عاشت فاس، طيلة يوم أول أمس الخميس، على إيقاع احتجاجات صاخبة للمئات من الطلبة والتلاميذ، ضد حافلات النقل الحضري بالمدينة، وذلك على خلفية حادث دهس الطفل عبد الرحمان السملالي بعجلات إحدى الحافلات، في محطة «باب الجياف»، بعدما اتهم أحد المراقبين التابعين للشركة ب»رميه» بقوة من داخل الحافلة إلى الخارج بينما انطلقت الحافلة في السير. ورفع المتظاهرون، أكثر من مرة، وفي أكثر من وقفة، شعار «ارحل» في وجه شركة التدبير المفوض للنقل الحضري، وعاشت المدينة احتجاجات ذكرت المتتبعين بالمشاهد الأولى لاحتجاجات سكان مدينة طنجة ضد شركة «أمانديس» المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء، على خلفية غلاء الفواتير. فيما عرفت جل الكليات التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، ما يشبه الشلل، نتيجة دعوة فصيل الطلبة القاعديين إلى مقاطعة الدروس، والمشاركة في الاحتجاجات ضد شركة النقل الحضري، وعرف محيط رئاسة الجامعة تجمعا حاشدا للطلبة المحتجين، وهي الاحتجاجات نفسها التي تكررت في وسط المدينة، وسط دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي لمقاطعة ركوب حافلات هذه الشركة التي تتهم بتشغيل مراقبين يعرفون ب»البلطجية»، ويتهمون بكونهم من أصحاب السوابق، وبأنهم يسيئون معاملة المرتفقين. وأججت حادثة دهس الطفل عبد الرحمان السملالي هذا الغضب الشعبي ضد المراقبين التابعين للشركة، في أوساط الطلاب والتلاميذ، خاصة وأن الشركة أقرت، في بداية الموسم، زيادة وصفت بالملتهبة في بطائق انخراط ما يقرب من 40 ألف منخرط، وقالت إن هذا القرار الذي اتخذ من جانب واحد، دون موافقة السلطات المحلية، والسلطة المفوضة (المجلس الجماعي)، يندرج في إطار تطبيق بنود دفتر التحملات الذي يربط الشركة بالمجلس الجماعي لفاس، بمباركة وزارة الداخلية. وحملت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع فاس سايس، في بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، المسؤولية عن كل الاختلالات والحوادث المأساوية المرتبطة بسوء تدبير النقل الحضري في العاصمة العلمية، لعمالة وللمجلس الجماعي لفاس ولشركة «سيتي باص». ونددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحادث ووصفته ب»الفعل الإجرامي الذي ينتهك الحق في الحياة للطفل الضحية»، وطالبت بتفعيل «عدم الإفلات من العقاب في اعتداءات مستخدمي شركة النقل الحضري. وتحدثت في رسالة مفتوحة سابقة موجهة لوالي الجهة، ورئيسها، وعمدة المدينة، عن «معاناة سكان فاس مع أزمة النقل الحضري بالمدينة»، وانتقدت استمرار «تردي وتعمق أزمة النقل الحضري بالمدينة، الذي تدير قطاعا مهما منه شركة سيتي باص التي تم التفويض لها تدبير هذا الخدمة الاجتماعية الحيوية». من جهتها، طالبت شبيبة حزب العدالة والتنمية، في بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، الجهات الوصية ب»فتح تحقيق وافتحاص لمجريات إبرام الصفقة المرتبطة بتفويت النقل الحضري» في المدينة، وأدانت ما أسمته «المعاملات اللاإنسانية والعنف الذي يستخدمه بعض مراقبي شركة «سيتي باص» في تعاملهم مع المواطنين صغارا وكبارا بممارستهم لاختصاصات السلطات الأمنية والقضائية في التحقيق والتفتيش والعقاب». وقالت شبيبة حزب العدالة والتنمية، وهي تتحدث عن وفاة الطفل عبد الرحمان السملالي، إن الحادثة أعادت إلى الأذهان الكثير من حالات الاعتداء على المواطنين من مستعملي حافلات الشركة من طرف «بعض المراقبين المفتقدين لأدنى مقومات التواصل البشري».