مصرع شخص بعد سقوطه من الطابق الرابع بطنجة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    واشنطن : الاحتفاء بالتحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة    الطبقة العاملة باقليم الحسيمة تخلد ذكرى فاتح ماي    حكيمي بعد خسارة PSG مع دورتموند: لالي كان صعيب وثايقين فريوسنا غانتأهلو للفينال فالروتور    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط إلى سبع رحلات أسبوعيا    تخلف ورجعية. سلطات إيران استجوبت طاقم وممثلي فيلم "حبة الكرموس المقدس" اللي غادي يشارك ف مهرجان "كان"    الصحراء المغربية .. أكاديميون إسبان يؤكدون على أهمية مخطط الحكم الذاتي    دوري الأبطال.. دورتموند يهزم باريس سان جرمان ويقطع خطوة أولى نحو النهائي    رئيس كولومبيا يقطع العلاقات مع إسرائيل ويصرح: إذا ماتت فلسطين ماتت الإنسانية    دراسة تربط بين أدوية حرقة المعدة والإصابة بالصداع النصفي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    أمطار استثنائية تؤدي إلى إغلاق أنفاق وجسور وتعليق الدراسة بعدة مناطق في السعودية    أرباب المقاهي يهاجمون مجلس المنافسة    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية.. وهذه توقعات الخميس    قاتل تلميذة صفرو.. اتهامات بالاعتداء على 7 تلاميذ آخرين تحاصر الجاني وهذا موعد محاكمته    من طنجة.. نقابات تدعو لتحصين المكتسبات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل    فيديو: عادل تاعرابت يسجل ثنائية ويقود النصر إلى نهائي كأس رئيس الإمارات    حموشي يستقبل سفير باكستان ويناقشان تطوير التعاون الأمني بين البلدين    أسعار الذهب تتراجع إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    "النقد الدولي": اقتصاد المغرب مستمر في إبداء مرونة في مواجهة الصدمات    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    السفير محمد لخصاصي، القيادي الاتحادي وقيدوم المناضلين الاتحاديين .. أنوه بالمكتسبات ذات الطابع الاستراتيجي التي يسير حزبنا على هديها    الوداد يغلق باب الانخراط ببلوغه لرقم قياسي    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    إسطنبول.. وفد برلماني يؤكد موقف المغرب الراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    صحف أمريكية تقاضي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" بتهمة انتهاك حقوق الملكية    لقجع "مطلوب" في مصر بسبب الشيبي    اختتام الوحدة الثالثة للدورة التكوينية للمدربين لنيل دبلوم "كاف برو"    مسيرات نقابية في مختلف المدن المغربية لإحياء يوم العمال العالمي    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024    ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 34568 قتيلا منذ اندلاع الحرب    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس    إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال في وفاة سجينين    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    حريق بمحل لبيع المفروشات بسوق كاسبراطا بطنجة يثير هلع التجار    الحكومة تعلن عن مشروع لصناعة أول طائرة مغربية بالكامل        فاتح ماي فكازا. بركان حاضرة بتونيها عند موخاريق وفلسطين جامعاهم مع نقابة الاموي والريسوني والراضي ما غابوش وضربة اخنوش ما خلاتش العمال يخرجو    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين في مداهمة لجامعة كولومبيا بنيويورك    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يشارك بروما في فعاليات المنتدى الأكاديمي والعلمي    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كواليس هندسة تجربة التناوب التوافقي في المغرب
كتاب «الانتقال السياسي» يكشف عن بعض من خفايا الأسوار العالية
نشر في المساء يوم 28 - 02 - 2012

شكلت تجربة «التناوب التوافقي»، التي قادها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، إحدى المحطات الأساسية في تاريخ المغرب المعاصر، فهي التجربة التي أخرجت الفعل السياسي
في المغرب من عنق الزجاجة. كما أنها جنّبت المغرب «السكتة القلبية» التي كان المغرب مقبلا عليها، بتعبير الراحل الحسن الثاني . لكن الكثير من خفايا هذه «الصفقة» بقي في حكم المستور، خاصة أن قائدها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي لم يكشف عما دار في كواليسها، وإنْ كان البعض ينتظرون أن يتطرق لها في مذكراته، التي قيل إنه يكتبها. ولكون السياسيين متحفظون في ما يخص الكشف عن خفايا العمل السياسي، فإن «تقليد» كتابة المذكرات غائب.
