"سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    الهلال في ثمن نهائي مونديال الأندية    توقيف ناقلي أقراص مخدرة بوجدة    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    قوانين جديدة للمركبات والدراجات في المغرب    كأس العالم للأندية .. أصدقاء بونو يحجزون بطاقة ثمن النهائي    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025        رئاسة النيابة العامة تحث على تفعيل اختصاصاتها في مساطر معالجة صعوبات المقاولة    وزارة النقل تطلق 7 خدمات جديدة عبر منصتها الإلكترونية    الدرهم يرتفع بنسبة 0,5 في الماي ة مقابل الدولار خلال الفترة من 19 إلى 25 يونيو    تفكيك شبكة بالحسيمة تنشط في تنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    برلمان أمريكا الوسطى يجدد تأكيد دعمه لمخطط الحكم الذاتي وللوحدة الترابية للمملكة    جو ويلسون يُقدّم مشروع قانون إلى الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية    تعيين محمد رضا بنجلون مديرا للمركز السينمائي المغربي    أمير المؤمنين يبعث بطاقات تهنئة إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    المحكمة تستدعي الفنانة لطيفة رأفت كشاهدة في قضية "إسكوبار الصحراء"    مجلس الحكومة يُصادق على مشاريع مراسيم تهم مجموعة من القطاعات    الوداد يغادر مونديال الأندية خالي الوفاض بعد هزيمته أمام العين الإماراتي    عمر زنيبر يبرز بجنيف أولويات العمل الدبلوماسي والوطني للمغرب في مجال الهجرة    اتصالات المغرب وإنوي تعلنان إنشاء شركتي "Uni Fiber" و"Uni Tower"    رسالة من بريتوريا.. خريطة المغرب كاملة في قمة دولية بجنوب إفريقيا (صور)    سانشيز: غزة تشهد "إبادة جماعية"    الهزيمة الثالثة.. الوداد يودع مونديال الأندية بخسارة أمام العين الإماراتي    خريطة المغرب الكاملة بجنوب إفريقيا    مشاريع استثمارية تبلغ 51 مليار درهم    مقتل 44 فلسطينيا بقصف إسرائيلي    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    الزيات يعلن ترشحه لرئاسة الرجاء ويعد بمرحلة جديدة مع تفعيل الشركة    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر            في الأمم المتحدة.. المغرب يدعو لتحرك جماعي لحماية المدنيين من الفظائع    عواصف عنيفة تضرب فرنسا وتخلف قتلى ودمارا واسعا    مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    أسعار الذهب ترتفع وسط تراجع الدولار الأمريكي    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرار المجلس الدستوري بخصوص تمثيلية المرأة في المحكمة الدستورية.. قراءة هادئة
نشر في المساء يوم 18 - 09 - 2014

صدر قرار المجلس الدستوري رقم 14. 943 في 15 يوليوز 2014، والمتعلق بالقانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، والذي أمر بنشره في الجريدة الرسمية بعد حذف مقتضيات اعتبرها غير دستورية، يهمنا منها في هذا المقال المقتضى المتعلق بتمثيلية النساء في المحكمة الدستورية، وهو مقتضى لم يرد في مشروع القانون المحال من طرف الحكومة على مجلس النواب، كما لم يرد في تعديلات الغرفة الأولى، غير أن تعديلات الغرفة الثانية المحالة على مجلس النواب تضمنت مقتضى خاصا بمراعاة ضمان تمثيلية النساء في الفئات الثلاث المشكلة للمحكمة الدستورية، حيث نصت المادة الأولى من مشروع القانون استنادا إلى الفصل 130 من الدستور على أن أعضاء المحكمة الدستورية الاثني عشر يتوزعون على ثلاث فئات: ستة يعينهم الملك من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وستة أعضاء ينتخب نصفهم من قبل مجلس النواب وينتخب النصف الثاني من قبل مجلس المستشارين؛ ونصت نفس المادة في فقرتها الثانية، بناء على تعديل مجلس المستشارين، على أنه "يراعى ضمان تمثيلية النساء في كل فئة من الفئات".
أثناء القراءة الثانية للمشروع، والتي تمت بحضور وزير العدل والحريات داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، فتح نقاش ساخن حول هذا التعديل، أفرز اتجاها يضم نوابا من الأغلبية والمعارضة يعارضون التعديل ليس استهدافا لمبدإ تمثيلية النساء، لكن تحذيرا من إمكانية رفض المقتضى من طرف المجلس الدستوري، على غرار قراره بخصوص النظام الداخلي المعدل لمجلس النواب والرافض لمبدإ حصر مناصب بعينها لعضوية النساء في هياكل مجلس النواب، لمخالفة ذلك حسب رأيه للدستور. غير أن النقاش أفرز اتجاها آخر ضم نوابا ونائبات من الأغلبية والمعارضة، يساند التعديل ويدعمه، وهو ما حدا بالحكومة إلى قبول التعديل كما قبلته في مجلس المستشارين.
