إحداث أزيد من 35 ألف مقاولة بشكل رقمي    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    عليوي: الحركة الشعبية أصبحت "حزبا شخصيا" لأوزين.. والمجلس الوطني ك"سوق بلا أسوار"    برادة: نسبة تعميم التعليم الأولي بالعالم القروي تبلغ 81 في المائة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ارتفاع الأثمان عند الإنتاج ب0,3% لقطاع الصناعات التحويلية    السعودية تؤكد أن أمنها الوطني خط أحمر وسط مطالب للقوات الإماراتية بمغادرة اليمن    المعاملات الآسيوية تقلص خسائر الفضة    تأسيس المكتب المحلي للأطر المساعدة بمدينة سلا    ثلاث نقابات بوزارة التجهيز ترفض "تجميد" النظام الأساسي بدعوى الأولويات    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن أفضل 20 دولة عالميا في مؤشر الحرية المالية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    تقرير رسمي: ربع سكان المغرب سيكونون من المسنين بحلول عام 2050    لجنة العدل تشرع في مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    ثلاثة قتلى.. حصيلة فيضانات جنوب إسبانيا    رسالة تهنئة من السفيرة الصينية يو جينسونغ إلى المغاربة بمناسبة عام 2026    مدرب منتخب تونس سامي الطرابلسي تحت الضغط في مواجهة تنزانيا بعد الخسارة أمام نيجيريا    "أجواء أكادير" تفرح الكرة المصرية    حقيقة تعرض سجينة للتعذيب والاعتداء بسجن عين السبع 1    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات    احتجاجات التجار تقلق النظام في إيران    دفاع مستشار عمدة طنجة يطلب مهلة    الكعبي أفضل لاعب في لقاء زامبيا    ثلاثية مغربية في المرمى الزامبي.. "الأسود" يؤكدون جاهزيتهم للأدوار الإقصائية    صرف منحة استثنائية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن الوطني    كان المغرب.. جنوب إفريقيا تفوز على زيمبابوي (3-2) وتتأهل إلى دور الثمن    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    أبو عبيدة.. رحيل ملثم أرّق إسرائيل طوال عقدين    اكتظاظ السجون يفجّر سجالاً حاداً بين وهبي والمعارضة داخل البرلمان    إحداث أزيد من 35 ألف مقاولة بشكل رقمي    إذاعة فرنسا الدولية: المغرب وجهة مفضلة للمشجعين والسياح    فتح الترشيح للجائزة الوطنية للقراءة    السنغال تتطلع لضمان البقاء في طنجة    اللوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية الأجل المحدد لتقديم طلبات التسجيل سينتهي يوم 31 دجنبر    كأس إفريقيا.. الطرابلسي: "نسور قرطاج" تجاوزوا هزيمتهم أمام نيجيريا ويطمحون للفوز على تنزانيا    مونية لمكيمل وسامية العنطري تقودان الموسم الجديد من "جماعتنا زينة"    سعد لمجرد يلتقي جماهيره بالدار البيضاء    مرصد حماية المستهلك يندد باستغلال المقاهي لكأس إفريقيا لرفع الأسعار    ترامب يعلن إحراز "تقدم كبير" في سبيل إنهاء الحرب بأوكرانيا    القوات الروسية تعلن السيطرة الكاملة على بلدة ديبروفا في دونيتسك واسقاط صواريخ وطائرات مسيرة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعقد جمعها السنوي العادي    الصين تطلق مناورات عسكرية وتايوان ترد بالمثل    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    أمريكا تتعهد بتمويل مساعدات أممية    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"        المهدي النائر.. ريشة تحيي الجدران وتحول الأسطح إلى لوحات تنبض بالجمال    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثر إبلاغ المريض بالإصابة بالسرطان في «المقاومة» أو الإحباط وقع خبر الإصابة يكون أحيانا بنفس حدّة الداء

«للحظة توقف الزمن، انعدم المكان.. لأول مرة أعيش الموت.. لأول مرة أموت بالحياة.. لأول مرة أحس وأشعر وأرى كل شيء ولاشيء. لأول مرة يكون لهذه المرة أول بدون آخر.. لأول مرة تمنيت أن تنتهي هذه المرة و لو قليلا، لآخذ نفَسا، استوعب ما أسمع وما يقع ثم لا بأس أن أعيشها لثاني مرة إذا كان لزاما أن أعيشها».
