المؤتمر الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي    روسيا تشيد بالمبادرات الملكية المتعلقة بالأطلسي والساحل    أخنوش والمنصوري يحضران "عرس لشكر" .. وبنكيران يقاطع الاتحاديين    عصفورة عمي قدور    "جيل Z" والسينما    التديّن الشكلي ببلاد المهجر    الطالبي العلمي يجري مباحثات مع رئيس المجلس الوطني الفلسطيني    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    الخطوط الملكية تعلن عن رحلات مباشرة إلى الشيلي لمساندة "أشبال الأطلس" في نهائي المونديال    تراجع المنتخب المغربي إلى المركز 12 عالميا في تصنيف الفيفا    25 لاعبا في قائمة الوداد لمواجهة أشانتي كوتوكو في كأس الكونفدرالية    "لارام" تخصص رحلتين للعاصمة التشيلية    باها يكشف لائحة "U17" لكأس العالم    أرقام رسمية تكشف ضعف التبرع بالأعضاء .. وهبي يدعو لرقمنة التسجيل    توقيف شخص في بن أحمد مشتبه بقتل زوجته وتقطيعها وإخفاء الجثة    المستشار الخاص للرئيس ترامب يجدد تأكيد دعم الولايات المتحدة لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي    مالاوي تجدد دعم الوحدة الترابية للمغرب    حركة "جيل زد" تنفي صحة بيان يتحدث عن انسحابات في صفوفها وتؤكد وحدة مكوناتها    انطلاق فعاليات مهرجان "جسد" للمسرح بمشاركة نوعية    أخبار الساحة    محمد وهبي ..الربان الذي يقود سفينة "أشبال الأطلس" إلى أعلى مدارج المجد الكروي    فاطمة الزهراء لحرش توضح بهدوء أسباب طلاقها وتحسم الشائعات    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    استئنافية الحسيمة ترفع عقوبة سيدة متهمة باستدراج قاصرات لممارسة الدعارة    أمن طنجة يوقف شابًا متلبسًا بحيازة أقراص مهلوسة بمحطة القطار    قطاع صناعة السيارات.. شركة هولندية تختار طنجة للاستثمار    قيوح: تحت قيادة جلالة الملك المغرب جعل من الربط والاندماج القاري خيارا استراتيجيا    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    انفجار قنبلة أمام منزل أحد كبار الصحافيين الاستقصائيين في إيطاليا    طنجة البالية: توقيف 3 قاصرين تورطوا في رشق الحجارة قرب مؤسسة تعليمية    مستشار ترامب: واشنطن تقترب من افتتاح قنصليتها في الصحراء المغربية... والملف يسير نحو نهايته    ألمانيا تجيز استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد    أستراليا تفرض أول حد أدنى لعمر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي    الذهب يتجاوز 4300 دولار ويتجه لتحقيق أفضل مكاسب أسبوعية في 17 عاما    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    المتصرفون التربويون: قرارات الوزارة "متناقضة ومتخبطة" والرؤية غائبة    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    شركات كبرى تحتكر سوق الدواجن بالمغرب والجمعية الوطنية لمربي الدجاج تحمّل الحكومة المسؤولية    إسرائيل ترجح إعادة فتح معبر رفح الأحد وحماس تؤكد "حرصها" على تسليم جثامين بقية الرهائن    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو في آسيا رغم التوترات التجارية الصينية الأمريكية    الفلبين: زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب جنوب البلاد    كرة القدم المغربية .. من شغف الملاعب إلى قوة ناعمة واقتصاد مزدهر    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    جيل 2022 فتح الباب .. جيل 2025 يعبر بثقة من مونديال قطر إلى كأس العالم U20... المغرب يصنع مدرسة جديدة للأمل    قطاع التعليم بين حركية الإصلاحات وثبات الأزمة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة مع «مُهرب مخدرات» يحسن القيادة في المنعرجات
« المساء » تخترق معقل صناعة الحشيش بالمغرب 3/5
نشر في المساء يوم 04 - 03 - 2009

رحلة التوصيلة بسيارة محملة بالحشيش في اتجاه مدينة الدارالبيضاء تتراوح ما بين 3000 إلى 5000 درهم
مناطق انتشار زراعة القنب الهندي أضحت تشكل مركزا لمهن مختلفة، منها «الدقاق» و«السراي» و«الحمّال» والمكلف بتوصيل «السُُّخرة»...مهن جديدة أدخلتها تجارة المخدرات إلى هذه المناطق وزاد من انتشارها تهميش السلطات الرسمية لهذا الجزء من تراب المملكة. شباب المنطقة ممن لم يهاجروا في اتجاه الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط يقبلون أكثر فأكثر على مهنة كلها مخاطر تتمثل في «الحمّال» أو المكلف بتوصيل «السخرة» أو ما يعرف ببعض المناطق ب»مُهرب» المخدرات.
