أبو عبيدة: العدو عالق في رمال غزة.. وهجوم إيران أربك حسابات الاحتلال    طقس الأربعاء.. أمطار ورياح مع تناثر غبار بهذه المناطق    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن "تمجيد الإرهاب" إثر بيان حول حماس    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    مازال غاديين فتطرفهم وكلاخهم.. ايران عاقبت گول المنتخب غير حيث عنق مشجعة كانت مخلوعة    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصار.. المخاض العسير لولادة «إمارة» غزة
نشر في المساء يوم 02 - 12 - 2008

منذ أن أعلن شارون عام 2004عزمه الخروج من غزة في إطار خطته للانسحاب أحادي الجانب، انشغل الفلسطينيون بقضية غزة حتى هيمنت على المشهد السياسي الفلسطيني والدولي وغَيَّبت غزة القضية الوطنية بكل مكوناتها الأساسية من لاجئين والقدس وحق العودة وحتى المفاوضات والتسوية أصبحتا موضوعا هامشيا أو مؤجلا إلى حين الحسم في مصير غزة. منذ عام 2004 تداعت الأحداث وخصوصا بقطاع غزة بشكل دراماتيكي: الانفلات الأمني في القطاع، تدفق السلاح بشكل غير مسبوق على القطاع، تواجد وفد أمني مصري على القطاع دون الضفة الغربية، قبول حركة حماس بالمشاركة بالانتخابات التشريعية بعد طول ممانعة لا تخلو من تبريرات دينية، تفكك وإضعاف الأجهزة الأمنية لصالح الميليشيات والجماعات المسلحة، تدمير تنظيم حركة فتح أو إعاقة استنهاضه وخصوصا في قطاع غزة، تعاظم انفلاش وفساد السلطة، الحديث عن الدولة ذات الحدود المؤقتة، انسحاب شارون من قطاع غزة، الانتخابات التشريعية التي أوصلت حماس إلى السلطة، الاتصالات المباشرة وغير المباشرة بين حركة حماس وواشنطن وأطراف أوروبية وإسرائيلية بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الوساطة القطرية، إمعان إسرائيل في سياسة الاستيطان بالضفة والتهرب من استحقاقات التسوية التي تؤسَس على وحدة الضفة وغزة والمرجعية الدولية، فرض الحصار على الضفة وغزة خلال حكومة حماس ثم حكومة الوحدة الوطنية، الاقتتال الداخلي، انقلاب حركة حماس في يونيو 2006وفصل غزة عن الضفة، انسحاب الوفد الأمني المصري من القطاع، تواجد حكومتين وسلطتين متعاديتين في الضفة وغزة، انحياز وتواطؤ معلن وخفي لأطراف عربية وإقليمية ودولية لحكومة حماس، تزايد التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية لحكومة سلام فياض وقوات الاحتلال، حصار قطاع غزة، التهدئة بين حماس وإسرائيل، ثم الحملات المكثفة المبرمجة والمخططة على أعلى المستويات لرفع الحصار عن قطاع غزة بذريعة الظروف الإنسانية مقابل تراجع الجهود والمحاولات الداخلية والعربية للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية.
قد تبدو هذه الأحداث عفوية ولا رابط بينها إلا أن المدقق في الأمور والملم بالسياسة الإسرائيلية والدولية والتي لا تقبل الفراغ السياسي وخصوصا بالنسبة إلى قضية كالقضية الفلسطينية وبمنطقة كمنطقة الشرق الأوسط الأكثر سخونة وخطورة في العالم، سيدرك أن الأحداث المشار إليها حلقات مترابطة لتسوية جديدة تتشكل على الأرض .فعلى عكس اتفاقية أوسلو التي سبقتها مفاوضات مكثفة ثم أعلن عنها رسميا ووضعت خطوات ومراحل لتنفيذها وسط ضجيج إعلامي كبير ثم وصلت إلى طريق مسدود، هذه التسوية الجديدة بدلا من أن يُعلن عنها بداية ثم تفرض على الأرض -كان من المتوقع أن تجد معارضة فلسطينية قوية- جرت الأمور بالعكس، حيث تم التفاهم عليها سرا وضمنيا ثم بدأ الاشتغال على تنفيذها بهدوء ودون إعلان رسمي لولادتها، لأن المشاركين فيها لا يريدون الاعتراف بمشاركتهم.
