رئيس الحكومة: الانسجام السياسي القوي للأغلبية وراء المنجزات المرحلية للحكومة    أخنوش: نصف الولاية شهد ثورة اجتماعية غير مسبوقة في تعميم التغطية الصحية    السياسة الخارجية الجزائرية: أزمة المحددات والأشخاص    صديقي : تحويل النظم الغذائية يتطلب حلولا شاملة ومنهجية    خبراء مغاربة ودوليون يناقشون في الرباط إشكالية انبعاث الكربون من المركبات    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    الكاف يعتبر نهضة بركان فائزا بثلاثية على اتحاد العاصمة والإياب في موعده    أمن طنجة يعلن الحرب على مقرصني المكالمات الهاتفية    أخنوش: الحكومة دأبت منذ تنصيبها على إطلاق مسلسل إصلاحي جديد وعميق يحقق نهضة تربوية وثورة تعليمية    "تسريبات" مدونة الأسرة.. أبلال يحذر من "إفراغ" المرأة من بعدها الإنساني    جهة طنجة تناقش تدابير مواجهة الحرائق خلال فصل الصيف    المغرب سيكون ممثلا بفريقين في كأس العالم للفوتسال    عاجل.. الكاف يعتبر نهضة بركان فائزا بثلاثية على اتحاد العاصمة والإياب في موعده    غرفة الجنايات الاستئنافية بفاس تؤخر ملف البرلماني البوصيري ومن معه    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    هل سيتم تأجيل النسخة ال35 من كأس إفريقيا للأمم المقررة بالمغرب سنة 2025؟    تهديدات بالتصعيد ضد ّبنموسى في حالة إصدار عقوبات "انتقامية" في حقّ الأساتذة الموقوفين    إسرائيل تعلن بدء تنفيذ "عملية هجومية" في جنوب لبنان    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    الملتقى العالمي ل 70 امرأة خبيرة إفريقية مناسبة لتثمين الخبرة والكفاءة الإفريقية    ما قصة "نمر" طنجة؟    فساد في الموانئ: الناظور بين المدن التي شهدت إدانات بالسجن لمسؤوليها    مجلس الرئاسة الليبي يجهض مخطط الجزائر بإقامة تكتل مشبوه في الفضاء المغاربي    الحكم على مغني راب إيراني بالإعدام بتهمة تأييد الاحتجاجات    مجلس النواب يفضح المتغيبين بتلاوة أسماء "السلايتية" وتفعيل الاقتطاعات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    جنيف .. تحسين مناخ الأعمال وتنويع الشركاء والشفافية محاور رئيسة في السياسة التجارية للمغرب    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    أفلام متوسطية جديدة تتنافس على جوائز مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    إعلان فوز المنتخب المغربي لكرة اليد بعد انسحاب نظيره الجزائري    مقترح قانون لتقنين استخدم الذكاء الاصطناعي في المغرب    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    إقليم فجيج/تنمية بشرية.. برمجة 49 مشروعا بأزيد من 32 مليون درهم برسم 2024    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان مهووسا بالنظافة ويخاف ركوب الطائرة واتهامه بالبخل مجرد شائعة
ابن محمد عبد الوهاب يكشف أسرارا مجهولة من حياته:
نشر في المساء يوم 23 - 08 - 2009

على مدار 70 عاما، بصم الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب الموسيقى العربية، وأعطى أعمالا كبيرة وصفها النقاد بمعجزات الألحان، ولحن لعمالقة الغناء الذين لا زالت أعمالهم تتحف عشاق الطرب الأصيل الى يومنا هذا. هذا جزء مما يعرفه جل الناس عن هذا الفنان الكبير، لكن القلة القليلة هي التي تعرف كيف كانت بداياته الفنية، وكيف كاد يموت بسبب منع عائلته له من الغناء، إلى درجة أنها استخرجت له شهادة الوفاة، وسر صراعه الفني مع أم كلثوم وخصامه مع أمير الشعراء أحمد شوقي، وسبب هوسه بالنظافة وخوفه من ركوب الطائرات. لمعرفة هذا الجانب الخفي من حياته التقت «المساء» ولديه محمد وأحمد عبد الوهاب خلال تواجدهما بالمغرب، وخرجت بهذه الشهادات المؤثرة.