المهنة : «مُهرب مخدرات»
«الحمّال» أو «المُهرب» هو الشخص الذي يقوم بتحميل كميات «الحشيش» في سيارات خاصة ويقوم بإيصالها من «الگراج» في اتجاه صاحب «السلعة»، ويستعمل في ذلك سيارة أو شاحنة أو حتى دابة، حسب التعريف التي استقته «المساء» من أفواه بعض العاملين في «القطاع» بمنطقة كتامة.
سعر الرحلة يختلف حسب المسافة وحسب كمية الحشيش المحملة، علاوة على «أجواء الطريق» إن كان يتخللها الكثير من محطات الأداء، يوضح كمال، «مُهرب» ذائع الصيت التقته «المساء» بالمنطقة، قبل أن يضيف أن «المخاطر نعيشها ليل نهار، فبالإضافة إلى احتمال الاعتقال في كل لحظة، هناك أيضا احتمال الموت في أي مكان وزمان بالنظر إلى خطورة الأشخاص الذين نتعامل معهم، لأنهم، يؤكد كمال، لا يقبلون تبريرات أحد إن كان هناك تأخير في الوصول أو عدم التزام بإيصال السلعة المطلوبة بجودتها وكميتها».
كمال، الذي التقته «المساء» صدفة في فندق شهير بجماعة «إيساغن» القروية، التابعة لتراب منطقة كتامة، ذهب إلى حد وصف مهنته ب»مهنة الموت»، لكنه استدرك قائلا: «هادي هي المهنة اللي كنعرف ندير وكاناكول منها طرف دالخبز...». كمال أكد أن رحلة التوصيلة بسيارة محملة بالحشيش في اتجاه مدينة الدارالبيضاء تتراوح ما بين 3000 إلى 5000 درهم، ترتفع كلما تم الاتجاه أكثر نحو جنوب المملكة، كما ترتفع إن كانت «السلعة» موجهة إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.
«المُهرب المثالي» يصل في الموعد بأي ثمن
كانت الساعة تشير إلى حوالي الثانية بعد الزوال، حينما كان كمال يستعد لمغادرة منطقة «إيساغن» في اتجاه منطقة «باب برد» لإيصال شحنة من «الحشيش» تزن حوالي 20 كيلوغراماً ملفوفة بإحكام في أكياس بلاستيكية بعد أن تصلبت على شكل «پلاكات» ووضعت بشكل منظم، واحدة فوق الأخرى، في حقيبة صغيرة وضعت بدورها في صندوق السيارة الخلفي.
أخذ مكانه خلف مقود السيارة ودعا صديقه إلى الجلوس بجانبه، فيما انحشرت، رفقة مرافقي الجبلي، في الخلف. «واش ماخايفش؟»، سألت السائق. «إلا كنت نتينا خايف نزل الله يخليك»، أجابني بنبرة صارمة. قررت حينها أن لا أتفوه بكلمة أخرى مجددا كي لا ينكشف أمري، وفكرت في مراقبة ما يحدث فقط.
