تتجه أنظار الجماهير المغربية، مساء يومه الجمعة، نحو ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، الذي سيكون مسرحا لمواجهة قوية تجمع المنتخب الوطني المغربي بنظيره المالي، برسم الجولة الثانية من منافسات المجموعة الأولى لكأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025. ويدخل أسود الأطلس هذه المواجهة بمعنويات مرتفعة، بعد الفوز الثمين على جزر القمر في المباراة الافتتاحية. وهو الانتصار الذي مكن المنتخب الوطني من تصدر مجموعته برصيد ثلاث نقاط، ومنحه أفضلية نسبية قبل لقاء اليوم، حيث أن الفوز الثاني سيضمن له التأهل المبكر إلى دور ثمن النهائي، دون الدخول في حسابات الجولة الأخيرة. ورغم النتيجة الإيجابية، لم تخل المباراة الأولى من بعض المنغصات، سواء على مستوى الأداء أو الجانب البدني. فإهدار ضربة جزاء في الدقائق الأولى، وضياع عدد من الفرص السانحة للتسجيل، كشفا عن حاجة المنتخب إلى تحسين النجاعة الهجومية، وتفادي الوقوع في فخ السيطرة السلبية. غير أن رد الفعل في الشوط الثاني، الذي توج بهدفين من توقيع براهيم دياز وأيوب الكعبي، أعاد الثقة وأرضى الجماهير التي حجت بكثافة إلى المدرجات. ورغم هذه المخاوف، إلا أن مصدرا من داخل الفريق الوطني أكد لجريدة الاتحاد الاشتراكي أن الفريق الوطني احترم منطقه، لأن من نقط قوته نهاية الجولة الأولى وبداية الثانية، وفيها سجل أكبر نسبة من الأهداف، وبالتالي فإنه دبر مواجهة جزر القمر بالطريقة التي اعتاد عليها، حيث يتعامل مع المباريات وفق المعطيات والمنظور الذي رسمه الطاقم التقني. وسيدخل الفريق الوطني مواجهة مالية من دون عميده غانم سايس، الذي اضطر إلى مغادرة مباراة جزر القمر مبكرا، متأثرا بإصابة ستفرض عليه الخضوع لبروتوكول علاجي بأمل تجهيزه لمباراة زامبيا، والتي ستكون مشاركته من اختصاص الطاقم التقني وحده. ومن المنتظر أن يظهر أحسن لاعب إفريقي لهذه السنة، أشرف حكيمي، في بعض دقائق هذه المباراة، بعد تعافيه من إصابة تعرض لها رفقة فريقه باريس سان جيرمان ضد بايرن ميونيخ الألماني في شهر نونبر الماضي. ويعي الناخب الوطني وليد الركراكي جيدا هذه الوضعية، خاصة وأن مباراته أمام مالي تتطلب أعلى درجات التركيز والانضباط التكتيكي، حيث أكد أن مباريات كأس إفريقيا لا تحسم بالأسماء، بل بالجاهزية الذهنية والبدنية، مشددا على أن مواجهة مالي ستكون مختلفة تماما من حيث الندية والقوة البدنية. وأوضح الناخب الوطني، في تصريحاته عقب اللقاء الأول، أن المنتخب مطالب برفع نسق اللعب، وتحسين الربط بين خطوط الوسط والهجوم، مع التركيز على استغلال أنصاف الفرص، خاصة في الدقائق الأولى، لتفادي تعقيد المباراة. كما أشار إلى أن التسجيل المبكر يبقى مفتاحا أساسيا لتفكيك أي تكتل دفاعي محتمل من جانب المنتخب المالي. وفي الجهة المقابلة، يدخل منتخب مالي اللقاء تحت ضغط النتائج، بعد تعادل مخيب أمام منتخب زامبيا في الجولة الأولى، حين فرط في تقدمه خلال الدقائق الأخيرة من المباراة. ويدرك نسور مالي أن أي تعثر جديد قد يضعف حظوظهم في التأهل، ما سيدفعهم إلى خوض اللقاء بحذر كبير، مع اعتماد أسلوب متوازن يجمع بين التنظيم الدفاعي والانطلاقات السريعة في الهجوم. ويراهن المنتخب المالي على خبرة مدربه البلجيكي توم سينتفيت، الذي سبق له أن تغلب على المنتخب الوطني رفقة منتخب غامبيا، وعلى لاعبين ينشطون في أبرز الدوريات الأوروبية، من أجل مجاراة المنتخب المغربي، متصدر التصنيف الإفريقي وأحد أبرز المرشحين للتتويج باللقب القاري. وعلى مستوى التاريخ، تظهر المواجهات السابقة أفضلية واضحة للمنتخب المغربي، سواء في المباريات الرسمية أو الودية، إذ حقق أسود الأطلس انتصارات بارزة، أبرزها نصف نهائي كأس أمم إفريقيا 2004 بتونس، إضافة إلى تفوقه في مواجهات حاسمة ضمن تصفيات كأس العالم 2018، ما يعكس الفارق في الخبرة والتجربة خلال المواعيد الكبرى. غير أن هذه المعطيات، رغم أهميتها، لا تقلل من صعوبة المباراة، لأن منافسات كأس إفريقيا كثيرا ما تفاجئ المتابعين بنتائج غير متوقعة، وتحسمها تفاصيل صغيرة.