اعتراف وزيرة تجمعية بمنح دعم يفوق مليار سنتيم لقيادي من حزبها يُثير الجدل ويجر الملف للبرلمان    طنجة – تطوان – الحسيمة تسجل أعلى معدل نشاط في المغرب وأدنى مستويات البطالة مقارنة بجهات كبرى    دعمت برلمانيا في حزبها بأزيد من مليار سنتيم.. تصريح غير مسبوق لوزيرة في حكومة أخنوش يثير الجدل    رشق الرئيس الكيني بالحذاء خلال تجمع جماهيري    تتويج مثير لكلوب بروج بكأس بلجيكا وشمس الدين الطالبي يرفع العلم المغربي احتفالاً    أوقفها ثم أعادها.. مصطفى أوراش يتراجع عن التجميد ويُعلن استئناف البطولة    الأمن يوقف شخصا هدد بارتكاب اعتداءات قاتلة ضد مشجعي الملاعب    المنقبة والسفاح.. أخبار حول اختطاف الأطفال تجر سيدة للتحقيق    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التهراوي يترأس مراسيم استقبال أعضاء البعثة الصحية للحج برسم موسم الحج 1446 / 2025    نحو ابتكار نظام معلوماتي لتثمين ممتلكات الجماعات الترابية المغربية.. مؤلف جديد للدكتور محمد لكيحال    أسعار الذهب ترتفع مدعومة بتراجع الدولار    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فرق المعارضة تؤجل جمع توقيعات ملتمس الرقابة ضد الحكومة إلى الأسبوع المقبل بسبب سفر إلى موريتانيا    ولد الرشيد: المقاربة الدبلوماسية المغربية انتقلت إلى منطق المبادرة والاستباق مرتكزة على شرعية تاريخية    عمر حجيرة.. زيارة البعثة الاقتصادية المغربية لمصر رسالة واضحة على رغبة المملكة في تطوير الشراكة والتعاون بين البلدين    العلاقات الاقتصادية الصينية العربية تتجاوز 400 مليار دولار: تعاون استراتيجي يمتد إلى مجالات المستقبل    الرباط.. استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج 1446ه/2025م    مفاوضات متواصلة تؤجل الكشف عن الأسماء المغربية في موازين    الكوكب يواصل نزيف النقاط واتحاد يعقوب المنصور يعزز موقعه في المركز الثالث    آلاف يتظاهرون في مكناس والدار البيضاء دعما لغزة ورفضا لتهجير الفلسطينيين    باريس.. الوجه الآخر    أسود الأطلس يواصلون التألق بالدوريات الأوروبية    غنيمة حزبية في هيئة دعم عمومي    النفط ينخفض بأكثر من دولارين للبرميل مع اتجاه أوبك+ لزيادة الإنتاج    رسميًا.. ألكسندر أرنولد يعلن رحيله عن ليفربول    فرنسا والاتحاد الأوروبي يقودان جهودا لجذب العلماء الأميركيين المستائين من سياسات ترامب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    بعد فتح الجمارك.. مواد البناء المغربية تغزو سبتة المحتلة    رحلة كروية تنتهي بمأساة في ميراللفت: مصرع شخص وإصابة آخرين في انقلاب سيارة قرب شاطئ الشيخ    الرابطة المغربية لمهنيي تعليم السياقة تطالب بإحداث رخصة خاصة للسيارات الأوتوماتيكية    المتصرفون التربويون يلوحون بالإضراب والجامعة الوطنية تتهم الوزارة ب"اللامبالاة"    التقنيون يواصلون الإضراب الشهري احتجاجا على تجاهل حكومة أخنوش    محمد وهبي: نتيجة التعادل مع نيجيريا منطقية    عودة تير شتيغن إلى برشلونة تسعد الألمان    ترامب يأمر بإعادة فتح سجن الكاتراز بعد 60 عاما على إغلاقه    العثور على جثث 13 عاملا بعد اختطافهم من منجم ذهب في بيرو    