- تضاربت الآراء حول التاريخ الحقيقي لميلاد الموسيقار محمد عبد الوهاب. متى كانت ولادته بالضبط؟ وكيف ولج عالم الغناء؟
> كانت نشأة محمد عبد الوهاب بالقاهرة، وبالضبط بحي باب الشعرية بجوار جامع سيد الشعراني، وقد تضاربت الآراء بالفعل حول تاريخ ميلاده، فمنهم من قال إنه ولد سنة 1899، ومنهم من قال إن ولادته كانت سنة 1903. ولأن عبد الوهاب أصغر من أم كلثوم ويوسف وهبي بسنتين فالأرجح أنه من مواليد 1901. وبخصوص نشأته فقد تولى تربيته شقيقه الشيخ حسن الذي كان يكبره بنحو 15 سنة، والذي كان له تأثير كبير على حياته، وذلك بحكم اشتغال والده كشيخ بمسجد الشعراني. لقد نشأ والدي عبد الوهاب في أجواء أسرية عادية، وحفظ القرآن الكريم في سن السابعة، وتأثر بالشيخ محمد رفعت، أحد عظماء قراء المقرئين على مر العصور. أما ولوجه عالم الغناء فقد كان مقدرا لأن جرثومة الفن، كما كان والدنا يردد دائما، غرست بداخله في سن صغيرة، أي عندما يستمع إلى أغاني الشيخ سلامة حجازي والشيخ أبو العلا، فأصبح مشدودا للغناء، فقرر أن يجرب حظه دون علم أسرته، لأن امتهان الفن في أوائل القرن العشرين كان يعتبر سبة وأمرا مهينا. وبمرور السنوات أصبح والدي من أوائل الفنانين الذين فرضوا على الناس احترام الفن، سواء أكان غناء أو تمثيلا، شعرا أو أدبا.
كاد يموت بسبب حبه للفن
- ألهذا السبب غير اسمه في بداياته الفنية الأولى إلى محمد البغدادي؟ وكيف كان رد فعل أهله حين علموا بالأمر؟
> هذا صحيح، فقد لجأ والدي إلى ذلك بسبب خوفه من عائلته التي كانت ستمنعه بكل تأكيد لو علمت بأمر احترافه الفن، وهو ما كان يخيفه لأن الفن أصبح يسري في دمه، وهكذا غير اسمه إلى محمد البغدادي خلال بداياته الأولى في فرقة فؤاد الجزايرلي، حتى لا يعرف أحد أنه ابن الشيخ عبد الوهاب، لكن بعد ذلك علموا بالأمر فحبسوه في البيت وساءت حالته الصحية بشكل كبير إلى درجة أن الطبيب الذي فحصه اعتقد أنه توفي، كما استخرجت له العائلة شهادة وفاة. غير أن محمد عبد الوهاب تعافى وعاد إلى الحياة فقررت عائلته أن تسايره في رغبته، وكنتيجة لذلك بدأ يغني في المسرحيات بين الفصول.
- لماذا عمل عبد الوهاب في شبابه كأستاذ أناشيد؟
> حتى يؤمن مصاريف معهد الموسيقى العربية حيث كان يدرس، وقد كان من بين تلامذته الأديب إحسان عبد القدوس وعلي ومصطفى أمين رائدا التمثيل في مصر.
- كيف كان يعاملكم كأب؟ وهل كان ينهج معكم أسلوبا خاصا في التربية؟
> كان يطلق على أخواتي البنات ألقاب دلع خاصة، فالمرحومة عائشة كان يسميها «إش إش»، أما عفت فكان يناديها ب «فت فت» وعصمت ب «تم تم». وكان يعامل شقيقنا طارق ابن والدتنا من زواج سابق كابنه تماما. في فترة الطفولة لم يكن هناك ارتباط بيننا وبين والدنا، الذي كان يحب الأطفال لكن بعيدا عنه. لكن في مرحلة المراهقة أصبحنا قريبين منه بشكل كبير، وأصبحت تربطنا به علاقة صداقة واحترام...والدي لم يكن ديكتاتورا أبدا مع أولاده.
- لماذا لم يحترف أحد من أولاده الفن باستثناء ابن شقيقه سعد عبد الوهاب الذي سرعان ما اعتزل بدوره؟
> عندما يكون والدك هو محمد عبد الوهاب، لا أعتقد أنك ستضيف شيئا إذا ما احترفت الفن، اللهم إذا كنت تمتلك موهبة أعلى من موهبته.