لا يمكن أن نسمع عن إعادة تركيب صورة المغرب السياسي المعاصر من فم واحد بل من خلال أفواه متعددة كانت في قلب التحول الذي عرفه المغرب أو قريبا منه. في هذا الإطار، يبقى كتاب « الانتقال السياسي -تجربة مغربية»، الذي جاء على شكل حوار امتد على شهور بين الصحافية نرجس الرغاي وحبيب المالكي، واحدا من تلك المنافذ التي يمكن أن تقود إلى دهاليز مرحلة التناوب، التي تبقى أبرز «الإجراءات السياسية الجريئة» التي قادها حزب «الاتحاد الاشتراكي»، الذي قاوم «إغراء السلطة» لمدة، لكنه استسلم لها، في الأخير، تحت طائلة «إنقاذ» المغرب من تلك السكتة التي تحدث عنها الراحل الحسن الثاني..
في هذا الكتاب، الذي يمتد على ما يزيد على 200 صفحة، تسعى الصحافية نرجس الرغاي إلى أن تستغور بواطن الأمور مع الحبيب المالكي، حيث نقرأ في تقديم الكتاب: «كان هذا الكتاب ثمرة لقاء بين رجل سياسة وإعلامية: الأول يريد أن يقدم شهادة، والثانية تريد أن تفهم، ليس من عادة رجال السياسة أن يقدموا شهاداتهم. وقليلون جدا هم الذين يقبلون الانصراف إلى تمرين تقديم الشهادة. ورغم ذلك، فإن تاريخ المغرب المعاصر بإمكانه أن يُشكّل تمرينا جيدا للشهادة.
تَحكّم فيه، إذن، الكتاب هاجس الصحافي الباحث عن الحقيقة والفهم. نقرأ مرة أخرى في التقديم: «الكتاب هو، أيضا، ثمرة رغبة ملحة في الفهم، فهْم الحلم المقطوع المتمثل في التناوب التوافقي الذي دشّنه الوزير الأول المنتمي إلى اليسار، عبد الرحمان اليوسفي، وهو أيضا رغبة في فهم الإحساس بالطعم غير المكتمل للتناوب الديمقراطي».
في الفصل، المعنون بالممهدات الأولى، يجيب المالكي عن سؤال حول عقد 1990 -2000 والذي عد أنه فيه انطلق كل شيء يقول إن نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات عرفت تجاذبات قوية في المجالين السياسي والاجتماعي، مع العلم أن هذه السنوات تزامنت مع برنامج التقويم الهيكلي، والذي كانت كلفته الاجتماعية، كما قال المالكي، باهظة جدا. وكان من النتائج المباشرة لذلك تقلص السوق الداخلية وانكماشها، وبذلك صار المغرب على صفيح ساخن.
ومن خلال قراءة ما جاء في الحوار، يظهر أن إنشاء كل من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الوطني للشباب والمستقبل واللجنة المكلفة بالحوار الاجتماعي كانت أولى «المرطبات» للتهيئ لقدوم حكومة التناوب. يقول المالكي: «لقد وضع كل من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الوطني للشباب والمستقبل أسس ثقافة جديدة، أي ثقافة الحوار والتفاهم والإنصات، بهدف الوصول إلى بلورة المقترحات الأكثر ملاءمة، على أساس توافقي، وهي المقترحات الكفيلة بالذهاب في اتجاه الإصلاح. ولكنْ حول الجانب الآخر المتعلق بالسلطة والقصر وحول ما إذا كان هناك استعداد للإصلاح، يجيب المالي بأن الدليل هو المنعطف الذي عاشه المغرب، من خلال تعيين عبد الرحمان اليوسفي على رأس حكومة التناوب.
