المحكمة الدستورية تسقط عشرات المواد من مشروع قانون المسطرة المدنية    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    غرق طفل في حوض مائي نواحي إقليم الحسيمة    في رسالة وجهها إلى الوزير الأول ونشرت بوسائل الإعلام الفرنسية .. إيمانويل ماكرون يدعو الحكومة إلى مزيد من الحزم مع الجزائر    وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة        عمر هلال يبرز بتركمنستان دور المبادرة الملكية الأطلسية في تنمية دول الساحل    تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    عاصفة رعدية مفاجئة تضرب منطقة "أسَاكَن" بإقليم الحسيمة وتساقط كثيف لحبات البَرَد    تعيين 24 مسؤولا جديدا في مناصب المسؤولية بالأمن الوطني    أشرف حكيمي ضمن قائمة المرشحين للكرة الذهبية 2025    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 عاما لا يزال خارج السيطرة رغم تباطؤ انتشاره    البنية التحتية للرباط تتعزز بمرآب تحت أرضي جديد    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    الوداد الرياضي يحدد تاريخ عقد جمعه العام العادي    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته            منخرطو الوداد يرفضون الاتهامات ويجددون مطلبهم بعقد الجمع العام    ما يناهز 40 ألف نسمة من سكان تافيلالت غاضبون..    رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    في ‬دلالات ‬المضمون : ‬ توطيد ‬المسار ‬الديمقراطي ‬و ‬تطوير ‬الممارسة ‬السياسية ‬لتعزيز ‬الثقة ‬في ‬المؤسسات    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    كيوسك الخميس | المغرب الأول مغاربيا والثالث إفريقيا في الالتزام بأهداف المناخ    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    تتويجا ‬لمسار ‬ناضج ‬وجاد ‬من ‬الجهود ‬الدبلوماسية : ‬    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    منشق شمالي يدخل كوريا عبر الحدود البحرية    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    وقف حرب الإبادة على غزة والمسؤولية الوطنية    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    دعم السينما يركز على 4 مهرجانات    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق التعمير تجتر مجموعة من الاعطاب بإقليم الصويرة

اتخذت الدولة في مجال التعمير، الذي يعد ترجمة مجالية وجغرافية للتخطيط الاجتماعي والتنموي، مجموعة من التدابير على عدة مستويات لأجل ضمان تنمية مجالية متوازنة وعادلة تتوفر على شروط الاستدامة . فعلى المستوى القانوني نذكر إصدار قانون التعمير لسنة 1952 ، قانون التهيئة والتعمير لسنة 1992، على المستوى المؤسساتي تم إحداث المعهد الوطني للتهيئة وإعداد التراب سنة 1981 ثم إنشاء الوكالات الحضرية بناء على ظهير 10 شتنبر 1993 ، أما على المستوى التقني فقد تم إصدار مجموعة من الوثائق الموجهة للتهيئة الحضرية كالمخططات التوجيهية (المديرية) للتهيئة الحضرية، تصاميم التهيئة، والمخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية الساحلية ...