«لأول مرة أرى نفسي أنهار، وأرفض ثم أخاف ثم أحزن ثم استسلم ثم أرفع رأسي من هوة الانهيار، أرفضه مرة أخرى.. أجده لي بالمرصاد.. فأرى نفسي أنهار من جديد.. أول مرة وثاني مرة وألف مرة أو أكثر وليس أقل..لأول مرة أخطئ العد ولا أذكر كم مرة في لحظة بدون نهاية تكرر ذلك الانهيار والموت والألم والحياة وكل شيء واللاشىء..»
«شعرت بدوار وبحرارة طفيفة وقشعريرة تلبسني.. شعرت بحاجتي للغطاء ثم النوم، حتى أركن هذه اللحظة في دهاليز كابوس لا أتمنى أن يتكرر».
«ربَّت أبي على كتفي وفي عينيه نظرة ألم وعطف وتساؤل إن كنت لازلت أعي ما حولي.. لأدرك أنني كنت هناك وكل ما أرى وأسمع حقيقة.. حقيقتي أنا..وليس أحدا آخر.. أنا مصاب بسرطان الدم».
هكذا وصف مصطفى، جزءا من اللحظة التي أخبره طبيبه فيها بنتيجة تحاليل دمه. لم تكن شهرا ولا يوما ولا ساعة.. هو وصف لجزء من لحظة. لحظة إعلان المرض أو بالأحرى لحظة إعلان بداية النهاية، لحظة إعلان الموت.
نهايتنا حتمية، فكل يوم نعيشه هو خطوة في اتجاه الموت. لكننا لا نعلم متى يتوقف ذلك الخطو. ويوم نعلم أننا ربما اقتربنا من التوقف عن التقدم، يتوقف كل شيء سوى النبض الذي يزداد حدة و قوة.. ولأول مرة نحسِبه ونسمعه ونلمسه وندركه بكل حواسنا. كلمة أو كلمات تغير كل شيء.. ترسم الخوف بكل ألوانه، تجعلنا نرى الموت وهو يقف غير بعيد عنا.. ينتظر.. وكل الطرق لا تؤدي إلا إليه. إعلان الإصابة بمرض خطير «قاتل»، يجعل صاحبه في نفس الآن في تواصل تام وانفصال تام عن الواقع. مفارقة تحصل من شدة وعي الفرد بما يحصل ومن شدة رفضه لما يحصل، ينفصل تماما عما يحصل.. عن الواقع. حالة نفسية تستمر للحظات، لكن ولأنها تُعاش بكل جزء من الثانية تبدو وكأنها دهر بدون نهاية.. أو ربما ينعدم الزمن فيعم الفراغ في المكان.
كلمة سرطان في الوعي واللاوعي الاجتماعي، كلمة تحمل مع كل حرف من حروفها الخوف والألم و الموت؛ حتى أن البعض لا يجرؤ على نطق الكلمة، يسميه «المرض الخايب» أو « المرض القبيح» وكأن مجرد نطقها سيصيب المتكلم أو المستمع بالمرض.
هذا التمثل الاجتماعي لكلمة سرطان، يزيد من حدة وهول وقع الصدمة عند من اُبلِغوا بالإصابة به وعند أقربائهم، مما يزيد من شدة الضغط النفسي ونسبة القلق لديهم قبل الإحساس بالألم الذي سيحدثه المرض. وقع خبر الإصابة بالمرض يكون أحيانا بنفس حدة المرض نفسه. ولو أن ليس هناك كلمات معينة أو وصفة محددة لإخبار المريض بمرضه، إلا أن قدرة الطبيب على اختيار كلماته وطريقة نطقها، و تعبيرات وجهه واتجاه نظراته ونسبة الثقة في كفاءته كطبيب والوقت الذي يأخذ لإخبار المريض بمرضه وأيضا الوقت الذي يمنحه لهذا الأخير للاستماع إليه ثم احتوائه.. كلها تفاصيل تلعب دورا مهما في كيفية تلقيه لخبر مرضه. فكثيرا ما سمعنا شهادات مرضى يتحدثون عن طريقة إِخبارهم بمرضهم، منهم من يعتبر طبيبه ملاكا قبل أن يكون طبيبا، في طريقة استقباله والحديث إليه ومنحه الثقة وتهدئة مخاوفه و مساعدته على تقبل المرض ومضاعفات العلاج. ومنهم من يعتبر طبيبه، إنسانا مُفْرَغاً من الإنسانية، أَبلَغَه بخبر مرضه ولم يترك له الفرصة لاستيعابه أو حتى مَدًهِ بالمعلومات التي يحتاج إليها، ليغادر مكتبه وفي جعبته صدمة وألف سؤال وضياع.
