تصعيد ديموقراطي ضد إدارة ترامب لمحاولتها التعتيم على "وثائق إبستين"    حماس جماهيري وتنظيم محكم يسبقان افتتاح كأس إفريقيا للأمم في الرباط    تفوق تاريخي ل"الأسود".. تعرّف على سجل المواجهات بين المغرب وجزر القمر    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر        رئيس فيفا: المغرب رافعة لكرة القدم    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    ماكرون يبحث في أبوظبي فرص التعاون    الليلة تبدأ الحكاية    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    الاحتلال يوسّع الاستيطان في الضفة الغربية لمنع قيام دولة فلسطينية    وزارة الأوقاف تعلن مطلع هلال شهر رجب    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    الأمن الوطني يشرع في اعتماد الأمازيغية على مركباته    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    كأس افريقيا للأمم بروفة للمونديال    تفتيش مركزي يكشف خروقات خطيرة في صفقات عمومية بوثائق مزورة    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    عرس كروي استثنائي    أشرف حكيمي يطمئن الجماهير المغربية بخصوص مشاركته في ال"كان"    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    الأحمدي يحذر المنتخب من الثقة الزائدة    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    تنبيه أمني – محاولة احتيال عبر انتحال هوية أفريقيا (Afriquia SMDC)    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام        الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام المقابر.. بين محمد حصاد وأحمد التوفيق!

من هي، في ظل الوضع القانوني الراهن، الجهة المسؤولة والمخاطبة في موضوع المقابر الاسلامية؟ لمن تعود ملكية المقابرالاسلامية للدولة أم للجماعات المحلية؟
لمن يعود الاختصاص في إحداث المقابر الاسلامية للدولة ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، أم للجماعات اللامركزية؟
ماهو الأجل الأقصى الذي تظل خلاله المقبرة مغلقة بعد استنفاد أماكن الدفن بها؟
ماهو مآل المقبرة المغلقة بعد انصرام أجل طويل على إغلاقها وتوقف الدفن بها؟
هل يجوز تغيير طبيعة المقابر الإسلامية وبالتالي نقلها عندما تقتضي المصلحة العامة المحلية ذلك؟
هذه جملة من الأسئلة التي تفرض نفسها بإلحاح، والتي لايسعفنا النظام القانوني الحالي في الإجابة عنها إجابة كاملة وشافية. فهو إما أنه يقدم لنا أجوبة ناقصة وغير حاسمة وإما أنه صامت ولايقدم لنا أية أجوبة على الاطلاق. وهكذا، فمن الجهة المسؤولة والمخاطبة في موضوع المقابر الاسلامية، فإنه غالبا ما يقع اللبس والغموض حول تحديد هذه الجهة المسؤولة. إذ برجوعنا الى الأسئلة النيابية التي يطرحها ممثلو الأمة في هذا الشأن نجدها تارة توجه الى السيد وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية وتارة أخرى توجه الى السيد وزير الداخلية بصفته وصيا على الجماعات المحلية. والمؤكد، بهذا الخصوص، أنه إذا كانت الجماعات المحلية (بلدية وقروية) هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن صيانة المقابر وتعهدها طبقا للفصل 22 من قانون 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها الذي جعل نفقات إحاطة المقابر بسياجات وتعهدها ضمن النفقات الإجبارية لهذه الوحدات اللامركزية، فإن تحديد الجهة المسؤولة عن إحداث المقابر وتجهيزها وإيجاد الأراضي اللازمة لها ليس من الأمور الميسرة في ظل الأوضاع والظروف القائمة. فمن قائل بأن الجماعات المحلية هي المسؤولة عن إحداث المقابر وتجهيزها تبعا لكونها المسؤولة قانونا عن صيانتها وتعهدها، ومن قائل، على النقيض من ذلك، بأن إحداث المقابر ينبغي أن يكون من مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على أن هذه المقابر تعد من الأملاك الحبوسية ولا تعد بالتالي من قبيل الأملاك الجماعية.
