غلاء أسعار الأضاحي بالمغرب يسائل إجراءات وزارة الفلاحة ومراقبة الأسواق    موانئ شمال المغرب تدر منتجات بحرية بقيمة سوقية تزيد عن 316 مليون درهم    المغرب يعتزم تقليص الفجوة الرقمية بالقارة الإفريقيية    منظمة "المادة 19": حرية التعبير في المغرب "مُقيدة بشدة".. وترتيبه ثانيا في شمال إفريقيا    استقالة مدرب المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 سنة    توقيت صلاة عيد الأضحى بمختلف مدن المملكة    تقديم 32 مليون وجبة للحجاج في المشاعر المقدسة هذا العام    خطبتا عرفة والعيد في مكة خلت من الإشارة إلى غزة.. السديس والمعيقلي يدعوان الحجاج إلى الابتعاد عن الشعارات السياسية (فيديو)    سوق الصرف (6-12 يونيو): الدرهم يرتفع بنسبة 0.55 في المائة مقابل الأورو    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. بايرن ميونيخ يمدد عقد لاعبه بافلوفيتش حتى 2029    تراجعات طفيفة في أسعار بيع المحروقات عشية عيد الأضحى بالمغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    لتفادي النفايات والتلوث.. شركة "أرما" تبدأ حملة تحسيسية بأحياء طنجة قبل عيد الأضحى    الأردن: وفاة 14 حاجا وفقدان 17 آخرين    الحجاج يؤدون "طواف الإفاضة" في أول أيام عيد الأضحى المبارك    نقابة تتهم مديرة مستشفى بني ملال ب"حرمان" أطباء من الإجازة السنوية    ميناء الداخلة والمبادرة الأطلسية    "مكتب الكهرباء والماء" يدعو لاستعمال معقلن للمياه خلال عيد الاضحى    ميناء الحسيمة يستقبل أول باخرة في إطار عملية "مرحبا 2024"    الأردن تعلن "عموتة" أسطورة المدربين في تاريخ النشاما    عيد الأضحى بغزة .. صلوات فوق الدمار وسط غياب لأجواء الفرحة ونحر الأضاحي    "مكاتب متنقلة" لرؤساء جماعات تغضب الداخلية .. ضيعات تتحول إلى مقرات عمل    صعقة كهربائية تنهي حياة شاب بتاوريرت    زهير البهاوي يرد على تصريحات إيهاب أمير    درجات الحرارة المُرتقبة يوم عيد الأضحى بهذه المناطق من المغرب    سابقة.. الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند يترشح للانتخابات التشريعية    "فيفا" يعلن عن الموعد الرسمي لكأس العالم للأندية 2025 في نسخته الجديدة    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟        إدريس لشكر كابوس يزعج بنكيران وتابعيه في الحلم واليقظة    الوداد البيضاوي يستنكر قرار استبعاده من كأس الكونفدرالية الإفريقية    الرصاص يلعلع بالفنيدق بتوقيف شخص عرض حياة المواطنين للخطر    المغرب يغيب عن مؤتمرين لدعم أوكرانيا ضد روسيا ويواصل دبلوماسية الحياد    في عيد الأضحى.. تحضير التوابل المتنوعة تقليد عريق لدى المغاربة    في خطبة العيد.. السديس يدعو للفلسطينيين من الحرم المكي    تقرير: المغرب ليس ضمن أسوأ بلدان العمالة لكنه يشهد انتهاكات مُنتظمة للحقوق الأساسية للعمّال    عطلة عيد الأضحى تملأ مؤسسات فندقية بمراكش بنسبة 100 في المائة    الحزب المغربي الحر يندد بسياسة الحكومة ويحملها مسؤولية ترك المواطنين عرضة لعصابات السمسرة في الأضاحي    مرض "الإنهاك الرقمي" .. مشاكل صحية تستنزف الذهن والعاطفة    منظمة الصحة العالمية تشخص أعراض التسمم بالكافيين    3 أندية تتنافس للظفر بخدمات وليد شديرة    الحجاج يتوافدون على مشعر منى لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي في أول أيام عيد الأضحى    الحجاج يرمون "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج    تطبيق "واتسآب" يضيف خصائص جديدة إلى خدمة مكالمة الفيديو    لندن.. خبراء بريطانيون يشيدون بجهود المغرب لحل النزاع حول الصحراء    سعد لمجرد وحاتم عمور يثيران حماس جمهورهما ب"محبوبي"    الجيش الإسرائيلي يعلن "هدنة تكتيكية" في جنوب قطاع غزة    مَهزَلة محمد زيان.. يَستجدي التضامن من المُتمرنين والمُبتدئين    عودة فريق الدفاع الحسني الجديدي للدوري المغربي الاحترافي الأول لكرة القدم : تألق وإصرار يجسدان العزيمة والإرادة    فيدرالية اليسار تستنكر إغلاق ممرات عمومية تؤدي لشواطئ المضيق    الأكاديمي شحلان يبعث رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة .. "ما هكذا تؤكل الكتف"    أطروحة بالإنجليزية تناقش موضوع الترجمة    أزيد من مليون و833 ألف حاجا وحاجة ضيوف الرحمن هذا العام    "الجسر الثقافي بين المغرب وإيطاليا"، معرض للصور الفوتوغرافية يحتفي بالخصائص الثقافية بين البلدين    خضع لحصص كيميائية.. تفاصيل جديدة حول وضع الفنان الزعري بعد إصابته بالسرطان    حفلٌ مغربي أردني في أكاديمية المملكة يتوّج دورات تدريبية ل"دار العود"    الفنانة بطمة خالة للمرة الثالثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب بين حبين
نشر في المساء يوم 24 - 07 - 2008

القراء عادة لديهم رأيهم الخاص حول ما يقع في المغرب، ليس بالضرورة هو رأينا أو رأي من ننشر لهم. وكثير من قرائنا لديه حاسة استشعار دقيقة تلتقط بعض الإشارات غير المرئية التي تفوتنا رؤيتها نحن، في خضم هذا التيار اليومي الجارف.