لنتأمل حيثيات قرار المجلس الدستوري القاضي بعدم دستورية المقتضى، ولنفتح حول الموضوع نقاشا هادئا:
1) أقر المجلس الدستوري في قراره بكون المشرع مدعو إلى سن قواعد من شأنها تعزيز ولوج النساء إلى المهام العمومية، انتخابية وغير انتخابية، بما فيها المحكمة الدستورية، إعمالا لأحكام الفصل 19 المتعلقة بمبدإ المناصفة. غير أنه أشار بالمقابل إلى أن الدستور تضمن، أيضا، مقتضيات تتعلق بحظر ومكافحة التمييز على أساس الجنس، وذلك في تصديره، الشيء الذي أكد عليه الفصل 19 القاضي بتمتيع الرجل والمرأة على قدم المساواة بكافة الحقوق، وبذلك خلص المجلس إلى أن الدستور لا يسمح للمشرع بتخصيص نسبة مضمونة مسبقا لأحد الجنسين في الوظائف العمومية؛
3) أكد المجلس الدستوري أن العضوية في المحكمة الدستورية مرهونة بشكل واضح بمعايير وشروط جوهرية حصرها الدستور (الفصل 30) في امتلاك تكوين عال في مجال القانون وكفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية، والذين مارسوا مهمتهم لمدة تفوق 15 سنة والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة.
كما أشار القرار إلى أن المسطرة الدستورية واضحة، حيث يعين ستة أعضاء من طرف الملك، في حين ينتخب الأعضاء الستة الباقون من طرف مجلسي البرلمان بالتصويت عن طريق الاقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء؛ وبذلك اعتبر المجلس الدستوري أن تخصيص نسبة مسبقة لأحد الجنسين في العضوية بالمحكمة الدستورية ينافي الشروط الجوهرية والمسطرية الواردة في الدستور؛
3) أشار المجلس في نفس السياق إلى أن إمكانية تمثيلية النساء في العضوية بالمحكمة الدستورية لا يتأتى ضمانه إلا على مستوى الاقتراح والترشيح، دون أن يفضي إلى تخصيص نسبة للرجال ولا للنساء، لأن التمييز بين الجنسين محظور دستوريا.
إن قرار المجلس الدستوري سالف الذكر يضعنا أمام عدة إشكالات تتطلب نقاشا بعيدا عن الاصطفافات النمطية: من مع النساء ومن ضدهن؟ ومن مع المناصفة ومن ضدها؟ ومن المحافظ المناهض لحقوق المرأة؟ ومن الحداثي نصير المرأة؟
- يجب الإقرار بأن مقتضى المناصفة، بوصفها تجسيدا كميا لحضور المرأة في الحياة العامة والمناصب الإدارية والانتدابية، يظل مقتضى غامضا لم يوضع في الدستور كتتويج لمسار نقاش دستوري وقانوني وإجرائي، كان سيعفينا من التخبيط الحالي، مع افتراض الحسم الفكري والثقافي والسياسي في ضرورة دعم إدماج المرأة في كل مناحي الحياة؛
- أن اتهام الحكومة بعدم السعي إلى تحقيق المناصفة في المناصب العليا رغم التقدم الحاصل في هذا الشأن، لا توازيه القدرة على اقتراح البدائل التشريعية القانونية التي ستحل الإشكال الدستوري المشار إليه، لأن الدستور أشار بوضوح إلى معايير التعيين في المناصب العليا، إذ حصرها في مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية، وهو ما يوضح أن تخصيص مناصب بعينها للنساء (سعيا نحو المناصفة) أمر مرفوض قانونيا لكونه منافيا للدستور ومكرسا للتمييز بين الجنسين، وبذلك نجد أنفسنا أمام اتجاهين يحتجان معا بالمرجعية الدستورية؛
- يبدو أن المجلس الدستوري حسم في عدم السماح باتخاذ تدابير تشريعية تفيد بحصر مناصب بعينها، وهو ما تأكد في مناسبتي النظام الداخلي لمجلس النواب والقانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، علما بأن قراره بخصوص اللائحة الوطنية قرار يشوبه الغموض؛
- يبدو أن الحكومة أخذت العبرة من قرارات المجلس الدستوري في تأويلها لمضامين الفصل 146 بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، والذي نص على ضرورة تضمين القانون أحكاما لتحسين تمثيلية النساء داخل مجالس الجماعات الترابية، وبذلك ضمَّنت مسودتيها المتعلقتين بالقانونين التنظيميين الخاصين بالجهات والجماعات، مقتضياتٍ تفيد بحضور النساء في الترشيح، إن وجدن، وإن تقدمن فعليا للترشيح، وإلا فنفس المناصب تبقى مفتوحة أمام الرجال، وهو ما لن يضمن بالضرورة حضور النساء في هياكل المجالس؛
- لا بد من أن نحسم في كون المناصفة، كإقرار لآليات تجعل مناصب بعينها خاصة بالنساء، لا توجد في أي ممارسة في العالم، غير أن المجهود يجب أن ينصب على مكافحة كل أنواع التمييز التي تعيق المرأة عن التمتع بفرصتها كاملة لتصل إلى ما يمكن للرجل أن يصل إليه، ليس لأنها امرأة، وإنما لأنها مواطنة تتوفر على كامل المؤهلات والشروط المطلوبة لاحتلال الموقع دون أن يخصص لها لمجرد أنها امرأة، ثم يقصى منه الرجل لأنه رجل رغم توفره على المؤهلات المطلوبة. لا يمكن أن نحارب ممارسة بمثيلتها، ذلك أن الإقصاء والتمييز لا يواجه بالإقصاء والتمييز، بقدرما يواجه بقيم المساواة وحظر التمييز المؤسس على الجنس.
- يبقى مفهوم المناصفة في حاجة إلى نقاش قانوني ودستوري معمق وهادئ وحاسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.