عامل إقليم تاوريرت يترأس لقاء حول الجيل الجديد لبرامج التنمية الترابية المندمجة    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    رسميا…انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المغرب وأوغندا بطنجة    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المراقبون العرب..آخر فرصة بشار الأسد قبل التدويل
الرئيس السوري يوشك أن يوضع على السكة نفسها التي أوصلت القذافي إلى حتفه
نشر في المساء يوم 07 - 01 - 2012

تشكل بعثة المراقبين العرب بسوريا آخر فرصة للجامعة العربية من أجل إيجاد حل عربي خالص للأزمة السورية. وفي ظل تنامي الدعوات
إلى سحب المراقبين من الأراضي السورية، وصل صداها إلى رئاسة البرلمان العربي، التابع للجامعة نفسها، وصدور اتهامات من واشنطن وباريس لنظام الأسد بالتلاعب بالمراقبين، صار الملف السوري أقرب من أي وقت مضى إلى التدويل، وأوشك مصير بشار الأسد أن يوضع على السكة نفسها التي أوصلت نظام العقيد الليبي السابق معمر القذافي إلى حتفه.
لم تتوصل الجامعة العربية بعد بأي تقرير من بعثة مراقبيها العاملين حاليا بالأراضي السورية. المراقبون توجهوا قبل أيام إلى بلاد الشام من أجل الاطلاع على مدى احترام السلطات السورية لوقف إطلاق النار وتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان، التي يتهم ثوار سوريا نظام الأسد بارتكابها في مجموع التراب السوري، لاسيما في مدينتي حمص ودرعة، اللتين تردان منهما أخبار عن سقوط قتلى في صفوف المتظاهرين يوميا.
ثوار سوريا لا يبنون آمالا كبيرة على بعثة المراقبين العرب في ظل استمرار أعمال العنف في أكثر من مدينة. وثمة دول عظمى، تتقدمها فرنسا، حذرت نظام الأسد من مغبة تضليل المراقبين. غير أن نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، التي أوفدت المراقبين إلى سوريا، يرفض في الوقت الراهن إمكانية سحب المراقبين قبل انقضاء المدة المتفق عليها مع الحكومة السورية.
امتحان المراقبين
ينص الاتفاق الموقع بين النظام السوري والجامعة العربية على ضرورة أن يطلع المراقبون، مدة شهر كامل، على مدى احترام نظام الأسد لتعهداته في المبادرة العربية لحل الأزمة السورية، وفي مقدمة هذه التعهدات وقف انتهاكات حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين الرازحين في السجون السورية على خلفية مشاركتهم في المظاهرات الاحتجاجية التي عرفتها البلاد في الأشهر الأخيرة.
ولم يخف ثوار سوريا خيبة أملهم في تأجيل الاجتماع الذي كانت ستعقده، على عجل، اللجنة العربية المكلفة بمتابعة الأزمة السورية، بمقر الجامعة بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي كان متوقعا أن يطلع على التقرير الأولي لبعثة المراقبين. الاجتماع كان مقررا أن يعقد غدا السبت فأجل إلى بعد غد الأحد. ورغم أن مدة التأجيل لا تتجاوزا يوما واحدا، فإن ثوار سوريا يعتبرون هذه المدة بالغة الأهمية بالنظر إلى استمرار تسجيل سقوط أرواح في عدد من المدن السورية، خصوصا في حمص، التي وصفت تقارير وضعيتها ب»المنبئة بكارثة حقيقية».
واتخذت الدعوة إلى سحب المراقبين الدوليين منحى جديدا بعد أن انضم رئيس البرلمان العربي، علي سالم الدقباسي، إلى صف المطالبين بسحب فرق المراقبين العرب من سوريا فورا، علما بأن البرلمان العربي هيئة استشارية تابعة للجامعة، وهو ما ينبئ، حسب متتبعي الشأن السوري، بتشكل إرهاصات اختلاف عربي حول جدوى وجود المراقبين العرب في سورية في ظل استمرار أعمال العنف. وعلل رئيس البرلمان العربي دعوته إلى السحب الفوري للمراقبين العرب من الأراضي السورية ب»استمرار النظام السوري في التنكيل بالمواطنين الأبرياء وقتلهم، فضلا عن الانتهاك السافر للنظام لبروتوكول جامعة الدول العربية، المعني بحماية المواطنين العزل».
