أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر    الديكتاتورية العائلية تفتك بحزب أخنوش في طنجة .. والانهيار بات وشيكاً!    طنجة.. توقيف 3 أشخاص وحجز كميات من الكوكايين والأقراص المخدرة    سوريا.. هدوء نسبي في السويداء ونزوح جماعي بسبب أعمال العنف        إبراهيم دياز يغرس قيم النجاح في شباب مالقة    غزة: تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية            هذه خسائر حريق المركز التجاري بإمزرون والتجار يتضامنون بالإغلاق    تصدّع داخلي بجبهة البوليساريو بسبب أزمة موعد المؤتمر    مأساة على شاطئ سيدي قاسم.. غرق شرطي شاب يخلّف صدمة بين زملائه    معركة أنوال .. صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار    تظاهرة حاشدة في الرباط تندد بعدوان اسرائيل على غزة وتجويع أهلها(صور)    فيلدا يؤكد جاهزية المنتخب النسوي لنصف نهائي أمم إفريقيا    قرعة الدوري الاحترافي لموسم 2025 – 2026 .. مواجهة قوية مع صافرة البداية والديربي في الدورة الخامسة    نجاح باهر لامتحانات البكالوريا بجهة الدار البيضاء-سطات .. الأكاديمية تشيد بالمجهودات الجماعية وتثمّن النتائج المحققة    آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    بالصدى .. «الإدارة المغربية» وثقافة الإنصات    بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    البابا يدعو إلى وضع حدّ فوري لحرب غزة "الهمجية"    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    "حماية المستهلك" ترفض تلويح الصيادلة بالإضراب وتدعم الحكومة في خفض الأدوية    تحسن ‬متواصل ‬يعكس ‬جاذبية ‬الاقتصاد ‬الوطني    احتجاجات بإسبانيا على معادلة رخص سائقي الشاحنات المغاربة    زلزالان قبالة أقصى الشرق الروسي    العرائش ترفض طمس الشرفة الأطلسية    إسرائيل توسع العمليات في وسط غزة    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    الدفاع المدني في غزة يعلن استشهاد 57 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا    المغرب خارج قائمة ال50 الأوائل في الإنترنت المحمول.. وسرعة الثابت أقل بأكثر من أربعة أضعاف من فيتنام    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة    بنكيران يطالب وهبي بالاستقالة بعد تسريبات التهرب الضريبي        يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    توقيف مستشارة جماعية متلبسة بحيازة "الكوكايين"    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية السلام في الشرق الأوسط .. واشنطن والانتكاسة في الامم المتحدة، لهجة عباس ودور فرنسا..

– قد تكون انتكاسة واشنطن الكبيرة في تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة الخميس على رفض قرار الرئيس الاميركي بشأن القدس مصدر احراج للولايات المتحدة لكن اي مزاعم عن خسارة دورها كوسيط في الشرق الاوسط ستكون سابقة لاوانها على الارجح.
أيدت غالبية ساحقة من الدول الاعضاء في الامم المتحدة، وبينها عدد من حلفاء واشنطن وأخرى تتلقى مساعدات كبيرة منها، القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل.
وفي مؤشر على اهمية التصويت، حذرت السفيرة الاميركية نيكي هايلي بان ترامب سيراقب العملية وبأنها "ستسجل اسماء" الدول التي تخذله.
لكن الواقع أن سياسة "أميركا أولا" التي يتبعها ترامب أفضت مرة جديدة إلى "أميركا وحيدة"، ما جعل بعض الفلسطينيين يجاهرون بأنه لا يمكن للولايات المتحدة بعد الان أن تلعب دور وسيط سلام.
وأرجا نائب الرئيس الاميركي مايك بنس زيارة كانت مقررة الى المنطقة هذا الاسبوع، بعد ان رفض القادة الفلسطينيون ورجال الدين المسيحيين العرب استقباله.
يقول بعض الخبراء أنه قد يكون من الافضل لواشنطن ان تلزم الهدوء لبضعة اسابيع بانتظار تبدد العاصفة.
لكن ان كان هناك اي إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام لطالما تم السعي إليه بين اسرائيل والفلسطينيين، هناك وسيط واحد يمكنه الاسهام فيه.