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو المهرجان الدولي للسجاد بأذربيجان    أكاديمية المملكة تحتفي بآلة القانون    شغب الملاعب يقود أشخاصا للاعتقال بالدار البيضاء    تفاصيل إحباط تفجير حفلة ليدي غاغا    إسرائيل توافق على توزيع المساعدات    مقبرة الرحمة بالجديدة بدون ماء.. معاناة يومية وصمت الجهات المعنية    طنجة.. حملات أمنية متواصلة لمكافحة الدراجات النارية المخالفة والمعدّلة    العثور على جثث 13 عاملا بالبيرو    الاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية خلال مسابقة دولية للبيانو بمراكش    كأس أمم إفريقيا U20 .. المغرب يتعادل مع نيجيريا    الأميرة لالة حسناء تشارك كضيفة شرف في مهرجان السجاد الدولي بباكو... تجسيد حي للدبلوماسية الثقافية المغربية    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    علماء يطورون طلاء للأسنان يحمي من التسوس    نجم الراب "50 سنت" يغني في الرباط    من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فواصل الأيام .. النقاش البديل

كاد النقاش الفكري، حول القضايا الكبرى في بلادنا أن يغيب ،وترسخت في أذهان الناس وفي مكونات المجتمع، قيم وسلوكات عدمية وانهزامية ،أظهرت مع مرور الأعوام، وتراكم التصدعات والجروح النفسية ، حالة من اليأس الجماعي والاستسلام لما هو موجود، وكأنه قدر حتمي ،انتشر في الأفق ضباب العقم، وأصبحت كل ممارسة تهدف إلى خلخلة هذا الوضع ، واحتواء تداعياته وأعراضه، مبادرة عبثية لن تجدي نفعا أو تصل إلى نتيجة ملموسة . كثيرة هي خيبات الأمل التي شعر بها منظمو عدد من الندوات والموائد المستديرة، فرغم جدية الموضوعات التي كانوا يقترحوها للنقاش ،وجاذبية ووزن الأسماء التي كانوا يوجهون إليها الدعوة ، ففي معظم الأحيان كان ينتابهم حزن عميق ، بسبب غياب الاهتمام ، وضعف الإقبال على فضاءات النقاش والتناظر الفكري والسياسي .
في عدة مناسبات كانت القاعات الواسعة تبدو فارغة ،إلا من بضعة أناس ،لا تجمع بين رغباتهم ومقاصدهم ودوافع حضورهم ،أية علاقة أو صفة، وصار من الطبيعي أن تنظم اللقاءات الفكرية ويقطع المشاركون فيها المسافات ،حتى ولو حضرها عدد قليل من المهتمين ،لاقتناع الأطراف المنظمة أن الظاهرة لم تعد مسالة متعالية على الواقع ،بل هي قطعة منه ، وعلامة ساطعة على اختلالات سياق تاريخي وتشوهات نموذج اجتماعي، وشقاء بنية ثقافية ، وانهزام عقل منتج للأفكار المهيكلة والمؤسسة، وانغلاق نسق سياسي.
الآن ،وبعد الدينامية التي فجرتها حركة 20 فبراير، حدث تحول كبير وجوهري في فهم وسلوك المغاربة، واستعادت فضاءات النقاش والتناظر حيويتها ، ولم يعد من الأمور المثيرة للغرابة والتساؤل ،أن نجد القاعات ممتلئة عن آخرها ،وأن نلاحظ حرص الجمهور على الإنصات والتتبع إلى آخر وهلة ،لم يعد هناك شعور بعدمية الفعل الثقافي ،الشيء الذي عزز القناعة لدى كثير من الفاعلين ،بكون اللحظات المفصلية في تاريخ الشعوب والأمم تستدعي نقاشا وتفكيرا عموميين، وهذا ما حفز عددا لا يستهان به من المواطنين يتحملون مسؤوليات كبيرة ،أو يحتلون مواقع متقدمة في المجتمع، للانخراط بحماس غير مسبوق في هذه الدينامية.
