بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    أمل تيزنيت يكتفي بالتعادل خارج ميدانه أمام إتحاد سيدي قاسم    طقس الثلاثاء..عودة الأمطار بعدد مناطق المملكة    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الصحافة الإسبانية تتغنى بموهبة إبراهيم دياز    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    تصفيات مونديال 2026.. أسود الأطلس يواجهون زامبيا والكونغو    ميراوي محذرا طلبة الطب: سيناريو 2019 لن يتكرر.. وإذا استمرت المقاطعة سنعتمد حلولا بخسائر فادحة    انقلاب سيارة يخلف إصابات على طريق بني بوعياش في الحسيمة    وزير العدل يعلن إجراء محادثات أخيرة مع جمعية هيآت المحامين حول قانون المهنة قبل طرحه في البرلمان    القوات المسلحة الملكية.. 68 عاماً من الالتزام الوطني والقومي والأممي    المداخيل الجمركية ارتفعت إلى نحو 28 مليار درهم خلال أربعة أشهر    "إسكوبار الصحراء".. هذه تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء    المكتب المديري لأولمبيك آسفي يرفض استقالة الحيداوي    وزير التربية متمسك بالمضي في "تطبيق القانون" بحق الأساتذة الموقوفين    الأمثال العامية بتطوان... (597)    الفرنسي أوليفيي جيرو يعلن رسميا رحيله عن ميلان إلى "الدوري الأمريكي"    جائزة أحسن لاعب إفريقي في "الليغ 1" تعاكس المغاربة    جماهري يكتب: هذه الحكومة لا بد لها من درس في الليبرالية...!    تنظيم الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية "التبوريدة"    "أطلنطاسند" تطلق منتوجا جديدا يستهدف المقاولات الصغرى والمهن الحرة    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    اليابان عازمة على مواصلة العمل من أجل تعاون "أوثق" مع المغرب    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    أمن ميناء طنجة يحبط تهريب الآلاف من الأقراص الطبية    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    أحزاب الأغلبية ترشح التويمي لخلافة بودريقة في رئاسة "مرس السلطان"    الاتحاد الأوروبي يرضخ لمطالب المزارعين ويقر تعديلات على السياسة الفلاحية المشتركة    أوكرانيا تقر بالنجاح التكتيكي لروسيا    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    الأساطير التي نحيا بها    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفسير الأسطوري للأحداث؟؟ .. زلزال تاهيتي
نشر في المساء يوم 18 - 01 - 2010

المقرودين الفقراء في (تاهيتي) فاجأهم الزلزال بأشد من أسمالهم وأوحالهم وفقرهم، فخسف بهم الأرض؟؟ وابتدؤوا عام 2010 م بخسف ومسخ ودمار للبنية التحتية السخيفة الهزيلة، وبيوت الصفيح من جيش الفقراء العرمرم...
نقلت الأخبار في 14 يناير 2010م أن الأرض زلزلت زلزالها وحصدت أرواح مائة ألف أو يزيدون، بأكثر من مدينة يونس عليه السلام، واشتغلت ملائكة الموت في جنازات لا تنتهي، لأرواح ودعت الحياة البئيسة التي يعيشها أولئك الفقراء التعساء في الأسمال والأوحال..
أهم ما في الخبر أن السيد الرئيس بسلام هو وعائلته المرفهة المدللة؟!..
والخبر حتى هنا عادي..
ولكن الشيء غير العادي كان في خطبة الجمعة بعد يومين عندنا وأنا أسمع تفسير الخطيب للأحداث؟؟
قال الخطيب المبجل إن الله حفظ بلاد المسلمين من الزلازل والفتن والمحن، وإنهم خير البرية، وإنهم، أي سكان الخليج خاصة؟؟ خير أمة أخرجت للناس بالبترو دولار طبعا؟؟ وإنهم استثناء على القانون الإلهي؟؟ وإنهم لن يفاجئهم الزلزال مثل تعساء جزيرة سبانيولا..
ونحن نعرف تماما مصيبة ذمار في اليمن، والأصنام في الجزائر، والزلزال في أكادير والحسيمة في المغرب، واستانبول في تركيا، وإن من حفظ كنيسة أيا صوفيا عفوا المستلبة بيد الفاتح والمحولة إلى مسجد فلم يلحقها الزلزال بأذى، كانت خلفها عبقرية مهندسين نصرانيين (كافرين) من أيام (جستنيان)..
