أبدى حزب المؤتمر الوطني الاتحادي تخوفه الشديد من إمكانية تحول الدولة المغربية إلى دولة دينية، بعدما مكن مشروع الدستور الجديد المجلس العلمي الأعلى من بسط هيمنته على العديد من السلط، معتبرا ذلك من الأسباب الرئيسية التي دفعت إلى مقاطعة الحزب للاستفتاء القادم. وقال عبد السلام لعزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، في مهرجان خطابي نظمه كل من تحالف اليسار الديمقراطي والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الجمعة المنصرم، بقصر بلدية القنيطرة، إن ما يتمتع به المجلس العلمي من صلاحيات في المشروع الجديد، وحضوره في المجلس الأعلى للسلطة القضائية وفي المحكمة الدستورية، واعتباره الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، أمر يدعو إلى الخشية والخوف. وحذر لعزيز من الاتجاه نحو تكريس رقابة المجلس العلمي الأعلى على إرادة الشعب في الوثيقة الدستورية المعروضة على الاستفتاء، الذي دعا المواطنين إلى مقاطعته. وأضاف «لا نريد رقيبا على إرادتنا. نحن جميعا مسلمون، لكن لن نقبل أن نكون مثل السعودية، التي ما زالت فيها النساء ممنوعات من قيادة السيارة»، واصفا الدستور الجديد بغير الديمقراطي والمخالف للعصر الحديث، داعيا إلى الاستمرار في النضال من أجل إقرار دستور ديمقراطي حقيقي. من جانبه، كشف عبد الرحمان بنعمرو، نائب الأمين العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، خلال مداخلته في المهرجان نفسه، أن مسودة الدستور الجديد مليئة بالثغرات والألغام والعبارات الفضفاضة القابلة لأكثر من تأويل، وقال إن مشاركة حزبه في عملية إعداد مشروع الدستور كانت بغرض فضح كل الاختلالات المرتكبة في هذا الإطار، والعمل على ترسيخ مبدأ الشعب هو المصدر الوحيد للسلطات، وربط المسؤولية بالمساءلة، وإسقاط الملكية التنفيذية، وتحويلها إلى ملكية برلمانية ترتكز على الفصل الحقيقي للسلط. وقال بنعمرو إن أكبر فضيحة عرفها هذا المشروع هو التراجع عن الصيغة النهائية المتفق عليها لمضامين الفصل 87، حيث حذف المجلس الوزاري الفقرة التي منعت على أعضاء الحكومة خلال مزاولتهم مهامهم ممارسة أي نشاط مهني أو تجاري بالقطاع الخاص، أو أن يكونوا طرفا في الالتزامات المبرمة مع الدولة أو المؤسسات العمومية أو الجماعات الترابية أو الهيئات الخاضعة للمراقبة المالية للدولة، مؤكدا على أن ما أُعلن عنه من استعداد للتوافق والتشاور مع الأحزاب وباقي الهيئات الأخرى لم يكن صادقا، بعدما تم خرق المنهجية المجمع عليها.في حين وجه كل من أحمد السباعي، عن الحزب الاشتراكي الموحد، وعلال بلعربي، عضو المكتب التنفيذي لنقابة الأموي، الدعوة إلى جميع المواطنين لمقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، والتعبئة الشاملة للمزيد من النضال من أجل ملكية برلمانية حقيقية في إطار نظام سياسي ديمقراطي، وإقرار دستور يلبي مطالب المغاربة المتمحورة أساسا حول اعتبار الشعب مصدر السلطات، والتنصيص على مبدأ عدم الإفلات من العقاب في حق جميع المسؤولين مهما علت مناصبهم. حزب النهج الديمقراطي، وفي بيان وزعه على المشاركين في هذا اللقاء، أوضح أن مشروع الدستور المعدل كرس استمرار الطابع الديني للدولة، والتشديد عليه، حيث الإسلام هو دين الدولة وليس الديانة الأساسية للشعب المغربي فقط، وهو ما يناقض، حسبه، طموح الحركة الديمقراطية في بناء دولة ديمقراطية مدنية وعلمانية بالمعنى الذي يؤدي في التشريع والممارسة إلى فصل الدين عن الدولة وعن السياسة، والتنصيص على حرية العقيدة، معربا عن رفضه المطلق لما أسماه الدستور الممنوح، وعزمه مقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد، ومواصلته النضال لتفكيك المخزن والبنيات التي يستند عليها كشرط لإقرار دستور ديمقراطي من طرف مجلس تأسيسي.