بيان ختامي: القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وإدانة الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    تعادل مثير بين اتحاد طنجة وآسفي    المنتخب المغربي لكرة الطائرة ينهزم أمام نظيره الكيني    ولاية أمن أكادير تفتح بحثا لكشف ظروف وملابسات انتحار ضابط شرطة ممتاز بواسطة سلاحه الوظيفي    المغاربة يواصلون تصدر الجاليات الطلابية الأجنبية في فرنسا بنحو 42 ألف طالب    المغاربة على رأس قائمة الجاليات الطلابية في فرنسا    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    نتنياهو يهدد باستهداف قادة حماس "أينما كانوا" بالموازاة مع استضافة قطر القمة العربية الإسلامية    القيمة السوقية لشركة "ألفابت" تصل إلى 3 تريليونات دولار لأول مرة        صراع النملة والصرصار في انتخابات 2026    انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل    مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بخسارة    قمة الدوحة تدعم دور لجنة القدس    نقابة تعليمية تدعو للإضراب والاحتجاج ردا على انتهاك الحكومة للاتفاقات وتلوّح بالتصعيد    الاحتجاجات على تردي الوضع الصحي بأكادير تصل إلى البرلمان.. ومطالب للوزارة بتدخل عاجل    إسبانيا تدعو إلى منع إسرائيل من المشاركة في المسابقات الدولية "طالما الهمجية مستمرة" في غزة    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    منظمة الصحة العالمية تتجه لدعم تناول أدوية إنقاص الوزن لعلاج السمنة    الأمن السيبراني تحول إلى مرادف للسيادة الرقمية وداعم للنمو الاقتصادي (لوديي)    جلالة الملك يهنئ السلفادور بمناسبة عيدها الوطني    توقيف شابين من أصول مغربية يحملان جنسيات أجنبية بعد سياقة استعراضية ومحاولة إرشاء    غياب أكرد عن مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    أمير قطر: إسرائيل تتفاوض وتغتال    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    من 10 إلى 33 درهما.. تفاصيل الزيادة في رسوم التحويلات البنكية    العرائش.. العثور على جثة شخص بغابة الأوسطال في ظروف غامضة    مصرع شخص في حادثة سير مميتة بين طنجة وتطوان (فيديو)    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة صغيرة غرب ألمانيا    «أصابع الاتهام» اتجهت في البداية ل «البنج» وتجاوزته إلى «مسبّبات» أخرى … الرأي العام المحلي والوطني ينتظر الإعلان عن نتائج التحقيق لتحديد أسباب ارتفاع الوفيات بالمستشفى الجهوي لأكادير    الحُسيمة.. أو الخُزَامىَ مَدِينَة العِطْر حيثُ تآخَت الشّهَامَةُ والتّارِيخَ        الملك محمد السادس يدعو إلى برمجة أنشطة علمية للتذكير بالسيرة النبوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    "الاتحاد العربي" يجدد الثقة في لقجع    طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14            الداخلة.. ‬حجز ‬6,‬8 ‬طن ‬من ‬الأسماك ‬واعتقال ‬12 ‬شخصاً:    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفض مشروع قانون 59.24 وتلوّح بإضراب إنذاري    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط            المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجرد سؤال
نشر في المساء يوم 04 - 01 - 2010