أما تعساء جزيرة (هايتي) فكانت هذه الجزيرة، التي ضمت ديكتاتوريتين من جمهوريتين منكوبتين هما تاهيتي والدومينكيان، عامرة بمليونين من السكان من نوع التاينو (Taino)، فذبحهم جنود (كولومبس المعتوه) والملكة إيزابيلا من أراغون، بحيث إن البريطانيين لما وضعوا أيديهم على الجزيرة، لم يتبق من سكانها الأصليين سوى مائتي نسمة، وكل من يسكنها من السود اليوم هم بقايا الشحن الإفريقي؟؟
نعم هكذا يقول (تزفيتان تودودرف) أستاذ السوربون في كتابه (مسألة الآخر)...
وأمام التفسير الأسطوري للأحداث، لا بد من شحن وعي الإٌنسان المسلم بطبيعة المسألة فأقول...
في أعياد الميلاد من عام 2004م اهتزت الأرض في سومطرة وتحرك المحيط بموج كالجبال، فابتلع اليابسة ومعها 15 نصف مليون من الأنام، وعقدت الدهشة الألسنة من غضب الطبيعة، والطبيعة ليست مزاجية مثلنا بل لها قوانينها التي لا تتبدل ولا تتغير، سنة الله في خلقه.
وخرج علينا الفقهاء يومها بتفسيرات تقول إن الله انتقم في أعياد الميلاد من أولئك الفسقة الفجرة الذين يعصون الله، فعاقبهم بأشد من قنبلة نووية. ونحن نعرف أن من أصيب هم المسلمون الفقراء من الأندونيسيين؟؟
وبمراجعة لتاريخ الزلازل نعرف أن ما يحدث لا علاقة له بإيمان وكفر وطاعة ومعصية. ولكن العقل الذي يسبح في الخرافة والمجهول مستعد للتورط في كل تفسير لا يخضع للنقد والتحليل.
ومثلاً، ففي عام 1466 م أصيب أهل أوربا بذعر شديد، عندما حلق فوقهم مذنب كبير يلمع في كبد السماء، وكانت الأخبار عن سقوط القسطنطينية قد استغرقت ثلاث سنين قبل أن تروع القارة العجوز بأحداثها، فأوربا كانت تسبح في مستنقع مريع من التخلف والفوضى والقذارة وتفكك الاتصالات، واستولى على الناس شعور مفاده أن هذا المذنب علامة على وقوف الله بجانب الأتراك!!
وفي عام 1578 م، نشر أسقف ماجديبرج أندرياس سيليشيوس كتاباً يفسر اندفاع هذه المذنبات في السماء بكثافة خطايا البشر، فتتشكل ضفائر ثخينة صفراء تحلق في الملكوت.
ولم تكن النار المحلقة في الأفق عام 1466 م سوى مذنب (هالي) الشهير الذي يقوم بزيارتنا زيارة ودية كل سبعين سنة مرة.
ولو كانت المذنبات الثخينة تُضفر من جدائل خطايا البشر، لفوجئنا بامتلاء السموات بها دون توقف، فدم الإنسان يسفك على مدار الساعة.
ودماء الحوثيين وأهل البوسنة وكوسوفا وجروزني ومليون إيراني عراقي في حرب مجنونة قادها البعثيون والملالي بتقديم أعظم قربان عرفه الجنس البشري منذ أيام هابيل.. كلها خطايا فوق الخطايا، ولكن الكل يقول إنها الحروب المقدسة؟؟ وهي جنون وجريمة وإفلاس أخلاقي، سواء خاضها حزب الله أو حزب الشيطان!!
وعند موت إبراهيم عليه السلام صادف أن كُسفت الشمس وسرت إشاعة مفادها أن الشمس توارت في الحجاب حزناً على موت إبراهيم.
ولم تكن هناك أي علاقة بين موت إبراهيم عليه السلام وكسوف الشمس، مما جعل الرسول (ص) يسرع في تصحيح المفهوم الخاطئ، ويوظف هذه المناسبة لأمر عملي في تشريع صلاة الكسوف (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان ولا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا).
