مليون شاب دون تكوين أو تمدرس أو شغل... السكوري: أعداد "NEET" تشهد تراكما مقلقا    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 54 ألف شخص ضمنهم 3 آلاف في العالم القروي    كاريكاتير في مجلة "LeMan" في تركيا يشعل حالة غضب ويؤدي إلى اعتقالات واسعة    كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب-2024): لاعبات المنتخب الوطني "متحمسات لانطلاق المنافسات" (خورخي فيلدا)    حكيم زياش مهدد بالسجن وحجز الممتلكات.. اكتشف السبب    ساكنة حي اشماعو بسلا تستنجد بالسلطات بسبب سيارة مهجورة    الصويرة.. إحباط محاولة تهريب ثلاثة أطنان و30 كيلوغراما من مخدر الشيرا وتوقيف ثلاثة أشخاص    عاجل.. المحكمة تدين محمد بودريقة ب5 سنوات حبسا نافذا    انطلاقة قوية للمناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي تُبرز طموح المغرب للريادة الرقمية (صور)    مهرجان موازين يستقطب أكثر من 3,75 مليون متفرج ويحتفي بأزيد من 100 فنان عالمي    حزب الاستقلال يكتسح الانتخابات الجزئية بإقليم الحسيمة    غبار كثيف يرافق هبوط طائرة بوينغ 747 بمطار الحسيمة ومصدر يوضح    نشطاء حقوقيون ينتفضون ضد "تعديلات تقييدية" على المسطرة الجنائية    الحكومة تفلت من الإسقاط في فرنسا    الريال يتخطى اليوفي بمونديال الأندية    الولايات المتحدة.. إيلون ماسك يتعهد بتأسيس حزب سياسي جديد    المغرب يُعزز موقعه كشريك موثوق في مكافحة الاستغلال الجنسي داخل عمليات الأمم المتحدة    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية .. على الجميع التأقلم مع موجات الحر    ميتا تعلن إحداث مختبر للذكاء الفائق    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب والسعودية عازمان على توطيد التعاون الاقتصادي    السغروشني: الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا تقنيا بل ضرورة سيادية للمغرب    تأكيد الحكم بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الجزائري بوعلام صنصال    عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    شيرين عبد الوهاب تتعثر فوق مسرح "موازين" وغادة عبد الرازق تصفق للظلّ    الكشف عن الأغنية الرسمية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    السيطرة على حريق غابة آيت إصحى بنواحي أزيلال بعد تدخل طائرتي "كنادير"    تقارير تفتيش تكشف تلاعبات مالية في شراكات "وهمية" بين جماعات ترابية وجمعيات يترأسها أقارب وزوجات المنتخبين    شيرين تهدد باللجوء الى القضاء بعد جدل موازين    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    الحسيمة.. صرخات استغاثة لم تنقذ مصطافا.. رجل ستيني يغرق بكالا بونيطا    غوارديولا: بونو وراء إقصاء "السيتي"    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    "أونروا": 500 قتيل و4000 جريح أثناء محاولتهم الحصول على الطعام بغزة    بعد انخفاضات محتشمة... أسعار المحروقات تعود للارتفاع من جديد بالمغرب    الهلال السعودي يواصل الحلم بقيادة ياسين بونو.. مباراة ملحمية وبصمة مغربية حاسمة    توقيف شخص ببركان بشبهة الاتجار غير المشروع في المخدرات    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    فتح بحث قضائي في ملابسات تورط أحد أفراد القوات المساعدة في قضية تحرش وابتزاز مادي    العصبة تحدد موعد فترة الانتقالات الصيفية وتاريخ إجراء قرعة البطولة الاحترافية    النَّوْ: بِرِيدْنَكْ    آسفي... كأس الفرح وصرخة المدينة المنسية    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة    اتحاد طنجة يجدد عقود ركائزه الأساسية تحضيراً للموسم القادم    مونديال الأندية.. مبابي "يملك حظوظا كبيرة" في المشاركة أمام يوفنتوس (ألونسو)    إصلاح نظام الصرف يندرج في إطار الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    إبداع بروكسل يفك الحصار عن غزة    الصويرة تحتضن مؤتمر المدن الإبداعية 2026    أكثر من 900 قتيل في إيران خلال الحرب مع إسرائيل    الخطوط الملكية المغربية توسع شبكتها الدولية بإطلاق أربع وجهات جديدة    الصحة العالمية تحذر: الهواتف ووسائل التواصل تعزز مشاعر الوحدة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران وسوريا وأسئلة التصعيد العسكري والسياسي
نشر في المساء يوم 07 - 09 - 2012

كان شهر غشت هو الأكثر دموية على الإطلاق في تاريخ الثورة السورية، ولا ندري هل سيتفوق عليه شهر شتنبر أم سيقل عدد الضحايا، إذا لم يقدر الله سقوطا للنظام
يحمي ما تبقى من مقدرات السوري وينقذ عددا كبيرا من البشر المهددين بالقتل.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: لماذا هذا التصعيد في آلة القتل والتدمير من قبل نظام بشار الأسد؟ وهل يمكن القول إن هذا اللون من السلوك هو سلوك رجل يعتقد أنه سيتمكن من إخضاع الثورة وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وكأن شيئا لم يحدث طوال ما يقرب من عامين؟
من المؤكد أن الطغاة يزدادون شراسة كلما اقترب سقوطهم، لكن افتراض وجود قليل من العقل والمنطق في صفوف النظام وداعميه لا بد أن يفضي إلى اعتقاد وجود خطة ما خلف هذا التصعيد في مسلسل القتل والتدمير.
