"ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    اعتقال مروج مخدرات خطير بمراكش وبحوزته آلاف الأقراص المهلوسة    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية بجهة الداخلة    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    مواطنون إسبان يشيدون بالمساعدة المقدمة من المغرب إثر انقطاع الكهرباء    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الثالث للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الجيل الجديد من البرلمانيين الشباب مطالب بحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن في عالم مضطرب    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    بعد 25 سنة.. شركة "FRS" تُعلن رسمياً توقف نشاطها البحري بين طنجة وطريفة    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع خنيفرة لفك العزلة وإعطاء قيمة مضافة لجهود المرأة
نساء من الأطلس المتوسط يحققن كرامتهن بالعمل

على بعد 16 كلم شرق مدينة خنيفرة، عاصمة الأطلس المتوسط، وعبر مسالك جبلية وعرة، وإن كانت معبدة، توجد قرية لقباب، التي احتضنت نموذجا للتعاون الأوروبي مع المغربفي إطار ما أصبح يعرف ب"مشروع خنيفرة"، لدعم سكان المنطقة، وفك العزلة عن أهلها، وتمكين نسائها من اجتياز مشاكل معنوية ومادية، بتعاون مع جمعيات محلية.
تنحصر مشاكل سكان المنطقة، حسب حميد ستيتو، المسؤول عن وحدة تسيير المشروع، في عدم قدرة السكان على تحقيق موارد قارة للعيش، فلا غنى عما تنسجه أنامل النساء، من جلاليب، وزرابي، وأغطية، رغم هزالة المدخول. ولا غنى، أيضا، عن الغابة التي تحيط بهم، وهي الثروة الوحيدة، التي توجد أمامهم، والتي تعاملوا معها طوال عقود بمنطق الرعي والحطب، غير أن هذه الثروة باتت مهددة، والعلاقة بين السكان وحراس الغابة يشوبها الكثير من الريبة والحذر، فالسكان ينظرون إليهم على أنهم جاؤوا لمنعهم من ثروة خلقوا بجانبها، ولا يعتبرونهم جاؤوا لحمايتها.
انطلق مشروع خنيفرة من هذه المشاكل، محاولا رسم خارطة طريق لإيجاد حلول وأجوبة، دون أن يغفل حق المساواة بين الرجل والمرأة، خاصة أن النساء في منطقة الأطلس المتوسط يتميزن بعدد من الخاصيات، جعلتهن، على مر العقود، مصدر القرار، وصاحبات كلمة الفصل في قضايا عديدة، خلافا للنساء الأمازيغيات في جبال الريف، أو في منطقتي الأطلسين الكبير والصغير، اللائي يعانين استبداد السلطة الذكورية، ويخضعن لعادات وطقوس تحد من دورهن في المجتمع.
تقول مليكة، وهي شابة حاصلة على شهادة الإجازة، تعمل ضمن فريق مشروع خنيفرة، وعضوة في "جمعية الأنوار للتنمية والتضامن"، تتحدر من منطقة لقباب، إن "هناك مشاكل تواجهها الفتاة الأطلسية، تتمثل في مسلسل الاستغلال الجنسي، الذي تتعرض له طوال عقود"، مضيفة أن "مهمتنا، في إطار هذا المشروع، هي تمكين المرأة الأطلسية من الشعور بكرامتها، وبما يميزها من شموخ، وجئنا بمساعدة لهؤلاء الناس (تقصد الدعم الأوروبي)، لنؤكد للفتاة الأطلسية أنها قادرة على كسب مصدر رزقها بطرق منتجة، تحفظ لها كرامتها، وتجعلها تفتخر بجذورها الأطلسية".
في نقاش ساخن، تدخل عثمان، وهو شاب حاصل على الإجازة في علم الاجتماع، يتحدر من المنطقة، انضم إلى فريق المشروع متدربا لتعميق بحثه، بعدما أنجز رسالة بحثه حول الدعارة والتنمية في منطقة تغسالين، وهي قرية في ضواحي خنيفرة، عانت كثيرا تجارة الرقيق الأبيض، ليؤكد أن "لجوء الفتاة إلى الدعارة في المنطقة رهين بظروف اقتصادية، ولا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا إذا تحقق البديل".