وقال ديفيد ماكوفسكي، الخبير المخضرم في عملية السلام والباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الاوسط ، "كانت هناك من قبل تقلبات في هذا الملف".
وقال لوكالة فرانس برس ساخرا "لو راهنت بدولار كل مرة قيل فيها +انتهى الامر، الولايات المتحدة ليست وسيطا+ …".
وقلل دان شابيرو، السفير السابق لدى اسرائيل في عهد الرئيس باراك اوباما، من اهمية التصويت ووصفه ب"مهزلة مثيرة للشفقة للامم المتحدة" وحث واشطن على اعادة التركيز على هدفها.
وقال على تويتر "ما هي استراتيجية الولايات المتحدة لانهاء النزاع، التوصل الى دولتين، تجنب واقع قوميتين؟ او على الاقل ابقاء تلك الاهداف حية؟".
من المفترض أن تتضح هذه الاستراتيجية في الاسابيع او الاشهر القادمة عندما يكشف صهر ترامب وموفده الخاص الى الشرق الاوسط جاريد كوشنر مقترحه المرتقب.
منذ تولي ترامب منصبه تقريبا، يقوم كوشنر وزميله محامي العقارات جيسون غرينبلات بزيارات مكوكية بين البيت الابيض والمنطقة، عاملين على وضع خطط.
ولم يتسرب الكثير من التفاصيل بهذا الصدد، لكن يتردد في أوساط واشنطن أن المقترح سيكون صيغة أقل إلزامية للخطة على أن يتفاوض الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني على تفاصيل الحل النهائي.
ترك كوشنر وغرينبلات اساسا انطباعا جيدا على القادة في المنطقة، رغم مخاوف الفلسطينيين إزاء تعاطف ترامب مع بناء مستوطنات اسرائيلية على اراض محتلة.
لكن قرار اميركا الاحادي الجانب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل دون ان يتفق الاطراف اولا على تقاسم السيادة على المدينة المقدسة، اغضب الفلسطينيين.
والغيت اجتماعات مقررة مع بنس، وشعر الموفدون الفلسطينيون بطعم الانتصار المر عندما اتحد العالم في الامم المتحدة الخميس لادانة موقف ترامب.
قال المندوب الفلسطيني في الامم المتحدة رياض منصور لوكالة فرانس برس بعد التصويت "128 صوتا مقابل 9 اصوات (…) هذه انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة الاميركية".
لكن إن كان الفلسطينيون يأملون الان في وسيط مناسب أكثر، فقد يصابون بالخيبة.
وصوتت فرنسا الى جانب حلفاء آخرين لواشنطن مثل بريطانيا وتركيا والسعودية، ضد قرار ترامب لكن السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر قلل من اهمية التصويت.
وقال للصحافيين "قرار اليوم بكل بساطة يعيد تأكيد القانون الدولي الذي ينطبق على القدس".
واضاف "المهم الان اكثر من اي وقت مضى أن يتكاتف المجتمع الدولي خلف اطر عملية سلام متفق عليها، ومن ضمنه بالطبع الولايات المتحدة".
وعن وساطة واشنطن قال السفير "الجميع يعرف دورها الخاص ووزنها في هذا الملف".
ولذا مهما كان شعور الفلسطينيين اليوم بعد انتصار اجرائي نادر، فإنهم في العام المقبل قد يجدون انفسهم مجبرين على التعاطي مع اي خطة جديدة يحملها كوشنر.
وقال ماكوفسكي ان ترامب لم يستبعد ابدا عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، معتبرا أنه كان يجدر بالمسؤولين الاميركيين ان يشرحوا ذلك على التلفزيونات العربية.
وأوضح "انظروا الى ما قاله الرجل، أنه يريد ترك المسألة مفتوحة امام الاطراف للتفاوض على أي ترتيبات سيادة يريدونها، ومن ضمنها السيادة على المواقع الدينية".
واضاف "لن اقول ان الموضوع انتهى ود فن".
وتابع "شعوري انه اذا قدم كوشنر وغرينبلات خطة سلام في الربع الاول من 2018، أعتقد ان عليهم (الفلسطينيين) ان يأخذوها بشكل جدي".
