مونت-لا-جولي.. مغاربة فرنسا يحتفلون في أجواء من البهجة بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    طقس الأحد: كتل ضبابية بعدد من الجهات    طقس الأحد: ضباب وسحب منخفضة بعدة مناطق بالمملكة    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    لماذا تصرّ قناة الجزيرة القطرية على الإساءة إلى المغرب رغم اعتراف العالم بوحدته الترابية؟    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. فريق أونيون برلين يتعادل مع بايرن ميونيخ (2-2)    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    موقف حازم من برلمان باراغواي: الأمم المتحدة أنصفت المغرب ومبادرته للحكم الذاتي هي الحل الواقعي الوحيد    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    عائلة سيون أسيدون تقرر جنازة عائلية وتدعو إلى احترام خصوصية التشييع    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    طنجة.. وفاة شاب صدمته سيارة على محج محمد السادس والسائق يلوذ بالفرار    "جيل زد" توجه نداء لجمع الأدلة حول "أحداث القليعة" لكشف الحقيقة    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    الرباط وتل أبيب تبحثان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد توقف دام عاماً    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    لقاء تشاوري بعمالة المضيق-الفنيدق حول إعداد الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    تتويج مغربي في اختتام المسابقة الدولية للصيد السياحي والرياضي بالداخلة    دكاترة متضررون من تأخير نتائج مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي يطالبون بالإفراج عن نتائج مباراة توظيف عمرت لأربع سنوات    قطاع غزة يستقبل جثامين فلسطينيين    فضيحة كروية في تركيا.. إيقاف 17 حكما متهما بالمراهنة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة: المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس تشكل نموذجا للتنمية المشتركة والتضامن البين إفريقي    حمد الله يواصل برنامجا تأهيليا خاصا    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستشفى مولاي يوسف.. خصاص في الأطر الطبية واكتظاظ زادته «انفلونزا الخنازير» استفحالا
يستقبل 40 ألف مريض سنويا ويفتح أبوابه أمام النساء للولادة بالمجان
نشر في المساء يوم 17 - 11 - 2009

ممرض واحد لكل 1200 مريض.. وجه آخر من وجوه الخلل بالقطاع الصحي في المغرب، الذي يعاني من اختلالات عديدة، من بينها صعوبة الولوج إلى المرافق الصحية وضعف التغطية الصحية، إضافة إلى نقص الموارد البشرية وضعف البنية التحتية. بمستشفى مولاي يوسف بالبيضاء يبدو الوضع مختلفا بعض الشيء، غير أن العديد من المرضى، والبيضاويين عموما, يعلمون أن التغيير الذي حصل في المستشفى المذكور يعود الفضل فيه أساسا إلى المحسنين، علما أن مسؤولية ذلك ملقاة على عاتق وزارة ياسمينة بادو.
«لست هنا لأني أريد ذلك، ولكن وضعي الاجتماعي يحتم علي ذلك» يقول شعيب(50 سنة)، الذي يتحدر من ضواحي البيضاء، واصفا كيف تقاذفته المستوصفات والمستشفيات العمومية إلى أن انتهى به الأمر بمستشفى مولاي يوسف بالبيضاء. و يضيف: «على الأقل هنا تحس أنك بمستشفى من ناحية النظافة، وحتى المعاملة لا بأس بها، أما بعض الأشياء الأخرى فلن ننكر وجودها وهي لا توجد بمولاي يوسف لوحده، ولكن المواطن البسيط لا يمكن أن يغيرها لأنه مغلوب على أمره، وحاجته إلى الاستشفاء والاستفادة من الأدوية والاستشارة الطبية بأقل تكلفة ممكنة تجعله يتغاضى عن مجموعة من السلبيات، خاصة إذا استعاد عافيته».
واعتبرت رشيدة، إحدى المريضات، أن التأخير في المواعيد الطبية هو المشكل الحقيقي بالمستشفى، وأن بعض الأشخاص يتم التعجيل باستشاراتهم الطبية، مضيفة أن»المريض راه مات والرونديفو مازال ما وصلوش».