وفي عام 1984 م، عثر أعضاء فريق علمي أمريكي على حجر غريب في القطب الجنوبي، فوضعوه للتحليل، في شهادة واضحة عن تغير عميق في تعامل الإنسان مع الظواهر الكونية. فلم يدعوا أن الشيطان أرسله بل ظهر أنها رسالة ودية من المريخ متأخرة 12 ألف سنة؟
وعند الساعة ال5 و28 دقيقة من صباح 26 ديسمبر 2003م، زلزلت الأرض زلزالها في مدينة بام الإيرانية، فانتهت حياة أكثر من ثلاثين ألف إنسان تحت الأنقاض، مع أن قوة الزلزال لم تزد على 6.3 درجات على سلم ريختر، وهي في عرف الجيولوجيين متوسطة القوة، بسبب هشاشة البناء وتعاسة السكن، في العالم الإسلامي الفقير الجاهل.
وطبعا، كان هناك من الوهابيين الذين قالوا بسبب الصراع العقائدي الخرافي إن أهل بام (روافض) رفضهم الله فعاقبهم؟!
ولكن قبل سنوات اهتزت الأرض في تركيا فقتل فيها من المسلمين (السنة النواصب كذا) ربما أكثر من الشيعة الروافض؟!
وبعد زلزال بام، توجه الزلزال إلى أقصى الأرض فضرب جزيرة (بالي) في أندونيسيا، ثم قفز إلى غرب الأرض، فضرب مدينة (مكسيكو سيتي). وخلال شهر واحد، اهتزت الأرض أكثر من 200 مرة، منها عشر مرات بقوة تجاوزت 6 درجات على سلم ريختر.
وفي عام 1992م ضرب الزلزال (القاهرة) فخرت الأبنية الضعيفة ونجت القوية.
وما حدث (للشيعة) في إيران و(السنة) في تركيا والقاهرة حدث (للمسيحيين) في مدينة (سان فرانسيسكو) عام 1906 م فارتجت الأرض وأصبحت المدينة كومة أشباح.
ويتوقع المحللون أن قدرا أفظع ينتظر المدينة (سان فرانسيسكو) في المستقبل، ولكن تجار العقارات راكضون بالأرباح والكذب، أن الأرض هناك أقوى من الجبال الرواسي؟؟
وفي عام 1995، ضرب الزلزال مدينة (كوبي) اليابانية، وأهلها ليسوا شيعة ولا سنة ولا مسلمين ولا مسيحيين ولا يهود بل بوذيون من الشنتو وطائفة الزن.
ولم يفرق الزلزال في ضربته بين عقائد الناس بقدر خضوعهم جميعا لقانون واحد.
وعندما تجتاح الكوليرا بلدا فبسبب القذارة.
وعندما ينفجر الطاعون في الهند فبسبب تقديس الجرذان .. يطعموها الحليب أكثر من أولادهم، فعقل الإنسان مركب بالمقلوب.. كل منا وليس الهنود فقط.. ففي العالم العربي، نعبد سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل، مع أنهم بشر مثلنا يمرضون ويضعفون ويصابون بالرشح وأنفلونزا الخنازير والطيور والإيدز والسارز..
وفي عام 1905م، كان يموت من أهل مدينة (هامبورج) الألمانية كل يوم ألف مريض بالكوليرا.
وكنيسة (أيا صوفيا)، التي حولها محمد الفاتح ظلما إلى مسجد، مخالفا وصية الفاروق، أنهى بناءها عام 537 م مهندسان عبقريان هما (أنتيميوس) و(أزيدوريس) بكلفة مليار جنيه إنجليزي، وحسبا حساب الزلازل قبل كل شيء.
وكان الناس في أيامهم إذا بنوا زادوا في الحجارة، ففعلا العكس بأن ما يصمد في الزلازل ليس الثقل بل الدينامية والخفة، وهكذا بنيت الكنيسة من مواد خفيفة وهندسة بارعة فنجت.
