وزارة الخارجية تحتفل باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج    رسميا حكيمي ينافس على الكرة الذهبية بعد موسم تاريخي مع باريس        مليار درهم لتأهيل الطرق غير المصنفة بجهة طنجة تطوان الحسيمة    المحكمة الدستورية تسقط عشرات المواد من مشروع قانون المسطرة المدنية    تجريدة من لواء المشاة المظليين بالجيش المغربي تشارك في احتفالات ذكرى استقلال كوت ديفوار    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    عمر هلال يبرز بتركمنستان دور المبادرة الملكية الأطلسية في تنمية دول الساحل        في رسالة وجهها إلى الوزير الأول ونشرت بوسائل الإعلام الفرنسية .. إيمانويل ماكرون يدعو الحكومة إلى مزيد من الحزم مع الجزائر    وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة    تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    عاصفة رعدية مفاجئة تضرب منطقة "أسَاكَن" بإقليم الحسيمة وتساقط كثيف لحبات البَرَد    تعيين 24 مسؤولا جديدا في مناصب المسؤولية بالأمن الوطني    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 عاما لا يزال خارج السيطرة رغم تباطؤ انتشاره    البنية التحتية للرباط تتعزز بمرآب تحت أرضي جديد    الوداد الرياضي يحدد تاريخ عقد جمعه العام العادي    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته            رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    منخرطو الوداد يرفضون الاتهامات ويجددون مطلبهم بعقد الجمع العام    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    قروض ‬المقاولات ‬غير ‬المالية ‬تسجل ‬ارتفاعا ‬بنسبة ‬3.‬1 ‬في ‬المائة ‬    في ‬دلالات ‬المضمون : ‬ توطيد ‬المسار ‬الديمقراطي ‬و ‬تطوير ‬الممارسة ‬السياسية ‬لتعزيز ‬الثقة ‬في ‬المؤسسات    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    منشق شمالي يدخل كوريا عبر الحدود البحرية    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    وقف حرب الإبادة على غزة والمسؤولية الوطنية    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    دعم السينما يركز على 4 مهرجانات    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساء تكشف أسرار العلاقة بين العدالة والتنمية المغربي والعثمانيين الجدد في تركيا
أبناء قياديين في الحزب يدرسون في تركيا والتقارب المذهبي مع الإسلاميين الأتراك قاد إلى تبادل المنافع
نشر في المساء يوم 10 - 10 - 2011

ما هي طبيعة العلاقة التي تربط حزب العدالة والتنمية المغربي بنظيره التركي؟.. قياديون من الحزب الإسلامي في المغرب يزورون بلاد أتاتورك باستمرار،
وأبناؤهم يدرسون حاليا في إسطنبول ويقيمون في منازل جماعة «النور» النورسية. زعماء في حزب «المصباح» يؤسسون جمعيات ثقافية واستثمارية مشترَكة مع الأتراك، أتباع بديع الزمان سعيد النورسي، وآخرون يتوسطون لهم لإقامة مشاريع في مدن مغربية.
هل هذه الأمور كلها مجرد صدف؟ ما حقيقة الارتباط الفكري والروحي بين العدالة والتنمية وجماعة «النور» النورسية؟ ما هي مشاريع الحركة النورسية في المغرب؟ ماذا يفعل قياديو الحزب وأبناؤهم في تركيا؟ وما علاقة الشركات التركية الناشطة في المغرب بهم؟
بين العدالة والتنمية المغربي ونظيره التركي تنسيق دبلوماسي على مستوى رفيع، رغم نفي قيادات الحزبين ذلك. فقد أكدت مصادر «المساء» أن زعماء في حزب العدالة والتنمية ينظمون، بشكل متكرر، زيارات إلى تركيا، خاصة منهم الذين يتابع أبناؤهم دراساتهم هناك. كما أن العديد منهم شوهدوا، غير ما مرة، في مطار إسطنبول.
وعلى مدى تسعة أيام، وتحديدا من 17 إلى 26 يوليوز من السنة الماضية، حل وفد من حزب العدالة والتنمية بمطار إسطنبول، في زيارة سياحية، تم خلالها الالتقاء بعدة مسؤولين في حزب أردوغان، في إطار دبلوماسي رسمي.