منذ أن بات واضحا أن التسوية المُعلنة المؤسَسَة على اتفاقية أوسلو وقراري 242 و338 وصلت إلى طريق مسدود حتى بدا الاشتغال على تسوية خفية، تسوية أمر واقع تشارك بها أطراف متعددة بعضها كمشارك فاعل ومؤسس وأخرى من خارج فلسطين تشارك لوجستيا وماليا دون أن تظهر في الصورة وأخرى تعلم بالمخطط وتباركه من بعيد وبصمت وأطراف تعلم بالمخطط ولا توافق عليه ولكنها لا تقدر على وقفه أو مواجهته في العلن، كل هؤلاء مشاركون في تسوية الأمر الواقع التي نشهد آخر فصولها اليوم من خلال استعداد حركة حماس للإعلان عن قيام دولة غزة، هذا الإعلان الذي ينتظر تنصيب رئيس من حماس في يناير وفتح معبر رفح ولو جزئيا، وفي هذا السياق فإن التهدئة وخرقها المتكرر الذي يعطي ذريعة لمواصلة الحصار هي محاولات لممارسة ضغوط على مصر أو منحها ذرائع لفتح معبر رفح أو تشجيع أطراف دولية على فتح خط بحري بين القطاع والعالم الخارجي، مما سيؤدي إلى قطع العلاقة كليا ما بين القطاع وإسرائيل وبالتالي بالضفة الغربية.
الحصار الذي يتعرض له أهلنا بالقطاع، أهل غزة الذين احتضنوا المشروع الوطني عبر التاريخ وحملوا اسم فلسطين وحافظوا عليه ودفعوا ثمنا باهظا للحفاظ على الهوية الوطنية وشعلة الثورة، حصار ظالم وغير أخلاقي تتحمل مسؤوليته كل الأطراف المشاركة في تسوية الأمر الواقع غير المعلنة، تسوية فصل غزة عن الضفة وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني. بطبيعة الحال إسرائيل هي المُخطِط الأول لأنها المستفيد الأول ولا داعي إلى تكرار الحديث عنها لأنها عدو والعدو سيمارس كل ما هو مُدمِر لخصمه، ولكن الأطراف التي نقصد هي التي يفترض أنها صاحبة القضية الوطنية أو متبنية لها بحكم الانتماء القومي أو الديني، هذه الأطراف الفاشلة والعاجزة أسقطت فشلها وعجزها على أهل غزة، فشل منظمة التحرير وسلطتها وحكومتها في التقدم على مسار مشروع التسوية الذي راهنت عليه طويلا، وفشل حركة حماس ومعها كل الإسلام السياسي في العالم في تطبيق مشروعها المقاوم وشعاراتها الكبيرة حول التغيير والإصلاح، وفشل العرب في فرض مشروعهم للسلام .
كل الذين يتباكون اليوم على أهل غزة سواء كانت حركة حماس أو السلطة في الضفة أو مراكز الإخوان المسلمين والإسلام السياسي في الخارج أو دول عربية وأجنبية، كلهم يدركون أن مشكلة غزة ليست إنسانية بل سياسية وإستراتيجية، وأن الأمر لا يتعلق فقط برفع الحصار المالي والغذائي بل بتحديد مصير غزة ووضعيتها القانونية وشرعية السلطة القائمة بها، ما يجري هو مخاض مؤلم وقاس لتنفيذ المرحلة الثانية لخطة شارون للانسحاب من القطاع، مخاض ولادة دولة غزة أو الإمارة التي ستشكل قاعدة لمشروع سياسي إسلامي يحل محل المشروع الوطني الفلسطيني الذي وصل إلى طريق مسدود أو أوصلوه إلى ذلك، الأمر ليس كسر حصار لأسباب إنسانية بل تحديد الوضعية القانونية لقطاع غزة ورسم الحدود والعلاقات الدولية ما بين قطاع غزة ككيان سياسي منفصل عن كيان منظمة التحرير وسلطة الحكم الذاتي من جهة والعالم الخارجي من جهة أخرى، ومصر تعلم حقيقة الأمر وكذا الأنظمة العربية، ولذلك فإن مصر والدول العربية تماطل وتتهرب من الإقدام على خطوات جادة للمصالحة لأنها تعلم أن القوى الدافعة باتجاه التسوية الجديدة أو تسوية الأمر الواقع أقوى من الحوافز والدوافع الأخلاقية والوطنية والقومية للمصالحة الفلسطينية، بل يمكن القول بأن محاولات مصر الأخيرة للمصالحة لم تكن جادة وهي أقرب إلى رفع العتب وتهدئة الجماهير المصرية الضاغطة في اتجاه المصالحة ورفع الحصار بحسن نية، ومصر والدول العربية أيضا مترددة في الإقدام على المصالحة وكسر الحصار المفروض على القطاع لأنها تدرك أنه فات الأوان على المصالحة على قواعد ومرجعيات متوافق عليها للمشروع الوطني، وتدرك أيضا أن فتح الحدود والاعتراف بحكومة الأمر الواقع في القطاع معناه المشاركة في فصل غزة عن الضفة وإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني وبالتالي إعادة النظر في ملف التسوية ومشروع السلام العربي والصفة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هذه الأطراف تعرف المخطط وليست بعيدة عنه ولكنها لا تريد أن تبدو كمشاركة فيه.