وعلى ذلك، فإن عقد التسعينيات سيعمل على ترسيخ مقدمات التناوب، من خلال الالتقاء، كما يقول المالكي، بين حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في إطار الكتلة، وهو الالتقاء الذي كان له دور حاسم في تسريع وتيرة الانفتاح من أجل بلوغ منعطف 1998. ومن تم فإن بداية وضع القطار على السكة تأتي في هذا السياق بعدما قام الملك الراحل الحسن الثاني، في صيف 1992، بالاتصال بعبد الرحمان اليوسفي، حين عودة الأخير من المنفى، بحضور شاهدين لم يكونا سوى عبد الواحد الراضي والحبيب المالكي..
وعن هذا اللقاء، يتحدث المالكي قائلا إنه جرى في مناخ أليف طغى عليه تعداد الخصال الحميدة التي يتصف بها اليوسفي وتشديد الحسن الثاني على أنه «حافظ دائما على تقديره لليوسفي طوال مرحلة منفاه الطويلة»، وهي طريقة -كما صرح المالكي- كان يقول من خلالها إن اليوسفي لم يشتم المستقبل. وحول من قام بمجهود تذويب الثلج بين الطرفين، أهو الحسن الثاني أم اليوسفي، قال المالكي: «كلانا»، ويضيف أن الحاضر الغائب في هذا اللقاء كان هو عبد الرحيم بوعبيد: «فلم يُفوّت الحسن الثاني أي مناسبة ليذكّر بالعلاقات الخاصة التي كانت تربطه به عبر بعض الذكريات، وخصوصا في الوقت الذي كان الحسن الثاني وليا للعهد وعبد الرحيم بوعبيد سفيرا في فرنسا غداة الاستقلال. ويضيف المالكي أنه «عند نهاية اللقاء الأول، غير الشكلي، الذي حضرتُه أنا وعبد الواحد الراضي، خاطب الحسن الثاني عبد الرحمان اليوسفي للمرة الأخيرة قائلا: «في المرة القادمة، سوف نلتقي بدون شهود».. وبعد هذا اللقاء، بدأ جبل الثلج يذوب شيئا فشيئا، وإن كان أحيان يتمنع، نظرا إلى حذر القصر وشعور اليوسفي بغياب الالتزام بالاتفاق، يقول المالكي في الإجابة عن سؤال للرغاي إن السياسة ليست خطية، السياسة تتطور عبر حركات المد والجزر.. فقد «غادر» اليوسفي غداة تجديد ثلث البرلمان بعد انتخابات 17 شتنبر1993.. كتعبير واحتجاج منه على الظروف التي جرت فيها تلك الانتخابات، إذ كان الارتشاء الانتخابي وشراء الأصوات والتزوير هما سيدا الميدان، لكن المالكي يقرأ في ما أقدم عليه اليوسفي حينذاك «رسالة» استعجال بضرورة الإسراع في إدخال إصلاحات هامة. ويضيف: «هذا أسلوب اليوسفي: إذا لم أكُن أنا ضروريا، فإن الإصلاحات أكثر ضرورة مني» . وقد حاول هذا الكتاب، في جوانب أخرى، الإجابة عن مجموعة من المسكوتات، عبر عناوين أخرى على غرار («سنوات التناوب، رحلة داخل حكومة التناوب، الحكم في عهد ملك جديد، اليوسفي يرحل، الاتحاد الاشتراكي في ظل العهد الجديد، وطعم بعدم الاكتمال). وفي الأخير، فإن هذا صوت من داخل الاسوار يبقى، بدون شك، محتاجا إلى أصوات أخرى لتركيب الصورة الكاملة لتجربة التناوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.