ولم يتوقف البرلمان العربي عند خرجة رئيسه المطالبة بوقف عمل المراقبين، وإنما بادر إلى إصدار بيان خاص أكد فيه أن استمرار «الاعتداءات على المواطنين السوريين أثناء وجود مراقبين من جامعة الدول العربية يثير غضب الشعوب العربية لأنه «يتيح للنظام السوري غطاء عربيا لممارسة أعماله غير الإنسانية تحت سمع وبصر جامعة الدول العربية».غير أن رد نبيل العربي على رئيس إحدى الهيئات الاستشارية للجامعة العربية لم يتأخر. الرد أيضا كان واضحا على مستوى التشبث بالسير قدما في مد المراقبين بالدعم الكامل لتسهيل مهمتهم في الأراضي السورية. العربي جدد أيضا التزام الجامعة العربية ببنود المبادرة العربية لحل الأزمة السورية. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن «لدينا مهمة وملتزمون بها أمام الحكومة السورية، وستستمر لمدة شهر»، مشيرا إلى أنه خلال هذه المدة «هناك أمور كثيرة ستتحقق، لكن حتى الآن نريد تقييم الموقف، عندما يأتي تقرير رئيس بعثة المراقبين الفريق محمد أحمد الدابي».
وأمام هذه الوضعية التي تشهد شبه انقسام في الجامعة العربية بخصوص طريقة التعاطي مع الملف السوري في ظل استمرار عنف نظام الأسد تجاه المواطنين السوريين، ينتظر أن يكون اجتماع اللجنة العربية المكلفة بمتابعة الأزمة السورية، التي تضم في عضويتها قطر ومصر والسودان والجزائر وسلطنة عمان ،بالإضافة إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حاسما في تحديد مصير المراقبين العرب وتقييم جدوى وجودهم في سوريا، بعد أسبوع من شروعهم في القيام بمهامهم في عدد من المناطق والمدن السورية من أجل تقييم الموقف.
وطالب ثوار سوريا الجامعة العربية، وتحديدا اللجنة العربية، بالإقدام على اتخاذ قرار سحب مراقبيها من الأراضي السورية في أقرب وقت ممكن. وأبدى الثوار رغبتهم في أن يصدر هذا القرار في اجتماع الأحد المقبل على أقصى تقدير، مجددين تأكيدهم على لاجدوى وجود المراقبين في ظل استمرار استهداف المواطنين من قبل نظام الأسد.
أكثر من ذلك، تم إغراق موقع «يوتوب» الشهير في الأيام الأخيرة بأشرطة فيديو تبين استمرار العنف، ونقلت تقارير إعلامية عن مواطنين سوريين نفيهم مشاهدة المراقبين العرب في بعض المدن، التي قيل إن المراقبين زاروها.
تقارير أخرى تحدثت عن احتماء المراقبين أنفسهم من إطلاق نار في مدينة حمص، وهو دليل قاطع، حسب الثوار السوريين، على مواصلة «الشبيحة» اعتداءاتها على المواطنين السوريين، في خرق واضح لمقتضيات المبادرة العربية.
صراع المعطيات
يبدو أن ثمة معركة إعلامية حامية الوطيس تدور رحاها بين الثوار ونظام الأسد، ففي الوقت الذي تشير وكالة الأنباء السورية الرسمية تباعا إلى المناطق التي يقوم المراقبون العرب بزيارتها، يعمل الثوار على بث أشرطة فيديو تبين استمرار الاعتداءات عليهم، وبعضها يخص المناطق المعنية بزيارة المراقبين.
وحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فإن فرق بعثة المراقبين العرب زارت أول أمس الأربعاء منطقتي داعل وطفس في ريف درعة، وكذلك حي جورة العرايس وباب عمرو والسجن المركزي في حمص. وكانت جولات المراقبين شملت أيضا، حسب المصدر نفسه، مدينة حرستا بريف دمشق وقرية خطاب بحماة والقصر العدلي والمستشفى الوطني في إدلب، وأيضا مناطق في أحواز مدينة حلب.
وفي المقابل، أعلنت لجن التنسيق المحلية، التي تشرف على تنظيم المظاهرات الاحتجاجية ميدانيا، أن 390 شخصا قتلوا منذ بدء المراقبين العرب مهمتهم في الأراضي السورية في 26 دجنبر الماضي.
تضارب الأنباء الواردة من سوريا بخصوص المراقبين تجلى بوضوح أيضا في ردود فعل الثوار على مجموعة من تصريحات العربي بخصوص بعثة المراقبين العرب. ففي الوقت الذي قال العربي إن مراقبي جامعته أبلغوه ب»انسحاب القوات الحكومية من المناطق السكنية، واعتبر هذه العملية جزءا من تنفيذ اتفاق وقف إراقة الدماء مع الشروع في الإفراج عن نحو 3500 سجين، بث ناشط سوري شريط فيديو تم بثه على موقع «يوتوب»، «يظهر فريقا من الرجال يرتدون قمصانا برتقالية اللون يبدو أنهم مراقبو الجامعة العربية وهم يقفون قرب عربة مدرعة تتمركز خلف حاجز «نبيل العربي أنت في القاهرة ونحن في باب عمرو. ها هي الدبابات وهؤلاء مراقبون».
