أدلى نبيل.ض، السائق السابق للمعتقل المالي أحمد بن إبراهيم الملقب ب "إسكوبار الصحراء"، بشهادة مثيرة أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في إطار ملف الاتجار الدولي بالمخدرات، الذي يتابع فيه عدد من المتهمين البارزين، بينهم القياديان السابقان بحزب الأصالة والمعاصرة سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي. وخلال الجلسة، كشف الشاهد عن تفاصيل دقيقة تتعلق بطريقة تعامل "إسكوبار الصحراء" مع الأموال الضخمة التي كان يجنيها من أنشطته المشبوهة، مشيرا إلى أن هذه المبالغ كانت تخزن في الصندوق الخلفي لسياراته، أو تنقل داخل أكياس بلاستيكية وحقائب أو حتى علب كرتونية، قبل أن يطلب منه تسليمها لأشخاص محددين. وأوضح أن من بين هؤلاء الأشخاص خادمة كانت تعمل في منزل المالي أحمد بن إبراهيم حين كان متزوجا بالفنانة لطيفة رأفت، أو أحيانا عبد النبي بعيوي وسعيد الناصري اللذان كانا، حسب قوله، يتسلمان تلك الأموال مباشرة. وفي سياق شهادته، أشار نبيل.ض إلى أنه تعرف على خمس شاحنات تخص "إسكوبار الصحراء"، تم ضبط بعضها وعلى متنها جزء من شحنة مخدرات قدرت ب40 طنا، مضيفا أنه شارك شخصيا في نقل تلك الشاحنات إلى عبد النبي بعيوي، من دون أن يكون متأكدا مما إذا كانت تحمل مواد محظورة. كما أضاف أن مشغله كان سخيا مع بعض الشخصيات، حيث منح كلا من الناصري وبعيوي سيارتين فارهتين، قبل أن يتم لاحقا تزويدهما بشارة البرلمان. وذكر أيضا أن "إسكوبار" أخبره بشراء شقة من الناصري في حي الفتح بالرباط مقابل 152 مليون سنتيم نقدا، إضافة إلى 650 مليون سنتيم دفعها لعبد النبي بعيوي مقابل شقة بمنطقة المعاريف بالدار البيضاء، مشيرا إلى أن كل المبالغ كانت تسلم يدا بيد داخل أكياس بلاستيكية. لكن حين تمت مواجهته بأسئلة دقيقة من طرف دفاع المتهمين، أكد الشاهد أنه لم ير عملية تسليم الأموال بنفسه، بل نقل فقط ما أخبره به مشغله المالي، وهو ما أثار موجة من الجدل داخل القاعة. وقد طرحت تساؤلات حول مصداقية الشاهد بعد أن أقر بنفسه أنه قضى ستة أشهر حبسا في موريتانيا بتهم تتعلق بالمخدرات والرشوة. وعلى إثر ذلك، التمس المحامي أشرف جدوي، عضو دفاع سعيد الناصري، من المحكمة الاستماع إليه على سبيل "الاستئناس فقط ودون أداء اليمين"، مبررا أن "شهادته محل شك ولا يمكن الوثوق بها"، غير أن النيابة العامة رفضت الطلب، مؤكدة أن القانون لا يمنع شهادته ما لم يكن قد صدر ضده حكم نهائي يمس الذمة والشرف. وفي معرض رده على تلك الاتهامات، نفى سعيد الناصري جميع ما ورد في أقوال الشاهد، واصفا إياه بأنه "غير متوازن" وأن "تصريحاته أمليت عليه"، مؤكدا أنه لم يبع أي شقة في حي الفتح ولم يتسلم أي أموال نقدية من أحمد بن إبراهيم. أما عبد النبي بعيوي، الذي حضر الجلسة مستعينا بعكاز، فقد وصف شهادة السائق بأنها "متناقضة وغير منطقية"، مشيرا إلى أن الشاهد ذكر أنه تعرف على مشغله سنة 2013 في المحمدية، بينما تؤكد تصريحات "إسكوبار الصحراء" الرسمية أنه دخل المغرب أول مرة إلى مدينة وجدة في صيف العام نفسه. كما تساءل بعيوي بسخرية عن إمكانية حمل مبلغ يفوق مليار سنتيم داخل حقيبة عادية، قائلا إن هذا المبلغ يعادل أكثر من 100 كيلوغرام من الأوراق النقدية، متسائلا "عن حجم الحقيبة التي يمكنها استيعاب ذلك". وفي ختام الجلسة، طالب بعيوي المحكمة بتحديد تاريخ دقيق لاعتقال "إسكوبار الصحراء" في موريتانيا، مشككا في أقوال الشاهد بشأن محاولته دخول الفيلا موضوع النزاع سنة 2016، مشيرا إلى أن المالي كان في تلك الفترة لا يزال بالمغرب، متسائلا: "كيف يعقل أن يمنعه من دخول فيلا لم يكن قد غادر البلاد حينها؟". الجلسة انتهت وسط توتر واضح ومناقشات حادة بين الدفاع والنيابة العامة، في انتظار ما ستكشفه الجلسات المقبلة من تفاصيل جديدة في واحدة من أكثر القضايا تعقيدا وإثارة في تاريخ ملفات الاتجار الدولي بالمخدرات بالمغرب.