مع نهاية السنة التي ودعناها، وجهت جهات إعلامية اتهامات خطيرة إلى الوزير الأول السابق إدريس جطو تتعلق باستغلال مفترض للنفوذ من أجل إخراج حوالي 40 هكتارا من المدار القروي بمنطقة ولاد عزوز وإدخالها ضمن المدار الحضري للحي الحسني. قيمة الأرض «ما يجمعها غير الفم»، فهي تصل إلى 350 مليار سنتيم ومساحتها الإجمالية تصل إلى 83 هكتارا. بعد مرور أسبوعين على صدور هذه الاتهامات، بردت القضية في الصحافة في الوقت الذي سخنت فيه في دهاليز وزارة الداخلية. وهكذا، وجد إدريس جطو نفسه أمام لجنة تحقيق مكونة من وزير النقل كريم غلاب، والكاتب العام لوزارة الداخلية عبد الشكور الريس، والمفتش العام لوزارة الداخلية محمد الفاسي الفهري (عاود ثاني واحد آخر) وبعض الولاة والعمال الملحقين بالمصالح المركزية للوزارة. كل هؤلاء السادة وضعتهم الداخلية تحت إمرة كاتب الدولة في الداخلية سعد حصار، الذي يتكلف بإنجاز تقارير يومية مفصلة ورفعها إلى شكيب بنموسى، وزير الداخلية. كل من وضع توقيعه فوق الوثائق والأوراق التي توجد في ملف أرض جطو تم استدعاؤه والاستماع إليه. لم يفلت من المثول أمام اللجنة أحد، بدءا بالذي سمح بتحويل مسار الطريق السيار من أجل سواد عيون الوزير الأول السابق، مرورا بأسماء عمال ظهرت توقيعاتهم على التصاريح التي يتضمنها الملف، وانتهاء بالذي سمح بإخراج 40 هكتارا من مدار قروي كانت الأرض فيه لا تساوي بصلة، وألحقها بالمدار الحضري فأصبح ترابها يساوي الذهب. علما بأن مسطرة إخراج الأراضي من المدار القروي وإلحاقها بالمدار الحضري تتطلب وجود شرط «الضرورة الحيوية» للمشروع. في حالة مشروع جطو السكني، فالأمر يتعلق بمشروع خاص وليس بمشروع ذي مصلحة عامة. أكثر من ذلك، منذ مدة، وبسبب كثرة «الهرايفية» الذين يسيل لعابهم على «الوعاء العقاري» في الدار البيضاء، فيشترون الأرضي الفلاحية «بجوج فرنك» ثم يدخلونها بوسائلهم في المدار الحضري فيقفز ثمنها إلى عنان السماء، صدرت تعليمات ملكية صارمة تمنع تحويل الأراضي من المدار القروي إلى المدار الحضري دون رخصة من لجنة خاصة مكونة من وزير الداخلية والتجهيز ومستشارين مقربين. وبما أن مشروع جطو لا يتوفر على شرط «الضرورة الحيوية»، فقد لجأ إلى المسطرة العادية وقدم ملفه وطلبه وحصل على العصا السحرية التي حول بها 80 هكتارا من المدار القروي بولاد عزوز إلى المدار الحضري التابع للنواصر التي يوجد على رأسها عامل اسمه محمد الحافي، استمعت إليه لجنة الداخلية مؤخرا. فالمسكين، مثله مثل عاملة عين الشق فوزية إمنصار، عندما رأيا كيف يحصل جطو على كل التراخيص التي يحتاجها اعتقدا أن القضية «فراس الناس ديال الرباط» وأنهم وافقوا على مشروعه ولم يبق لهما سوى قراءة الفاتحة. لجنة الداخلية التي تحقق في الملف اكتشفت بعض المصادفات التي يمكن إدراجها ضمن المصادفات التي «تفيق العمى لضرب لحجر». مثلا، فوزية إمنصار التي وافقت على استقبال 80 هكتارا فوق تراب عمالتها بعين الشق، هي نفسها فوزية إمنصار التي كانت رئيسة للوكالة الحضرية. وإذا كان كل هؤلاء المتهمين، الأبرياء طبعا، إلى حدود الآن على الأقل، يستطيعون إيجاد تبريرات لتوقيعاتهم على وثائق ملف جطو، فإن محمد ساجد، عمدة الدار البيضاء وصديق إدريس جطو، الذي «ضرب الطم» منذ اندلاع القضية، سيجد صعوبة كبيرة في توضيح طريقته السحرية في إخفاء ثمانين هكتارا من تصميم الطريق السريع الذي صمم لتخفيف الضغط على حركة المواصلات بالدار البيضاء. يمكن أن نفهم مساهمته بتوقيعاته في تغيير الوضعية القانونية للأرض، لكن أن تصل الأمور إلى حد تغيير مسار الطريق السريع الذي وافق عليه الملك من أجل سواد عيون أرض جطو، فالأمر يتعلق هنا، إذا ثبت ذلك، بفضيحة سياسية يستحق المتورطون فيها المتابعة القضائية. طبعا، وظيفة اللجنة الوزارية ليست هي مطاردة الساحرات وإعطاء الصحافة فرصة لكي تصب المزيد من الزيت فوق النار، بل وظيفتها أن تحقق وتحدد أسماء المسؤولين العموميين في ما وقع. وربما ستكون هناك عقوبات إدارية في حق الموظفين الصغار والعمال الذين سرعوا عملية حصول جطو على التصاريح. أما بالنسبة إلى إدريس جطو، فلا خوف عليه. وحتى في حالة توصل لجنة التحقيق إلى أن جطو مارس، فعلا، شططا في استعمال سلطته كوزير أول سابق من أن أجل تحويل مسار الطريق السريع