ترأس وفدَ العدالة والتنمية عبد الحق السطي، الكاتب الإقليمي للحزب في جهة فاس -تاونات والحسيمة، بينما تكفل إدريس بوانو، عضو الشبيبة للحزب والخبير في العلاقات بين الحزب وتركيا، بتنسيق هذه الرحلات وبالإشراف على اللقاءات السياسية، بحكم أنه يتوفر على وكالة سياحية في تركيا وتجمعه علاقات وطيدة بقياديي حزب العدالة والتنمية في هذا البلد.
كما اجتمع قياديو العدالة والتنمية بنظرائهم في الحزب الإسلامي التركي في المقر المركزي في إسطنبول، وفي مقدمتهم نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» التركي، إلى جانب أعضائه، الذين يرأسون ثلاث بلديات في العاصمة إسطنبول.
«المساء» حققت في سر هذه العلاقة بين العدالة والتنمية و«العثمانيين الجدد» وتوصلت إلى معطيات مثيرة تعرضها في هذا التحقيق.



رجب طيب أردوغان.. كيف هيأ للنورسيين دخول المغرب؟
استهدفت الدولة التركية العلمانية الحركة النورسية الدينية، التي تربطها بالعدالة والتنمية، المغربي، صلات فكر وتنسيق، منذ بدايتها. اعتُقِل مؤسِّسُها، بديع الزمان سعيد النورسي، مرارا، بل إن السلطات التركية عمدت إلى نبش قبره وانتشال جثته ونقلها إلى مكان مجهول. اختار فتح الله كولن، ناشر الحركة عبر العالم وفي المغرب المنفى في لولايات المتحدة الأمريكية، التي يقيم فيها قصد العلاج. وقد اعتبر مدير الأمن السابق في تركيا أن الحركة النورسية تشكل تهديدا لتركيا.
استمر هذا الوضع حتى سطع «نجم» رجل أصبح يلقب ب«حامل لواء العثمانيين الجدد»، رجب طيب أردوغان. فقد سهر هذا الرجل على ضمان ممارسة الحركة النورسية، التي ألهمت حتى حزب العدالة والتنمية، التركي، نشاطَها بمنتهى الحرية في تركيا، الأمر الذي هيّأ لها إقامة مشاريع تربوية واستثمارية همت إقامة مدارس حتى في المغرب.
سهّل أردوغان، كما يكشف مدير الأمن التركي السابق في مذكراته، على النورسيين حتى اختراق الجيش التركي، ذي التوجه العلماني، كما أتاح لهم تنظيم خطط لمحاصرة المعارضة الداخلية في تركيا.
ساهم هذا الحراك في بروز أردوغان في الساحة الدولية، خاصة مع الربيع الديمقراطي العربي، وهيّأ له فرصة التقرب من «ثوار» دول عدة، بما في ذلك المغرب، حيث ينتظر أن يلتقيه، في شهر أكتوبر، قياديون من حركة 20 فبراير، بتنسيق من حزب العدالة والتنمية، ممثلا في عضو أمانته العامة، عبد العالي حامي الدين.


عبد الرحيم وطاس.. المحرك الاقتصادي
عبد الرحيم وطاس، رجل خلق جدلا واسعا في منتصف السنة الجارية بعد مغادرته حزب العدالة والتنمية صوب التجمع الوطني للأحرار. ويشغل وطاس حاليا منصب نائب عمدة مدينة الدار البيضاء، وهو مكلف بملف علاقة مجلس المدينة مع تركيا.
اعتُبِر وطاس الذراع الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية في تركيا، فالرجل تربطه علاقات وطيدة برجال أعمال أتراك، ينتمي بعضهم إلى جماعة النور النورسية. بدأ عمل وطاس، الفعلي، مع الأتراك بعد تسليمه تفويضَ تدبير علاقات مجلس مدينة البيضاء مع آسيا، وبينها تركيا. وبحكم علاقاته، تَمكّنَ وطاس من تشييد «طريق سيار» ربط بين تركيا والدار البيضاء، ومرت عبره، طيلة السنتين الماضيتين، عدة شركات مملوكة للنورسيين، ظفر بعضها بصفقات كبرى، بينما لم تتمكن أخرى من الحصول على موطئ قدم.