ومن اصل 193 دولة في الجمعية العامة، ايدت 128 منها القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية في 6 كانون الاول/ديسمبر، في حين رفضته تسع دول هي الولايات المتحدة واسرائيل وغواتيمالا وهندوراس وتوغو وميكروزينيا وناورو وبالاو وجزر مارشال.
وايد العديد من حلفاء واشنطن القرار بينهم فرنسا وبريطانيا.
وفي مؤشر يؤكد ان ضغوط واشنطن وتهديداتها لم تمر مرور الكرام، امتنعت 35 دولة عن التصويت بينها كندا والمكسيك والارجنتين وبولندا والمجر وغابت عن الاجتماع 21 دولة اخرى.
وقبل التصويت، راهن العديد من السفراء الذين تحدثت اليهم فرانس برس على تنديد اوسع للقرار يراوح بين 165 و190 دولة.
وهذا التصويت ليس ملزما وقد اكدت الادارة الاميركية انها لن تغير موقفها.
اللهجة المشددة
التي يعتمدها عباس
يشد د الرئيس الفلسطيني محمود عباس لهجته تجاه واشنطن بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكن المحللين يتساءلون إلى اي مدى يمكنه الاستمرار في ذلك.
ويتولى عباس البالغ من العمر 82 عاما رئاسة السلطة منذ العام 2005، وهو غالبا ما يتوخى الحذر في تصريحاته وتحركاته، لكنه لكم يكن كذلك إزاء القرار الأميركي الأخير الذي أثار موجة من الغضب في الأراضي الفلسطينية والعالم العربي والإسلامي.
وبعد ايام على موقف واشنطن في السادس من ديسمبر، اعلن عباس أنه لن يلتقي نائب الرئيس الأميركي مايك بنس اثناء زيارته التي كانت مقررة خلال الشهر الجاري وأرجئت أخيرا إلى منتصف يناير.
والجمعة، صعد الرئيس الفلسطيني من لهجته قائلا إنه لن يقبل أي خطة سلام تقترحها واشنطن لأنها "لم تعد وسيطا نزيها في عملية السلام (…) بسبب انحيازها وخرقها للقانون الدولي".
وتتوافق هذه التصريحات مع الموقف الشعبي الفلسطيني الذي يريد أن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة العتيدة. أظهر استطلاع أعده مركز السياسة والدراسات أن 86 % من الفلسطينيين يؤيدون قطع العلاقات مع الولايات المتحدة.
لكن عددا من المحللين يرون أن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد القادر على التأثير على إسرائيل ولا سيما على حكومة بنيامين نتانياهو التي تعد أكثر الحكومات تشددا في تاريخ الدولة العبرية، وهو امر تدركه القيادة الفلسطينية.
وإذا كان عباس أرسل مبعوثين إلى روسيا في ما يبدو أنه بحث عن دعم بديل عن الولايات المتحدة، فإن إسرائيل تعلم أنها لن تنال دعما كالذي تناله من واشنطن، وبالتالي فمن المستبعد جدا أن تقبل بأي وسيط آخر.
وبذلك، يوشك عباس أن يجد نفسه عالقا بين هذا الواقع، وبين الرأي العام الفلسطيني الذي يرى أن التعاون مع الولايات المتحدة في عملية السلام لم يحقق شيئا.
وأظهر استطلاع حديث نشره المركز الفلسطيني أن 70 % من الفلسطينيين يريدون استقالة عباس.
وأدى تسعة من الفلسطينيين بين السادس والحادي عشر من ديسمبر في مواجهات مع القوات الإسرائيلية وغارات على قطاع غز ة ردا على إطلاق صواريخ، إلى زيادة الضغوط على عباس.
ويرى عوفر سالزبرغ الباحث في مجموعة الأزمات الدولية أن عباس قد يحاول على الأرجح "تعزيز الموقف الدولي الرافض للموقف الأميركي، وقد يرفض أي مفاوضات في ظل عدم وجود وسيط حيادي".
ويقول لوكالة فرانس برس "يرى عباس أن ذلك هو الخيار الأقل سوءا".
