الصيادلة يعودون للاحتجاج ويحملون الحكومة مسؤولية تهديد الأمن الدوائي    فتح الله ولعلو: المغرب والصين تقاسما شرف المساهمة في انتصار الحلفاء                        بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات الأسبوع        مريدو "البودشيشية" يؤكدون استمرار منير القادري على رأس الزاوية    صفقتان لتأهيل مطاري تطوان والحسيمة استعدادًا لكأس العالم 2030    حموني: سنة 2026 ستكون "بيضاء" على مستوى إصلاح أنظمة التقاعد والمقاصة    بالسجادة الحمراء .. ترامب يتيح لبوتين عودة لافتة إلى الساحة الدبلوماسية    شركة غوغل تطرح أداة جديدة لحجز رحلات منخفضة التكلفة بالذكاء الاصطناعي    برنامج "نخرجو ليها ديريكت" يناقش تحديات الدخول السياسي والاجتماعي المقبل    بوليف: التحويلات المالية لمغاربة العالم ينبغي ترشيد استثمارها ويجب إشراك الجالية في الانتخابات التشريعية    لفتيت يقضي عطلته بمراكش    طنجة تتصدر الوجهات السياحية المغربية بارتفاع 24% في ليالي المبيت    أسعار النفط تسجل خسائر أسبوعية    تغيرات متوقعة في طقس السبت بعدد من مناطق المملكة    اتلاف كمية من الفطائر (السفنج) الموجة للبيع في الشواطئ لغياب معايير الصحة    الحرارة المفرطة تفاقم أزمة المياه بالمغرب.. حوض ملوية في وضع حرج    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    ابتكار أول لسان اصطناعي قادر على استشعار وتمييز النكهات في البيئات السائلة    كيف أنسى ذلك اليوم وأنا السبعيني الذي عايش ثلاثة ملوك    عادل شهير يوقع أحدث أعماله بتوقيع فني مغربي خالص    ملتقى الثقافة والفنون والرياضة يكرم أبناء الجالية المغربية بمسرح محمد الخامس بالرباط    غاب عن جل الأحزاب    في بلاغة الغياب وحضور التزييف: تأملات في بيان حزب الأصالة والمعاصرة بالعرائش !    أوجار: مأساة "ليشبون مارو" رسالة إنسانية والمغرب والصين شريكان من أجل السلام العالمي    تطوان تحتضن انطلاقة الدورة الثالثة عشرة من مهرجان أصوات نسائية    سفارة الصين بالرباط تحتفي بالذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء بعرض وثائقي صيني    السكتيوي: مواجهة الكونغو حاسمة وفرصة لإثبات جاهزية المنتخب المحلي    النصر يعلن ضم كومان من بايرن ميونخ حتى 2028    طلبة الأقسام التحضيرية يلوحون بالاحتجاج رفضا لطريقة توزيع مقاعد مدارس المهندسين    "الغارديان": هل مهد الإعلام الألماني الطريق لقتل الصحفيين الفلسطينيين في غزة؟    صحيفة أرجنتينية تسلط الضوء على عراقة فن التبوريدة في المغرب    فوز مثير لليفربول على بورنموث برباعية في مستهل المشوار بالدوري الإنجليزي    الواحدي يقود جينك للفوز بثنائية في الدوري البلجيكي    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم يختم موسمه الرياضي بعقد الجمع العام العادي    النقابات تستعد لجولة حاسمة من المفاوضات حول إصلاح نظام التقاعد    مأساة وادي الحراش في الجزائر... دماء الأبرياء تكشف كلفة سياسات عبثية    راب ستورمي وحاري في "رابأفريكا"    زيلينسكي يلتقي ترامب في واشنطن    كيوسك السبت | البطاطس المغربية تعود بقوة إلى الأسواق الدولية في 2025    دورة سينسيناتي لكرة المضرب: الكازاخستانية ريباكينا تتأهل لنصف النهاية على حساب بسابالينكا    موسم مولاي عبد الله... تكدّس، غياب تنمية، وأزمة كرامة بشرية    نائبة رئيس محكمة العدل الدولية: الرب يعتمد عليّ للوقوف إلى جانب إسرائيل    القصر الكبير: التنسيقية الجمعوية المحلية تدق ناقوس الخطر حول الوضع البيئي المقلق بالمدينة    كينيدي يخوض معركة جديدة ضد صناعة المكملات الغذائية في أمريكا    الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتب لها وقع : «جمهورية الحروف العربية» ل ألكسندر بيفيلاكوا

قبل الشروع بالكتابة عن هذه الدراسة الهامة لابدّ من الإشارة إلى مؤلفها (تيري ايغلتن) المنظر الأدبي والناقد الفيلسوف والمثقف البريطاني ذائع الصيت، والذي يعمل أستاذاً للأدب الانكليزي في جامعة لانكساستر البريطانية ، وهو أحد المساهمين الكبار في حقل الأدب ونظرياته الأدبية. درسَ المفكر مقاربات كثيرة ومنها الشكلانية، والتحليل النفسي، والبنيوية وما بعد البنيوية وهذه المقاربات تتجذر عميقاً في الفكر الماركسي كما حاول أن يضيف ويطعم تقنياته الفكرية من تيارات فكرية أخرى أكثر حداثة من الماركسية . صدرت له العديد من الدراسات في الفلسفة والنقد والأدب وقراءات في اللاهوت ، ولأننا سنقوم بالكتابة عن اصداراته بشكل متتالي قد عرفنا بالمؤلف بهذا الموجز التقديمي.