ما يدفعنا إلى هذا الاعتقاد هو ذلك النشاط الذي دب في الدبلوماسية الإيرانية خلال الأسابيع الأخيرة، بخاصة عشية قمة عدم الانحياز في طهران وقبل ذلك ترحيبها بمبادرة الرئيس المصري بإنشاء مجموعة اتصال تتشكل من مصر وتركيا وإيران والسعودية من أجل إيجاد حل للمعضلة السورية، فضلا عن مشروع الحل «العقلاني والمقبول» الذي قال وزير الخارجية الإيراني علي صالحي إنه سيعرض على القمة، وسيكون من الصعب على الأطراف المتنازعة أن ترفضه.
ويبدو أن تصريحات الرئيس مرسي المطالبة بتنحي الأسد لم تعجب طهران التي ردت عليها بتصريح لبروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني، يتحدث عن مؤتمر لأصدقاء سوريا يعقد في طهران.
لم يعد ثمة شك في أن إيران هي التي تدير المعركة في سوريا بوصفها المعركة الكبرى التي تحدد مصير مشروع تمددها في المنطقة، بصرف النظر عن طبيعة المشاركة، وما إذا كانت تكتفي بالتخطيط والتسليح ومنح التكنولوجيا والتمويل أم تتعداها إلى مشاركات مباشرة على الأرض؛ بل إن مجمل سلوكها وتصريحاتها لا تزال تؤكد أنها تتعامل بمنطق الوصاية على النظام، في ذات الوقت الذي تسنده معنويا بشكل يومي من أجل أن يحافظ على تماسكه عبر إقناع الفئات الداعمة له بأنه لا يخوض حربا يائسة.
من هنا، يمكن القول إن أي حراك سياسي تديره إيران لا بد أن يكون منسجما مع النشاط العسكري الذي يُدار على الأرض (من قبلها أيضا) في التعامل مع الثورة.
والذي نميل إليه هو أن التصعيد العسكري في مسلسل المجازر والدمار إنما يهدف، في جانبه الأهم، إلى تحسين شروط التفاوض بين النظام والمعارضة بناء على تقدير موقف يقول إن المعركة قد تطول على نحو يدمر البلد بأكمله، ومن الأفضل إيجاد حل سياسي، ولاسيما أن من بين المحسوبين على المعارضة من يتبنون هذا الطرح كما هو حال هيئة التنسيق الوطني التي طرحت مبادرة لا يمكن رفضها من قبل النظام إذا تم تبنيها فعليا من قبل المجلس الوطني والجيش الحر، وهي التي تعد إنقاذا له من المأزق القائم، وربما إنقاذا للطائفة التي ينتمي إليها عمليا، والتي وضعت بيضها كاملا في سلته.
ولا يمكن النظر إلى المؤتمر الذي ستعقده الهيئة المشار إليها في 12 شتنبر بعيدا عن هذا الحراك، وهي التي يُعتقد وجود صلات بين بعض رموزها وبين حزب الله وإيران.
كما أنه من الضروري القول إن الأمر يتعدى التصعيد العسكري إلى مساعي إظهار التماسك من قبل النظام عبر تصريحات متشددة لرموزه، وعبر ظهور لبشار الأسد في مقابلة مع فضائية «الدنيا» المساندة، وما تضمنته من حديث يؤكد القدرة على الانتصار على الثورة، وإن بشكل متدرج.