الذي تم تقديمه إلى الملك ووافق عليه، فإن المتابعة القضائية في حقه غير واردة. في الدول التي تحترم نفسها، بمجرد ما يصبح وزير أول سابق ورجل دولة، تحمل مسؤوليات كثيرة على رأس حكومات متعددة، متهما بخيانة ثقة الملك وبتحويل مسار طريق سريع وافق عليه الملك لصالح أرضه التي حولها من مدار قروي إلى مدار حضري، فإن أقل شيء يمكن أن يقوم به هذا الشخص هو عقد ندوة صحافية بشكل مستعجل للإجابة عن أسئلة الصحافيين وإطلاع الرأي العام على الوثائق التي تكذب الاتهامات الثقيلة الموجهة إليه. هناك شيئان لا ثالث لهما في هذه القضية، إما أن الصحف التي اتهمت إدريس جطو بكل هذه الاتهامات الثقيلة تكذب، وهنا كان على جطو أن يتابعها قضائيا من أجل إثبات براءته وإبراء ذمته، وإما أن الصحف معها حق وجطو هو الذي يكذب. وهنا، يجب على اللجنة التي تحقق في القضية أن تحيل الملف، إذا ثبت فعلا تورط جطو، على القضاء لكي يقول كلمته فيه. هكذا تسير الأمور في الدول التي تحترم قضاءها ورأيها العام. وأمامنا فرنسا التي حاكمت، في ظرف شهر، ثلاثة وزراء، أحدهم ليس شخصا آخر غير رئيس الحكومة الفرنسية السابق جاك شيراك، فيما أرسلت وزيرا سابقا للداخلية اسمه باسكوا إلى السجن رغم أنه شارف على الثمانين من عمره. أما بالنسبة إلى وزارة الداخلية، التي سارعت إلى تكوين لجنة تحقيق سرية لتطويق «الفضيحة»، فقد كان عليها أن تتحلى بالحد الأدنى من الشفافية وأن تصدر بلاغا تعلن فيه عن تشكيل هذه اللجنة وتشرح فيه أهدافها وتكشف فيه عن الأسماء التي تتشكل منها، فهذا لن ينتقص من سمعة الداخلية شيئا، بل بالعكس، كان ذلك سيعطي عنها صورة الوزارة الحريصة على ممتلكات الدولة وعلى شفافية المساطر المتبعة في إعطاء التصاريح، حتى ولو تعلق الأمر برجل دولة ووزير أول سابق وملياردير اسمه إدريس جطو. من جهة أخرى، فمثل هذه الملفات تميط اللثام عن موضوع كبير وخطير اسمه البحث بأي ثمن عن الوعاء العقاري في الدار البيضاء. وبسبب جشع بعض كبار رجال الأعمال، استطاع كثير منهم الحصول على ثروات خيالية بين ليلة وضحاها بطريقة بسيطة جدا وإجرامية جدا وهي «المعرفة المسبقة» أو ما يسمى بالفرنسية عند رجال البورصة Le délit d initié، أي أن رجل الأعمال يشتري أرضا في المدار القروي من الفلاحين الفقراء بثمن بخس وهو يعرف مسبقا أن هذه الأرض ستدخل ضمن المدار الحضري قريبا، أي أنه يشتري المعلومة من موظفين متخصصين في بيعها نظرا إلى اطلاعهم على ملفات التعمير، وهكذا عندما يتم إدخال الأرض ضمن المدار الحضري يقفز ثمنها إلى عنان السماء. وبهذه الطريقة، اغتنى كثيرون وتحولوا إلى منعشين عقاريين كبار. عندما نرى كيف تسارع السلطات المحلية ومصالح وزارة الداخلية إلى إرسال معداتها ورجالها للوقوف على هدم غرفة في السطح شيدها خلسة أحد المواطنين «الكحيانين» لكي «يتوسع» فيها ابنه العاطل والمتزوج حديثا، ثم نقارن هذه السرعة والحماس في تطبيق القانون على المزاليط مع تكاسل وتقاعس نفس المصالح الإدارية عن تطبيق القانون على كبار موظفي الدولة ووزرائها السابقين الذين يخرقون القانون، نفهم أن وزارة الداخلية لا تتعامل مع جميع المغاربة بنفس الطريقة. وحتى لا نسبق الأحداث، يجب أن ننتظر نتائج هذه لجنة الداخلية «السرية» التي تستمع إلى كل الذين مر من تحت أنوفهم ملف أرض إدريس جطو، قبل أن نحكم على الرجل. لكن هذا الانتظار لا يمنع جطو أو الداخلية من التواصل مع الصحافة في هذا الملف. فإذا كان جطو قد احترم المعايير المنصوص عليها من طرف الداخلية والتجهيز والوكالة الحضرية، وإذا كان العمال والولاة وموظفو الوكالة قد احترموا القانون عندما وضعوا توقيعاتهم على التصاريح، «علاش كلشي شاداه القفقافة من الصبع الصغير ديال رجليه؟». مجرد سؤال.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.