قرار هدم يثير الجدل بأزمور: مهاجر مغربي يشتكي من قائدة الملحقة الادارية الاولى    توقيف شخص وسيدة متورطين في سرقات محلات للهواتف بطنجة    مظاهرات في إسرائيل تطالب بإنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن ونتانياهو يعتبرها "تعزز" موقف حماس    نادي الجزيرة الإماراتي ينهي التعاقد مع الحسين عموتة    اغتصاب جماعي لطفل قاصر بموسم مولاي عبد الله أمغار    زلزال بقوة 5.8 درجة يهز ولاية تبسة بالجزائر    السكتيوي: قوة شخصية اللاعبين وثقتهم بأنفسهم كانت حاسمة في المباراة ضد الكونغو الديمقراطية    المليوي أفضل لاعب في مباراة المغرب والكونغو    ماكرون: بوتين يريد استسلام أوكرانيا    الرئيس عون: لبنان تعب من الحروب    3 قتلى جراء إطلاق نار في نيويورك    برامج تنموية جديدة بتوجيه ملكي .. ولفتيت يحذر من التوظيف الانتخابي    هل الدولة المغربية محايدة سياسيا؟    بطولة إفريقيا للاعبين المحليين لكرة القدم.. المغرب يتأهل إلى ربع النهائي بفوزه على الكونغو الديمقراطية    حالة الطقس: جو حار ورياح نشطة غدًا الاثنين    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    الدرك الملكي يحجز أزيد من 200 كيلو غرام من مادة "المعسل"    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تتصل بزوجته لتأكيد التضامن‮ ‬ .. بعد تهديد وزير الأمن القومي‮ ‬الاسرائيلي‮ ‬للقائد السجين مروان البرغوثي‮ ‬داخل زنزانته    مشروع الربط السككي بين طنجة وتطوان يعود إلى قبة البرلمان    ارتفاع ليالي المبيت ب13% في النصف الأول من 2025.. السياحة الوطنية ترتفع 5% والدولية 16%    السيارات المصنَّعة في طنجة تتصدر المبيعات في إسبانيا    إدغار موران : إسرائيل/ فلسطين : ثنائية النَّظرة    حادث مأساوي يودي بحياة شرطي في الشارع العام    تزكية معاذ القادري بودشيش شيخاً للطريقة القادرية البودشيشية    مؤرخان إسرائيليان ‬يقارنان المحرقة.. ‬والإبادة في‬ غزة!‬    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق    الصيادلة يعلنون عن احتجاج وطني تنديدا بنظام تسعيرة الأدوية بالمغرب        الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الغابون بمناسبة العيد الوطني لبلاده        السكتيوي يكشف تشكيلة المغرب لمواجهة الكونغو في الجولة الحاسمة من الشان        لأول مرة..الصين تكشف عن روبوت برحم صناعي قادر على الحمل والولادة    أطفال القدس الشريف يحلون بالحمامة البيضاء ويزورون أهم المعالم التاريخية لمدينة تطوان    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع    أنفوغرافيك | خلال 2024.. المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا    بايرن ميونخ يكشف سبب رحيل أزنو    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    جريمة التطاول على الدين    "الشان".. المغرب يواجه الكونغو الديمقراطية في مباراة حاسمة لتحديد متصدر المجموعة    الصيادلة يصعدون ضد وزارة الصحة بسبب تجاهل مطالبهم المهنية    المغاربة على موعد مع عطلة رسمية جديدة هذا الشهر    الجزائر.. السلطات توقف بث قنوات تلفزية بسبب تغطيتها لحادث سقوط حافلة بوادي الحراش    مذكرات مسؤول أممي سابق تكشف محاولات الجزائر للتدخل وعرقلة المغرب في قضية الصحراء    المنتخب الوطني يواجه الكونغو الديمقراطية.. هذا موعد المباراة والقنوات الناقلة    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"    بورصة الدار البيضاء تنهي أسبوعها على وقع ارتفاع طفيف لمؤشر مازي    هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شالاضا والموناضا
نشر في المساء يوم 19 - 07 - 2009

بينما يوشك والي بنك المغرب أن ينتف شعره بسبب الانخفاض الحاد في مخزون العملة الصعبة والظرفية المالية المعقدة التي يجتازها المغرب بسبب انخفاض عائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وتراجع الصادرات، لم تجد حكومة عباس الفاسي، وبالتحديد وزراؤه في المالية والتجارة والصناعة والشؤون العامة للحكومة، شيئا آخر يصنعونه لمساعدة ميزانية الدولة على الخروج من النفق سوى التبرع على شركة «كوكاكولا» الأمريكية التي تستحوذ على 85 في المائة من سوق المشروبات الغازية في المغرب بمنحة قدرها 70 مليون درهم كدعم عن استهلاكها للسكر.