هذا هو الهدف الأهم من عملية التصعيد القائمة وما انطوت عليه من مواقف وتصريحات، مهمتها الإيحاء بتماسك النظام، أعني تحسين شروط التفاوض على المخرج، لكن الهدف الآخر الذي لا يمكن تجاهله يتمثل في التعامل مع السيناريو الأسوأ ممثلا في فشل الحل السياسي واليأس من إمكانية بقاء النظام.
هنا يمكن القول إن هدف التدمير الممنهج والرعب واسع النطاق الذي يبثه النظام هو تدمير الدولة المركزية، خصوصا مدينتي حلب ودمشق الأكثر أهمية وحساسية في البلد، ومن ثم اللجوء إلى خيار الدويلة العلوية في الساحل السوري بعد تطهيره من السكان السنة، الأمر الذي سيجعل من الصعب على دولة ضعيفة تنهشها الخلافات السياسية بين أطياف المعارضة (دعك من إمكانية استئثار الأكراد بجزء منها) أن تلاحق تلك الدويلة الوليدة التي ستحظى بدعم استثنائي من إيران.
ولا يُستبعد أن يكون هدف الاستئثار بمناطق معينة ليس تثبيت الدويلة، بل التفاوض على إعادتها إلى الدولة مقابل ضمانات للطائفة العلوية.
والحال أن أيا من المخططات التي تديرها إيران وينسجم معها النظام لن يكتب لها النجاح، وفق السيناريوهات المرسومة على الأقل؛ فلا الثورة ستقبل بتقسيم سوريا مهما كان الثمن، وتبعا له الابتزاز، ولا دول الجوار ستقبل بذلك مهما طالت المواجهة.
أما الحلول السياسية فلن يُقبل منها ما ينطوي على نصف انتصار للثورة، بل لا بد من انتصار واضح يغير بنية النظام وليس رأسه فقط، مع العلم بأن جوهر التحرك الإيراني لا يستبعد على ما يبدو (وإن قال غير ذلك) إمكانية تنحي الأسد مقابل الحفاظ على البنية الأمنية والعسكرية للنظام، وتبعا لها وضع الطائفة العلوية في الوضع الجديد.
من جهة أخرى، تزداد ملامح التدخل الخارجي وضوحا، ليس حبا للثورة ولا رأفة بالضحايا، وإنما خوفا على السلاح الكيماوي الذي فضح النظام حجمه الكبير، وهو ما يحفز بدوره جهود إيران لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل ذلك التدخل الذي لن يكون بالإمكان مواجهته، فيما يعلم الجميع بأن الحسم من دون تدخل عسكري سيكون ميسورا لو سمح بتسليح جيد للمعارضة ما زالت أمريكا تمنعه بكل ما أوتيت من قوة.
ليس الخوف على السلاح الكيماوي وحده تبعا لمصلحة الكيان الصهيوني هو ما يحفز التدخل، إذ هناك طبيعة الثوار ووجود مجموعات تصعب السيطرة عليها (يرتبط ذلك بمخاوف وقوع السلاح الكيماوي في يدها أيضا)، فضلا عن التحكم في مسار الثورة التي تقترب حثيثا من النصر، وبالطبع من أجل تطويق عنق الشعب السوري بجميل يجعله بعيدا كل البعد عن أية سياسات لا تنسجم مع المصالح الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة.
ولا شك أن مخاوف الأتراك من التقسيم وأحلام الأكراد ستدفعهم إلى التوافق مع تدخل عسكري غربي حتى لو لم يكونوا مقتنعين به تماما.
لقد قلنا وسنظل نقول إن البرنامج الأكثر فاعلية في السياق السوري إلى الآن هو البرنامج الإسرائيلي الذي أيقن استحالة بقاء النظام، فذهب نحو خيار تدمير البلد من أجل إشغاله بنفسه لعقود، مما يعني تخلصه من بعض إزعاجات النظام السابق، من جهة، وعزله لإيران على نحو يسهِّل أمر التعامل مع برنامجها النووي، من جهة أخرى، في ذات الوقت الذي قد يستجد فيه في سوريا وضع غير مزعج، مدة ثلاثة عقود قادمة على الأقل.
كل ذلك ليس قدرا بحال، فالثورة الرائعة التي قدمت أعظم التضحيات لن تستسلم لخيارات الأعداء، وهي قادرة على حسم المعركة على غير ما يشتهيه العدو، كما أن الشعب السوري لن يكون مطية لأية مخططات أجنبية لا تنسجم مع مصالحه، من جهة، وروحه القومية والإسلامية، من جهة أخرى.



ياسر الزعاترة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.