بعد صدمة تلقي الخبر، تختلف ردود الأفعال حسب الأشخاص والسن والظروف الاجتماعية والنفسية التي تتوقف أساسا على مدى قدرة المريض على مدى تقبل وتجاوز الصدمة بعد ذلك.
يظن الكثيرون أن من لم يحرك ساكنا عند تلقيه خبر مرضه أو لم يظهر عليه رفض.. فهو يتقبله بكل قوة واطمئنان. ربما فكرة التعايش مع المرض تأتي لاحقا لكن الإحساس بألم الصدمة، إحساس يحضر بقوة وعند الجميع.
يحضر النكران أيضا وهو نوعان: نكران مباشر للمرض:» لست أنا.. هناك خطأ في التشخيص»، «غير صحيح.. لا اشعر بشيء..» خصوصا إذا اِكتُشِف المرض في إطار فحص روتيني أو عند ظهور أعراض بسيطة يستهين المريض بأسبابها. و نكران غير مباشر: «كيف سأخبر أطفالي؟ كيف ستتلقى زوجتي/زوجي الخبر؟»
نكران المرض هو ميكانيزم دفاع، يستعمله المصاب لينأى بنفسه عن تبعات الاعتراف بمرض كثيرا ما أصاب الآخرين فقط. فينشطر تفكيره إلى شطرين: شطر يعرف ويعي تماما ما يقع، و شطر يرفضه؛ لينتقل بعدها إلى الاعتراف بالمرض والوعي بالإصابة به، فيثور على ذلك ويشعر بغضب ثم يدخل لمرحلة مساومة، فيطرح تساؤلات عديدة في محاولة لمعرفة أسباب المرض ونسبة نجاح علاجه و إعطائه معنى وربما ألقى باللوم على نفسه أو أدان أحدا من محيطه أو طبيبه..
تساؤلات المريض هي محاولة منه للسيطرة على وضع يفلت من بين يديه.. ليُوَدّع بِنْيتِهِ السليمة ويعلن الحداد عليها و يعيش مرحلة من الحزن قبل أن يسعى للدخول لمعركة أعلنها عليه المرض.
ليست قاعدة أن يمر كل فرد أصيب بمرض السرطان أو بمرض خطير آخر، بكل هذه الأحاسيس و التضاربات في الأفكار وبنفس التراتبية، لكن الإنسان مهما اختلف يبقى متشابها في شعوره وطرق تفكيره وردود أفعاله..
يقول مصطفى: «لم يكن لدي خيار.. استوعبت أن المرض يقبع بداخلي ويسري في عروقي، فإما أن أحاربه فأفشل أو أنتصر، وإما أن أستسلم واحتمال النصر هنا منعدم…» يسكت لبرهة، يبتسم ابتسامة ساخرة ويواصل»… للانتصار على العدو يجب التعرف عليه.. لذلك رحت أبحث عن كل شيء من شأنه أن يخبرني ويشرح لي ما يقع وما سيقع بداخلي، حتى أدرك كيف أتصدى له طبيا ونفسيا.. رحت أبحث أيضا عمن قرروا خوض المعركة مثلي وعمن يساعدني لأواصل المقاومة.. خلال بحثي هذا اكتشفت شيئا مهما.. اكتشفت لذة الحياة في أبسط الأشياء.. في ابتسامة صادقة، في شدو عصفور حطّ على نافذة غرفتي.. اكتشفت ضعفي كإنسان وقوتي بالإيمان..»
أخصائية نفسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.