وأظهر تسجيل فيديو آخر نشر على الإنترنت المراقبين وهم يتفقدون منطقة باب عمرو في حمص، وهي منطقة تغص بنقاط التفتيش التابعة للجيش وحواجز من الأكياس الرملية. وظهر في هذا الشريط سكان يصرخون في وجوه المراقبين ويحاولون جذبهم من ستراتهم وهم يطالبونهم بدخول المناطق السكنية ورؤية الدمار الذي حول أجزاء بأكملها من المدينة إلى أطلال.
وفي انتظار الكشف عن التقرير الأولي لبعثة المراقبين، اعترف رئيس البعثة نفسه بأن الأوضاع لم تكن جيدة في بعض المناطق، لكنه استدرك قائلا: «لم يكن هناك أي شيء يخيف على الأقل في الوقت الذي كان المراقبون موجودين فيه».
وبينما يعتمد المراقبون العرب على الحكومة السورية في نقلهم وتأمين حمايتهم، عبر المجلس الوطني السوري، وهو هيئة معارضة تشكلت خارج سوريا، عن قلقه «لأن أجهزة الأمن السورية ترافق المراقبين كظلهم». وطالب المجلس الجامعة العربية ب»إرسال عدد أكبر بكثير من مجرد 200 مراقب ستنشرهم في نهاية المطاف في شتى أنحاء بلاد يناهز عدد سكانها 23 مليون نسمة».
وبخصوص البند الثاني من المبادرة العربية، والمتعلق بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية المظاهرات الاحتجاجية التي عرفتها سوريا في الأشهر الماضية، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية عن إطلاق دفعات عديدة من الأسرى. آخر الدفعات المعلن عنها كان أمس الخميس، وشمل إطلاق سراح 552 موقوفا. غير أن قصاصة الوكالة المعلنة لإطلاق سراحهم لم ترجع فك قيدهم إلى المبادرة العربية فقط، وإنما عللت الإفراج عنهم بكونهم «تورطوا في الأحداث الأخيرة ولم تتلطخ أيديهم بالدماء».
وكانت السلطات السورية أخلت في أواخر دجنبر الماضي سبيل 755 موقوفا آخرين اعتقلوا على خلفية الأحداث الأخيرة، بعدما أطلقت سراح 2645 موقوفا آخرين على ثلاث دفعات خلال شهر نونبر الماضي.
شبح التدويل
غير أن هيئات حقوقية سورية وعواصم عالمية أكدت عدم رضاها عن التطور التي عرفته الأوضاع في سوريا في الأيام الأخيرة. وفي هذا السياق، اتهم رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، السلطات السورية بالعمل على تضليل المراقبين العرب، ومن خلالهم الرأي العام الدولي.
الفاعل الحقوقي السوري توجه مباشرة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، مؤكدا أن نظام الأسد لا يعمل على تفعيل تعهداته في المبادرات العربية. وقال رامي مخاطبا العربي: «السيد نبيل العربي تحدث عن سحب القوات العسكرية من المدن والبلدات السورية، ونقول ما جرى هو إخفاء الآليات العسكرية الثقيلة في تلك المناطق، وأيضا هناك آليات نقل جند مدرعة تم طلاؤها باللون الأزرق وكتب عليها شرطة أو بوليس من أجل تضليل المراقبين، لأنه لم تكن لدينا في السابق في سوريا عربات ناقلات جند مدرعة مطلية باللون الأزرق. وأيضا سجلت حالات في بعض مناطق درعة كجبل الزاوية تبين أن عناصر من الجيش تم تبديل بطاقات هوياتهم العسكرية بهويات قوات حفظ النظام التابعة لوزارة الداخلية.»
ووضعت هذه التصريحات النظام السوري والجامعة العربية في موقف حرج. إذ يعتبر متتبعو الشأن السوري أن مصلحة نظام الأسد تكمن في نجاح بعثة المراقبين العرب في أداء المهام المنوطة بها. ذلك أن فشل هذه البعثة قد يخرج ملف الأزمة السورية من بين أيدي جامعة الدول العربية، ويدخله إلى دائرة التدويل. وبدا واضحا أن النظام السوري يحاول في الوقت الراهن الحيلولة دون تدويل القضية، لأن من شأن ذلك أن يدخل فاعلين جددا على الخط، خصوصا مجلس الأمن، الذي قد يعمد في حالة إحالة الملف على أنظاره على فرض عقوبات جديدة على سوريا لأن التدويل سيكون ضربة موجعة لنظام بشار الأسد.