- ما هي أجمل الذكريات التي لا زالت عالقة في ذهنك عن والدك؟ وكيف كانت علاقته بالفنانين الذين عاصروه؟
> كان والدنا يحب والدته كثيرا، وكان أول شيء يفعله عندما يستيقظ من نومه وآخر شيء يفعله قبل أن ينام هو تقبيل صورة والدته وقراءة الفاتحة على روحها. وبالنسبة إلى علاقته بباقي الفنانين، فقد كان على علاقة جيدة بهم جميعا، وخاصة بعبد الحليم حافظ الذي كان يعزه بشكل كبير، والسيدة أم كلثوم وحسين السيد وعبد الغني السيد ومحمد فوزي وغيرهم. وفي هذا الصدد أتذكر أن أم كلثوم اتصلت بوالدي ذات يوم ليمارسا معا هوايتهما المفضلة: المشي، فاختارا معا منطقة المعادي وطلبا من السائق أن ينتظرهما على بعد 3 كلم، لكن بعد عدة خطوات تجمهر الناس من حولهما وقررا ألا يعيدا الكرة مرة أخرى، وكانا يقضيان عطلة الصيف بمنطقة صحية بالنمسا، حيث كانا يمارسان هذه الهواية المفضلة عندهما.
- هل صحيح أنه كان يتبع نظاما غذائيا معينا وكان يمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة داخل المنزل؟
> هذا صحيح، فوالدي لم يكن يأكل سوى الخضر المسلوقة التي وصفها له الطبيب لمدة ثلاثة أشهر فقط، لكنه استمر عليها طيلة 45 سنة. وكان في شقتنا ممر طويل يمارس فيه رياضة المشي، وكان يقطع تلك المسافة جيئة وذهابا حتى يقطع مسافة كيلومترين.
إلى أي مدى كان محمد عبد الوهاب يهتم بأناقته؟
> الأناقة أخلاق وليست تربية، وعبد الوهاب كان أنيقا بطبعه في ملابسه وجلسته وألحانه وطريقة حديثه.
- لماذا كان يخاف ركوب الطائرة؟ وهل صحيح أنه كان مهووسا بالنظافة ويخاف من المرض؟
> كان مهووسا بالنظافة ويغسل يديه عقب كل سلام، خوفا من أن ينقل إليه أحد ما العدوى. وكان يخاف ركوب الطائرة بشكل كبير، وخلال جميع سفرياته كان يسافر عبر الباخرة، إلا أنه مرض ذات يوم بعد رحلة سفر، فاضطر إلى ركوب الطائرة، خلال 15 سنة الأخيرة من عمره فقط.
- هل صحيح أن الشاعر أحمد شوقي تقدم بعد أول لقاء بوالدك بشكاية ضده قبل أن تتوطد علاقتهما؟ وما هو الدور الذي لعبه هذا الشاعر في حياة والدكم؟
> كانت العروض المسرحية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، وكان والدي يغني بين فصول هذه المسرحيات، وفي أحد الأيام كان من بين الحضور أمير الشعراء أحمد شوقي، فاعترض على وجود طفل لا يتجاوز سنه 12 سنة يغني في ساعات متأخرة من الليل، وفي اليوم التالي بعث بشكوى إلى حكمدار القاهرة يطلب فيها منع عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، وبالفعل تم المنع فغضب عبد الوهاب من أحمد شوقي لأنه حرمه من تحقيق ذاته ومن مصدر رزقه الذي يتقاسمه مع والدته. وبعد أن كبر محمد الوهاب التقى مجددا مع شوقي الذي أكد له أن منعه من الغناء كان من أجل مصلحته، وبعد ذلك توطدت العلاقة بين شوقي وعبد الوهاب، حيث تبناه بشكل تام، وكان مقتنعا بأن والدي سيكون له شأن عظيم في الموسيقى. كما أن الموسيقار سيد درويش قال ذات مرة بعد لقائه بعبد الوهاب: «هذا الولد حيشقلب الدنيا».
- هل كانت له طقوس خاصة خلال تلحينه للأغاني؟
> لم تكن له طقوس خاصة، فقد يكون يتحدث معك، وفجأة تشعر أنه لم يعد يحس بوجودك، ثم يقفز من مكانه ويكتب بسرعة وكأنه عثر على كنز. وقد يكون نائما ويستيقظ ليسجل خواطره الموسيقية، وإذا ما قام في اليوم الموالي وأعاد الاستماع إليها ولم تعجبه فإن سلة المهملات تكون مصيرها. وأتذكر أنني كنت أرافقه على متن السيارة وفجأة قال للسائق «قف يا أسطى وهات لي ورقة وقلم»، فلم يجد السائق سوى جزارا أخذ منه الورق الذي يلف به اللحم وسلمهما لوالدي الذي كتب عليهما نوتات موسيقية.