وأكد مصدر طبي، فضل عدم ذكر اسمه، أن المشكل الأساسي في المستشفيات المغربية، الذي ربما يولد اختلالات بها، ومن العيب أن تستشري بالمؤسسات العلاجية، لما لها من بعد إنساني واجتماعي محض، هو الاكتظاظ الذي يسجل بمختلف المستشفيات، ذلك أن 90 في المائة من المغاربة، بسبب عامل الفقر وارتفاع تكاليف العلاج، خاصة بالنسبة إلى بعض الأمراض المزمنة التي تتطلب أدوية وعلاجا مستمرا، كالسكري والقصور الكلوي وأمراض القلب والشرايين، يتوجهون إلى المستشفيات العمومية، وهو ما يصعب على الطبيب أمر فحص عدد كبير من المرضى، إذ أمام إلحاح المرضى على ضرورة العلاج والضغط الذي يسجل على الأطباء، يتدخل بعض الأطراف لوضع «نظام عمل معين يتخذ أبعادا غير إنسانية ولا أخلاقية في بعض الأحيان».
تجربة ناجحة «للمحسنين»
عبر عدد من المواطنين الذين كانوا يتواجدون بمستشفى مولاي يوسف عن أن الوجه المشرق الذي يوجد عليه المستشفى اليوم ما كان ليكون لولا بعض المحسنين «الذين تطوعوا وأحدثوا تغييرات جذرية به»، حيث أصبح من بين أهم المستشفيات على صعيد العاصمة الاقتصادية، موضحين أن أهم ما يدفعهم إلى التوجه إليه هو بنيته التحتية الجديدة التي قطعت مع ماضي الجدران المتآكلة، والفضل في ذلك يعود إلى بعض المحسنين الذين حولوه إلى تجربة متميزة. وتمنى بعض المواطنين أن تعمم «التجربة الناجحة للمحسنين» على المستشفيات الأخرى التي مازالت بحاجة إلى لمسات مثل هذه. غير أن تغيير الجدران يتطلب أيضا تغيير العقليات، تقول سعيدة (تلميذة): «لم نبلغ بعد مستوى اعتبار المستشفيات العمومية والاستشفاء حقا للعموم، وهنا يجب أن نصل فعلا إلى جعل المؤسسات الاستشفائية أكثر أمانا وتعاطيا مع مختلف المرضى كيفما كان انتماؤهم، ودون أي اعتبارات جانبية لا تراعي الجانب الإنساني. أظن أن الدور الأساسي للمستشفيات هو مد يد العون ومساعدة المرضى، خاصة من هم في وضعية صعبة، لأن من ينعمون بظروف اجتماعية جيدة لن يتوجهوا أصلا إلى المستشفيات العمومية، ولعل الجميع يعرف وضعيتها والفكرة التي تكونت لدى المواطنين عنها».
اختلالات بين «تأكيد ونفي»
«كيفما كان الحال ستضعين مولودك، غير أن الاختلاف يكمن في الكيفية التي ستضعين بها، وأقصد هنا أنه يمكنك أن تنعمي برعاية خاصة لو أنت «فهمت راسك». شهادة من بين شهادات أخرى لعدد من المرضى الذين استقبلهم مستشفى مولاي يوسف وهم يسردون حكايات حدثت لهم، خاصة المواعيد الطبية التي يتم تأجيلها في عدة مرات بسبب الاكتظاظ وطول الانتظار، حيث تظل الأسباب مجهولة بالنسبة إليهم، وقالوا إن «الصوفي» لا يختلف عن باقي المستشفيات الأخرى على الصعيد الوطني، خاصة في الدار البيضاء التي يسجل بها ارتفاع ملحوظ في عدد السكان.