تسير المجازرَ الجديدة في الدار البيضاء، والتي تزود العاصمة الاقتصادية وحتى مدنا أخرى باللحوم الحمراء، شركة تركية تسمى «Unluer Maroc»، يديرها طبيب أطفال تركي، ولها علاقة بالنورسيين، كما يكشف مصدر «المساء». تمكنت هذه الشركة من دخول المغرب عن طريق عبد الرحيم وطاس، الذي كان هو من ترأس وفد مجلس المدينة إلى تركيا من أجل التعاقد مع الشركة، كما سبق أن أوضحنا.
سيتدخل وطاس، مرة أخرى، لتمهيد ظفر شركة «يابي ميركيزي» (yapi merkezi) التركية للظفر بصفقة إنجاز البنية التحتية اللازمة لترامواي الدار البيضاء. ذهب الأمر إلى أبعدَ من ذلك، ففي بداية سنة 2010، شرع مُسيّرو مجلس مدينة الدار البيضاء في بلورة خطة تواصلية للمجلس. تجلّت الخطة في تكليف شركة تواصل بإعداد الموقع الإلكتروني الخاص بمجلس المدينة ومجلة دورية تعرض أنشطة المجلس وبإنتاج فيلم وثائقي ضخم حول الدار البيضاء. الميزانية التي كان مزمعا تخصيصها لهذا المشروع هي 700 مليون سنتيم. هنا، تدخّلَ وطاس، من جديد، حسب ما أكد مصدر موثوق ل«المساء»، من خلال اقتراح إبرام العقد مع شركة تركية للتكلف بهذه المهمة.. لم تكتمل الخطة التواصلية ولم تتمَّ الصفقة، في نهاية المطاف... كشف محمد ساجد، في إحدى الجلسات الخاصة، «المستور» وخاطب نائبه وطاس، وهو يمزح، قائلا: «العمل الذي كانت الشركة التي استقدمْتَها ستقوم به مقابل 700 مليون سنتيم، يتم الآن دون كلفة كبيرة»...
استقت «المساء» هذه المعطيات من مصادر متعددة تطابقت معلوماتها بشكل تام، غير أن لعبد الرحيم وطاس وجهة نظر أخرى... اتصلنا بوطاس وأكد أنْ لا علاقة له بدخول الشركات التركية إلى الدار البيضاء، موضحا أنه لم يعد مكلَّفا بالعلاقات مع تركيا. وأبرز وطاس، أيضا، أنه لم يرأس وفد مجلس البيضاء، الذي انتقل إلى تركيا لمفاوضة شركات تركية، موضحا أن نور الدين بركاع، عضو المجلس، عن الاتحاد الدستوري، هو من تكلَّف بهذه المهمة.
وذكر وطاس، في حديثه مع «المساء»، أن الشركات التركية المشتغلة في المغرب الآن بدأت عملها في سنة 1994، مبرزا أنه لا تربطه علاقات بأتراك، «باستثناء مشاركتي في زيارات لبلدية إسطنبول وملاقاتنا مسؤولي 25 شركة تركية تابعة للبلدية، بحكم أن الشركات كلها في إسطنبول تكون تابعة للبلدية، فإنه لا واحدة من هذه الشركات بدأت استثمارات في المغرب»، يوضح وطاس، مردفا أن ما تم مؤخرا، وبالضبط في 2009، هو توقيع اتفاقية توأمة بين الدار البيضاء وإسطنبول.



بديع الزمان النورسي.. زعيم تركي في المغرب
بديع الزمان سعيد النورسي عالم دين تركي أتى من قرية «نورس» في شرق الأناضول في تركيا، سنة 1877، ليكتسح العالم بدعوته. الحديث عنه في المغرب منحصر على مجموعة من المفكرين وعلى قياديي الحركات الإسلامية، الذين اتخذوا فكره وسيلة لوضع خطواتهم الأولى في الطريق إلى الدعوة والسياسة في المغرب.
بدأ الأمر بالشبيبة الإسلامية، مهْد حزب العدالة والتنمية، بعد أن أظهر قياديوها، بمن فيهم عبد الكريم مطيع، تأثرا بالنورسي وبفكره. ورغم أن هذا الرجل توفي في سنة 1960، فإنه ما يزال يُذكَر في المغرب، الذي يبعد بكيلومترات عديدة عن تركيا.