يقدم بروفسور التاريخ في جامعة ويليامز الأمريكية ألكسندر بيفيلاكوا، نظرة شاملة ومثيرة للعلماء والكتاب الأوروبيين في القرنين السابع عشر والثامن عشر الذين ركزوا على الدراسات الإسلامية، عبر عمل يعنى بتاريخ الإسلام. فثمة مجموعات من النصوص العربية والفارسية والتركية، أول ترجمات للقرآن إلى اللغات الأوروبية وغيرها من أمهات المدونات والنصوص الإسلامية، للعديد من علماء نشأوا من جميع أنحاء أوروبا وهم خارجو البحث المتداول نسبياً اليوم.
يلقي بحث بيفيلاكوا الصادر في شباط (فبراير) الماضي ضمن كتاب بعنوان مثير «جمهورية الحروف العربية: الإسلام والتنوير الأوروبي»، الضوء على خلفيات أولئك العلماء ووجهات نظرهم حول الإسلام والناتج العلمي للثقافة الإسلامية. ومما يثير الدهشة أيضًا أنّ الكتاب يوجز الروابط بين هؤلاء العلماء والكنيسة الكاثوليكية، عبر أمر أصدره البابا كليمنت الحادي عشر (16491721) بتكليف إحدى مجموعات الباحثين للعمل على النصوص القرآنية، والذي قد تكون أصوله الألبانية (أغلبية إسلامية) مبعث ذلك الاهتمام.
الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في الكتاب هو حجة المؤلف بيفيلاكوا بأنّ هؤلاء العلماء تنافسوا وتبادلوا الأفكار مع بعضهم بعضاً، وأثروا على مفكرين بارزين في التنوير مثل؛ مونتسكيو وفولتير. لسوء الحظ، فإنّ هذا الجانب غير واضح كثيراً؛ حيث يسعى الكتاب لنثر سعة أكبر من المعلومات بدلاً من التعمق في التحليل والاستقراء، ومع هذا بدا العمل سعياً جدياً لزراعة أفضل الأفكار، وإزالة أخرى هي المتداولة عما خصّ الإرث الإسلامي غربياً.
بعد اكتشاف هذه الأعمال، التي أوردها الكتاب، في نهاية القرن السابع عشر، تعجب القرّاء الأوروبيون «بعد أن ابتلعوا الأكاذيب حول المسلمين وإيمانهم لقرون». ولكن من خلال البحث الدؤوب، ساعدت دائرة من المثقفين الأوروبيين على تقديم كنوز حقيقية في لغات جديدة، حتى وإن بدا عملهم «سيشكل وجهات نظر أجنبية للشرق الأوسط في العصر الحديث».
وفي دراسته الجديدة كلياً، يبدأ ألكسندر بيفيلاكوا بمهمة تقصي الكتب التي بدأ سعي الأوروبيين إليها منذ حوالي عام 1600، حين جمعوا آلاف المخطوطات العربية والتركية والفارسية من أسواق الشرق الأوسط، وانتهى الكثير منها في المكتبات «الشرقية» الكبرى في ليدن بهولندا وأكسفورد وباريس. كانت الكتب التاريخية والجغرافية تحظى بشعبية كبيرة والتي برع الكتاب المسلمون في تأليفها، لذا حظيت بأولوية، وكذلك كانت هناك الدراسات الاستقصائية للفقه الإسلامي والتاريخ، والترجمات العربية للنصوص اليونانية القديمة مرغوبة أيضاً. وتم «إرسال أنطوان غالاند، الدبلوماسي الفرنسي، إلى اسطنبول في عام 1679 مع قائمة تسوق مكتوبة في حوالي عشرين صفحة».