لكن ثمن ذلك قد يكون باهظا، وفقا للباحث، إذ إنه من دون واشنطن لن تكون هناك عملية سلام.
من جهتها، ترى نادية حجاب مديرة شبكة الدراسات الفلسطينية أن على الرئيس الفلسطيني أن يحصل على تنازلات مهمة "كي يحافظ على ماء الوجه".
وتقول "الشيء الأهم هو أن تتراجع الولايات المتحدة عن قرار الاعتراف بالقدس (عاصمة لإسرائيل) لكن لا أظن أن ترامب سيفعل ذلك".
ويقول الكاتب غرانت روملي، مؤلف كتاب عن عباس، إن القادة الفلسطينيين يدركون تماما "في أعماقهم أنهم بحاجة إلى الولايات المتحدة في وقت ما".
ويضيف "في حسابات ترامب، سيعود الفلسطينيون في وقت ما إلى طاولة المفاوضات".
ومن المخاطر التي تلوح في الأفق القريب أمام الفلسطينيين، فقدان جزء من المساعدات الأميركية البالغة 400 مليون دولار سنويا. فالكونغرس يناقش الآن مشروع قانون يشترط على السلطة الفلسطينية، مقابل الحصول على هذا الجزء، أن تتخلى عن مساعدة عائلات الذين يسقطون في عمليات ضد الإسرائيليين.
ويعرب عباس منذ سنوات عن معارضته لهذا الشرط، وهو يدرك أن أي قرار بوقف هذه المساعدات سيكون له أثر سيء جدا لدى الرأي العام الفلسطيني الذي يرى أن هذه العمليات تندرج في إطار المقاومة المشروعة ضد الاحتلال.
وفي الوقت نفسه، تتسارع وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وهي تقضم الأراضي التي يمكن أن تقوم عليها يوما ما الدولة الفلسطينية المنشودة.
إزاء ذلك، ليس أمام عباس سوى رفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين، من دون أن ينتظر نتيجة مفاوضات السلام التي تبدو بعيدة، رغم أن ذلك قد لا يغي ر كثيرا ما يجري على الأرض في الضف ة الغربية المحتلة.
فرنسا تبحث عن دور
يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاستعادة الدور المحوري لفرنسا في الشرق الأوسط، لكنه يتعين عليه مواجهة توازنات معقدة وليس متوقعا ايضا أن يدخل حكما على خط الملف السوري.
ويسعى الرئيس الفرنسي الشاب الى اثبات "زعامة"، وهو يدأب على معالجة ملفات المنطقة، رافعا شعار "التحدث مع كل العالم" ببراغماتية وواقعية.
ويطرح ماكرون نفسه وسيطا بين واشنطن وطهران في الملف النووي الايراني، ويعبر عن موقف متمايز في الازمة السورية، وهو حقق انجازه الاول على صعيد المنطقة بانهاء الازمة التي رافقت اعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من السعودية بالمساهمة في خروجه من المملكة.
وتقول الباحثة اليزابيت مارتو من المعهد الدولي للبحوث الاستراتيجية في لندن إن "ايمانويل ماكرون يتمتع في الشرق الاوسط بصورة حداثة وتجديد ومصداقية ويمكنه الاستفادة من ذلك".
وتقول الباحثة من مركز عملها في البحرين "انه شاب ولهذا دوره ايضا" في منطقة تشهد تحولات كبيرة ودخول لاعبين جدد كولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاما.
ولكن السؤال المطروح هو: "هل يمكن لماكرون ان يحقق نجاحا في منطقة لم يعد لفرنسا فيها دور فاعل منذ زمن بعيد، باستثناء لبنان الذي تربطها به علاقات وثيقة؟".
وفي الملف السوري، سجل ماكرون انعطافة كاملة في الدبلوماسية الفرنسية بحيث لم يعد تنحي الرئيس السوري بشار الاسد شرطا، وان كان ماكرون يعتبر انه يجب "محاكمته على جرائمه".
من اجل تسهيل عملية السلام في سوريا يطرح ماكرون انشاء "مجموعة اتصال" نواتها الدول الاعضاء في مجلس الامن، ومن ضمنها فرنسا، الا ان مبادرته لم تلق حتى الساعة اي تجاوب.