فنان مزواج
- يؤكد بعض المؤرخين الفنيين أن محمد عبد الوهاب تزوج ثلاث مرات وليس مرتين، وأن زوجته الأولى كانت سيدة مجتمع أرستقراطية؟
هذا صحيح. فأول زواج لمحمد عبد الوهاب كان من سيدة أكبر منه سنا تنتمي إلى الطبقة الأرستقراطية المصرية، تدعى زبيدة ابنة باشا. بعد ذلك تزوج بوالدتنا السيدة إقبال نصار وأنجب منها أولاده الخمسة، وبعد زواج دام 14 سنة تم الطلاق، ليتزوج بعد ذلك بالسيدة نهلة القدسي التي ظلت زوجته حتى لحظة وفاته.
- يتردد أنه تزوج والدتكم بعد قصة حب عنيفة، وأنه حزن كثيرا عندما حدث الطلاق؟
> عشق والدي السيدة إقبال والدتنا كثيرا، وقد تزوجا بعد قصة حب كبيرة جمعت بينهما، وعندما حدث الطلاق حزن والدي كثيرا على هذا الفراق، وجسده في عمله الغنائي «لا مش أنا اللي أبكي».
- هل صحيح أن والدكم كان تحت سيطرة زوجته الأخيرة نهلة القدسي، وأنها كانت تتدخل في عمله وتختار له الفنانات اللواتي يتعامل معهن بسبب غيرتها الشديدة عليه؟
> لا توجد امرأة لا تحب زوجها ولا تغار عليه، خاصة عندما يكون فنانا مشهورا، ولديه الكثير من المعجبات. وبخصوص السيدة نهلة وتدخلها في عمله، فهذا كلام لا أساس له من الصحة لأن ما أعرفه عن والدي هو أنه كان يرفض أن يتدخل أي أحد في عمله سواء أكان أولاده أو زوجته. كما أن عبد الوهاب لم يسبق له أن أحب أي فنانة تعامل معها. هناك فنانات كان يكن لهن محبة خاصة ويعتز بأصواتهن كليلى مراد ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد.
- لاحقت محمد عبد الوهاب على مدار تاريخه الفني الطويل اتهامات بالسطو على ألحان كبار الموسيقيين العالميين والمصريين، كيف كان رد فعله حينما كان يسمع مثل هذه الاتهامات؟
> كان والدي يعترف بأنه يقتبس جملا موسيقية من الموسيقيين العالميين كفيردي، ويقوم بتعريبها وبإضفاء طابع شرقي عليها، وهذا عمل إبداعي يعد في صالح عبد الوهاب وليس ضده. وقد صرح المايسترو سليم سحاب دفاعا عن عبد الوهاب أنه من الطبيعي أن يأخذ الفنانون عن بعضهم البعض، وضرب مثلا ببتهوفن الذي اقتبس جملة موسيقية من موزارت، ولكن هذا لم يقلل من شأن بتهوفن كعبقرية في عالم التأليف الموسيقي.
- لكن هناك اتهام صريح من الملحن رؤوف ذهني بأنه كان يبيع لوالدكم ألحانه. فهل هذا نابع من غيرة أم حقد فني؟
> الغيرة الفنية مطلوبة وعلى أساسها يتطور الفنان، لكن عندما تتحول هذه الغيرة إلى حقد تصبح مشكلة. وليس من المعقول أن يمنح رؤوف ذهني إبداعاته الفنية كالجندول والكرنك وغيرها لعبد الوهاب، بينما يحتفظ لنفسه بألحان تتجاوز 200 لحن كلها أقل من المتوسط، فهذا في نظري يعتبر ضربا من الجنون.
حقيقة صراعه مع أم كلثوم
- هل لعب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دورا في لقاء أم كلثوم بمحمد عبد الوهاب في أغنيتهما الأولى «أنت عمري»؟ وما هي حقيقة الصراع الذي كانا بطليه معا؟
> لقاء ألحان عبد الوهاب بصوت أم كلثوم تم سنة 1962 وأطلق عليه لقاء السحاب، والدور الذي لعبه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لحدوث هذا التعاون حدث خلال دعوة عشاء جمعته بوالدي والسيدة أم كلثوم فقال لهما: «متى سنسمع لحن عبد الوهاب بصوت أم كلثوم»؟ لكن قبل هذا التاريخ كان هناك مشروع فني بينهما خلال فترة الثلاثينيات إلا أنه أجهض، لتشتغل نار الغيرة الفنية بينهما، ويمضي كل واحد في طريقه لتوسيع قاعدته الجماهيرية.