وهكذا، فصندوق الموازنة الذي يجمع أمواله من جيوب دافعي الضرائب يساعد شركات المشروبات الغازية في المغرب بدفع درهم واحد عن كل كيلو من السكر تستهلكه هذه الشركات، علما بأن ثمن الكيلو الواحد من السكر يساوي درهمين.
هكذا تكون حكومة عباس الفاسي قد أهدت كبريات الشركات العاملة في هذا القطاع ما يناهز أربعة ملايير سنتيم كربح صاف، في إطار ما يسميه نزار بركة «نسيب عباس» برنامج «الإقلاع الاقتصادي».
وفي الوقت الذي تقفل فيه العشرات من الشركات الصغرى والمتوسطة أبوابها بسبب الأزمة الاقتصادية، تفضل حكومة عباس الفاسي أن تتفرغ لتعلاف الشركات الكبرى السمينة أصلا، عملا بالحكمة المغربية التي تقول «زيد الشحمة فظهر المعلوف».
والمصيبة هي أن شركات المشروبات الغازية، التي ستنزل عليها هذه الهدايا المقتطعة من أموال دافعي الضرائب، لا تعاني من أية منافسة أجنبية لمنتجاتها، مثلما هو الحال مع شركات إنتاج «البيسكوي» التي تعاني من شراسة المنافسة التركية والمصرية والإماراتية. كما أن شركات المشروبات الغازية لا تشكو من أية صعوبات اقتصادية، بل بالعكس، فالمتتبع للجرد الذي تنشره هذه الشركات، وخصوصا «كوكا كولا»، لأرقام معاملاتها وأرباحها السنوية في الجرائد الاقتصادية يلاحظ انتفاخ أرباحها سنة بعد أخرى.
عندما طرحنا السؤال على مدير صندوق الموازنة، السيد نجيب بنعمور، الذي خلد في هذا المنصب، حول هذه الهدية السمينة التي قدمها وزير المالية إلى شركات «الموناضا» قال إنه «ما فراسوش». وهي، طبعا، طريقة مهذبة لقول «ما سوقيش». فما دام وزير المالية قد قرر هو ووزير التجارة والصناعة ووزير الشؤون العامة للحكومة، فليس أمام مدير صندوق المقاصة سوى أن يحني رأسه ويقول آمين ويوقع على الشيك.
عندما أنشأ الحسن الثاني صندوق الموازنة كان الهدف منه هو جعل الدولة بطريقة قانونية تحمي الشركات الوطنية التي تشغل اليد العاملة وتحمي الاقتصاد الوطني بتحمل جزء من أثمان موادها الأولية، كالسكر والطحين والغاز والفيول وغيرها من المواد الأساسية حتى تبقى الأسعار قارة. وعبر تحمل الدولة لجزء من تكاليف المواد الأساسية للشركات الوطنية تقدم دعما غير مباشر للمستهلك الذي يستفيد من استقرار الأسعار.
لكن الذي حدث هو أن صندوق الموازنة أصبح يمول شركات كبرى عالمية لديها فروع في المملكة، كشركة «كوكا كولا» التي تحتكر 85 في المائة من سوق المشروبات الغازية في المغرب. مع أن منتجات هذه الشركات لا تدخل ضمن لائحة المواد الأساسية في تغذية المغاربة، كالخبز والغاز، بل بالعكس، فقد أثبتت الدراسات العلمية أن المشروبات الغازية تتسبب في أمراض خطيرة في الجهاز الهضمي، وتتسبب في أمراض ناتجة عن السمنة كالسكري بسبب سعراتها الحرارية المرتفعة.
دائما ما يعاتبنا الجميع على أننا نحن الصحافيين لا نجيد سوى «النكير»، وأننا لا نبادر إلى تقديم حلول للمشاكل التي نتحدث عنها يوميا. ومع أن مهمتنا كصحافيين ليست هي تقديم الحلول للمشاكل التي نطرحها، لأن هناك حكومة يتقاضى وزراؤها رواتب سمينة من أجل إيجاد هذه الحلول، فإنني سأتطوع لاقتراح بعض الحلول ليس للخروج من الأزمة، وإنما للتقليل من حدتها على الأقل.
وأول شيء يجب أن تبادر الحكومة إلى القيام به لجمع هذه «الشلاضا» المالية هو توقيف هداياها للشركات الكبرى عبر صندوق الموازنة. فالإعانات يجب أن تذهب إلى الشركات الوطنية التي تعاني من الخسارة وليس إلى الشركات التي تضاعف أرباحها سنويا. وعوض تطبيق الحكومة لمبدأ إفقار الفقير وإغناء الغني يجب أن تطبق مبدأ الأولويات في تقديم المساعدات.
ثاني شيء يجب على الحكومة القيام به لترشيد نفقاتها هو مراجعة لوائح الموظفين السامين والكبار الذين يجمعون بين أكثر من وظيفة في آن واحد. وإذا بحث عباس الفاسي في أرشيفات حكومات سابقيه، فحتما سيجد في ملفاتها وثيقة اسمها «مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنة 1980-1978، تقول بالحرف: «من أجل السماح لكل مواطن بالعثور على عمل يناسب مؤهلاته، فقد قررت الحكومة اتخاذ التدابير الضرورية حتى لا يشغل الشخص الواحد وظائف عديدة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بوظائف متنافرة».