وبعد أن قسّمت حركة الإصلاح المسيحية الأوروبية التجمعات الدينية إلى معسكرين معاديين، تنافس الكاثوليك والبروتستانت ليس فقط مع بعضهما بعضاً من أجل الروحية الفكرية الأوروبية؛ بل سعياً لإثبات نفسيها للعالم، بما في ذلك المسلمون، ولذا بذلوا اهتماماً مشتركاً بالفكر الإسلامي، فقد كان على المسيحيين أن يفهموه، حسب رأي الطائفتين الكبيرتين.
هذا برز في عام 1698، فقد شاهد الكاهن الإيطالي لودوفيكو ماراتشي الترجمة اللاتينية للقرآن منشورة، مع اللغة العربية الأصلية فعمل على ما وصفه «دحض الإسلام»، بترجمة ودحض كل سورة في المقابل «لكن من خلال دراسة «إيمان غريب»، قام ماراشي ومعاصروه بخدمة كبيرة»، يقول بيفيلاكوا، فلم تعد الآراء الخادعة للقرون الوسطى عن الإسلام بوصفه «محاكاة ساخرة شيطانية» ذات مصداقية.
في عام 1650، نشر مستشرق إنجليزي وعالم في الكتاب المقدس، هو إدوارد بوكوك «عينة من تاريخ العرب»، وهي «لقطة فخمة للحياة والثقافة العربية». كذلك أنتج مستشرق إنجليزي آخر هو سيمون أوكلي «غزو سوريا، بلاد فارس ومصر، من قبل المسلمين»، ونشره كتاباً في عام 1708، كاشفاً عن عناية مزدوجة فاعلة للمسلمين «أسلحتهم وتعلمهم». ونقل بوكوك العشرات من الأعمال المتاحة حديثاً باللغة العربية في «عينة»، لا تضم فقط الأعمال الدينية الإسلامية ولكن تلك الطبية والعلمية التي وضعها ابن سينا، وهو طبيب فارسي، و موسى بن ميمون (المعروف باسم ميمونديس)، الفيلسوف اليهودي. لقد «ساعد هذا الشرق الأوسط على أن يبدو أقل غرابة»، كما يكتب بيفيلاكوا.
وعبر سلسلة من الاتصالات المعرفية هذه «أدرك الأوروبيون أخيراً أنّ الثقافة الإسلامية متجذرة في القيم الغربية». وتعلم العلماء الأوروبيون من بعضهم بعضاً ما خصّ الثقافة الإسلامية، فقد استخدم جورج سيل، في ترجمته الإنجليزية الرشيقة للقرآن (التي نشرت عام 1733، وكانت شعبية حتى خمسينيات القرن العشرين)، ترجمة المستشرق الإيطالي لويس ماراتشي (1612-1700).
وكان المؤرخ والكاتب التنويري الفرنسي فولتير (1694-1778) والمؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون (1737-1794) مدينين للفكرة ذاتها، فقد «اعتمد جيبون على عمل سيل وبوكوك حول المصادر الإسلامية في تاريخ مثير مثل «انحدار وسقوط الإمبراطورية الرومانية، دون أن يقدم كل منهما حججاً جديدةً».
وبالعودة إلى المؤلف، ألكسندر بيفيلاكوا، فهو أستاذ مساعد للتاريخ، متخصص في التاريخ الثقافي والفكري المبكر لأوروبا الحديثة (1450 إلى 1800).
يتناول بحثه الفهم الغربي للتنوع البشري والتقاليد الدينية والفكرية غير الغربية. وعادة ما يقدم دورات حول تاريخ أوروبا من عصر النهضة إلى عصر التنوير، وعلى وجه الخصوص حول التحولات الثقافية والفكرية لما كان يسمى في كثير من الأحيان بالعصر العالمي الأول.
وصدر كتابه «جمهورية الحروف العربية: الإسلام والتنوير الأوروبي»، من مطبعة جامعة هارفارد الأمريكية شباط 2018، اعتماداً على أساس المصادر العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واللاتينية التي تم جمعها من سبعة بلدان للفترة من العام 2011 إلى العام 2016، وفيه إجابة عن كيف تحولت المفاهيم الأوروبية للإسلام وثقافته من منتصف القرن السابع عشر إلى منتصف القرن الثامن عشر، ولماذا.
وعموماً يظهر الكتاب أنّ الجهد الغربي لمعرفة الإسلام وتقاليده الدينية والفكرية، جاء عبر الالتزامات العلمية لمجموعة مختارة من العلماء الكاثوليك والبروتستانت، حين وضع هؤلاء المؤلفون وجهات النظر الموروثة عن الإسلام جانباً، ليقدموا فهماً جديداً عنه للغرب الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.