- لقب والدك بمطرب الأجيال ومطرب الملوك والأمراء فأي لقب كان يفضل أكثر؟
> في إحدى المرات سألته: هل يفضل لقب موسيقار؟ فكان جوابه «موسيقار لا تنفع» لأن الموسيقار هو الذي يقود أوركسترا موسيقية، لقد كان والدي يفضل لقب الموسيقي. وعندما كان يخاطب أحدا في الهاتف يقول له «معك محمد عبد الوهاب الموسيقي».
- لماذا احتفظ بأغنية «من غير» التي كان من المقرر أن يؤديها عبد الحليم حافظ رغم محاولات العديد من المطربين والمطربات الظفر بها؟
> أعتقد أن السيدة وردة كانت تريد أن تؤدي هذه الأغنية، لكن والدنا احتفظ بها لمدة 13 سنة قبل أن يفرج عنها بصوته، وفي اعتقادي أن هذه الأغنية وهابية لا تليق سوى بصوت محمد عبد الوهاب.
علاقته بالحسن الثاني
- حظي والدك بالتكريم من طرف العديد من الملوك والرؤساء العرب ومن بينهم الملك الراحل الحسن الثاني. ما هي ذكرياته عن المغرب وملكه؟
> كان محمد عبد الوهاب يعشق المغرب والحسن الثاني الذي كان من عشاق الفن الأصيل، وبدوره كان الملك الراحل يبادل والدنا هذا الحب. كما أن الشعب المغربي يعتبر من الشعوب «السميعة»، أي له أذن موسيقية تحفظ أعمال الفنان عن ظهر قلب. وفي هذا الصدد أتذكر أن والدي أخبرنا بعد إحدى زيارته للمغرب أنه قابل معجبا يحفظ جميع أعماله الفنية وتواريخ إنجازها وأدق التفاصيل التي رافقت تلك الأعمال. كما أن عدد البلدان العربية التي زارها والدنا تعد على أصابع اليد الواحدة منها فلسطين أيام العشرينيات وسوريا ولبنان والمغرب.
- هل كان يستمع إلى الموسيقى المغربية؟ ومن هم الفنانون المغاربة الذين كانوا يحظون بإعجابه؟
> وصف والدي مرة الفولكلور المغربي بالفوضى المنظمة، وكان يقول إنه «تيمبو» غريب لكنه مثير ويتميز بتكتيك خاص ينفرد به المغرب دون بقية البلدان العربية. وبالنسبة إلى الفنانين المغاربة فقد كانت تربطه علاقة وطيدة بالفنان عبد الوهاب الدوكالي الذي استقبله مرارا في بيتنا بالقاهرة، كما كانا يلتقيان بباريس.
- هل كان يشاهد أفلامه السينمائية السبعة؟ وما هو الفيلم الذي كان يحبه أكثر من غيره؟
> كان يفضل فيلم «رصاصة في القلب» لأنه حقق نجاحا كبيرا حين عرضه. غير أن والدي لم يكن يفضل رؤية أعماله ليشاهد نفسه، بل ليرى أشياء أخرى كشبابه وأناقته وكان يقول لنا: «أنا عجزت بس شوف في شبابي كنت إزاي».
- أشيع عن والدكم البخل، ويقال إنه كان يطالب بمبالغ كبيرة نظير ألحانه، فهل هذا صحيح؟
> البخل ليس في الجيب بل في العقل والقلب، ووالدي كان كريما مع أولاده ومع نفسه وعائلته، عاش عيشة كريمة جدا، وربما أشيع عنه البخل لأنه لم يكن يفتح باب بيته لأي كان، أو يقيم السهرات. بالنسبة إلى ألحانه فقد كان غزير الإنتاج وكانت روائعه الفنية للأصوات التي تستحقها.
- هل كان يدخل المطبخ ليساعد زوجته أم كان رجلا شرقيا في طباعه؟
> كان رجلا شرقيا، وحتى إن لم يكن رجلا شرقيا فإن الفنان تمنعه مشاغله الفنية من دخول المطبخ.
- ماذا أضاف عبد الوهاب للموسيقى العربية؟
> لا أستطيع أن أقول شيئا يؤخذ علي خصوصا أنني لست من ذوي الاختصاص، لكن سأعيد ما يقال عنه من أنه نقل الغناء من إطار الوسط الشرقي المحدود إلي آفاق أوسع، حيث أضاف الآلات الغربية إلي العربية فهو أحدث تطورا في الموسيقي العربية الحديثة، وسأكرر ما قاله فنان الشعب سيد دوريش» هذا الولد حيشقلب الدنيا»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.