وبالرغم من أهمية هذه الوثائق التي تعتبر تعبيرا وترجمة لجميع المخططات التنموية ومجموعة من الأفكار والتوجهات تعيد صياغة الواقع بناء على التوجهات السياسية للجماعات، مازالت مجموعة من الجماعات القروية على وجه الخصوص تفتقر إليها، الشيء الذي يفتح الباب أمام حالة من التوسع العشوائي المطبوع بالتشتت ، والبناء بدون أي احترام لمواصفات الصحة والسلامة ، مما يطرح على الجماعات القروية فيما بعد إكراهات عديدة تتجلى في ضرورة الاستجابة للمتطلبات الأساسية للساكنة على مستوى المرافق والخدمات ، في ظل نمو عمراني فوضوي ومبعثر غير خاضع لأي رؤية متكاملة لتهيئة المجال. كما يصطدم تفعيل وثائق التعمير بالمجالين الحضري والقروي بمجموعة من العراقيل ، مما يفتح الباب أمام نمو عمراني غير منسجم ، لا يستند إلى رؤية واضحة ومتكاملة لتنمية المجال وفق تصور اقتصادي ، اجتماعي وبيئي منسجم يراهن على الاستدامة، كما أن عدم احترام وثائق التعمير والدوس على تصاميم التهيئة بالأقدام من طرف مجموعة من المنعشين العقاريين بتواطؤ مع بعض المجالس المنتخبة حول مجموعة من المدن والأحياء الجديدة بالمغرب إلى أرياف بفعل افتقار مجموعة من المشاريع السكنية إلى ابسط المواصفات والاحتياجات الحيوية للمدينة كالواد الحار والمستشفيات والفضاءات الخضراء والمؤسسات التعليمية، بل وحتى المراكز الأمنية. وهذه الحالة الأخيرة بقدر ما تدخل في خانة خرق القوانين والقفز على مقتضيات قوانين التعمير، فإنها تمثل واجهة سلبية تعكس حالة التوحش والتجبر التي وصل إليها بعض المنعشين العقاريين بالمغرب بتواطؤ مع بعض المجالس المنتخبة، بل وحتى السلطات المحلية ، بشكل يقصي كل بعد اجتماعي أو تنموي. والحالات لا تعوز في هذا الباب، إذ يكفي الرجوع إلى التقارير المنجزة من طرف المفتشية العامة للإدارة الترابية في إطار مهامها التفتيشية لمصالح التعمير بمجموعة من الجماعات الحضرية والقروية بالمغرب، لنكتشف كيف تحكمت القرابة في منح رخص السكن والتقسيم لتجزئات سكنية غير مطابقة للمعايير، وكيف دخلت تعديلات على المشاريع الأصلية للتجزئات لتتحول الفضاءات الخضراء، وأراضي المدارس والمستشفيات والممرات إلى عمارات، وكيف تتقلص مساحات المستشفيات ومراكز الأمن والمقاطعات إلى اقل من الثلث. فالحديث عن البناءات العشوائية يسوقنا حتما إلى التمييز بين نوعين، العشوائي غير المرخص المحسوم فيه بقوة القانون، والبناء المرخص الذي تحول بفعل خرق القوانين والتحايل عليها إلى سكن أشبه بالعشوائي منه إلى النظامي.
وإجمالا مازالت مسألة وثائق التعمير تجتر مجموعة من الاعطاب على مستوى التخطيط والتنفيذ ، حيث تبقى اكبر إعاقاتها اعتبارها وثيقة صراع أكثر من كونها وثيقة توجيه، وذلك بسبب تعدد المتدخلين، زيادة على انعدام الإمكانيات المالية لدى الجماعات لإنجاز التخطيطات، عدم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المجالس المنتخبة عند إعداد وثائق التعمير مع العلم أنها موجهة أساسا إلى الجماعة، المضاربة العقارية؛ طول مسطرة إعداد دراسات وثائق التعمير وتعدد تدخل الجهات؛ ارتباط جميع الوثائق ببعضها البعض؛ وتطلب دراسات وثائق التعمير عدة دراسات قطاعية واستمارات قطاعية تهم المصالح الخارجية، الشيء الذي يثقل مسطرة الإعداد... كل هذه العوائق مجتمعة تحتم تبني مقاربة تشاركية عند إعداد مختلف وثائق التعمير؛ منح الجماعات المحلية السلطة التقريرية، جعل مدة صلاحية الوثيقة متفاوتة بحسب طبيعة كل جماعة على حدة، وفقا لخصوصياتها واحتياجاتها، مع اعتماد لامركزية إعداد وثائق التعمير الحضري .