الواقع أنه إذا حاولنا الحفر والتنقيب عن السند القانوني الذي يؤسس مسؤولية الجماعات المحلية في إحداث المقابر وتجهيزها، فإنه لا نكاد نعثر على أي نص قانوني يمكنه إرشادنا أو إفادتنا في هذا الإطار، عكس ما تفيدنا به المراجع التاريخية التي أكدت بما لا يدع سبيلا للشك مسؤولية الأوقاف عبر كل الأحقاب الزمنية التي عاشتها الدولة الاسلامية بالمغرب منذ دخول الإسلام الى ربوعه وإلى حين قدوم الحماية الفرنسية في أوائل هذا القرن. فباستثناء الفصل 22 من القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها الذي أوكل للجماعات مهمة صيانة وتعهد المقابر، كما سبق القول، فإننا لا نجد أي نص قانوني آخر يعهد صراحة لهذه الوحدات مأمورية إحداث المقابر وإيجاد الأراضي اللازمة لها، بل ان كل ما نتوفر عليه في هذا النطاق هو بعض الأعمال التنظيمية التي صدرت إبان الحماية من لدن الصدر الأعظم، والتي تأرجح مضمونها بين إسناد هذه المهمة تارة للإدارة الحبسية (القرار الوزيري حول المقابر الصادر بتاريخ 12 شتنبر 1915) وتارة أخرى للأجهزة المحلية (المقرر الوزيري الى الباشوات الصادر بتاريخ فاتح مارس 1950).
وإذ نؤكد، في سياق هذا الحديث، أن الأعمال التنظيمية المذكورة قد جاءت وليدة للظروف الجديدة التي فرضت على بلادنا إثر دخول المستعمر ومحاولاته الحثيثة لأجل تغيير بعض الأنماط التقليدية (ومن جملتها نظام المقابر)، وكذا بفعل التحول الذي طرأ على تفاعلات السوق العقارية، والذي نتج عنه انحصار في أريحية بعض المواطنين الذين كانوا يتبرعون لفائدة الأوقاف الإسلامية بعقارات من أجل إقامة مرافق وأعمال خيرية، فإننا إذ نؤكد على ذلك، نشير أيضا الى حقيقتين أساسيتين هما:
أولا: إن تدخل الجماعات اللامركزية في موضوع المقابر الإسلامية وغير الإسلامية أصبح واقعا مفروضا، وذلك لعدة أسباب سنبينها لاحقا.
ثانيا: إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على الرغم من هذا الوضع المفروض، مازالت متشبثة بالمقابر الإسلامية كمرافق حبسية، وتعتبر نفسها المخاطب الوحيد في شأنها رغم أنها نفضت يدها من كل ما يتعلق بإحداثها المقابر الإسلامية بين أحكام الشرع الإسلامي ومقتضيات القانون الوضعي وصيانتها. وهو ما يبدو جليا من مضمون الخطاب الذي بعث به السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى السيد وزير الداخلية تعقيبا منه على المنشور الذي عممه هذا الأخير لدى الجماعات المحلية حيث جاء فيه بالحرف ما يلي: «.. إلا أننا نود أن تتفضلوا برفع الإشكال الذي يمكن أن يثيره إعطاء الجماعات المحلية حق الإشراف على المقابر بالحفاظ والصيانة وما يمكن أن يمتد إليه هذا الإشراف من اعتقاد بعض المسؤولين في هذه الجماعات أن المقابر باعتبارها مخصصة للنفع العام تخضع لبعض التصرفات التي تقتضيها الظروف المحلية للجماعات وتقبل بالتالي تغييرا في طبيعتها أو تخصيص جزء من مساحتها لغير ما أعدت له, وأن توجهوا تعليماتكم للجهات التي يعنيها الأمر قصد تنبيهها الى أن المقابر باعتبارها أوقافا عامة تخضع للضوابط الحبسية المعمول بها شرعا وقانونا ويجري عليها ما يجري على مختلف العقارات المحبسة, وأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي الجهة الادارية التي يتعين مخاطبتها في كل ما يتعلق بهذه المقابر تصرفا أو استغلالا وأنها وحدها التي تملك الحق... في إجراء كل مناقلة أو معاوضة بشأنها, وبالتالي إن إشراف الجماعات المحلية عليها إنما يقتصر على تعهدها وصيانتها وضمان حسن استمالها لما أعدت له»،
وإذ نورد هنا النص الحرفي لخطاب السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، فلكي نبين أن النظام الراهن للمقابر الإسلامية لا يسعف على توضيح الرؤيا بخصوص الجهة المسؤولة عن إحداث المقابر وتجهيزها، بل نود بذلك التأكيد على أن الغموض الذي يلف هذه المسألة نجم عنه في فترة من الفترات (ولاسيما بالبوادي والقرى) حلول الخواص محل الادارة في تخصيص بعض الأراضي للدفن بطريقة عفوية غير منظمة، رغم أن هذه المرافق ذات طبيعة عامة لا يجوز تركها للخواص بأية حال من الأحوال»
(عن المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،
عدد 16-يوليوز/شتنبر 1996)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.