ورغم أن مختلف الشهادات صبت في اتجاه وجود اختلالات تكون صحة المواطن مقابلا لها، حيث إن بعض المرضى يقدمون إلى المستشفى طلبا للاستشفاء، فيفاجؤون بمقابلات يصفونها ب»غير الإنسانية» عوض استقبالهم برحابة صدر نظرا لأوضاعهم الصحية التي دفعتهم مرغمين إلى الانتقال إلى المستشفى، إلا أن البعض لم ينف حدوث تطور كبير على جميع المستويات بمستشفى مولاي يوسف، وأن السمعة التي أصبح عليها اليوم أحسن بكثير مما كان عليها سابقا. تقول فاطمة، إحدى المريضات بالقصور الكلوي: «لا مجال للمقارنة بين الوضعية السابقة لمستشفى مولاي يوسف و الوضعية الحالية، على الأقل أصبحنا نتلقى العلاج في مستشفى بمواصفات جيدة ، أما الأشياء الأخرى فأنا أرى أن القرار فيها يبقى بيد الشخص المريض أو أسرته، إذ لا أحد يمكن أن يأمره بفعل شيء لا يقتنع به ولم يسبق له أن فعله مقابل رؤية الطبيب مثلا أو الحصول على أدوية أو أي شيء من هذا القبيل..»
وذكر أحد المرضى مستشفى مولاي يوسف، أو»الصوفي»، وهو الاسم الذي مازال معروفا به، بأنه أضحى من أحسن المستشفيات بالدار البيضاء، سواء من حيث الخدمات الصحية المقدمة أو المعاملة التي يتلقاها المرضى، بعد أن تم إحداث مجموعة من الطوابق والتخصصات به، حيث كان عبارة عن خراب وبنايات وغرف متآكلة لا يمكن أن يتخيل أنها مستشفى يتلقى فيه المرضى العلاجات.
وأكدت رشيدة أنها وضعت مولودتها بالمستشفى، وقالت: «لن أنكر أني رأيت عدة اختلالات بأم عيني، غير أن ذلك لا يهم لأن الفرحة التي أحسست بها بعد الوضع والاهتمام الذي قوبلت به جعلني لا أهتم». وأضافت» غير أني أحس بالشفقة على بعض المواطنين الذين يتحدرون من وسط فقير جدا، فهن لا يقابلن بطريقة جيدة، وأنا فعلا شاهدت هذا بأم عيني، وأريد على الأقل أن يتم مراعاة الوضع الاجتماعي لهذه الفئة من المجتمع».
ممرض لكل 1200 مغربي
أكد الصالحي، عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن النقطة السوداء الأساسية التي تؤثر في قطاع الصحة هي النقص المسجل في الموارد البشرية، بمن فيهم الأطباء والممرضون، فعلى سبيل المثال يوجد ممرض في المغرب لكل 1200 مريض، وهو عدد مخجل، حسب الصالحي، إذا ما قورن بدول عربية جارة كتونس والجزائر، حيث يوجد ممرض لكل 300 أو350 مواطنا، كما أن مجموعة من المؤسسات الصحية في المغرب تم إغلاقها بسبب قلة الموارد البشرية.
وأضاف الصالحي أن قطاع الصحة يعاني نوعا من التهميش، لأنه يندرج ضمن القطاعات غير المنتجة، وأن هذا التهميش، يضيف المصدر نفسه، لا يستثني طبقته الشغيلة، وهنا طرح سؤالا عريضا حول السبب الذي يجعل الأطر الطبية تغادر أرض الوطن وتختار العمل في الأقطار العربية الأخرى، و»هنا نقول: لا يجب أن نحجب الشمس بغربال»، يؤكد الصالحي، موضحا أن قطاع الصحة لا يختلف عن القطاعات الأخرى، وهو أيضا بحاجة إلى إصلاح مثله مثل القضاء وغيره من القطاعات التي ينخرها الاختلال، و يستدرك أن هناك تحسنا نسبيا في قطاع الصحة، لكن مجموعة من الثغرات تشوبه، مؤكدا أن على الجميع أن يتحمل مسؤولياته. وعن بعض الاختلالات التي تعتري قطاع الصحة، أكد الصالحي أنها أ مسؤولية مشتركة وهي لا تستثني المرضى وعائلاتهم، و»هنا يمكن لأي واحد منا أن يثبتها وأن يضع اليد على موضع الخلل وفي حالة تلبس»، مضيفا «نحن مع محاربة كل الاختلالات، وجعل قطاع الصحة وغيره من القطاعات يصب في اتجاه الصالح العام، وهنا ندعو جميع الجهات المتداخلة من نقابات الصحة والأحزاب والمركزيات النقابية والصحية والسياسية في المغرب إلى وضع اليد على مكامن الخلل وإصلاح ما يمكن إصلاحه خدمة للمصلحة العامة».