وقد وضعت الوكالة الحضرية لإقليم الصويرة ، في تقريرها المقدم لمجلسها الإداري الأخير ، يدها على مكامن الاختلالات البنيوية العميقة التي مازال يجترها قطاع التعمير بإقليم الصويرة المكون من 57 جماعة والممتد على مساحة 6335 كلم مربع ، في ظل الزخم الكبير الذي عرفه قطاع البناء والتعمير من خلال مجموعة من المشاريع السكنية الكبرى، والتي أفرزت حراكا اقتصاديا مهما، حمل في طياته بالضرورة رياح انتهاكات متوالية لقوانين التعمير، وفتح شهية المقاولين وأصحاب العقارات ، على حد سواء، على إنشاءات وإحداثات وإصلاحات خارج المساطر والقوانين . لعل أبرز مكامن الخلل بالمدار الحضري لمدينة الصويرة التي مازالت بمنأى عن ظاهرة الأحياء والتجمعات السكانية العشوائية ، هو الإضافات غير القانونية التي يلجأ إليها المقاولون وأصحاب العقارات بدون الرجوع إلى المصالح المختصة وفي تجاوز تام للمساطر القانونية المعمول بها في هذا الصدد، وفي مقابل هذه الحالات ، نجد وضعية المناطق المحسوبة ظلما وعدوانا على المدار الحضري ، والتي تفتقر إلى الواد الحار والمستشفيات وفضاءات الأطفال والشباب والصيدليات والعيادات الطبية ، فهذه مناطق تدخل إداريا في نطاق تراب الجماعة الحضرية لمدينة الصويرة، غير أنها غير مشمولة بتصميم التهيئة، وبالتالي فسكانها محرومون من التصديق على التصاميم ، وبالتالي ممنوعون من البناء ، ورغم محاولات العديد منهم سلوك المساطر القانونية، لم يحصلوا في آخر المطاف إلا على الوعود والتسويفات وتبادل كرة المسؤولية بين المجلس البلدي والوكالة الحضرية. وبالتالي يتبين التناقض الواضح بين مقتضيات التقسيم الترابي من جهة، وتصميم تهيئة مدينة الصويرة من جهة أخرى . هذه الوضعية الملتبسة، لا تخدم بأي حال من الأحول مصالح ساكنة هذه المناطق المضطرين إلى تشييد منازل جديدة بفعل التكاثر الديموغرافي، الشيء الذي سيدفعهم إلى خيارين أحلاهما مر، الأول يتوجه ضد القانون من خلال بناء منازل عشوائية بدون تراخيص، والثاني وهو الكارثي ، الانتقال إلى العيش بمدينة الصويرة وهجرة مراكزهم السكنية.
في المقابل يسجل افتقار الجماعات القروية لإقليم الصويرة إلى وثائق التعمير، مما يشكل عائقا كبيرا أمام أي تنمية مجالية منسجمة ومتوازنة ومستدامة . مما جعل الوكالة الحضرية بالصويرة تضع على رأس اولوليات مخططها الاستراتيجي 2009-2012 تغطية مجموعة من الجماعات القروية بوثائق التعمير وشمولها بالصور الجوية. فوثائق التعمير المنظمة للمجال بالعالم القروي خاضعة لتشريعات ترجع إلى منتصف القرن الماضي خاصة منها الظهير الشريف 1.60.063 الصادر في 30 ذي الحجة 1379 (25 يونيو 1960) المتعلق بتنمية التجمعات العمرانية القروية، كما تذهب مجموعة من الاقتراحات إلى ضرورة سن مقتضيات قانونية تمكن من إعداد تصاميم خاصة بالتكتلات العمرانية على مستوى الدواوير لتوجيه عمليات البناء حتى تحترم شروط الصحة والسلامة خاصة في ما يتعلق بالطرقات والمرافق الشيء الذي سيساهم في ضبط حركة البناء ويحافظ على المناطق الفلاحية التي تتطلب تجميع السكن القروي ومحاربة عمليات البناء المتفرقة التي يتطلب تجهيزها توفير اعتمادات باهظة تفوق الإمكانيات المحدودة للجماعات القروية أو الساكنة المعنية، مع إدراج التصاميم الجماعية ضمن الوثائق المنظمة للمجال بالوسط القروي عوض الاقتصار على مخططات التنمية وذلك لتمكين الإدارة المحلية من وثيقة شاملة تمكنها من تدبير ملفات الاستثمار الكبرى والتحكم في كافة المجال الترابي بالجماعة وتحقيق شروط التنمية المستديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.