ولعل هذا ما يفسر الرد القوي الذي أبداه النظام السوري تجاه اتهامات فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية لنظام الأسد بالعمل على تضليل المراقبين العرب.
وأكدت الخارجية الأمريكية أن دمشق «لم تحترم التعهدات»، التي قطعتها على الجامعة العربية بشأن بعثة المراقبين التي أرسلتها الجامعة إلى سورية، وأكدت على أنه «آن الأوان فعلا» ليتدخل مجلس الأمن الدولي»لزيادة الضغط» على النظام السوري.
أما فرنسا، فحذرت على لسان وزير خارجيتها، ألان جوبيه، المراقبين العرب من فخ «التلاعب بهم من قبل النظام السوري». وأضاف جوبيه «إذا كان من غير الممكن تحقيق الأهداف، فإننا مصممون على العمل معا في مجلس الأمن الدولي لكي يتخذ المجلس في النهاية موقفا من الوضع في سوريا» حيث يتواصل قمع حركة احتجاج ضد النظام بشكل دموي. وأوضح الوزير الفرنسي أن «ما يحصل غير مقبول. إنه قمع وحشي»، حسب تعبيره.
وردت دمشق بقوة على الاتهامات الأمريكية والفرنسية والتهديدات بإحالة الملف على مجلس الأمن، وقالت السلطات السورية إن تصريحات واشنطن تعتبر «تدخلا سافرا» في عمل الجامعة و»محاولة لتدويل مفتعل غير مبرر ومفضوح». وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، إن هذه «الاتهامات الباطلة» التي ساقتها المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فكتوريا نولاند أمس بعدم التزام سورية بما اتفق عليه ضمن البروتوكول الموقع مع الجامعة العربية «تسيء» للجامعة، وهي «تدخل سافر في صلب عملها وسيادة دولها».
ولم يخف مقدسي المخاوف، التي تراود نظام الأسد من تدويل القضية. ونقل عنه في هذا الإطار قوله إن التصريحات الصادرة من واشنطن «محاولة لتدويل مفتعل غير مبرر ومفضوح وهو موقف استباقي يضر بأداء بعثة المراقبين العرب قبل صدور تقريرهم الأولي». لكن الأوضاع مفتوحة على جميع التطورات، بما فيها انتقال الملف السوري من القاهرة إلى نيويورك، ويعني ذلك وأد المبادرة العربية وتدويل الأزمة السورية في مرحلة متقدمة يرى مراقبون أن مصير نظام الأسد قد لا يختلف فيها كثيرا عن مآل نظام العقيد معمر القذافي بليبيا.


تلاميذ سوريا بالمدارس الأردنية
تدرس الحكومة الأردنية في الوقت الراهن إمكانية قبول التلاميذ السوريين الفارين من جحيم المواجهات بين المواطنين المحتجين بعدد من المدن السورية و»شبيحة» نظام الرئيس بشار الأسد. ووفق تقارير إعلامية أردنية، فإن عمان تدرس حاليا هذا المقترح، الذي يمكن أن يصير ساري المفعول بموجب بروتوكول تعاون مع صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة لدعم وزارة التربية والتعليم الأردنية في تحمل أعباء استضافة هؤلاء التلاميذ.
وتم تقدير أعداد التلاميذ السوريين المعنيين بهذه العملية بنحو 4 آلاف تلميذ في المدارس العمومية، فيما بلغ عدد المنتظر أن تستقبلهم المدارس الخاصة بنحو 666 تلميذا.
وقال مسؤول أردني إن اليونسيف اقترحت على وزارة التربية والتعليم الأردنية دعما لتحمل أعباء استضافة التلاميذ السوريين في المدارس الحكومية، وأوضح بأن برنامج الدعم المقترح يتضمن استئجار مدارس في المناطق التي يتزايد فيها أعداد التلاميذ السوريين، مثل العاصمة عمان ومدن أخرى، مع تحويل بعض المدارس إلى نظام الفترتين ودفع التبرعات وأثمنة الكتب ورواتب المعلمين والمصاريف التشغيلية وإعطاء حصص تقوية للتلاميذ. وذكر المسؤول التربوي السوري أن نسبة غير يسيرة من الأسر السورية تقاطرت في الأشهر الماضية على الأردن، وحطت الرحال في عدد من المدن الأردنية، وأكد أن بعض هذه الأسر بادرت إلى تسجيل أبنائها المتمدرسين في مدارس خاصة، في حين ينتظر أن يلحق التلاميذ غير القادرة أسرهم على تحمل مصاريف المدارس الخاصة على مدارس عمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.