بين منعجرات الطريق الرابطة بين جماعتي «إيساغن» و»باب برد»، تسللت سيارة محملة بحوالي 20 كيلوغراماً من الحشيش، هل سيتم إيقافنا من طرف رجال الدرك في نقطة التفتيش الوحيدة التي توجد على طول الطريق المشهورة بمرور السيارات المحملة ب»السلعة» في اتجاه مدن فاس والشاون والمدن الداخلية بصفة عامة، هل سيتوقف السائق في حالة أُمر بذلك من طرف رجال الدرك، وإن لم يقم بذلك ماذا سيكون مصيرنا المشترك في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر... هذه بعض من الأسئلة التي بدأت تراودني بمجرد ما شغل كمال محرك السيارة وهو يردد عبارة «توكلنا على الله»، فيما كان صديقه منهمكا في إدخال قرص مدمج في راديو السيارة.
«أنتي عمري انتي الكاپيتال انتي مولات الدار عليك نخلص بالدولار...»، نغمات صاخبة من موسيقى الراي الممزوجة ببعض من التيكنو والروك أفرزت أغنية من أداء مغني الراي الجزائري رضا الطالياني، كان يحفظ مُساعد كمال كلماتها عن ظهر قلب، إذ لم يتوان في ترديد كلماتها التي كنت أفرز معانيها بصعوبة بالغة. فيما كان السائق متشبثا بحرص شديد بالمقود خوفا من الوقوع من حافة الجبل غير آبه بالصخب المنبعث من مكبرات الصوت بداخل السيارة الصغيرة.
كنت أنتظر بشوق لحظة اقترابه من نقطة تفتيش الدرك الملكي، التي كان قد حدد موقعها بثقة كبيرة نابعة من كونه قطع هذه الطريق بكميات أكبر من الحشيش ولم يسبق له أن وقع بين يدي رجال الدرك المتسمرين هناك. كمال كان يفضل أن يتريث قبل أن يزيد من السرعة التي كانت تسير بها السيارة، حيث لم يكن يتجاوز في أغلب الأحيان معدل سير لا يتجاوز 60 كلم/ في الساعة الواحدة. مرت حوالي نصف ساعة على مغادرة تراب جماعة «إيساغن»، حينما توقف كمال فجأة في أحد المنعرجات، دون سابق إنذار، ليترك السيارة مسرعا في اتجاه صندوقها الخلفي، حيث أخرج الحقيبة المحملة ب»الحشيش» متجها إلى حافة الجبل ليختفي بعد ذلك بين الأشجار الكثيفة، في هذه الأثناء كان مساعده قد أخذ مكانه وراء المقود، طالبا من أحدنا أن يجلس بمكانه، فضلت المكوث في مكاني. شغل محرك السيارة، وبعد خمس دقائق وجدنا أنفسنا أمام نقطة تفتيش مكونة من حوالي ثلاثة عناصر من رجال الدرك، واضعين شريطاً حديدياً مسنناً في منتصف الطريق كي لا تتمكن السيارات من العبور قبل الخضوع إلى المراقبة.
ألقى «الجدارمي» التحية فأجابه صديقنا بابتسامة عريضة، ألقى نظرة داخل السيارة قبل أن يشير لنا بيده كي نذهب إلى حال سبيلنا. على بعد حوالي 300 متر، توقفت السيارة من جديد في انتظار كمال، الذي قطع مسافة 400 كلم مشيا على الأقدام بين الأشجار. وصل «المُهرب» حاملا الحقيبة في يده اليمنى وقنينة ماء في اليد الأخرى، لم أعرف من أين حصل عليها. كانت علامات العياء بادية عليه، ولاسيما أن العرق لم يتوقف عن التصبب من وجهه. ركب مكان صديقه، هذه المرة، قبل أن ينطلق السائق في اتجاه «باب برد» وجهة «السلعة» التي ينتظرها صاحبها بشوق. صديقنا المعجب بأغاني «الشاب رضا الطالياني» رفع صوت الموسيقى إلى أقصاها محتفلا بنجاح عملية العبور غير مهتم بما قد يصيبه بعد ذلك، لأنه كان على حق حينما أكد أن هذه الطريق لا تتوفر إلا على نقطة تفتيش وحيدة، قد يخترقها أي «مُهرب» يجيد السياقة في المنعرجات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.