تحقيق الذات وإثبات الوجود، بالنسبة للمرأة كما بالنسبة للرجل، في منطقة الأطلس المتوسط، هو رهان المجتمع الجبلي بأكمله، الذي تحاصره مشاكل لا تقل حجما عن سلسلة الجبال التي تطوقه جغرافيا، فالبطالة مستشرية في صفوف الشباب، وموارد الرزق ضئيلة، والآفاق يحجبها شموخ القمم الصامتة، منذ أن كانت تلك التضاريس، قبل ملايين السنين، ومنذ كان أسلاف هؤلاء الناس فوقها، إلى اليوم.
تعتقد حنان (21 سنة) من قرية لقباب، وهي إحدى المستفيدات من دعم "جمعية الأنوار للتنمية والتضامن"، وتعمل ضمن فريق "النسيج"، أن ملامح التغيير بدأت تطرأ على حياتها، وإن كان خط الوصول مازال بعيدا. تقول حنان "أكسب الآن بعض المال بفضل ما أنسجه، والجمعية تدفع لي ثمن كل من أنتجه".
علاقة حنان بالجمعية مثمرة، على غرار باقي المستفيدات الأخريات، اللواتي ينتجن من دون أن يتساءلن أين سيبعن منتوجاتهن، فالجمعية أخذت على عاتقها شراء كل ما يستطعن إنتاجه، وهي التي تتكفل ببيعه في ما بعد.
مشكلة التسويق ظلت دوما مثل سكين حاد يقطع كل مرة أنامل النساء اللائي يشتغلن في نسج الزرابي والأفرشة والأغطية، وسوق خنيفرة المحلي تسيطر عليه لوبيات قادمة من مراكش وفاس، تستغل فقر النساء، وتدفعهن إلى بيع ما ينتجن بأقل من تكلفة الإنتاج.
وتحكي فتاة انضمت إلى الجمعية، أن والدتها ظلت تحمل زربية مسافة 25 كلم إلى سوق الزرابي في خنيفرة، لمدة خمسة أشهر، وفي الأخير اضطرت، بسبب مرض زوجها، لبيعها بنصف تلكفة إنتاجها، (ما جابت ليها حتى ثمن الصوف).
مشكلة التسويق خضعت لتشخيص استثنائي، بفضل دخول الدعم الأوروبي على الخط، إذ استقدمت وحدة تسيير مشروع خنيفرة خبيرة فرنسية تنشط في مجال تكوين وإنتاج وتسويق النسيج التقليدي، اقترحت على الجمعية توجيه النساء في منطقة لقباب إلى إنتاج قطع قابلة للتسويق بمنظور أوروبي، باعتبار السياح زبناء أساسيين، ما دفع النساء والفتيات إلى نسج حقائب، ووسادات، وأفرشة من جحم صغير، تصلح للديكور، ووضعن لكل منتوج اسما وعلامة، انطلاقا مما يميز القبيلة، التي صنع المنتوج على أيدي بناتها، وأدخلت عليه إكسسوارات عصرية. كما اشترطت الخبيرة وضع أثمنة لكل منتوج، وإن كانت مرتفعة بالنسبة للسوق المحلي، إلا أنها موجهة إلى السوق الخارجي.
بهذه الطريقة، تخلصت نساء لقباب من مشكل التسويق، بعد أن أخذته الجمعية على عاتقها. يقول رئيس الجمعية سعيد (شاب مجاز، ينتمي إلى المنطقة)، عن هذه التجربة "فعلا، نتحمل مسؤولية تسويق ما تنتجه النساء المنضويات في جمعيتنا، ولا نخفي صعوبة اختراق الأسواق داخليا أو خارجيا"، وأضاف أن ما تحتاجه الجمعية هو كسر الطوق المحيط بها، في إشارة إلى "تجاهل جهات مسؤولة بإمكانها أن تدعم هذه التجربة، لكنها لا تنتبه إلينا"، وأضاف "ربما جبال الأطلس تحجبنا عن الرؤية".
