الملك يعزّي رئيس جمهورية نيجيريا الفيدرالية على إثر وفاة الرئيس السابق محمدو بوهاري    عجز الميزانية بلغ 24,8 مليار درهم عند متم يونيو الماضي    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تصدر خرائط تنبؤ تحدد بدقة المناطق الحساسة والمعرضة لخطر اندلاع الحرائق الغابوية    بونو وحكيمي يزينان التشكيل المثالي لكأس العالم للأندية    زيدان: اللجنة الوطنية للاستثمار صادقت على 237 مشروعا استثماريا بقيمة 369 مليار درهم    ارتفاع نسبة نجاح نزلاء السجون في البكالوريا لسنة 2025    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    حادثة سير خطيرة تتسبب في انقسام سيارة إلى نصفين بين مغوغة والعوامة    شفشاون تُخصص مواقف سيارات مجانية لمحاربة فوضى "الجيلي الأصفر"    الدولي المغربي الشاب ياسين خليفي ينضم إلى سبورتينغ شارلروا    وفاة "تيكتوكر" مغربية بعد عملية تكميم المعدة تثير الجدل حول التنمر وضغوط "السوشيال ميديا"    الحركة النسائية ترد بقوة وتتهم بنكيران بتكريس الوصاية على النساء        ألباريس يحسم "بوليميك" الجمارك مع المغرب وينتقد القراءات المغرضة    مفاوضات هدنة غزة تدخل أسبوعها الثاني دون تقدم وسط تفاؤل أميركي    دعوات لاستقصاء رأي مؤسسات دستورية في مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    غالبيتهم من الأطفال.. إسرائيل تواصل جرائم التعطيش بغزة وتزهق أرواح أزيد من 700 فلسطيني    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب إسبانيا    انتفاضة آيت بوكماز ضد الحيف الاجتماعي!    72 ساعة بين المباريات و21 يوما عطلة نهاية الموسم.. "فيفا" يصدر قرارات بشأن صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    لوكا مودريتش ينضم رسميا إلى ميلان    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    إنريكي ينفي اعتداءه على جواو بيدرو: "حاولت الفصل بين اللاعبين"        وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    الملك محمد السادس يهنئ إيمانويل ماكرون بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    الرحّالة الرقميون: جيل جديد يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بهدوء    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    فرحات مهني يكتب: الجزائر تعيش فترة من القمع تفوق ما عاشته في عهد بومدين أو الشاذلي أو بوتفليقة    "البتكوين" تتجاوز ال 120 ألف دولار    تنظيم حملة توعوية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    الرباط تحتضن "ليلة العيطة" بمشاركة حجيب والزرهوني    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    تأهيل ‬المناطق ‬المتضررة ‬من ‬زلزال ‬الحوز ‬    عزلة ‬النظام ‬الجزائري ‬تكتمل ‬و ‬الخناق ‬يشتد ‬عليه    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب        لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطفولة المغربية في صلب النموذج التنموي الجديد


«من أجل مدونة لحماية الطفولة المغربية»

بالرغم من أهمية الأطفال كفئة اجتماعية داخل كل المجتمعات باعتبارها العنصر المهم في معادلة استمرارها ونموها وتطورها، إلا أنها تبقى الفئة الأكثر هشاشة وضعفا داخلها، لذلك فإن بعض المجتمعات وخصوصا بالدول الإسكندنافية وبعض الدول الآسيوية النامية، استثمرت في الطفولة من ناحية التعليم والتكوين المهني، وعملت على حماية حقوقها وتحصين مصالحها من كل أشكال الاغتصاب المادي والمعنوي، ومن كل أنواع التضليل الإيديولوجي الذي يمكن أن تتعرض له، لأن قادة هذه المجتمعات أدركوا أن الاستثمار في الطفولة يعني إعداد جيل جديد من الموارد البشرية الماهرة وذات الكفاءة العالية والقادرة على رفع التحديات، أما المجتمعات التي أهملت طفولتها وتركتها عرضة للتفكك العائلي والإقصاء الاجتماعي وفريسة لمخالب الفقر المدقع والبؤس التعليمي، فقد حصدت في النهاية أجيالا معطوبة عالة على نفسها وعلى مجتمعاتها.