ومنذ صدور هذا القرار وهو موضوع في ثلاجات كل الحكومات التي تعاقبت على المغرب منذ 1978 إلى اليوم. وعوض أن يخرجه عباس من الثلاجة ويطبقه نرى كيف يستحوذ شخص واحد كعلي الفاسي الفهري على منصب المدير العام للماء الصالح للشرب ومنصب المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء ومنصب المدير العام لجامعة كرة القدم. هذا دون أن نتحدث عن المناصب الشرفية الأخرى التي يرأسها.
إن أحد أسباب انتشار ظاهرة الموظفين المسؤولين الأشباح هو إسناد عدة مسؤوليات إلى شخص واحد. وهذا ما يتسبب في ضرب «تلافا» لمؤسسات مهمة يسيرها مدراء أشباح ليس لديهم الوقت للاهتمام بمصالحها بسبب «ضيق الوقت». وهناك مسؤولون يتقاضون عدة رواتب في آن واحد، ويتحملون مسؤوليات لا يعرفون حولها سوى التعويضات التي تصلهم منها نهاية كل شهر.
لذلك يجب تفعيل هذا القرار الحكومي النائم، حتى لا يشغل أي مواطن أكثر من وظيفة واحدة، ويترك المجال للكفاءات العاطلة عن العمل. والدولة من جانبها ستربح من وراء تفعيل هذا القرار على واجهتين، الأولى هي أنها ستقلص نسبة بطالة الأطر، والثانية أنها ستقضي على الموظفين الأشباح في مؤسسات الدولة العمومية.
هناك في المسودة الأولى لقانون المالية لسنة 1998-1997 فقرة مهمة تم حذفها قبل الموافقة على القانون المالي في المجلس الحكومي، تقول: «على مستوى المصاريف ينص قانون المالية لسنة 1998-1997 على إعادة تدبير حظيرة سيارات الدولة، ووضع سقف محدد لتعويضات موظفي الدولة وللشركات العمومية، كما ينص على عقلنة التعويضات على التنقل من أجل تفادي التعويض المضاعف».
هذه الفقرة يجب نفض الغبار عنها مجددا وتضمينها قانون المالية الجديد، مع التشديد على تقليص لائحة المستفيدين من سيارات الدولة، وتشجيع الوزارات والإدارات العمومية على اللجوء إلى كراء السيارات عوض اقتنائها. فهذا سيعفيها من مصاريف التأمين وإلغاء أية إمكانية لبيع سيارات الدولة بثمن بخس.
وأيضا من بين المقترحات توقف الدولة عن إعطاء المساعدات المالية للشركات الاستثمارية، والاكتفاء بتمتيعها بتسهيلات ضريبية شرط أن يتم ذلك بعد إنجاز المشاريع المتفق عليها. كما سيكون على الدولة أن تفكر من أجل التقليص من مصاريفها في تفويت مراكز الاصطياف التابعة للمؤسسات العمومية كبنك المغرب والمكتب الوطني للكهرباء والسكك الحديدية للقطاع الخاص، حتى تتخلص من مصاريف التسيير الكارثي لبعضها.
على الدولة أيضا أن تقلص المنح المقدمة إلى الجمعيات التي لا تعود أنشطتها بفائدة تذكر على دافعي الضرائب. كما عليها أن تخضع جميع صفقاتها لطلبات عروض، لكي تختار أقلها ثمنا وأعلاها جودة.
لكن يبدو أن هذه المقترحات لن تجد أذنا صاغية في الحكومة. فمنذ وصول عباس الفاسي إلى الوزارة الأولى وهو لا يتردد في منح الهدايا الضريبية للشركات الكبرى، في مقابل خنق الشركات الصغرى والمتوسطة التي هي عماد الاقتصاد في كل الدول التي تفكر في استقرارها الاقتصادي والاجتماعي.
ولذلك لا نستغرب عودة «لوبي» المشروبات الغازية بقوة منذ تولي عباس مقاليد الوزارة الأولى، بعد أن تحمل هذا «اللوبي» الضربات القاسية التي تلقاها من الفريق الاتحادي في البرلمان أيام وجود فتح الله والعلو في وزارة المالية. واليوم بعد استلام صلاح الدين مزوار لحقيبة المالية وعباس الفاسي لحقيبة الوزارة الأولى عاد «اللوبي» ليطرق من جديد باب صندوق الموازنة لكي يحصل على شيكه السمين المقتطع من ضرائب المغاربة.
هذه بعض الحلول التي تراءت لي هكذا بعجالة، نسوقها أمام نظر الحكومة الواسع، «بلا ريال بلا جوج».
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.