ويضيف سعيد أن تغيير واقع حال هؤلاء النساء لا ينفصل عن برنامج لتغيير شامل لأوضاع سكان المنطقة، كاشفا أن الجمعية تشتغل على قطاعات تربية النحل والأرانب. وفي هذا السياق، تسهر الجمعية على إيصال الدعم الأوروبي لعدد من العائلات، في شخص ربات البيوت، والأشخاص المعوزين، لتمكينهم من الحصول على دخل قار، كما تدخلت الجمعية لحل مشكل الرعي، الذي يعتبر سببا دائما في توتر علاقة السكان بإدارة المياه والغابات، ما جعل الجمعية تقيم مستودعا للأعلاف، يمكن مربيي الماشية من الحصول على ما يحتاجونه بأسعار معقولة، كما تروم الجمعية إنشاء وحدة جديدة، تضم نساء، لإنتاج الكسكس المحلي. والمسيرة مستمرة، كما يقول رئيس الجمعية، لتشغيل كل نساء المنطقة في ما يجدن فعله وإنتاجه، لكنه يعبر، بحسرة، عن خشيته من أن "تتوقف هذه التجربة، التي نريد أن تكون نموذجا يعمم على باقي مناطق المغرب، الغارقة في محيط التهميش".
مشروع للمرأة والرجل والمستقبل
يدخل مشروع التنمية القروية التشاركي بالمنطقة الوسطى للأطلس المتوسط بإقليم خنيفرة، في إطار إنجاز البرنامج الغابوي الوطني، وبرنامج ميدا للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، ممثلا، على الصعيد الوطني، بالمندوبية السامية للمياه والغابات، وعلى الصعيد الإقليمي بالمصلحة الإقليمية للمياه والغابات بخنيفرة.
انطلق المشروع، رسميا، في نونبر 2001، ويهدف، أساسا، إلى الرفع من مستوى عيش السكان القرويين، عبر المحافظة والتنمية المستدامة والتشاركية للموارد الطبيعية.
وتساعد الأهداف العامة للمشروع على ما يلي:
- التدبير والتسيير المتستديم للموارد البشرية، ومحاربة انجراف التربة، والحد من الآثار السلبية للجفاف.
- تقليص الفوارق الجهوية، التي يعرفها المغرب في مجال التنمية السوسيو – اقتصادية.
تمتد منطقة المشروع على الجهة اليسرى للحوض العلوي لواد أم الربيع، التي يحدها شمالا حدود إقليم إفران، وجنوبا إقليم بني ملال، وتحد غربا بنهر أم الربيع، وشرقا، بحدود الحوض المائي لنهر ملوية.
يغطي المشروع مساحة تقدر بحوالي 235 ألف هكتار، أي 18 في المائة من المساحة الإجمالية للإقليم، موزعة على 12جماعة قروية، هي القباب، وكروشن، وأيت سعدلي، وتيغسالين، وسيدي يحيى وسعد، وأومنة، وأيت إسحاق، وأم الربيع، والحمام، ووأكلمان أزكزا، والبرج، والهري، وموحا أوحمو الزياني. ويقدر سكان المنطقة المستفيدة من المشروع بحوالي 92 ألف نسمة، موزعين على أكثر من 15 ألف أسرة.
وتعتمد منهجية عمل المشروع على تقنيات ووسائل التشخيص والبرمجة التشاركية، التي أثبتت نجاعتها في إطار تجربة مشروع واد سرو. وتهدف هذه المنهجية إلى إعداد مخططات تنمية تصاعدية، بمشاركة كل المعنيين، بمن فيهم المصالح التقنية، والسلطات المحلية، والجماعات القروية، والمنظمات غير الحكومية، والسكان القرويون، (تنمية المدارات في الأراضي الفلاحية، والتهيئة التشاركية، في الأراضي الغابوية). وتركز هذه المنهجية، أساسا، على أربعة مبادئ، هي المشاركة، واللامركزية، والإدماج، ومسؤولية السكان القرويين، خاصة في تدبير المجال القروي، ثم مبدأ التشارك بين جميع الفاعلين المحليين في مجال التنمية القروية.
وتحددت ستة مجالات لتدخل المشروع، هي:
- تقوية هياكل التسيير، وتتضمن إرفاق المشروع بوحدة للمساعدة التقنية، وتجهيزه بكافة أدوات العمل الإدارية والميدانية.