40 ألف زائر في السنة
أكد سمير بطال، المدير الطبي بمستشفى مولاي يوسف، أن المستشفى جهوي وأنه يستقبل 40 ألف مريض كل سنة، بمعدل 400 مريض يوميا، حيث هناك مرضى تابعون لعمالات أخرى يقبلون على الصوفي، علما أن بإمكانهم اللجوء إلى المستشفيات التابعين لها ترابيا.
ويعمل بمستشفى مولاي يوسف 70 طبيبا اختصاصيا، يعملون بالتناوب حسب التخصصات، و أغلب المواعيد الطبية لا تتعدى مدتها أسبوعا، حسب سمير بطال، باستثناء تخصص القلب والشرايين، الذي يضم أربعة أطباء اختصاصيين، وأمراض العيون، الذي يضم ستة أطباء، بسبب ارتفاع عدد المرضى بهذين التخصصين، أما باقي التخصصات فالمواعيد عادية، يضيف بطال.
ويرى بطال أن المستشفى بحاجة إلى المزيد من الموارد البشرية، خاصة بالنسبة إلى الممرضين، حيث إن الطبيب وحده لا يمكن أن يجري العديد من العمليات الجراحية يوميا في غياب عدد كاف من الممرضين. «المستشفى يعاني خصاصا كبيرا في عدد الممرضين»، يؤكد بطال،
ويسجل اكتظاظا ملحوظا بالمستشفى، خاصة في الآونة الأخيرة، بسبب الرعب الذي خلفه فيروس «إتش 1 إن 1»، حيث أصبح المستشفى يستقبل مئات المرضى يوميا، وهو ما أصبح يشكل ضغطا على الأطر الطبية التي تضاعف عملها مقابل النقص المسجل بسبب حالة الطوارئ، التي أحدثت بفعل أنفلونزا الخنازير، التي تزامنت مع موسم الحج، حيث إن بعض الأطباء والممرضين يقدمون استشارات طبية للحجاج بمطار محمد الخامس بالبيضاء، وهو ما زاد من حدة مشكل نقص الموارد البشرية، لذا «على المرضى أن يراعوا مثل هذه الظروف والضغط الذي يشتغل فيه الأطباء والممرضون»، يقول سمير بطال.
واعتمد المستشفى، كغيره من المستشفيات، منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، يضيف بطال، مجانية الوضع بالنسبة للنساء الحوامل، دون تقديم شهادة الاحتياج، حيث إن المرأة تخضع للمراقبة الطبية عقب وضعها ب 48 ساعة، وهي سابقة لوزارة الصحة لمحاربة وفيات الأمهات والمواليد الجدد، حيث إن من بين مائة ألف حالة وضع هناك 250 حالة وفاة، يضيف سمير بطال.
استمرار ارتفاع وفيات الأمهات الحوامل
وجاء في آخر نشرة لمكتب منظمة الصحة العالمية بالمغرب أن 85 في المائة من النساء بالمغرب يواجهن مشاكل عدة تعرقل ولوجهن إلى العلاج، تتجلى أساسا في ما هو مادي، وتشكل نسبته 74 في المائة، بينما بعد المسافة عن مراكز التوليد تشكل نسبته 60 في المائة، ويبقى غياب الوعي أو الثقافة من بين 31 في المائة من العراقيل.كما تقف 80 في المائة من مضاعفات التوليد المباشرة وراء وفيات الأمهات، والمتمثلة أساسا في النزيف الرحمي والتعفنات والتشنج النفاسي إلى جانب الإجهاض، بينما يقف فقر الدم والضغط الدموي وداء السكري وراء 20 في المائة من وفيات الأمهات. وأكد أحد المهتمين بالقطاع الصحي أن التطبيب في المغرب يظل مشكلا حقيقيا يجب أن يتم الاهتمام به وأن «الوزارة يجب فعلا ان تعمل على جعله مجانيا خاصة بالنسبة إلى الفئات الأكثر فقرا وحرمانا».