قد تبدو هذه المقاربة تشاؤمية وتشكك وتتهم الجميع وتؤسَس على افتراضات لا حجج دامغة عليها، ومع أننا لا نعتبر التشاؤم ونهج التآمر أمورا بعيدة عن السياسة، بل هي جوهر السياسة الواقعية، فليس هدفنا نشر روح التشاؤم أو التشكيك في وطنية أحد، بل معرفة الأمور على حقيقتها والتحرر من خطاب الأيدولوجيا والشعارات والمراهنات على الأوهام. إن كان الحوار والمصالحة لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يونيو 2006 وعلى أرضية وحدة السلطة والنظام السياسي باتا أمرا صعب المنال، لأن إسرائيل لن تقبل بمصالحة على غير شروطها ومحاور إقليمية أصبحت قادرة أيضا على فرض شروط على قوى فلسطينية، فهذا لا يعني أن حبل الحوار والمصالحة انتهى، فالفلسطينيون في حاجة إلى الحوار والمصالحة حتى لو استمرت حالة الفصل القائمة بين غزة والضفة إلى وقت من الزمن، إن فشلت المصالحة والتفاهم على الحكومة والسلطة والنظام السياسي فالفلسطينيون بحاجة إلى استمرار الحوار والمصالحة للحفاظ على القضية الوطنية والشعب والهوية ومواجهة تحديات المستقبل، فلسطين أكبر من الحكومة والسلطة ومن فتح وحماس وبقية الفصائل، وإن كانت أطراف عربية وإقليمية متواطئة على المشروع الوطني ومشروع السلام الفلسطيني فلا يعني هذا أنها مفرطة بالضرورة في القضية الفلسطينية ومتواطئة مع العدو، فقد تندرج سياستها في إطار سياسة إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولو في إطار مشروع للإسلام السياسي المعتدل والمقبول أمريكيا، وقد تكتشف هذه الأطراف مع الوقت أنها أخطأت في مواقفها لأن الإدارة الأمريكية الديمقراطية تريد توظيف مقولة الإسلام المعتدل لمواجهة ما تعتبره الإرهاب الإسلامي وليس تأسيس علاقة إستراتيجية معه.
هذا التشخيص للحالة وهذه التداعيات الدراماتيكية ما كانت لتكون لو كانت إسرائيل جادة في السلام ولو حقق مشروع السلام والتسوية الذي تتبناه السلطة إنجازا على الأرض. في ظل غياب المصالحة الوطنية قد تتغير أو تتعثر المعادلة – تسوية الأمر الواقع – نسبيا في حالتين: الأولى في ما لو غيرت حركت حماس مواقفها من التسوية والاتفاقات الموقعة والاعتراف بإسرائيل، لكن حتى في هذه الحالة لا نعتقد أن إسرائيل مستعدة لتنفيذ الاتفاقات الموقعة والسماح بقيام دولة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، أما الحالة الثانية فهي أن يتم التوصل إلى تسوية ما بين الرئيس أبو مازن وأولمرت في اللحظة الأخيرة، ولكن هذا الاتفاق لن يجد قبولا من حركة حماس وربما من فصائل أخرى وبالتالي يحتاج تنفيذه إلى تدخل قوات عربية أو دولية أو تدخل إسرائيلي وهذا يعني تعميق الانقسام الفلسطيني الداخلي. وعلى كل حال فهذان الاحتمالان بعيدان عن التحقق. أما بالنسبة إلى الانتخابات فلا نعتقد أنها ستحل المشكلة في ظل استمرار حركة حماس على مواقفها وفي ظل وجود المواقف المتناقضة حول المرجعيات والثوابت الوطنية: السلام والتسوية والمقاومة والدولة ومفهوم المشروع الوطني، وقد كتبنا أكثر من مرة بأن الانتخابات ليست دائما آلية مناسبة لحل التناقضات الداخلية، فالتفاهم والتراضي قد يكونا أجدى، ونخشى إن تمت الدعوة إلى الانتخابات دون تفاهم أن يؤدي الأمر إلى مزيد من الانقسام وتكريس القطيعة.
بدائل كل هذه الخيارات المأزومة هي المصالحة الوطنية الجادة على قاعدة اعتراف طرفي المعادلة – فتح وحماس- أن كل منهما فشل في خياراته، فتح والسلطة فشلتا في التقدم على مسار السلام وبات واضحا أن المفاوضات مع إسرائيل منحت وتمنح إسرائيل شرعية مواصلة الاستيطان والتهرب مما عليها من استحقاقات كدولة احتلال، وحركة حماس فشلت في تقديم بدائل وطنية وفي إخراج النظام السياسي الفلسطيني من عثرته، فتوظيفها للدين ولشعارات المقاومة وممارستها للمقاومة خارج إستراتيجية وطنية، كل ذلك أوصل حركة حماس إلى طريق مسدود ولن يخرجها من عثرتها المراهنة على عالم إسلامي وإسلام سياسي مأزوم، وحتى السماح لها بإقامة إمارة أو دولة غزة لن يكون سماحا برخصة مفتوحة، بل إلى حين لن يطول يسمح لإسرائيل باستكمال مخططاتها الاستيطانية في الضفة وتكريس حالة الفصل بين غزة والضفة، ثم ستخلق إسرائيل وربما أطراف أخرى فتنة في القطاع ستجعل منه ساحة لحرب أهلية
مفتوحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.