إن زنا المحارم من أهم المشاكل الاجتماعية التي طفت على السطح في المجتمعات العربية بصفة عامة في الآونة الأخيرة٬ فضلا عن كونها مشكلة اجتماعية عالمية. ويسجل للأسف الشديد وجود نقص كبير في الدراسات والأبحاث العلمية الموضوعية، المنجزة حول قضية زنا المحارم لرصد القضية والوصول إلى أرقام وإحصائيات دقيقة حولها، وتظل الدراسة العلمية الوحيدة التي أنجزت على المستوى العالم العربي دراسة أحمد المجدوب في المجتمع المصري والذي خلص إلى ارتفاع نسبة الجناة على الضحايا في فئة من لم يسبق لهم الزواج وفئة المتزوجين٬ بينما تزيد نسبة الضحايا على الجناة في فئة المطلقين أو الأرامل ويتضح ارتفاع نسبة عدم الزواج في كل من الجناة والضحايا. وفي تحقيق أجري على عينة تمثيلية وطنية من 931 شخصا، وقد تمت هذه الدراسة بطلب من الجمعية الدولية لضحايا زنى المحارم. فحسب هذا الاستطلاع "حوالي مليونين من الأشخاص معنيين. لكن أعتقد أن الأمر يتعلق في الواقع ب 1 من 10، توضح رئيسة الجمعية، إزابيل أوبري، نريد أن نثبت أن زنى المحارم لا يحدث فقط في بوادي فرنسا، وإذن ليست ظاهرة هامشية، وإنما آفة تخص صحة عمومية". وذكر "فيلا"، من مركز الضحايا الخاص بالقاصرين بمستشفى تروسو أن "كل الأوساط معنية، إنه ليس مقتصرا على النخبة، ولا على الأسر المحرومة" وقد ورد في أحد التقارير المنشورة في لندن منذ سنوات قليلة أنه في مصر كما في الولاياتالمتحدة والهند يوجد ما يزيد على أسرة واحدة من بين كل أربع أسر يقع فيها زنا بالمحارم. ويشير البحث الذي أجراه معهد Unicri ، ومقره في روما عن ضحايا الجريمة وشمل 36 دولة منها مصر، والذي نشر ملخص له في التقرير الدولي الذي أصدره المعهد عام 1991، حيث تم إجراء مقابلات مع 500 أنثى من المقيمات في القاهرة تمثل كل منهن أسرة، تبين من الإجابات أن 10% من العينة الكلية تعرضن لزنا المحارم.. أما بالمغرب فلا يزال ملف زنا المحارم يشكل طابوها، يصعب في الوقت الراهن الإلمام بكل تفاصيله في غياب شبه تام لدراسات علمية موضوعية، والسؤال المطروح كيفية مواجهة هذه الآفة غير الأخلاقية؟ وينطلق أسلوب التصدي لها من خلال: – الدور الوقائي للأسرة بزرع الحب والثقة في الوسط الأسري، مع متابعة وتوعية الأبناء لتكوين ثقافة جنسية صحيحة لديهم، كما تلعب أيضا المؤسسات التعليمية دورا أساسيا في التنشئة المتوازنة للطفل من خلال دمج برامج الثقافة الجنسية مع مراعاة خصوصيات المجتمع المغربي، وفي هذا الإطار يمكن الاستعانة بخدمات المساعدين الاجتماعيين هؤلاء لهم دور كبير جدا في أوربا فيما يتعلق بالمواكبة الاجتماعية والنفسية للتلاميذ تثقيفا ومتابعة وتوعية . ولا ننسى أيضا دور مؤسسات المجتمع المدني والإعلام والمساجد والعلماء والمؤسسات المنتخبة في تعبئة الجهود لوضع البرامج المشتركة، لبناء جيل متوازن خال من الاضطرابات النفسية التي قد تنحو به نحو الانحراف الأخلاقي والشذوذ.