- التسيير والتدبير التشاركي للمجال الغابوي، من خلال إعداد دراسات تهيئة الغابات التابعة للمنطقة، وبرمجة العمليات الخاصة بالمحافظة على المجال الغابوي وتنميته.
- التهيئة والاستثمار الفلاحي، وتهم بالخصوص تهيئة المحيطات المسقية، والتشجير المثمر، وتهيئة الأراضي الفلاحية ومحاربة الانجراف.
- تحسين تربية المواشي، من خلال تنظيم الكسابين في تعاونيات أو جمعيات تابعة للجمعية الوطنية لمربي الماعز والغنم، وكذا تحسن النسل، وتهيئة وتجهيز الإسطبلات، وتحسين الصحة الحيوانية.
- تحسين البنيات التحتية والسوسيو اقتصادية، من خلال تهيئة الطرق القروية، ونقط الماء والآبار.
وبرمجت مجموعة من العمليات، تهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية للمرأة القروية، عبر تحسين وتنويع مواردها المالية، وجعلها مستفيدة من هذا البرنامج، على قدم المساواة مع الرجل.
حميد ستيتو
عصرنة الصناعة التقليدية
اعتبر حميد ستيتو، المسؤول عن تسيير مشروع خنيفرة، أن النهوض بأوضاع المرأة في منطقة الأطلس المتوسط يقتضي الارتكاز على المقومات التي تمتلكها النساء الأطلسيات، من مهارات في النسيج، وتربية المواشي، ومزاولة أنشطة زراعية، موضحا أن "التغلب على ظواهر سلبية، تطوق المرأة في المنطقة، يفرض تعاونا شاملا بين مختلف المصالح والمؤسسات، واعتبار مشاكل النساء جزء لا يتجزأ من مشاكل المجتمع برمته".
وأضاف أن حل مشاكل المجتمع تقتضي إيجاد حلول لمشاكل العنصر النسوي، وأوضح أن فتيات كثيرات يفخرن بجذورهن الأطلسية، ويسعين، بكل طاقاتهن، إلى تحقيق ذواتهن، عبر مهن شريفة، وأعمال يجدنها في مجال الصناعة التقليدية والفلاحة.
وعبر حميد ستيتو، الذي يعتبره أعضاء الجمعيات الناشطة في إطار مشروع خنيفرة، حلقة الوصل بينهم وبين الأوروبيين، (أو بين واقع الناس هناك وبين أملهم في النجاة)، أن بداية الطريق كانت بالإجابة عن سؤال وجيه، هو: ماذا يتعين على نساء قرى خنيفرة فعله؟ معتبرا أن "الجميع لا يريد أن تكون صورة المرأة ووضعها على الشكل الذي هما عليه الآن، فماذا علينا أن نفعل؟"
يقول ستيتو "فكرنا في الانطلاق من أبجديات الحياة لدى النساء الأطلسيات، وعلمنا أنهن يتقنن صناعة الزرابي، اعتمادا على ما ورثنه من أمهاتهن وجداتهن، لكن، بسبب جشع بعض الجهات، وضلوع لوبيات خارجية في استغلال فقر سكان الأطلس، تضطر النساء البسيطات إلى بيع ما أنتجنه خلال شهور، بأسعار لا تسد حاجيات أسرهن، ولا تغطي حتى تكلفة الإنتاج". ولهذا السبب، فكرت نساء كثيرات في ترك حرفة النسيج، لكننا هنا من أجل إعادة ثقة النساء في هذه الصناعة وفي عائداتها ومستقبلها"، يضيف المسؤول الجمعوي.
وحول هذا الموضوع، أكد ستيتو أن ثمة رحلة طويلة، بدأت بتشخيص واقع صناعة الزرابي والمشاكل التي تواجهها، انطلاقا من مواد الإنتاج، ومرورا بالمدة الزمنية التي تقضيها المرأة في النسيج، وانتهاء بالتسويق.