من جهتها، تفضل روسيا، التي اصبحت الحكم في الازمة منذ تدخلها العسكري في سوريا، التحدث مباشرة مع الولايات المتحدة في تفاصيل الحل السياسي.
وتقول الباحثة "لقد استنفدنا كل اوراقنا في الازمة السورية".
وبالنسبة لانييس لوفالوا نائبة رئيس معهد بحوث ودراسات المتوسط والشرق الاوسط فان الموقف الفرنسي من بشار الاسد "متناقض بعض الشيء".
وتتساءل لوفالوا "كيف يمكن القول ساجري معك محادثات وفي الوقت نفسه ساجعلك تمثل امام محكمة دولية؟ هذا لن يؤدي الا الى تقويته (الاسد) ولن يدفعه على الاطلاق الى القبول بالتفاوض بما انه معترف به ولديه صفة محاور".
حتى ان الرئيس السوري عمد الى ازدراء فرنسا معتبرا انه لا يحق لها "التحدث في السلام" بعد ان كانت "حاملة لواء الارهاب" بدعمها الفصائل المعارضة لنظامه منذ 2011.
وفي ايران، التي يزورها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لورديان في يناير قبل زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي، تسعى باريس الى لعب دور بدفعها طهران باتجاه اعادة النظر في برنامجها الصاروخي البالتسي لحماية الاتفاق النووي الذي يهدد ترامب باسقاطه.
وتقول لوفالوا إن "الايرانيين يعولون كثيرا على فرنسا لقيادة التأييد الاوروبي للاتفاق بوجه الولايات المتحدة".
ويقول دبلوماسي غربي "انهم (الايرانيون) لا يثقون بالانكليز ولا يعتبرون المانيا دولة ذات نفوذ سياسي كبير".
على الرغم من ذلك فان ايران ترتاب من التقارب الفرنسي السعودي وقد اغضبتها تصريحات وزير الخارجية الفرنسي الذي اعلن من الرياض ان بلاده "قلقة" من "نزعة الهيمنة" الايرانية في الشرق الاوسط.
وتشدد لوفالوا على ان "التوازن صعب جدا ودقيق". وتتساءل الباحثة "تحقيق الانجازات والسعي لمخاطبة كل العالم امور جيدة جدا، ولكن ما الهدف؟".
وتعتبر ان تأثير فرنسا في النفوس سيكون اكبر بكثير بالرد على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل عبر اعترافها بدولة فلسطينية.
وتشدد الباحثة "سيشكل ذلك مؤشرا قويا يترافق مع افعال وهذا سيلقى ترحيبا من الايرانيين والدول العربية على السواء".
وتقول الباحثة ان ماكرون قرر على ما يبدو اعتماد استراتيجية اخرى. وقال ماكرون لدى لقائه نظيره الفلسطيني محمود عباس في باريس الجمعة "هل سيكون مجديا اتخاذ قرار من طرف واحد بالاعتراف بفلسطين؟ لا أظن ذلك".

الدول العربية لم تؤخذ تهديدات ترامب بقطع المساعدات على محمل الجد

قالت دول عربية حليفة للولايات المتحدة إنها لم يكن لديها خيار سوى تحدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لكنها لا تعتقد أنه سينفذ تهديده بقطع المساعدات.
وصوتت 128 دولة، بينها كل الدول العربية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس لصالح قرار يحث الولايات المتحدة على سحب قرارها الذي أعلنته في وقت سابق من الشهر الحالي.
وهدد ترامب بقطع المساعدات المالية عن الدول التي تصوت لصالح القرار الذي صاغته مصر وساندته كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي عدا واشنطن.
وكرر ترامب تهديده في تغريدة على تويتر وقال "بعد صرف سبعة تريليونات دولار بغباء على الشرق الأوسط.. حان الوقت للبدء في بناء بلدنا!"
وفي مصر والأردن، وهما من بين أبرز متلقي المساعدات الأمريكية لكنهما أيضا من أبرز المشاركين في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لم تؤخذ تهديدات ترامب على محمل الجد بما يكفي للتراجع عن المعارضة القوية للخطوة الأمريكية.
