في المؤتمر الإقليمي السادس بصفرو .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الحكومة تمارس التغول وتتلكأ في الإصلاحات… والإصلاح الانتخابي أولوية وطنية    الوزير الأول الفرنسي يستقيل بعد ساعات من إعلان تشكيلة حكومته    غالي وبنضراوي واعماجو: سفراء مغاربة للضمير الإنساني.. تحرك يا بوريطة    التهراوي ينبه إلى "ممارسات مخالفة" في نقل وتحويل المرضى بالمستشفيات    "أكديطال" تنفي تلقي دعم الاستثمار    المغرب ضمن أكثر عشر دول استقطابا للاستثمارات الأجنبية في إفريقيا    أرباب المصحات الخاصة ينفون استفادتهم من أي دعم حكومي ويطالبون وزير الصحة بنشر لائحة المستفيدين    ‬"القوى التقدمية المغربية" تطلق مُشاورات موسعة قبل محطة "الجبهة الشعبية"    إسرائيل تعلن ترحيل 171 ناشطا إضافيا    في ختام تصفيات إفريقيا.. 7 منتخبات على أعتاب حسم التأهل إلى كأس العالم    شريط تمثيلي قديم يتحول إلى أداة دعائية أجنبية ضد المغرب.. والأمن يرد بالحقائق    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب    التشكيلي محمد حميدي يودع دنيا الناس            مصيبة.. جماعة الرباط تعتزم تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار للشباب ودار للنساء لفائدة البنك الدولي    جماعة الدار البيضاء تطلق مرحلة جديدة من برنامج مدارس خضراء    وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    باها يعلن عن القائمة المستدعاة للمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة لمباراتي السنغال    عاجل.. وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    ضحايا زلزال الحوز يخرجون مجددا للاحتجاج ويتهمون الحكومة بتجاهل معاناتهم منذ عامين    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    توقيع اتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية والاتحاد الكوري للتايكواندو    تنديد حقوقي باحتجاز عزيز غالي ومطالب بتحرك فوري لحمايته    أصداء السودان تتردد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025    حين تنحسر حرية التعبير... يسهل قلب المفاهيم    12 عرضا مسرحيا من 10 دول في الدورة الثالثة لمهرجان "جسد" بالرباط    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية    منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    "أشبال الأطلس" يصطدمون بكوريا الجنوبية في ثمن نهائي المونديال    حزب التقدم والاشتراكية.. أطول إقامة في وزارة الصحة وأقصر مسافة نحو الإصلاح    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    نقلة ‬نوعية ‬حقيقية ‬في ‬الترسانة ‬القانونية ‬المغربية ‬لمكافحة ‬الاتجار ‬بالبشر    من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول (2-1)    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين    المغرب ‬ينتصر ‬في ‬بروكسيل ‬ويكرس ‬الاعتراف ‬الأوروبي ‬بمغربية ‬الصحراء    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬        عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً                البطولة: الجيش الملكي يلتحق بركب المقدمة بانتصاره على أولمبيك آسفي        العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاوضات وفق أي شروط وفي ظل أية ظروف
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 02 - 08 - 2013

لا جدال في أن كل النزاعات الحربية والسياسية والإقتصادية على مرّ التاريخ انتهت بإجراء مفاوضات بين الأطراف المتنازعة ، وعلى ذلك فان المفاوضات هي استمرار للصراع بأدوات غير مسلحة . حيث يلتقي اطراف حول مائدة أو حتى جلوسا على الأرض ? كما قعد عثمان بن عفان رضي الله عنه مع مشركي قريش في مفاوضات صلح الحديبية - ، ويقدم كل طرف شروطه وحيثياته ويحدد سلفا سقف تنازلاته ، وحاشدا كل مقومات قوته للتأثير على خصومه . وبقدر ما تكون كفة ميزان قوته راجحة كلما كانت مكاسبه أكبر .