ولوضع استراتيجية لمستقبل هذه الصناعة، استعانت الوحدة المكلفة بتسيير مشروع خنيفرة بخبيرة فرنسية، تقيم في المغرب، في مدينة مراكش، وتسير مشروعا يقوم على عصرنة منتوجات في الصناعة التقليدية، وتقديمها بطريقة جديدة وعرضها في أسواق أوروبية.
مهمة الخبيرة الفرنسية، تجلت في اصطحاب مجموعة من النساء من منطقة القباب، وعملت على توجيههن لإنتاج قطع تتميز الواحدة عن الأخرى بعلامات فنية نابعة من تراث كل قبيلة، وتحمل اسما يتطابق مع وظيفتها، مثل حقائب "الراعي"، أو "الرضيع"، أو "حقيبة السهرة"، أو "سلة الحمام"، أو "حقيبة التجوال"، وغيرها من منتوجات أصبحت تميز المنطقة، وتدر دخلا لا بأس به على الصانعات الجديدات.
ويضيف ستيتو أن الغاية من هذا المشروع هي "تعميمه على باقي جهات المملكة بالمناطق القروية، حتى يكون بديلا لأنشطة غير مجدية، ومصدرا للعيش بكرامة، وإقبارا للبطالة والفراغ".
حنان وعائشة
حنان بغات، فتاة في الواحدة والعشرين من عمرها، مستواها الدراسي السنة الثانية من سلك الباكالوريا، شعبة الآداب، انقطعت عن الدراسة لأسباب شخصية، تقول إنها لم تر أملا في متابعة الدراسة، خاصة بعدما أصابها مرض ألزمها الفراش بضعة أسابيع، لم تتمكن معه من إتمام مسارها الدراسي.
منذ توقفها عن الدراسة، فكرت في مزاولة عمل يدر عليها دخلا يمكنها من العيش، لكن ظروفا صعبة وقاسية حالت دون ذلك. وقالت حنان إن ميلاد الجمعية، التي انضمت إليها قبل سنة، كان فرصة لاستعادة ثقتها بنفسها، وفضلت الانخراط في خلية النسيج، وهي تزاول الآن عملا، تعتبره مشرفا إلى حد ما، يكفيها للمساهمة في إعالة أسرة تتكون من 5 أفراد.
أما عائشة بهلول (26 عاما)، فهي،على خلاف حنان، لم يتجاوز مستواها التعليمي الشهادة الابتدائية، وتقول إنها انقطعت عن الدراسة بقرار طوعي، لم يتدخل في اتخاذه أي شخص، شأنها شأن بنات كثيرات انقطعن عن الدراسة، دون أن يعرفن الأسباب، فيما هي كثيرة ومعقدة ولم يتوصل المجتمع بعد إلى إيجاد حل لها.
انضمت عائشة إلى الجمعية منذ سنة، وتعمل الآن في خلية النسيج، وتحصل على إيراد منتظم، حسب ما تنتجه، وتساهم إلى جانب والديها، في إعالة إخوتها الأربعة الصغار. وتتطلع عائشة، بنظرة كلها أمل، إلى أن يخترق عملها أجواء أوروبا، فتقول والبسمة تعلو محياها "أود أن تتأبط فرنسية في قلب باريس حقيبة من صنع يدي".
صدى جبال الأطلس المتوسط
"تامزارت"
نحن مجموعة من الفتيات (12 شاهدة) معتزات بتراثنا الثقافي، وبفننا التقليدي، وبتاريخنا الأصيل.
نحن متحمسات ومتحفزات دا، لتكريم أمهاتنا وجداتنا، اللواتي ورثنا عنهن عملا شريفا، نقلناه إلى ما وراء حدودنا، بكل فخر واعتزاز وبطعم أمازيغي.
بصوت مرتفع نقول لآلاف الفتيات من أمثالنا، إن طريق النجاح أمامكن سيكون مفتوحا، إذا أصررتن على العمل بمثابرة واجتهاد.
إنكن ستصلن حتما إلى مبتغاكن، وستسجلن الخطوة الأولى بمساعدة ودعم متطوعين من صنف العاملين في مشروع خنيفرة، الذين اشتغلنا إلى جانبهم في أول تجربة من نوعها في بلدنا.
"إذا كان للجبال آذان، فللرجال والنساء قلوب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.