أحد القراء انتبه إلى فيروس قاتل ينخر مجتمعنا من الداخل، وتنعكس أعراضه على سلوكنا وتصرفاتنا اليومية. إنه فيروس «راسي يا راسي»، الذي أصبح شعار الكثير من المغاربة. ولذلك أصبحنا متعودين على سماع حكم غريبة كتلك التي تقول «صاحبي هوا جيبي» أو «كلها يديها فراسو». وأصبحت هذه الفلسفة الاجتماعية المخفية راسخة في سلوكنا اليومي، والتي من بين نتائجها شيوع الخوف من الآخر ورفضه والبحث عن خلاص من هذا الخوف بالوقوع في أحضان الاستهلاك، أي تعويض الآخر بالتسوق واقتناء الأغراض التي غالبا ما نكون غير محتاجين إليها. وهذه الأنانية تظهر بشكل أوضح، أو أفضح، في الطريق. الجميع يريد أن يمر أولا، حتى ولو لم يكن من حقه ذلك. إن شيوع ثقافة الكلاكصون في الطريق، ليست سوى انعكاس لهذا السلوك الأناني المرضي للمغربي. فهو يعتقد أن مصالحه أهم من مصالح الآخرين ووقته الثمين ليس كوقتهم التافه، لذلك لا يليق به أن ينتظر دوره لكي يمر. والطريق في المغرب ليست سوى نموذج مصغر للمغرب ككل. وكما تسود الأنانية ضد القانون على الطريق، تسود الأنانية كذلك في الإدارات والمؤسسات والشركات، فالأكثر حظوة والأقدر على الصراخ أعلى يستطيع أن يصل إلى المراتب المتقدمة في السلم الإداري. ودائما هناك من سيغمض عينيه عندما يقترف أحد هؤلاء المحظوظين مخالفة مهنية أو اختلاسا من صندوق المال العام.
والحل بنظر القارئ العزيز لا يوجد خارج إشهار الحب على المغرب، عوض الارتماء في أحضان هؤلاء السياسيين الليبراليين الذين يريدون من المغاربة التنكر لهويتهم. ولأن صديقنا لا يقف في صف السياسيين فإنه يدعو المغاربة إلى المساهمة في بناء مغرب يصلح لأن نربي فيه أبناءنا. وكل واحد منا يستطيع أن يساهم من موقعه، بعمله وتفانيه وقيمه التي يدافع عنها. فالعمل الاجتماعي والمواطنة هما الحل الأخير بنظره لخلاصنا. يجب أن نعطي لأبنائنا فرصتهم بتربيتهم على نمط حياتي أحسن من هذا الذي نعيشه اليوم.
القارئ العزيز يدعو جميع المغاربة إلى المساهمة معه في هذا المشروع الكبير، مشروع إعلان الحب على المغرب من طرف الجميع، بغض النظر عن مراتبهم الاجتماعية ورواتبهم الشهرية ومظاهرهم الخارجية، لأن المغرب موطننا جميعا.
صديقنا لا يحب السياسة ولا الهيئات العرقية أو الدينية، يقول أنه ينتمي إلى المغرب ويريد جعله أحسن بالعمل والمواطنة والتضامن وتحمل اليأس اليومي وحذف التشاؤم من قاموسنا لكي نشتغل ونحقق التقدم.
الجميل في آراء القراء أنها لا تتشابه، وإذا كان هناك من يتحدث عن حب المغرب والقضاء على الأنانية والفردانية التي تنخره بالنصائح، فإن هناك قارئا آخر يرى أن الحل هو ضرب المغربي من أجل تقويمه في المكان الذي يؤلمه أكثر، جيبه.
