مع قرب وضع مسودة مشروع القانون الجنائي بين يدي لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، خلال الدورة البرلمانية الحالية، ارتفعت أصوات تنادي بتخفيض سن الرشد الجنائي إلى ما دون ال18 سنة، وذلك نظرا إلى استفحال الجريمة وسط القاصرين، حيث أصبحت مختلف التقارير التي تصدر بصفة دورية عن الأجهزة الأمنية تشير إلى ارتفاع مؤشر الجريمة وسط هذه الشريحة المجتمعية، كما أن حالة الانفلات الأمني التي عاش على إيقاعها مؤخرا عدد من المدن المغربية كفاس والدار البيضاء وسلا كان أبطالها جانحين أحداث دون 18 سنة. وأكد مصطفى الإبراهيمي، عضو لجنة العدل والتشريع عن الفريق الاشتراكي، أن عرض مسودة القانون الجنائي على أنظار هذه اللجنة خلال الولاية التشريعية الحالية سيكون مناسبة للحسم في هذا النقاش، وأشار الإبراهيمي في تصريح ل«المساء» الى أنه بالنظر إلى ارتفاع مؤشر الجريمة وسط الجانحين الأحداث، فانه صار لزاما على مشرعي الأمة مناقشة هذا الأمر. مضيفا في السياق ذاته «ننتظرالمشروع المتعلق بالقانون الجنائي الذي ستتقدم به الحكومة وحينها سيتم الحسم في هذه المسألة». يذكر أن تخفيض سن الرشد الجنائي إلى 15 سنة الذي تقدمت به وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي قد أثار موجة من الانتقادات داخل فرنسا وخاصة من داخل الأوساط المدافعة عن حماية حقوق الطفل. من جانبه، أوضح عبد اللطيف الحاتمي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، أن هناك أكثر من مبرر لتخفيض سن الرشد الجنائي، فالوقائع تثبت، حسبما أفاد به الحاتمي في تصريح ل«المساء»، أن الأطفال أصبحت لهم قدرات للتمييز بين الأفعال التي يقترفونها ويعرفون أن بعض الأفعال موجبة للعقاب وذلك بالنظر إلى التطور الذي يعرفه المجتمع. ويضيف الحاتمي أن بعض التصرفات التي كانت تسجل خلال السنوات العشر الأخيرة داخل أوساط الثانويات والجامعة أصبحت الآن شائعة حتى في الإعدادي، حيث أصبح الان مالوفا أن ترى تلميذة في الإعدادي تحمل سيجارة بعد أن كان هذا السلوك مقتصرا على تلميذات الثانوي. ويبرز الحاتمي أن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على تقدم الوعي والإدراك لدى القاصرين وبالتالي أصبح من غير اللازم الاعتداد بسن ال 18 كسن للإدراك والمسؤولية الجنائية. ويضاف إلى هذا المعطى، يشير الحاتمي، ارتفاع نسبة الجريمة وسط هذه الشريحة من أجل المطالبة بضرورة تخفيض سن الرشد الجنائي. مبرزا في السياق ذاته أن القانون الجنائي المعتمد حاليا يرجع إلى سنة 1962، أي أنه مر على تشريعه 45 سنة وقد وقع في هذه الفترة تطور على مستوى التفكير والإدراك، وبالتالي فان طفل الستينيات والسبعينيات ليس هو طفل الألفية الثالثة الذي توفرت لديه وسائل مختلفة لتطوير إدراكه، حيث أصبح يقترف أعمالا لا يمكن للكهول فعلها. يذكر أن المشرع المغربي حدد سن الرشد الجنائي في 18 سنة ميلادية كاملة، واعتبر الحدث الذي يبلغ 12 سنة فأقل عديم المسؤولية الجنائية وذا مسؤولية ناقصة لعدم اكتمال التمييز لديه.