استقبلت خلال العطلة 300 مريض ومصاب في حوادث مختلفة بشكل يومي طلبا للعلاج يعتبر قسم المستعجلات ومركز الرضوض التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بمدينة الدارالبيضاء من المصالح الصحية الحيوية التي تعرف إقبالا كبيرا على مرافقها طيلة السنة طلبا للعلاج، سواء تعلّق الأمر بحالات استعجالية فعلا أو حالات كان من الممكن أن تجد ضالتها في مستشفيات إقليمية وجهوية، لكن الخوف من عدم التكفل السريع والناجع يجعل أصحابها يفضلون بدورهم التوجه إلى «موريزكو» بالرغم من أن هذا الأمر يخلق صعوبات إضافية للمهنيين على مستوى الكمّ والكيف، وهو ما تؤكده الأرقام إذ أن مستعجلات ابن رشد تقدم حوالي 120 ألف استشارة استعجالية في السنة بمعدل حالة واحدة كل أربع دقائق، تكون من بينها حوالي 7 آلاف حالة تتميز بالخطورة يتم التكفل بها في مصلحة الإنعاش أي ما يمثل 20 مريضا في اليوم، فضلا عن القيام بأكثر من 3 آلاف تدخل جراحي استعجالي وهو ما يعادل أكثر من 10 حالات في اليوم. وإذا كان هذا هو الوضع في قسم المستعجلات طيلة أيام السنة، فإن بعض الفترات تكون استثنائية كما هو الحال بالنسبة للفترة الصيفية التي نعيش مراحلها الأخيرة، والتي عرفت خلالها هاته المصلحة إقبالا كبيرا من طرف مرضى ومصابين في حوادث مختلفة، طلبا للتدخل الطبي والعلاج، قدّره البروفيسور محمد مهاوي رئيس القسم في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» بحوالي 300 حالة وافدة في اليوم الواحد، من بينها 20 حالة خطيرة تستدعي الإنعاش، مبرزا أن هذا الوضع فرض ضغطا كبيرا على الطاقم الطبي والتمريضي لتلبية الاحتياجات الصحية لكل مريض ومصاب. وكشف المسؤول الطبي في مستعجلات ابن رشد في تصريحه للجريدة، أن من بين الأمور التي أثارت انتباه المسؤولين والعاملين في هذا المرفق الصحي الارتفاع الواضح في معدلات حوادث السير خلال هاته الفترة، إذ كان القسم يستقبل ما بين 5 و 8 حالات خطيرة لمصابين بإصابات بليغة جراء هاته الحوادث، خاصة على مستوى الرأس والصدر والأطراف، مما كان يستدعي غالبا تدخلا جراحيا عاجلا وتنسيقا بين مختلف التخصصات الطبية. وأوضح البروفيسور مهاوي أن ارتفاع درجات الحرارة الذي عرفته بلادنا خلال فترة الصيف كان له تأثير كذلك على الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة الذي تدهورت وضعية عدد منهم، خاصة المصابين بأمراض القلب وداء السكري، مشيرا إلى أنه كان يتم استقبال ما بين 3 و 5 حالات مرضية في اليوم، مضيفا بأنه لوحظ حالات لاختناق قلبي وذبحة صدرية وارتفاع في معدلات ارتفاع السكر، إضافة إلى اضطراب توازن السوائل والأملاح عند المرضى. ولأن فترة الصيف تعرف إقبالا كبيرا على الشواطئ من أجل الاستجمام، فإن هاته العملية تشهد بكل أسف وقوع حوادث، ناجمة إما عن التهور أو عدم الانتباه وغيرهما من العوامل، حيث كشف البروفيسور مهاوي أن مستعجلات ابن رشد وبسبب حالات الغرق الموسمية، التي كان بعضها مقترنا بإصابات خطيرة على مستوى العمود الفقري العنقي نتيجة القفز في المياه السطحية أو بسبب الارتطام، فقد كانت تستقبل ما بين 2 و 3 حالات غرق أسبوعيا، إلى جانب باقي المرضى والمصابين الآخرين الذين تتعدد وتختلف نوعية احتياجاتهم الصحية، مبرزا أن هذا النوع من الحالات يستلزم تدخلا دقيقا وحذرا لتفادي المضاعفات التي قد تصل إلى حدّ الشلل الدائم. وعلاقة بالصيف والحرارة دائما وما قد يترتب عنهما من تداعيات تجعل مواطنين إضافيين غير «الاعتياديين» يطرقون بدورهم أبواب المستعجلات، أوضح رئيس قسم المستعجلات ل «الاتحاد الاشتراكي»، أنه تم خلال نفس الفترة استقبال مجموعة من حالات التسمم الناجمة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي بمعدل 2 إلى 3 حالات خطيرة أسبوعيا، مؤكدا على أن الأمر يتعلق بحالات موسمية شائعة في عدة مناطق بالمغرب، التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة والتي تتطلب بدورها تدخلا طبيا سريعا ودقيقا تفاديا لتطور الحالة نحو فشل عضوي متعدد. وإلى جانب ذلك لم تخل مستعجلات ابن رشد من مصابين بأسلحة بيضاء، إذ أكد المتحدث أن حالات الاعتداء بالسلاح الأبيض كانت تقدر بما بين 5 و 10 حالات في اليوم الواحد، مما يطرح تحديات اجتماعية وأمني وصحية في وقت واحد، مشيرا إلى أن المستعجلات تستقبل بانتظام ضحايا بجروح تستدعي عمليات عاجلة. وإضافة إلى ما سبق، فقد كان من بين مرتادي مستعجلات ابن رشد، وبشكل استثنائي، أشخاص تعرضوا لإصابات باليستية مرتبطة بمهرجانات «التبوريدة» التي تعتبر من الظواهر الموسمية التي تميز فترة الصيف، حيث تم تسجيل ثلاث حالات متفاوتة الخطورة، وهو ما يعكس حسب المسؤول ذاته، الحاجة إلى تعزيز إجراءات السلامة والوقاية خلال تنظيم مثل هاته الأنشطة التقليدية. هذه الحوادث وغيرها، هي التي وجد الطاقم الطبي والتمريضي وكل التقنيين والمساعدين والعاملين في هذا المرفق الصحي الحيوي، أنفسهم يتعاملون معها خلال فترة الصيف، مع ما يعني هذا الإقبال المكثف من ضغط على البنية التحتية والموارد البشرية، حيث أشاد البروفيسور مهاوي في هذا الإطار بما وصفه بروح التضحية والتفاني التي يتمتع بها كل أطر المصلحة والعاملين، الذين واصلوا عملهم ليل نهار للتكفل بكل الحالات التي وردت على المستعجلات. وأشار البروفيسور مهاوي إلى أنه تم اعتماد خطة عمل خاصة للتكيف مع متطلبات الفترة الصيفية، شملت تعزيز حضور الأطقم الطبية والتمريضية، وتنظيم مسارات الاستقبال والفرز بشكل أكثر دقة، إضافة إلى تفعيل بروتوكولات خاصة للتعامل مع موجات الحرارة وحالات الغرق واللسعات، مع التنسيق المتواصل مع باقي المصالح الاستشفائية لتسريع التكفل بالحالات الحرجة، مما سمح بحسب المتحدث بتقليص زمن الانتظار وضمان استمرارية الرعاية رغم حجم الضغط الكبير.