على عكس ما تعرفه مدينة ابن سليمان من حركية ثقافية وفنية ورياضة، حيث بدأ الأطفال والشباب ينخرطون في الجمعيات الفاعلة والنشيطة بالمدينة، وبدأت بوادر نهضة ثقافية ورياضية تلوح في أفق المدينة الخضراء... تسير قافلة المسؤولين بداري الثقافة والشباب، المفترض احتضانهما وصقلهما لهذه المواهب والكفاءات، عكس التيار. فدار الشباب مفتوحة بدون إدارة ولا موجه في وجه الصالح والطالح، وينشط فيها المنحرفون الذين يضايقون باقي روادها... أما دار الثقافة فهي تعج بالموظفين بالأشباح وبطالبي الراحة والاستجمام، تفتح أبوابها في أوقات الدراسة والعمل، وتغلق في أوقات فراغ الطلبة والموظفين. دار الثقافة أم دار الأشباح؟ انتقد مجموعة من المثقفين بمدينة ابن سليمان الركود الثقافي بالمدينة، وضبابية أنشطة دار الثقافة الوحيدة بالإقليم. وتساءلوا عن وظيفة هذه الدار الفسيحة التي تعج بالأشباح، والتي تحولت بعض مكاتبها إلى غرف للنوم والاسترخاء، يتهافت مجموعة من الموظفين على الالتحاق بها ضمانا للراحة. علما أن بها بعض الموظفين من ذوي الكفاءات والجادين في عملهم، لكن قلتهم تحد من إبداعاتهم. وقال مسؤول بدار الثقافة إن لدى الدار 23 موظفا معظمهم أشباح، موظفان فقط منهم تابعان لوزارة الثقافة، والبقية يتقاضون رواتبهم الشهرية من ميزانيات مندوبية الإنعاش الوطني، والمجلس الإقليمي والبلدية. موضحا أن إحداث الدار، جاء بعد اتفاقية شراكة بين بلدية وزارة الثقافة وبلدية ابن سليمان. وأضاف أن الحاضرين يعملون بالتناوب يوميا لمدة ثلاث ساعات، لكل موظف فوج في الصباح وآخر بعد الزوال، علما أن الحصة الزمنية الرسمية تمتد من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء. وتجدر الإشارة إلى أن دار الثقافة بابن سليمان لم يعين على رأسها مدير منذ إحداثها قبل ثلاثة عقود، كما أنها تسير من طرف موظف مكلف بالإدارة، وهو ما يجعلها دون مستوى الاهتمام المفروض أن توليه الوزارة الوصية لدور الثقافة، لا من حيث تخصيص موارد بشرية كافية ومؤهلة، ولا من حيث الميزانية السنوية. وتكفي الإشارة إلى أن الوزارة خصصت هذه السنة لدار الثقافة ميزانية بقيمة مليوني سنتيم فقط، وهو مبلغ لايزال عالقا لدى الوزارة الوصية. واعتبر المكلف بالإدارة أن معظم العاملين بها ليست لديهم مؤهلات العمل الثقافي والإبداعي، وأنه يصعب تكوينهم في هذا المجال، بسبب كبر سنهم (معظمهم فاق الأربعين). وتابع المكلف الجديد مستغربا: كيف يعقل أن يطلب موظفون الالتحاق للعمل بدار الثقافة فقط من أجل الراحة؟ كما كشفت مصادر أن المكلف الجديد بالإدارة أعد برنامجا للرقي بالدار، لكنه وجد عراقيل كثيرة، علما أنه سبق أن دخل، قبل أسابيع، في صراعات مع المندوبة الجهوية لوزارة الثقافة بجهة الشاوية ورديغة على خلفية سوء التدبير الذي عرفه المهرجان الوطني للزجل في دورته السادسة. ولعل أبرز ما يغضب الساكنة بالمدينة، هي فترات عمل الدار التي لا تناسب أوقات فراغ التلاميذ والطلبة والموظفين، بل إنها تتزامن مع حصص دراستهم وعملهم. وطالبوا بفتح دار الثقافة طيلة فترات المساء وإلى حدود التاسعة أو العاشرة ليلا، لتمكينهم من الاستفادة من خزانتها وغرفها، ومنحهم فضاءات للأنشطة. اختلالات دار الشباب تحدث جمعويون وبعض رواد دار الثقافة عما وصفوه بالعبث الذي شل دار الشباب، وحولها إلى ملجأ لبعض المراهقين والمنحرفين، موضحين أنهم وقفوا على مشاهد لا أخلاقية تصدر من بعض المنحرفين الذين يأتون إلى الدار من أجل ممارسات لا أخلاقية داخل قاعات أعدت للأنشطة الثقافية والجمعوية، وأن هؤلاء يستغلون توفرهم على تراخيص استعمال تلك القاعات بأسماء جمعيات، فيعمدون إلى إغلاق القاعات وممارسة أنشطة مشبوهة. وأكدوا أن مجموعة من الجمعيات النشيطة والجادة يجد ممثلوها صعوبة في ممارسة أنشطتهم داخل دار الشباب، خصوصا الجمعيات التي تضم في صفوفها فتيات منخرطات، ولها برامج أسبوعية تهدف إلى توعية وتربية وتحسيس الأطفال. كما انتقدوا شلل مجلس الدار الحالي، والذي أكدوا أنه غير شرعي، بحكم توفره على عضوين داخل مكتبه المسير لا يمثلان أية جمعية. كما استغربوا كيف أن مجلس الدار اعتمد عند