وقال وزير طلب عدم ذكر اسمه "الأمريكيون يعرفون أكثر من أي أحد أن استقرار الأردن حيوي للمصالح الأمريكية في المنطقة".
ومن أجل تعاونه في الدفاع ومجالات أخرى يتلقى الأردن نحو 1.2 مليار دولار سنويا من واشنطن.
وأضاف الوزير "لا نتوقع أن تمس الإدارة الأمريكية المساعدات لكن إن فعلت فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة مشكلات الأردن الاقتصادية". *
وقال رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري إن دور الأردن كحليف في منطقة ملتهبة، حيث أدت الاضطرابات إلى تدبير وشن هجمات على الأراضي الأمريكية، سيحافظ على الأرجح على المساعدات.
وأوضح قائلا "ترامب لا يساعدنا لوجه الله و نحن نؤدي أمورا إقليمية لدعم الاستقرار والتي لم نتراجع عنها".
لكن وفي مؤشر على القلق بشأن عدم توقع تصرفات ترامب، عبر بعض المسؤولين الأردنيين عن مخاوفهم في أحاديث خاصة.
وقال المصري إن قرار الأمم المتحدة كان سيحصل على المزيد من الأصوات المؤيدة لولا تهديد ترامب.
وأوضح قائلا إنه بالنسبة للدول العربية والإسلامية، أي شيء أقل من الرفض الكامل لقرار ترامب بشأن القدس سيكون مستحيلا.
وانتقدت الدول من أنحاء العالم الإجراء ووصفته بأنه يضر بفرص إنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، كما رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس أي دور أمريكي جديد في عملية السلام.
وكان وضع القدس قضية محورية مثيرة للصراع في جولات مفاوضات فاشلة سابقة لما تحويه من مواقع مقدسة إسلامية ويهودية ومسيحية.
وتتولى المملكة الأردنية رعاية المواقع المقدسة في القدس مما يزيد من حساسية أي تغييرات بشأن وضع المدينة.
وتصدرت مصر الجهود إقليمية لرفض قرار ترامب باعتبار أن له "أثرا سلبيا" على الأمن في المنطقة. وكانت القاهرة وسيطا أساسيا في اتفاقات السلام السابقة.
ولم يتسن الوصول إلى وزارة الخارجية أو الرئاسة في مصر للتعليق بعد عدة محاولات للاتصال عقب تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال اتش.إيه هيلر الخبير بالشؤون المصرية لدى المجلس الأطلسي إن مصر تشعر باطمئنان على الأرجح بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية التي تحصل عليها والبالغة 1.3 مليار دولار برغم تهديدات ترامب.
وأضاف "لا أعتقد أن مصر ستشعر بالقلق… بالتأكيد لن تكون الدائرة المقربة من ترامب راضية، لكنني أشك في أن يصل الأمر إلى ما هون أبعد من ذلك".
ومصر شريك عسكري مهم للولايات المتحدة وتقاتل متشددين إسلاميين في شمال سيناء.
وتقف الدول العربية على قلب رجل واحد في رفض قرار ترامب بخصوص القدس. وأكد حلفاء رئيسيون مثل المملكة العربية السعودية والعراق موقفهما في التصويت بالجمعية العامة.
ووصفت وزارة الخارجية العراقية نتيجة التصويت بأنها "انتصار للشرعية الدولية".
وقال الوفد السعودي إن التصويت بخصوص القضية الفلسطينية يعكس أولويات السياسة منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز.
غير أنه لم يتضح بعد ما إذا كان التصويت بالأمم المتحدة ولهجة الخطاب القوية وحدهما سيجبران واشنطن على التراجع عن موقفها.
وأغدقت إسرائيل المديح على ترامب. وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار الرئيس الأمريكي الذي ألغى سياسة أمريكية قائمة منذ عشرات السنين باعتباره "حدثا تاريخيا".
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها الأبدية وغير القابلة للتقسيم وتريد أن تنتقل إليها جميع السفارات. ويريد الفلسطينيون الشطر الشرقي من القدس عاصمة لدولتهم المستقلة. واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في عام 1967 وضمتها إليها في خطوة لم تحظ قط باعتراف دولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.