لم تعد فضيحة الدراجات المفرقشة مجرد قضية تقنية تتعلق بالمطابقة القانونية أو بمراقبة السلامة في الطرق، بل تحولت إلى أكبر كاشف لتصدعات التحالف الحكومي، وإلى لحظة فاصلة قد تعجل بانهيار "زواج الإكراه" الذي جمع مكوناته تحت سقف واحد لسنوات، فلم يثمر سوى تضارب المصالح وقرارات مرتجلة عمقت أزمة الثقة بين الحكومة والمجتمع. القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة بتعليق المراقبة والتلاؤم مع القانون لمدة عام واحد، دون متابعة فورية أو تدخل أمني أو إحالة على النيابة العامة، كشف بوضوح حجم الارتباك. لكنه في المقابل فتح الباب واسعاً أمام أسئلة أعمق: من يتحمل المسؤولية؟ وأين كان التدقيق قبل أن تُفرض الغرامات على المواطنين؟ والامر يتطلب فتح بحث إداري وافتحاص شامل داخل المركز الوطني للاختبار والتصديق، وهو الجهة التي تمنح المطابقة ومراقبة مدى امتثال مستوردي هذا النوع من الدراجات للضوابط القانونية. وهنا تتركز الأعين على لوبيات استيراد الدراجات الصينية، وعلى الطريقة التي حصلت بها على شهادات مطابقة رغم مخالفتها للقانون. إن القضية لم تعد مجرد ملف إداري، بل فضيحة مكتملة الأركان تطرح سؤالاً خطيراً: كيف دخلت هذه الدراجات إلى المغرب وهي تخالف القانون، ومن منحها صك الشرعية لتغزو السوق وتؤذي المواطنين؟ فتحقيق جدي وشفاف بات ضرورة قصوى، لأن الأمر يتجاوز النقاش حول الغرامات والضرائب ليصل إلى عمق منظومة الاستيراد والمراقبة والمطابقة. وتعليق القرار يعكس بوضوح الارتباك العميق داخل التحالف الحاكم، ويفضح صراع المصالح بين مكوناته أكثر مما يكشف حرصًا على مصلحة المواطن. لكن السؤال الأبرز الذي يطرحه الرأي العام اليوم هو: أين الحق؟ أين القانون؟ وأين المسؤولية السياسية عن العبث الذي طال عشرات الآلاف من المواطنين الذين أدوا الذعائر والغرامات والتزموا بالإجراءات، قبل أن يُفاجَؤوا بقرار حكومي متأخر يُلغي ما التزموا به؟