مستقلة. وتبّلغ التقارير الناجمة عن هذه المراقبات والافتحاصات، بعد خضوعها لمسطرة المناقضة التي تعطي لرؤساء المجالس حق الرد، إلى المجالس المعنية لتتداول فيما ينبغي إقراره من إجراءات التصويب، وذلك بغض النظر عما قد تفرضه الهيئات المختصة قانونا من العقوبات عند الاقتضاء.
كما تقرر الإبقاء على المراقبة القضائية لشرعية الأعمال والقرارات ، وتختص المحاكم الإدارية دون غيرها بممارسة المراقبة على شرعية كل قرار أو عمل صادر عن المجالس المنتخبة وعن رؤسائها، كلما لجأت الإدارة إلى تلك المحاكم بعد تشاور غير مجد مع أولئك الرؤساء . ولا يترتب على اللجوء إلى المحاكم الإدارية توقيف التنفيذ إلا إذا طلبت الإدارة ذلك صراحة ووافقت عليه المحكمة.
وكالة جهوية لتنفيذ المشاريع
تحدث بحكم القانون وكالة جهوية لتنفيذ المشاريع، كهيئة متميزة الكيان، موقوفة على الجهة توضع تحت إشراف رئيس المجلس الجهوي ومراقبته، وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والتدبيري. وتتكفل الوكالة بوجه خاص:
أ- بمد المجلس الجهوي، كلما طلب رئيسه ذلك، بكل أشكال المساعدة في مجالات القانون والهندسة التقنية-المالية عند دراسة وإعداد المشاريع وبرامج التنمية؛
ب- بالقيام لحساب المجلس، بتنفيذ مشاريع وبرامج التنمية التي يقرها وتدبير الميزانيات المرصودة لها من قبله والأمر بصرفها وفق ما فوضه لها المجلس، كما تتولى الوكالة تدبير مواردها البشرية وميزانيتها الذاتية في حدود الغلاف المالي الذي يضعه المجلس رهن إشارتها. وسيكون للوكالة لجنة للإشراف والمراقبة، يرأسها رئيس المجلس الجهوي، وتتكون من أعضاء مكتب هذا المجلس. ويّقر المجلس الجهوي ميزانية تسيير الوكالة ضمن إقراره لميزانيته الإجمالية، على أن تصادق عليها السلطة المختصة قانونا عند الاقتضاء، ضمن مصادقتها على الميزانية الإجمالية للمجلس، ويحّول رئيس المجلس الجهوي مباشرة للوكالة اعتمادات ميزانية تسييرها والميزانيات المرصودة لمشاريع وبرامج الاستثمار التي يعهد لها بتنفيذها. ولا تخضع منحة تسيير الوكالة لأي ضريبة لكونها وكالة للتنفيذ لا تقدم خدمات مؤدى عنها. كما سيقوم مدير عام رفيع الكفاءة بتدبير الوكالة بطريقة مستقلة، مع احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، وحسب المعايير الاحترافية الحديثة، ويعين ويوظف هذا المدير رئيس المجلس الجهوي على أساس تعاقدي باقتراح من هيئة من الشخصيات الخبيرة المستقلة إثر طلب عمومي للترشيحات. ومن مهام المدير العام للوكالة تقديم و بانتظام الحساب عن نتائج وحصيلة تدبيره للجنة الإشراف والمراقبة المذكورة أعلاه، علاوة على ما تخضع له الوكالة من مراقبة بحكم القانون، خصوصا بشان المصادقة على حساباتها، ويمكن أن تكون محط أي افتحاص داخلي أو خارجي تقرره لجنة الإشراف والمراقبة. وهي مراقبة أكثر حداثة ومرونة من طرف الدولة مع مراعاة ضرورة إشراف الدولة على أنشطة المجالس الجهوية وباقي المجالس المنتخبة، ومراقبتها لهذه الأنشطة، تجدر إعادة النظر في المفهوم التقليدي «للوصاية»، وذلك بالحد من المراقبة القبلية ومن مراقبة الملاءمة، وبتقوية التقييم والمراقبة البعدية، مع الحفاظ على المراقبة القضائية للشرعية، شريطة أن لا يترتب على اللجوء إلى القضاء توقيف التنفيذ إلا بقرار من المحكمة المختصة.