وقام المهندس التركي (أحمد جقمق) عام 1992م من جامعة برنستون بدراسة تحمل أيا صوفيا للزلازل، فوضع أجهزة حساسة في كل البناء ثم قام بإدخال المعلومات إلى الكمبيوتر، ثم أجرى اختبارا تخيليا كما لو تعرضت المنطقة لزلزال مخيف من عيار 7.5 درجات على سلم ريختر، فكانت النتيجة صمود البناء.
وفي غشت عام 1999 م، جاء وقت الاختبار الفعلي فاهتز كل شيء بما فيه أيا صوفيا وهلك آلاف الناس تحت الأنقاض، أما أيا صوفيا فلم يسقط منها حجر، ولم يتصدع فيها جدار، ويبدو أنها ستعيش ألف سنة أخرى.
وهكذا، فالزلزال لا دين له، وهو غير حزبي وغير متحيز، ويضرب الجميع وفق قانون يعرفه العلماء في تصدع الصفيحات القارية واصطدامها ببعض.
ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.
ومنذ القديم، يذهب الناس في تفسير الزلازل مذاهب شتى، ونحن نعلم اليوم بأننا نسكن فوق فرن يقذف بحممه بين الحين والآخر. وليس بيننا وبين باطن التنور إلا قشرة رقيقة من الأرض بمسافة 47 كم، وما تحتنا نار تتلظى ومعها الزلزال.
وفي اليوم الواحد، تهتز الأرض أكثر من 27 مرة في أماكن شتى. وفي السنة، ترتج أكثر من عشرة آلاف مرة بقوة 4 درجات على سلم ريختر، منها عشرون هزة (رئيسية) ومائة (قوية) وآلاف (متوسطة) وعشرات الآلاف من التي لا يشعر بها الناس.
وما زاد على ثمانية ريختر فيحدث مرة في كل عام. وقبل 75 ألف سنة، انفجر بركان كراكاتو في أندونيسيا فأهلك معظم البشر، ولم يبق على ظهر الأرض أكثر من بضعة آلاف تابعوا رحلة الجنس البشري.
وهناك تصدعات ومسارات للزلازل معروفة، مثل صدع أندرياس والبحر الأحمر، والخسائر تحدث بضعف المباني أكثر من قوة الزلزال كما يحدث في المرض، فانهيار الجهاز المناعي يؤهب للمرض أكثر من قوة الجرثوم.
وسبب سماع الناس بالزلزال هو المكان والإصابات.
وفي 5 ديسمبر 2003، ضرب الزلزال جزر الكوماندورسكي بقوة 6.6 درجاتعالى سلم ريختر، ولكن لم يسمع أحد.
وقد يستفيد العلماء في يوم فيوظفون هذه الطاقة الفلكية من قوة الزلزال فيفجرون البراكين في أماكن معينة من قشرة الأرض، كما تفعل المرأة مع الطنجرة البخارية بالتنفيس، فيستخدمونها كما حدث مع الطاقة النووية والبخارية فسارت القطارات، وأمكن لمفاعل نووي تزويد مدينة بالطاقة لمدة عام.
وفي يوم كانت الكهرباء صواعق تحرق المباني والشجر وتقتل الناس، واليوم حبست الكهرباء في سلك ولا نستغني عنها لحظة.
وهناك أفكار جريئة عن استخدام السلاح النووي ليس للحرب بل في جراحة المناخ.
ويمكن بتفجيرات نووية مدروسة إذابة القطب الشمالي وقلب كامل مناخ سيبريا وشمال كندا فتصبح حدائق ذات بهجة للناظرين.
وهكذا، فالظواهر الكونية قد تكون مصدر رعب للأميين من أمثال خطبائنا أنصاف الأميين، فيعبدون الحجر والبشر أحياء وأمواتا.
وقد يفكر عبقري في شوك الحدائق، فيستخرج منه نظاما جديدا للأحذية فتشد بشريط يتشابك فيه سطح خشن مع ناعم بدون خيطان.
وبركان فيزوف انفجر ليس لأن أهل بومبي كانوا فجرة، فأهل (روما) كانوا أظلم وأطغى وأفجر، فلم يلامسهم واستمروا يعربدون ويرقصون وللفاحشة يفعلون وسبارتكوس يصلبون؟ ولكن مصير بومبي وهيركيلانيوس كانت المؤتفكة أهوى فغشاها ماغشى.