إن ما عرفه المغرب خلال الشهور الأخيرة من موجة غضب شعبي، كان مضمونها انفعال واضح للرأي العام الوطني بخصوص أحداث مؤلمة من الاختطافات والاعتداءات التي كان ضحيتها أطفالا مغاربة، وهو ما دفع بعض ممثلي الأمة إلى الانشغال بمراجعة القوانين في اتجاه تشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، يجعلنا نطرح سؤالا مباشرا، هل الاهتمام بالطفولة وبأهمية حماية مصالحها وحقوقها، وبضرورة الحد من كل أشكال الاعتداء عليها، يصح اختزاله في تشديد العقوبات على المعتدين على حقوقها؟
الأكيد أن الاعتداء الجنسي مظهر بشع يحطّم كرامة الطفل ويترك لديه أعراضا نفسية مدى الحياة، لكن الطفولة تتعرض لمظاهر أخرى من الاعتداء لا تقل بشاعة عن الاعتداء الجنسي، كاختطاف الأطفال واستعمالهم في البحث عن الكنوز، كالتعذيب الذي يتعرض له بعض الأطفال من طرف آبائهم، كحبس بعض الآباء لأبنائهم الذين يعانون من عاهات ذهنية داخل أقفاص حديدية، كتهجير الأطفال إلى الخارج ضدا على إرادتهم وفي إطار رهانات لا تراعي مصالحهم، كتشغيل الأطفال في الورشات الحرفية والبيوت ضدا على القانون الذي يجرّم تشغيلهم دون السن القانوني، كالابتزاز والاستقطاب لأجندات إجرامية الذي يتعرض له الطفل على الشبكة العنكبوتية، خصوصا أن آخر الدراسات أثبتت أن الطفل المغربي يقضي على الأقل خمس ساعات في اليوم وهو متصل بالأنترنيت، ثم كتزويج القاصرين ضدا على إرادتهم ومصالحهم.
هذه بعض مظاهر الاعتداء على الطفولة المغربية، والتي تفرض التفكير الجدي والآني في آليات قادرة على الحد منها، فالأكيد أن سنّ القوانين الجنائية مسألة أساسية في حماية المجتمع، والحد من ارتكاب الجرائم فيه، من خلال تعريف هذه الجرائم وتحديد عقوبات لها، لكن المؤكد أن العقاب ليس كافيا للحد من وقوع الجرائم، وهو ما ذهب إليه محمد بنعبد القادر وزير العدل في إحدى أجوبته بالبرلمان في معالجته لموضوع التشدد في عقاب المعتدين على حقوق الأطفال، كون حماية الطفولة لا تحتاج إلى تدخلات قيصرية في مجال تشديد العقوبات في القانون وفقط، بل تحتاج إلى مدونة شاملة تحمي الطفولة من كل أشكال الاعتداء، وتضمن حقوقها وكرامتها.
نعم إن العمل على حماية الطفولة بالمغرب يحتاج اليوم إلى سنّ مدوّنة شاملة وكاملة، تتجاوز المقاربة الجزائية إلى ما هو وقائي، يلامس كافة جوانب الحماية اللازمة لهذه الفئة من المجتمع، التي تجسد الثروة اللامادية للمغرب بعدما أثبتت القوانين الحالية قصورا سواء على مستوى حماية الأطفال من الاعتداء، أو على مستوى مخالفتهم أنفسهم للقانون.
وهذا بالضبط ما أكده محمد بنعبد القادر وزير العدل، الذي يتضح أن له رؤية شاملة وواضحة فيما يتعلق بحماية الطفولة المغربية، عندما أعلن عن شروع وزارته في إعداد مدوّنة لحماية الطفولة، وعن اختيار وزارته إعطاء انطلاقة هذا الورش مع مؤسسة مشهود لها بالخبرة في المجال، وهي المرصد الوطني لحقوق الطفل، حيث أنه وبعد اتفاق الوزارة وخبراء المرصد على أرضية أولية تأطيرية، سيوسع النقاش بخصوص الموضوع وفي إطار مقاربة تشاركية مع القطاعات الحكومية الأخرى التي تتدخل كل من مجال اختصاصها في حماية الطفولة.
وفي نفس السياق، أي في سياق إشراك جميع المتدخلين والفاعلين في مجال حماية الطفولة المغربية، لابد من التنويه إلى أن المجتمع المدني في المغرب قد طوّر خبرات كبيرة في ميدان الطفولة، وقد آن الآوان لاستثمار هذه الخبرات وتعبئة الفاعلين منه في المجال، من أجل تحقيق التكامل بينه وبين القطاعات الحكومية المعنية.
وممّا لا شك فيه أن مبادرة وزير العدل إلى إصدار مدونة شاملة لحماية الطفولة المغربية، ستندرج في صلب المساعي الرامية إلى إرساء نموذج تنموي جديد لبلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.