عندما ننتقد الحكومة نتهم الوزراء بالتقصير ونرمي المسؤولين العموميين بالكسل ننسى أن هؤلاء المسؤولين الذين يسيرون الدولة هم في نهاية المطاف مغاربة مثلنا. ولذلك فالقارئ العزيز يعتقد أن هؤلاء الموظفين والوزراء يتحملون جانبا من المسؤولية، لكن الشعب أيضا يتحمل المسؤولية فيما يقع له. هل تتصورون أننا إذا أحضرنا حكومة النرويج أو ملكة السويد إلى المغرب سيكون هناك تغيير. لماذا نرمي القمامة في الشارع مثلا، هل هذه أيضا تحتاج إلى تحرك حكومي لتفاديها. لماذا أسهل شيء عندنا هو رشوة شرطي في أي منعطف، أليس مغربيا مثلنا. لماذا لا تشتغل مستشفياتنا بشكل جيد، أليست خاضعة لإشراف مغاربة. ثم إننا إذا تمادينا كل يوم في انتقاد الوزراء والمسؤولين وطالبنا بتغييرهم، من سنضع مكانهم، أليس وزراء مغاربة مثلهم في نهاية المطاف.
لماذا تسير الشركات العالمية في المغرب بشكل عقلاني وتتعامل إدارتها مع المستخدمين المغاربة باحترام، بينما تعتبر الشركات المغربية مستخدميها عبيدا، حتى ولو كان مديرها مليارديرا.
وحسب قارئنا العزيز فالحكمة التي تقول «ما تبدل خوك غير بما كرف منو» تجد في المغرب كل تجلياتها. فأغلب الذين ينتقدون الوضع السياسي والاقتصادي كانوا سيقومون بالشيء نفسه لو أنهم وصلوا إلى السلطة. ومثال وزراء الاتحاد الاشتراكي لازال ماثلا في الأذهان.
«الديفو فينا حنا»، هذه هي الخلاصة التي يصل إليها صديقنا القارئ. والحل بنظره هو تشديد العقوبات على المواطن. الذي يرمي ورقة في الشارع تأتيه إلى البيت غرامة قدرها مائة درهم، والذي يكسر كرسيا في ملعب أو مصباحا كهربائيا أو زجاج حافلة عمومية تأتيه غرامة قدرها ألف درهم. أما الذي تأكله يداه على الكلاكصون ويضغط عليه بدون مبرر فتأتيه غرامة قدرها مائتا درهم على كل كلاكصون حتى يصاب بالخوف حتى من وضع يده عليه. والذي يقتلع شجرة تكون عقوبته أكبر من هؤلاء جميعا.
يجب التفكير بمنطق الغرامات، لأن هذا ما يؤلم المواطن أكثر، وهذا أكثر جدوى من وضع المواطنين في السجن حيث يأكلون ويشربون وينامون. فهذا ما سيجعل المواطنين يشعرون بأنهم مسؤولون بدورهم، ومن هنا تبدأ أولى خطوات التقدم.
وبعد سنوات من وضع هذا القانون الصارم سنحصل على مواطنين مسؤولين، يمكنهم أن يختاروا من يمثلهم في البرلمان والحكومة. عوض المواطنين غير المسؤولين الذين يختارون برلمانا وحكومة غير مسؤولة، كما يحدث الآن.
وبالموازاة مع ذلك يجب تشجيع كل من يريد دفع المغرب إلى الأمام، وإذا كنا محتاجين للمهندسين مثلا، فيجب على الدولة أن تخصص منحة شهرية قدرها ثلاثة آلاف درهم لكل الطلبة المهندسين، وعندها سنرى كيف سيتسابق التلاميذ في الثانويات للحصول على معدلات تؤهلهم لولوج مدارس المهندسين.
هذا يعني التوقف عن إعطاء وعود كاذبة للطلبة المهندسين، كذلك الوعد الذي قطعته إحدى البنوك على نفسها بإعطاء منح للطلبة المتفوقين بالمعهد الوطني للهندسة بالرباط، دون أن تفي بوعدها إلى اليوم.
وحسب صديقنا القارئ فاحتجاجات المغاربة حول زيارة ملك إسبانيا لسبتة كانت مجرد نفاق مفضوح. وهو يبحث عن أحد يشرح شيئا، وهو إذا أعطت إسبانيا جنسيتها وجواز سفرها الأحمر لأي واحد من المغاربة فهل سيكون هناك من سيرفضه. حسب صديقنا فلا أحد سيرفض هذا العرض، إلا بالنسبة للحمقى. فلماذا إذا نبدي حبا زائفا ومنافقا للوطن.
أحد الرؤساء الأمريكيين السابقين قال ذات خطاب موجه للمواطنين «لا تسالوا ماذا قدمت أمريكا من أجلكم، ولكن اسألوا أنفسكم ماذا قدمتم أنتم لأمريكا».
أعتقد أنه حان الوقت لكي نتوقف عن شتم المغرب بحجة أنه «ماعطاناش»، وأن نفكر جميعا حول ماذا يمكن أن نعطيه نحن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.