يكذب كل من يعتقد أن المغرب لا يستفيد من دروس جيرانه. فالعكس هو الذي يحدث تماما، ذلك أن المغرب يقوم اليوم بثورة هادئة وعميقة ضد الفساد والمفسدين، ويخوض حربا لا هوادة فيها ضد القمع والتعذيب، والدليل على ذلك أنه قضى في بضعة أيام على الفساد، وقبل ذلك قضى على الحشيش، وسيقضى قريبا على الفقراء، عفوا، سيقضي على الفقر، وسيقضي على أشياء كثيرة في المستقبل القريب. في ما يخص الفساد، فالمغرب له طرق غريبة في محاربته، فعندما كثر الحديث عن الفساد والمفسدين، قرر المسؤولون المغاربة قطع اليد التي تشير إلى الفساد، فوجد رشيد نيني نفسه خلف القضبان، وكانت التهمة في البداية غليظة وتشبه الخيانة العظمى، وهي «تهديد سلامة الوطن والمواطنين»، قبل أن يتم تحويرها إلى تهم غامضة، لا يزال الناس حائرين في تأويل معناها. هكذا، إذن، دخل الزميل رشيد إلى السجن وأصبحت قضية الفساد منتهية. إنه الاستثناء المغربي الذي يتحدث عنه كثيرون، يعني عوض أن تحارب الفساد مباشرة، يجب أن تحارب الذين يحاربونه. وفي ما يخص الحشيش، فإن للمسؤولين المغاربة سابقة مشابهة مع شكيب الخياري، فعندما أكثر هذا الرجل من الحديث عن الحشيش، دخل السجن وانتهت الحكاية. يعني عوض محاربة حقول كتامة، فإنه يجب محاربة الذين يشيرون إلى هذه الحقول. الحكمة واضحة هنا، إقطع الأصبع الذي يشير إلى المشكلة، وستنتهي المشكلة من أساسها. المغرب يقوم أيضا بمجهودات مذهلة في محاربة الاعتقال التعسفي ومراكز التعذيب. وعندما بدأ الناس يتحدثون أكثر من اللازم عن معتقل «تمارة»، قررت الدولة أن تمارس نفس الأسلوب لتكذيب ذلك، وهو التنكيل بشباب 20 فبراير الذين قرروا تنظيم نزهة إلى المناطق المحيطة بهذا المعتقل. والحقيقة أن ذلك المعتقل لا يستحق أن يسمى كذلك، إنه يوجد في مكان كثير الاخضرار والنفس البشرية تبتهج وتتفتح بمجرد رؤيته، تماما كما تتفتح النفس في موسم الورود في «قلعة مكونة». الشباب الذين قرروا تنظيم نزهة إلى محيط معتقل تمارة لا يفهمون أنه لا يوجد مجرد دليل واحد على أن المكان معتقل سري يمارس فيه التعذيب، ولا توجد حالة تلبس واضحة فيه. وفي الإسلام، من الصعب إقامة حد الزنا على رجل وامرأة إلا في حالة التلبس، والتلبس يقتضي تمرير خيط بين رجل وامرأة أثناء الممارسة. لذلك فإن إثبات حالات التعذيب في معتقل تمارة يتطلب أيضا تمرير خيط بين المعتقلين وبين «القرْعة»، وهذه مسألة مستحيلة، لذلك فإن إثبات أن هذا المكان هو معتقل سري مسألة تحتاج إلى براهين كثيرة. صحيح أن البعض يقول إن شاحنات كبيرة مغطاة زارت المعتقل قبل أيام ونقلت منه أشياء كثيرة، لكن هذا لا يعني شيئا، فربما تكون نقلت منه فقط قنينات «مونادا» فارغة يشربها الموظفون، خصوصا وأن درجات الحرارة ارتفعت كثيرا هذه الأيام. شباب حركة 20 فبراير عليهم، إذن، ألا يشكوا في كلام الحكومة عندما تقول لهم إن ذلك المكان مجرد مقر إداري. صحيح أنه مقر معزول ومشبوه، لكنَّ هناك نوعا من الموظفين الأمنيين يحتاجون إلى العزلة والهدوء للقيام بعملهم أحسن قيام، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بخدمة الوطن والمواطنين أحسن «خْدمة». هناك مسألة أخرى، وهي أن الوزير الناصري قال إنه لا يوجد معتقل سري، وطبعا يمكن أن نشك في كلام الناصري لأنه يبدو أحيانا وكأن «مقدّما» من القرن التاسع عشر سكنه، لكننا لا يمكن أبدا أن نشك في كلام مناضل كبير مثل محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أو إدريس اليزمي، رئيس هذا المجلس، وهما معا زارا مؤخرا معتقل تمارة، وقالا إنه ليس معتقلا سريا ولا يوجد به تعذيب، ونحن نصدقهما تماما، لأنهما لو رأيا خلال زيارتهما رجلا جالسا على «قرْعة» أو امرأة معلقة من خياشيمها لما ترددا أبدا في قول ذلك. نصدقكما أيها المناضلان الأبيان، ونصدق أيضا الوالي والعامل والقايد والمقدم والشيخ. نصدقكم جميعا. نحن نكذّب فقط شباب 20 فبراير ورشيد نيني وشكيب الخياري وأمثالهم، الذين يحاولون أن يوهمونا بأنه يوجد فساد واعتقال تعسفي وتعذيب في المغرب.