في 13 و14 مارس 2008، اجتمع 20 شخصا، ضمنَهم أساتذة وباحثون في كلية الشريعة في أكادير، لمناقشة موضوع ظل يستأثر باهتمام أتباع الحركة الإسلامية في المغرب، ويتعلق الأمر ب«فقه المقاصد والحِكَم في فكر بديع الزمان سعيد النورسي». همّت المناقشة مداخلَ أساسية في فكر الجماعة النورسية، وهي التوحيد والنبوة والحشر والعدالة والعبادة وحكم القرآن، وفق ما ورد في «رسائل النور»، التي ألّفها سعيد النورسي، والتي تعد بمثابة مرجع لإسلاميي المغرب.
بعدها بأيام، وبالضبط في 17 و18 و19 دجنبر 2008، انعقدت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الحسن الثاني «عين الشق» في الدار البيضاء محاضرة تطرقت لموضوع «منهج بديع الزمان النورسي في تفسير القرآن». وقد حضر المحاضرةَ حشدٌ غفير، بينهم أبناء منظمة التجديد الطلابي، المقرَّبة من حزب العدالة والتنمية ومن حركة التوحيد والإصلاح.



فريد الأنصاري.. «كلمة السر»
«فريد الأنصاري»، كلمتان كافيتان لحل الشفرة بين تركيا والعدالة والتنمية. فقد شكّل هذا الرجل، الذي ألهم زعماء الحزب الإسلامي المغربي وقضى معظمَ فترات حياته متنقلا بين تركيا والمغرب، قناة عبور للنورسيين إلى المغرب، حيّا وميتا. كيف ذلك؟ إلى جانب تأثر الراحل فريد الأنصاري بسعيد النورسي وفتح الله كولن، الزعيمين الأبديين للطائفة النورسية، فإن صلة وصل غريبة وطّدت علاقتَه بهذه الجماعة. يتجلى ذلك في إصابته بمرض السرطان، الذي اضطره إلى المكوث في تركيا للعلاج في مصحة خاصة، وهي مصحة «سماء» في العاصمة إسطنبول، والمملوكة، أيضا، للنورسيين، حسب ما أسرّه مصدر «المساء»، على اعتبار أن طائفة النورسيين تعنى بمجال الصحة عنايتَها بالتعليم والتربية. سنتين بعد صدور روايته حول بديع الزمان النورسي، ولحظات بعد انتهائه من كتابة مؤلف حول الزعيم النورسي، فتح الله كولن، سيلاقي الأنصاري أجَله في مصحة «سماء»، في 5 نونبر من السنة الماضية، كما تكشف شهادة وفاته ، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، والمحرَّرة في تركيا والموقعة من طرف زوجته.
في هذه اللحظة، حصل خلاف بين العدالة والتنمية والنورسيين الأتراك. تمثّلَ ذلك في رفض النورسيين نقل جثمان فريد الأنصاري إلى المغرب ورغبتهم في دفنه، بينهم، في إسطنبول، بدعوى أنهم هم الذين احتضنوه وأثّروا في فكره وفي توجُّهاته. وكشف مصدر «المساء» أن قياديين في العدالة والتنمية كلفوا الطالب محسن أبو الربيع، ابن القيادي عبد العالي أبو الربيع، بإتمام إجراءات نقل الجثمان إلى المغرب، إلا أنه وُوجِه بعدة عراقيل في مطار إسطنبول، إذ رفضوا تسليمه تصريحا بالنقل، في الوقت الذي كانت شهادة وفاته قد حُرِّرت في تركيا. بعد تسرُّب خبر الصراع حول الجثمان، تدخلتَ جهات عليا لإتمام إجراءات النقل، ليُدفن الأنصاري في مقبرة الزيتون في مكناس.
وأكدت مصادر «المساء» أن حضور الزعماء النورسيين كان حاشدا أثناء مراسم التشييع والدفن، إذ حضر كل من المسؤول عن مجموعة مدارس «محمد الفاتح»، وفيرمان أوروغلو، المسؤول البيداغوجي في شركة «نيلوفر».
مر شهران على وفاة الأنصاري، فبادر الأتراك إلى تنظيم حفل تأبين كبير، في فندق في البيضاء. أشرفت على التأبين إدارة مجلة «حراء»، التركية العلمية الثقافية الفصلية، ذات التوجه النورسي، والتي يوجد مقرها في القاهرة.