وكان تقرير اليونيسيف لسنة 2009 قد أبرز أن المغرب يحتل المرتبة 81 عالميا في ما يخص وفيات الأطفال دون السن الخامسة بنسبة 34 حالة في الألف سنة 2007، كما أبرز أن 26 % من حالات الولادة في المغرب لا تزال تتم في غياب القابلات أو الإشراف الطبي من أي نوع، وفي هذا الإطار أكد مصدر من مكتب اليونيسيف بالمغرب أنه تم الوقوف بشكل فعلي على معاناة النساء الحوامل وغيرهن من المرضى في العالم القروي بفعل البعد وقلة الإمكانيات المادية التي تظل عائقا حقيقيا أمام الولوج المباشر للعلاج، وقد أحدث اليونيسف بشراكة مع وزارة الصحة وبغرض تخفيض وفيات الحوامل والرضع «دار الأم»، مجاورة لأحد المستوصفات القروية، بمجموعة من القرى، وهي تجربة من المنتظر أن يتم تعميمها على كل القرى والبوادي المغربية، حيث تستقر الأم بالدار مع اقتراب موعد الوضع لتكون على مقربة من المستوصف الصحي، كما تخلد للراحة يومين أو ثلاثة بعد الولادة إلى أن يستقر وضعها الصحي.
وسبق للدكتور محمد كريكع، المدير التنفيذي للجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، أن صرح ل «المساء» أن الاستراتيجية المسطرة من طرف وزارة الصحة للحد من وفيات الأمهات والرضع تبدو جميلة على الورق فقط، وأكد أن مسببات وفيات الأمهات تتداخل بين ما هو اقتصادي وصحي وهيكلي، و أكد على إعادة النظر في الطرق والمسالك في المناطق النائية، لأنه لا معنى لوجود مراكز صحية دون دون وجود مسالك تسهل الوصول إليها.
«ترانسبرانسي» تصف وضع قطاع الصحة العمومية في المغرب بالمقلق
أعربت منظمة «ترانسبرانسي» عن قلقها من وضع قطاع الصحة العمومية بالمغرب. و أبرزت المنظمة في تقريرها الأخير، من خلال تحليل وضعية الصحة العمومية في 45 بلدا من بينها المغرب، أن هناك مظاهر عديدة تنتشر في قطاع الصحة بالمغرب، منها صعوبة الولوج إلى المرافق الصحية، و ضعف التغطية الصحية. وأشار التقرير إلى أن الفقراء والطبقات المهمشة هم أكبر الفئات المتضررة من انتشار هذه الظواهر في هذا القطاع الحيوي، من خلال ما يصدر عن بعض العاملين في القطاع، وعدم قبول «شهادة الاحتياج» مقابل التفاوض مع المرضى على أداء ما يشبه «الإتاوات»، وفي حالة عجزهم تتفاقم مشاكلهم الصحية.
وقدرت «منظمة الشفافية» الدولية أن الاختلالات في قطاع الخدمات الصحية تشكل الحد بين الحياة والموت. وأكد التقرير على هزالة الميزانية المرصودة لقطاع الصحة العمومية بالمغرب، ففي سنة 2004 بلغت الميزانية 6 مليارات و200 مليون درهم، 82 في المائة رصدت لأجور الموظفين.
وقدمت منظمة الشفافية الدولية، للقطع مع كل الاختلالات، مجموعة من التوصيات والإجراءات التي قد تكون كفيلة بحماية مستهلكي الخدمات الطبية وضمان علاجهم بما يليق بالكرامة الإنسانية، من بينها ضرورة توخي الشفافية في الصفقات المتعلقة بشراء الأجهزة والأدوية وتفعيل القوانين الخاصة بمراقبة الالتزام بالمسؤولية، وتسهيل عمليات مراقبة صرف المساعدات الممنوحة، وصولا إلى المقاضاة والمحاكمة. كما أوصى التقرير بأولوية تحديد استراتيجية صحية فعالة ومتوافق حولها بين مختلف الفاعلين المهنيين والسياسيين، وبضرورة تحقيق العدالة والمساواة في الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال تغطية صحية شاملة، مع ضمان الحماية القانونية لكل مشتك من الوضع المتردي داخل المنظومة الصحية المغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.