وعلى الساحة الفلسطينية يمكن القول بأن المفاوضات ابتدأت منذ أواخر عام 1991 في مؤتمر مدريد بعد أن مارس الفلسطينيون النضال المسلح عشرات السنين دون أن يصلوا إلى تحقيق أهدافهم الوطنية . ابتدأت المفاوضات في ظل توازن قوى مختل تماما لصالح العدو الصهيوني ، مما جعل مكاسب الطرف العربي عموما والفلسطيني على وجه الخصوص هي الأقل والأضعف ، حيث كان المعسكر الفلسطيني مستندا إلى (حيطة مايلة ) عربيا وإسلاميا ودوليا ، وتجسّد ذلك أكثر في أعقاب التجبر الذي تعاملت به الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم أجمع بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، عندما اعتبرت كل من ليس معها عدوا لها ، وصبّ ذلك كله في كفة ميزان العدو الصهيوني .
واستمرت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أكثر من ربع قرن عبر محطات عديدة ، دون أن تحقق تقدما يذكر ، لسبب واحد ووحيد يتلخص في ما قاله رئيس وزراء الصهاينة الأسبق إسحق شامير ( كنا نخطط لتستمر المفاوضات عشرات السنين دون التوصل لأية نتائج ) ، صحيح أنه قال ذلك عن مفاوضات مدريد ولكنه إنطبق وينطبق على كل مفاوضاتهم معنا . فالصهاينة لا يريدون السلام ولا يجدون أمامهم طرف فلسطيني وعربي يمتلك ويمارس من القوة ما يمكنه أن يشكل خطرا على الصهاينة فيجبرهم على دفع استحقاقات السلام .
تابع ص 1
وتوقفت المفاوضات بشكل كامل منذ حوالي ثلاث سنوات ، حيث أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن المفاوضات بشكلها الحالي وظروفها عبثية ولا فائدة ترجى منها ، واشترط مسن أجل العودة اليها جملة من الأمور في مقدمتها الإتفاق على مرجعية المفاوضات ، التي يرى أنها يجب أن تكون مستندة إلى مبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية ، والإنسحاب إلى حدود حزيران عام1967س بما فيها القدس الشرقية التي ستكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ، وحل مشكلة اللاجئين وفق حل متفق عليه منطلقا من قرار الأمم المتحدة رقم 194 ، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون والمعتقلات الصهيونية وخاصة المعتقلين قبل اتفاقات أوسلو ، وأخيرا وقف الإستيطان الصهيوني في الأراضي المحتلة عام 1967 .وقد مارست بعض الأطراف العربية والإقليمية والدولية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطات شرسة على القيادة الفلسطينية لتعود إلى المفاوضات دون شروط . وظلت القيادة الفلسطينية إلى وقت قريب ترفض الإذعان للضغوط كما ترفض الإنجرار وراء الإغراءات الإقتصادية .
لكننا فوجئنا منذ أيام بتصريحات مفادها أن مفاوضات ستجري في الولايات المتحدة الأمريكية بين وفدين فلسطيني وإسرائيلي برعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري . وقيل أن إسرائيل ستقوم بإجراءات حسن نية مسبقة منها إطلاق سراح مئة وأربع معتقلين فلسطينيين ، إضافة إلى تعهد جون كيري للرئيس محمود عباس بأن إسرائيل ستقبل بحل دولتين لشعبين ، دون أن نسمع شيئا عن وقف الإستيطان ألصهيوني في الضفة الغربية أو حل قضية اللاجئين . وقد ابتدأت المفاوضات فعلا يوم 31/7/2013 في واشنطن بلقاء جمع صائب عريقات وتسيبي ليفني على ( مائدة إفطار رمضاني ) أقامها جون كيري ، أعلن بعدها كيري نفسه ( أن الإسرائيليين والفلسطينيين توافقوا على إجراء مفاوضات لتسعة أشهر على الأقل ).
وإذا أردنا أن نتعمّق قليلا في موضوع الإستيطان ، فإننا سنصطدم بالعقيدة التوراتية الصهيونية التي قامت على إدعاء أن فلسطين أرض بلا شعب أعطيت لليهود الذين هم شعب بلا أرض ، وتفرّع عن هذه العقيدة مبدأ وجوب الإستيلاء على الأرض خالية من سكانها ، مما يعني أن إنشاء المستوطنات الجديدة وتوسيع المستوطنات القائمة راسخ في أعماق الصهاينة ، وخاصة أن هذه المستوطنات مقامة على أرض ( إسرائيل التوراتية ) حسب زعمهم .