أتذكر أنه قبل التأسيس الفعلي لحركة 20 فبراير، وتحديدا الجمعة 19 من نفس الشهر نظمت صحيفة «أخبار اليوم» المغربية ،مائدة مستديرة تحت عنوان «العالم العربي ما بعد ثورتي تونس ومصر: هل نحن أمام موجة رابعة من الديمقراطية «ولفت انتباهي الأعداد الغفيرة من كل الفئات العمرية والمستويات الثقافية والانتماءات السياسية والفكرية والاجتماعية ،وقع إشكال كبير في استيعاب كل من جاء لمتابعة أطوار تلك المائدة ،ومع ذلك تحمل الكثير من الناس أعباء الوقوف وحرارة الجو ،ربما لأن المتدخلين في تلك الندوة كانوا يعكسون حالة من التنوع في المشارب الفكرية والمواقف السياسية ،وربما لأن عددا منهم له كانت لهم مكانة خاصة في بنية الدولة ،لكن الشيء المؤكد هو أن السياق الذي نظمت فيه تلك المائدة المستديرة ،هو الذي أضفى عليها تلك الجاذبية. كونها تأتي بعد ثورتي تونس ومصر وعشية انطلاق حركة 20فبراير في المغرب ،ومن المسلم به ،أن سياقا من هذا الحجم والنوع ،لا يمكن إلا أن يكون ضاجا بالأسئلة القلقة التي تهم مجتمعا بأكمله.
شخصيا شاركت في مجموعة من الموائد المستديرة، في مدن مختلفة ،حول حركة 20 فبراير كأفق للتفكير، وحول الإصلاحات الدستورية والسياسية المرتقبة، وحول علاقة الإعلام بالسياسة وحول دور الإعلام وتأثيره في الثورات العربية ،وحول حرية الصحافة والديمقراطية في ظل الحراك الذي تعرفه بلادنا ، وكنت في معظم هذه النقاشات متدخلا ،وفي جزء يسير منها مسيرا للنقاش، وما لاحظته هو رغبة المواطنين في الحديث والتعبير عما يخالجهم بصدق وانفعال وحماس ورزانة وحكمة،لا تهم الحالة النفسية والذهنية ،الأهم في كل هذا، هو استعادة الثقة في النقاش الفكري والسياسي، ومراهنة الناس من جديد ، على يقظة والتزام الفاعلين على اختلاف مواقعهم ، للخروج من وضع اللامبالاة، ولتطليق الممارسات التي أنتجت اليأس والشك والعزوف.
خلال لقاء تواصلي نظمته الكتابة الجهوية - مراكش تانسيفت الحوز في 23 أبريل الماضي تحت عنوان «المشهد السياسي بالمغرب وأوراش الإصلاحات الكبرى» وكنت مسيرا لهذا للقاء، شعرت بسعادة قل نظيرها، وبطمأنينة فكرية وسكينة نفسية ،كانت القاعة رحبة وممتدة ، لكنها كانت ممتلئة عن آخرها بالمئات ، واستمر النقاش ساخنا وحيا ومستفزا بالمعنى الايجابي لأكثر من خمس ساعات وحرص أغلبية الذين حضروا اللقاء على التعبير برأي أو طرح سؤال ، لدرجة وجدت معها صعوبة كبيرة في تلبية كل الرغبات ،وشعرت بكثير من الحرج أيضا ،لأنه كيف يعقل ،أن تقمع جماح مناضل مثل علال الأزهر، وتلجم عنانه، بأن تطلب منه أن لا يتجاوز تدخله دقيقتين ؟ كل هذه المؤشرات ،تجسد بوضوح إدانة جماعية للعقليات وللسياسات التي غيبت وأعدمت النقاش والتناظر والحوار في الإعلام العمومي، أو الرسمي على وجه الدقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.