كان من بين الحضور نوزاد صواش، مدير مجلة «حراء»، التي تباع في المغرب. كما حضر التأبينَ، أيضا، مدير مصحة «سماء»، التي توفي فيها الأنصاري.
وحضر حفل التأبين قياديون في العدالة والتنمية ومقرَّبون منه.



فتح الله كولن.. النورسي الذي «فتح» المغرب
إلى هذا المفكر الإسلامي يعود فضل نشر الفكر النورسي في العالم، بنقله من «كليات رسائل النور» وكتب بديع الزمان سعيد النورسي إلى العمل الحركي. تأثر كولن بالفكر النورسي، المرتبط بنشأته، منذ ولادته سنة 1941، وسط أسرة تركية متديِّنة. حفظ القرآن وعمره لا يتجاوز 14 سنة، وتَمكَّن من ختمه في شهر واحد، و«شرب» الفكر النورسي إلى درجة أنه أضحى أقوى منظريه وناشريه عبر العالم.
تركّز توجُّه محمد فتح الله كولن على نشر الدعوة النورسية عبر العالم. تمثلت طرق ذلك في الصحة والتعليم، عبر بناء مستشفيات ومدارس عبر العالم. حث كولن رجال الأعمال النورسيين، كذلك، على إقامة مشاريع في جميع أصقاع الدنيا، بما في ذلك المغرب، بل إنه خص المغرب، إلى جانب تونس، ب«توصية» لأتباعه، إذ حثهم على تركيز جهودهم في هذين البلدين في شمال إفريقيا وعلى إقامة مدارس فيهما وعلى تنظيم بعثات تضُمّ طلبة مغاربة يُنتقَوْن بعناية لمتابعة دراستهم في تركيا، بدعم من الحركة النورسية، رغم أن هيأة التعليم العالي في تركيا قضت بعدم الاعتراف بالشهادات العلمية التي تمنحُها مدارس فتح الله كولن. كانت القنوات التي تَمكَّن من خلالها أتباع كولن من الدخول إلى المغرب وتونس عبر الحركات الإسلامية، وتجلى ذلك في حزبي «النهضة» في تونس، و«العدالة والتنمية» في المغرب.



إدريس بوانو.. الدينامو التركي المغربي
فتحت فترة دراسة هذا القيادي في العدالة والتنمية في تركيا أبواب الاطّلاع على تجربة حزب العدالة والتنمية التركي وربط علاقات خاصة مع الأتراك، النورسيين بالأساس.
إضافة إلى هذه المعطيات، وفضلا على امتلاكه شركة سياحية في تركيا وتكليفه بانتقاء الطلبة المبعوثين إلى جامعات تركيا، فإن بوانو هو المسؤول عن اللجنة الدولية للحزب، التي يرأسها سعد الدين العثماني، الأمين العام السابق للعدالة والتنمية.
أنشئت هذه اللجنة، أساسا، لتحريك القنوات الدبلوماسية للعدالة والتنمية مع دول أخرى، خاصة تركيا، التي تعد البلد الأكثر حضورا في الأجندة الدولية لإخوان بنكيران. وإذا كان إدريس بوانو، عضو المكتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، ينشط، بالدرجة الأولى، في أكادير، فهذا يبرر أن أول مقترَح له حظي باستجابة المسؤولين الحزبيين في العدالة والتنمية التركي هو أن يقود مستشارون جماعيون في حزب العدالة والتنمية في جهة سوس -ماسة -درعة الزيارة الدبلوماسية المقبلة إلى تركيا.
لا يتوقف عمل بوانو عند هذا الحد، بل يشمل ربط جسور تواصل بين الباحثين المغاربة، المقرَّبين من العدالة والتنمية والأتراك، من خلال المشاركة في العديد من الندوات والمحاضرات المشترَكة.
إلى جانب ذلك، ساعد بوانو الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون، في شهر فبراير من السنة الماضية، من أجل التنسيق مع جمعيات مغربية لحماية اللغة العربية، من أجل توقيع شراكات واتفاقيات تقضي بإيفاد أساتذة للغة العربية إلى تركيا، من أجل تعليم هذه اللغة ونشرها في أوساط الأتراك...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.