أما موضوع اللاجئين ، فإن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 في ديسمبر عام 1948 والذي اكتسبت إسرائيل عضويتها في الأمم المتحدة على أساسه ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجّروا منها قسرا والتعويض على من لا يرغب منهم في العودة إليها . ومنذ ذلك اليوم والصهاينة يرفضون الإعتراف بالقرار 194 لأن ذلك يحمّلهم مسؤولية مأساة اللاجئين الفلسطينيين ومستحقاتها المالية من جهة ، ويجعل الصراع الديموغرافي على أرض فلسطين التاريخية (حدود 1948 ) محسوما لصالح العرب الفلسطينيين .
وبالعودة إلى موضوع الإفراج عن الأسرى القابعين في السجون والمعتقلات الصهيونية والذين يقارب عددهم الستة آلاف ، فإن كل واحد منهم يشكل في حدّ ذاته قضية ويخلّف وراءه مأساة للعديد من الأسر ، مما يعني أن الإفراج عن أي أسير منهم هو واجب إنساني . ولكن ما يجعل الحديث عن الأسرى يسوده كثير من الملابسات والإنتظارات غير المتفائلة كونه سيتم على مراحل وأنه مرتبط بمدى التقدم الذي ستحققه المفاوضات . والغريب في الأمر أن مواقف غلاة الصهاينة التقت تماما مع مواقف حركة حماس في هذا الشأن ..
ففي يوم 29/7/2013 نقلت وكالة أنباء شينخوا الصينية عن أحد الناطقين بلسان حركة حماس قوله ( أن المقترح الإسرائيلي بالإفراج عن مئة وأربعة أسرى فلسطينيين هو ذريعة لتمرير خطة استئناف محادثات السلام التي تقوّض القضية الفلسطينية ) . وفي نفس اليوم قال داني دانون نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ( أن إطلاق سراح الإرهابيين مقابل السلام هو مثل محاولة لإخماد النار بالبنزين ، وهو أمر خطير وغير أخلاقي وغير مسؤول ).
أما عن تعهد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن إسرائيل ستوافق على مبدأ إقامة الدولتين ، فلا دليل أو إثبات يجعلنا نثق بالتعهد الأمريكي .. حيث سبق وأن تعهد رئيسه باراك أوباما بإقامة دولتين منذ أكثر من أر بع سنوات ولم يف بوعده أو تعهده ، وقد تعهدت إسرائيل بل وقعّت على عشرات الإتفاقات دون أن تنفذ واحدا منها .
على ذلك فإنني رغم عدم إعتراضي من حيث المبدأ على التفاوض مع الصهاينة ، فإنني أرى أن إيمان الإسرائيليين بالسلام أو إضطرارهم إليه لم يحن أوانه بعد ، وأن الذهاب إلى المفاوضات دون إجماع وطني فلسطيني ، ودون مقومات قوة تسند المفاوض الفلسطيني ، مضيعة للوقت . مع التأكيد على أن الطرف الوحيد الذي يستفيد من الوقت هو العدو الصهيوني الذي يقضم الأرض الفلسطينية شبرا شبرا ، وينشيء واقعا ليس بالإمكان إقتلاعه أو تغييره ، إضافة إلى كونه يزيد الصف الوطني الفلسطيني شرذمة وتشققا .
وتقتضي المصلحة الوطنية أولا الإلتفات إلى وضعنا الداخلي بكل جوانبه الإقتصادية والإجتماعية ، وخلق مجتمع قادر على مواجهة الغول الصناعي والتكنولوجي والمخابراتي الصهيوني، وإنهاء الإنقسام مهما كان الثمن ولو بإستخدام ما لا نرغب فيه في الأحوال العادية ، ووضع حد لكل الممارسات الخاطئة مع تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب .
عضو المجلس الوطني الفلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.