ومن أجل حكامة جيدة الأداء ستتعزز القدرات التنفيذية والتدبيرية للجماعات الترابية وفي هذا الصدد يُقترح تمكين المجلس الجهوي من وكالة تكون تحت مراقبته، كفيلة بإمداده بالدراسات التقنية وبإنجاز مشاريع الاستثمار الجهوية التي لن تزيد إلا أهمية وتعقيدا. من المقترح كذلك تأهيل الإدارات التابعة للجماعات الترابية الأخرى وتحسين أساليب التدبير وأنظمة المعلومات وأشكال التقييم وتقديم الحساب، بالتدريج وبمساعدة الدولة، مع مراعاة حجم كل جماعة ترابية والموارد البشرية والمالية التي تتوفر عليها.
مهام الولاة والعمال
نظرا لما للولاة والعمال من مهام السهر على تطبيق القوانين والأنظمة والقرارات الحكومية و تمثيل الدولة في الجهات والعمالات والأقاليم،يوصي المشروع بأن توكل لهم صلاحيات واضحة وفعلية ليتمكنوا من تنسيق المصالح اللاممركزة والتأكد من حسن تسييرها ومن حسن سير برامجها ومشاريعها، في حدود دائرة اختصاصهم الترابي. و ينبغي أن تجد مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات في الولاة والعمال مخاطبيها المباشرين باسم الدولة بامتياز في علاقات تلك المجالس بمجموع الإدارات العمومية في مجالات الحصول على المعلومات والتخطيط وإنجاز المشاريع والمساعدة التقنية للمجالس المنتخبة التي تقدمها مصالح الدولة والشراكة بين الطرفين. وفي هذا الصدد لا مناص من تحديد مسؤوليات وصلاحيات الولاة والعمال، من حيث التنسيق بين المصالح اللاممركزة ومجمل الهيئات العمومية في حدود اختصاصهم الترابي بقدر عال من الدقة والوضوح ، استجابة لاعتبارين إلزاميين، سياسي و مؤسساتي، علاوة على بعدهما الإداري :
ا- أولا، ضرورة صون المسؤولية القانونية والسياسية للوزراء المعنيين على عمل المصالح بما فيها اللاممركزة الخاضعة لسلطتهم.
ب- ثانيا، لزوم اعتماد آليات للتنشيط والتتبع والتقييم تجعل مسؤولية الولاة والعمال في التنسيق أمرا فعليا وناجعا.
وعلى هذا الأساس يحاط الولاة والعمال علما بما يُزمع عقده من مشاريع العقود-البرامج بين كل إدارة مركزية وبين مصالحها اللاممركزة، ولهم أن يدلوا بملاحظاتهم عنها قبل تبنيها، حريصين بالمناسبة على تماسك وتضافر البرامج والمشاريع بين مجمل المصالح اللاممركزة والمجالس المنتخبة، والاستجابة لحاجيات مجال اختصاصهم الترابي. ويسهر الولاة والعمال أيضا على تتبع إنجاز تلك البرامج والمشاريع. ولهم حق النظر في سير المصالح اللاممركزة والإطلاع على نتائجها، مع حق استفسار وتنبيه القيّمين عليها واقتراح التدابير التصحيحية على الوزراء المعنيين عند الاقتضاء.ويمكن للولاة والعمال أن يقترحوا على الوزراء المعنيين كل تجميع وظيفي للمصالح الخارجية ذات المهام المتقاربة بهدف تعضيد الوسائل، ورفع النتائج إلى المستوى الأمثل.
وتبعا للصيغ التي سيحددها نص تنظيمي، يُطلع الولاة والعمال بانتظام الوزير الأول والوزراء المعنيين على تطور مسار اللاتمركز في مجال اختصاصهم الترابي وعلى رأيهم في تسيير المصالح اللاممركزة وسير مشاريعها وبرامجها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.