يحتفل العالم و أوروبا وألمانيا على وجه التحديد كل سنة بذكرى إسقاط وتكسير جدار برلين،جدار الفصل بين ألمانيا الشرقية التابعة آنذاك للمعسكر السوفياتي الشيوعي ، وألمانيا الغربية التابعة للمعسكر الغربي الرأسمالي الأمريكي، في إعلان عن سقوط القطبية الثنائية وإحلال ألمانيا الموحدة والهروب الى الأمام بعيدا عن الحرب الباردة. هو كسر إذن وتكسير للخلاف الإيديولوجي من اجل بناء مسار الديمقراطية لتحسين حياة الشعب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ومن يشكك في هذه العملية الانتقالية والمدروسة مليا لا يسعه إلا أن يقف في لمحة عابرة دون الوقوف المطول على النتائج والمنجزات، بل عند مخرجات هذا الفعل الرصين. * ألمانيا اليوم في ظل العواصف والاهتزازات المالية والاقتصادية لم تتأثر بتداعيات الأزمة المالية؛ * ألمانيا من اكبر الاقتصاديات الصناعية في العالم، إن لم اقل أحسنها؛ * ألمانيا نموذج في مختلف أشكال العيش والديمقراطية وأنماط التفكير والبحث والعلم والمعرفة؛ * ألمانيا نموذج لاحترام الإنسان لإنسانيته وربط المسؤولية بالمحاسبة والفصل بين السلط.؛ * ألمانيا ،الإبداع في احترام العمل والانضباط والتشجيع والرفاهية... هذه مواصفات من كسر جدار الصمت قبل الفصل والتمييز بين الشعبين،ليعيد عملية البناء والانجاز والصياغة الجديدة من اجل بناء البشر قبل بناء الحجر. ودون اللجوء من التكسير الى التجبير الذي يطبع حياتنا اليومية في مغربنا الحبيب. عفوا، استسمحكم على هذه المقارنة الفادحة والعملية القيصرية التي أسعى جاهدا الى بعث الحياة في مولودها الذي ولد ميتا قبل خروجه الى الدنيا. مرة أخرى أجدد الاعتذار والصفح . في مغربنا الحبيب، نحتفل يوميا بتجبير منجزاتنا من خلال تكسير أفق انتظار مواطنينا في تطبيق هزلي لمبادئ نظرية جمالية التلقي «لايزر وياوس». لقد كسرت الحكومة المغربية يوميا جدار جيوبنا دون أن تترك له احتمالات المقاومة وإمكانيات التصدي والممانعة. كسر لعتبة الفقر البئيسة وتجبيرها بوصفات جزافية قطب رحاها الزيادات في الأسعار،زيادات في المواد الأساسية التي تمثل محور عيش المغاربة. زيادات في المعجنات من الروز والمقرونية... والتوابل وهي زيادات خيالية تجاوزت السبعين درهما في إحداها مع الصمت المطبق للحكومة والمعارضة معا. تجبير لكسور المغاربة، بتجميد الأجور والتلاعب في مساراتها من خلال فرض الاقتطاعات التي وصلت الى أكثر من ألفي درهم للشهر الواحد أو توقيف للرواتب مثلما حدث مع أمواج من الأساتذة المضربين المناضلين. فضلا عن ممارسة اللهجة المفضلة لدى الحكومة الممثلة في التهديد بالانقطاع عن العمل والطرد التعسفي في قطاعات الوظيفة العمومية. دون ان تذكرنا حكومة تجبير كسر المواطنين بمصير هذه الأموال المقتطعة وقنوات تصريفها وطرق تدبيرها. وصفة حكومية أخرى تساهم في تجبير الكسر المخمس للمواطن يتجلى في إغراق الفئة العارفة والمتتبعة للشأن المغربي بالأرقام والإحصائيات الخيالية التي تظل حبيسة الأوراق دون أدنى حد للتفعيل والتنزيل.وهي معطيات رقمية لاتغني ولاتسمن المواطن المغربي سوى في سد غرور الناطق الرسمي للحكومة الذي يغرد خارج السرب الشعبي بمفرده بعيدا، ليرفع أبواق التهليل والتكبير للمنجزات المقرصنة لحكومة لا محل لها من الإعراب. وصفة ثالثة تجبر الكسر المخمس للشعب المغربي، وصفة الوعود والخطابات والشعارات الزائفة التي رفعت إبان الانتخابات السابقة،التي كانت سببا في حملها الى رئاسة قاطرة الشعب المغربي.إذ يتم اللجوء الى تجبير هذه الشعارات الفاسدة بشعارات أخرى من نفس النواة دون احترام لمشاعر الشعب في اهانة مذلة لعقلية المغربي ومشاعره. وصفة رابعة تجبر كسر المواطن المغربي هي الإقدام على رفع الدولة يدها من خلال مؤسسة صندوق المقاصة عن تدعيم المواد الأساسية والنفطية خاصة ،دون وضع إجراءات بديلة لهذا الفعل التعسفي، ودون استراتيجية واضحة لإنقاذ حالة المعيش اليومي. في غياب قاتل لخطط الرفع من كتلة الأجور وتدعيم القدرة الشرائية للشعب. هذا في الوقت الذي يتم فيه الرفع من القيمة المضافة على المداخيل والرواتب،وتفويت القطاعات العمومية الى شركات التدبير المفوض في أفق خوصصته،مثلما وقع في قطاع الماء والكهرباء والطاقة مع ليدك وريضال وامانديس. ليدفع المواطن اليوم ثمن هذه التفويتات القاتلة، ثمن أخطاء تاريخية للحكومة، ثمن طفولته ورعونتها في تدبير الشأن المغربي. الوصفة الخامسة، تتجلى في إقبال الحكومة المغبونة على إغلاق مختلف القطاعات العمومية أمام الأفواج الهائلة من خريجي الجامعات.مع العمل على المساهمة في تفريخ أفواج المعطلين من اجل إكرام وفادتهم في شوارع العاصمة بمؤدبات التعنيف ، من كل أشكال السب والقذف والركل والعفس والشتم والاهانة. في وقت تعمل فيه الحكومة المخدوعة على مشاريع تمديد سجن المتقاعدين في مواقعهم العمومية رغم تراجع قدراتهم الجسدية والتاهيلية، والاستياء المخيم على مشاعرهم في حق الإدارة المغربية. قد يقول قائل إن ما طرحته يندرج في إطار التكسير وليس التجبير ، لارد بالقول: لقد غيرت حكومتنا كل شيء، حتى المفاهيم إصابتها زيادات الإعلال والإبدال والحذف والقلب. فأضحى رفقة هذه الحكومة» الشجاعة» التكسير تجبيرا والتجبير تكسيرا.