انعقاد جمعه العام الأخير على مشروع قانون أساسي غامض، يشير أحد بنوده إلى أن صلاحية المكتب المسير للمجلس غير منتهية، علما أن المشروع قدم لهم على أساس أنه قانون أساسي موحد لدور الشباب المغربية. وأفاد مصدر جمعوي أن مجلس الدار جمد أشغاله منذ عدة أشهر، وأن بعض الجمعيات النشيطة تسعى إلى الإعلان عن جمع عام استثنائي لتجديد مكتبه المسير. مؤكدا أن المدير الحالي هو من ظل يستخلص واجبات كراء قاعة الدار ومرافقها بدون أي سند قانوني. وكشف المنددون بالوضع المتأزم لدار الشباب عن سرقات شملت محتويات بعض الحواسيب الجديدة، وإتلاف أزيد من ألف كتاب من الكتب التي منحت للدار في إطار برنامج (القراءة للجميع). كما تحدثوا عن محيط الدار ومندوبية الشباب والرياضة، وعن الفضاء الفاصل بينهما وبين السور المحيط بهما، مبرزين أن منحرفين يلجون الفضاء ليلا لاستهلاك المخدرات ومعاقرة الخمور. وأن مندوبية الشباب والرياضة، عمدت إلى قطع الأشجار المحيطة بها، أملا في القضاء على هذه الظاهرة. كما انتقدت جمعيات رياضية بالمدينة عدم توفر ملاعب دار الشباب على العتاد اللازم لممارسة الرياضات الجماعية، واستاؤوا من تحويل فضاء الرياضة إلى مكان لمزاولة أنشطة غير رياضية (معارض، سهرات...). كما انتقدوا التسربات المطرية، بسبب تدهور سقف الدار، مؤكدين أن الأطفال والشباب يعانون خلال فصل الشتاء داخل قاعات دار الشباب. وطالبوا بوقف تفريخ الجمعيات بناء على انشقاقات وصراعات لا علاقة لها بالعمل الثقافي والرياضي. مدير دار الشباب يرد نفى مدير دار الشباب، وجود أي فساد أخلاقي أو تربوي داخل دار الشباب، وقال في مجمل ردوده إنه لا وجود لأي سرقات، وإن ما يعاني منه هو عدم قدرته على مسايرة وضعه كمدير للدار وعضو مستشار بالجماعة القروية الزيايدة. وأكد أنه سبق له أن طلب تسهيلات في العمل، ووضع طلب إعفائه من مهامه كمدير للدار. وأقر المدير باستخلاصه لواجبات كراء قاعة الدار، موضحا أنه بفضل جزء من تلك المبالغ المالية أنجز إصلاحات لسقف الدار، مبرزا أنه لا يمكن أن يجمد نشاط الدار، بعد أن جمد مجلس دار الشباب أنشطته. ونفى أن يكون دائم الغياب، مؤكدا أن كل غياباته مبررة. وكان مندوب الشباب والرياضة بالإقليم، قد راسل الوزارة بشأن الغياب الدائم لمدير الدار، مطالبا بإيجاد حل للجمود الذي يخلفه غيابه.
لجنة تفتيش حلت لجنة من المفتشية العامة لوزارة الشباب والرياضة برئاسة مفتشها العام، رشيد معنينو، يومي الخميس والجمعة الماضيين بدار الشباب. حيث زارت الدار ضمن برنامج تفتيش شمل مركز حماية الطفولة والمركزين السوسيو رياضيين ومرافق أخرى تابعة لمندوبية الشباب والرياضة. فوقفت على ما يقع من تجاوزات داخل الدار، وانتهت بوضع مدير الدار طلب إعفائه من مهامه. علما أن المدير صرح أنه سبق أن طلب مرتين إعفاءه، بحكم انشغالاته كعضو مستشار بإحدى الجماعة القروية. كما تم طرد عامل الإنعاش، الذي كان يعمل منذ أزيد من 10 سنوات، كمنظف وحارس ليلي، وأحيانا مسيرا إلى درجة أن بعض الشباب كانوا ينادونه ب«المدير» في ظل الغياب الدائم للمدير الفعلي للدار. يذكر أن بعض روادالدار الذين تعاملوا مع عامل الإنعاش كانوا يأملون في أن يتم إلحاقه نهائيا بدار الشباب، وليس طرده، وتحميله ذنب ما كان يقع من فساد داخل الدار. علما أنه كان يعمل نهارا كعامل بالإنعاش الوطني في الشوارع والحدائق والمرافق العمومية، وكان يعمل مساء بدار الشباب كمنظف وحارس ومسير. ولم يعد داخل الدار سوى موظفين، أحدهما عين مؤخرا بعد أن عمل في الاقتصاد بالمخيم الدولي مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، ولم يلتحق رسميا إلا قبل أيام من حلول لجنة التفتيش، علما أنه يجد صعوبة في أداء مهام ليست من اختصاصاته. وسيبقى منصب إدارة الدار شاغرا في حال قبول طلب إعفاء المدير الحالي، علما أن الوزارة تعاني خصاصا كبيرا في الموارد البشرية، وأنها تنتظر خريجي الموسم الجاري لتسوية بعض منه. ويتوقع أن يتم الاعتماد على جمعية الدعم التربوي لتسيير شؤون الدار مؤقتا إلى حين تأسيس مجلس الدار, خصوصا جانب الاستخلاصات المالية لواجبات كراء قاعة الدار وبعض مرافقها.