فيجب فتح العقل على فهم سنن حدوث الأشياء، وإلا كنا نكذب على الله.
وينقل لنا التاريخ وقائع مثيرة، ففي أيام (نور الدين الزنكي) احتدمت الحروب واشتدت الزلازل وهبطت الكنيسة في إنطاكية على رأس (أثناسيوس) بطريق الأرثوذكس وقساوسته وهم يؤدون القداس فاعتبر الكاثوليك، خصوم الأرثوذكس، ذلك معجزة إلهية.
ولكن الزلازل ضربت يومها الجميع، مسلمين وأرثوذكس وكاثوليك وبروتستانت، من حلب حتى طرابلس.
وفي صباح أول نوفمبر من عام 1755م احتشد الناس في الكنائس في (لشبونة) بكامل زينتهم في عيد (كل القديسين سانت فيتيوس) فاهتزت الأرض، وفي ست دقائق تهدمت ثلاثون كنيسة، وألف منزل، ومات تحت الأنقاض خمسة عشر ألف إنسان، وجرح مثلهم في واحدة من أجمل عواصم العالم يومها.
وبدأ الناس يحاولون تفسير ما حدث، فأما (مالا جريدا)، وهو أحد اليسوعيين، فقال إن الزلزال كان عقابا من الله على الرذيلة التي استشرت في لشبونة.
ولكن الزلزال قضى على القساوسة المتبتلين والراهبات المتفانيات في الخدمة ووفر ألد أعداء اليسوعيين، كما يقول المؤرخ (ويل ديورانت).
أما أهل المغرب (من أحفير إلى أكادير وتزنيت وسميمو وصومعة الوقاق في تزنيت وورزازات) فهللوا للحدث يومها، واعتبروه انتقاماً إلهياً من محاكم التفتيش في البرتغال، ولكن الزلزال لم يعف عن المغرب فكمَّل طريقه إلى الرباط، فهدم المسجد الأعظم فيها فخرّ على رؤوس الناس وهم يصلون فقُتل المصلون الراكعون الساجدون الخاشعون؟؟
أما البروتستانت فقالوا إن هذه الكارثة هي استنكار السماء لجرائم الكاثوليك ضد الإنسانية.
وأعلن (وليم روبرتون) أن مذبحة لشبونة «أبرزت عظمة الله في أبهى صورها»؟؟
ولكن الجواب عن هذا التفسير جاء بعد 18 يوما، حيث زلزلت الأرض زلزالها على الحافة الأخرى من الأطلنطي، فقتل في مدينة (بوسطن) أكثر من خمسة عشر ألفاً من البروتستانت البوريتانيين؟؟
وحتى فولتير وقف مذهولاً أمام فظاعة الحدث، ولكنه استشاط غضبا من سخف التفسيرات وكتب يقول في ذروة الحزن: «أي جريمة ارتكب هؤلاء الأطفال الذين اغتالهم الزلزال وسالت دماؤهم وهم في أحضان أمهاتهم؟ وهل كانت رذائل لندن أو باريس أقل من رذائل لشبونة؟ ومع ذلك دمرت لشبونة وباريس ترقص.
أما جان جاك روسو فاعتبر أن ما تعانيه الإنسانية من علل وشرور هو نتيجة لأخطاء البشر وأن زلزال لشبونة هو عقاب عادل للإنسان لتخليه عن الحياة الطبيعية وإقامته في المدن، ولو أن الناس التزموا الحياة البسيطة في مساكن متواضعة لما حصل كل هذا الدمار. وفي العصور الوسطى، كان البابا ألكسندر السادس يعاني من التهاب مفاصل الزهري بسبب الزنا؟؟ لكنه كان يعزو مرضه إلى تعكر مزاج المريخ، ونحن نعرف أن الزهري ينتشر بالزنا.
وكانت الكنيسة يومها تبيع تذاكر لدخول الجنة وتعالج السعال الديكي بلبن الحمير وتحرق الساحرات والقطط في الساحات العامة..
إن خطورة العقل الخوارقي أنه يعطل كل جهد بشري، والعقل العربي اليوم مغتال بسموم من التصور الخوارقي للأشياء والفهم المقلوب للتاريخ. وحينما سقطت المركبة (كولومبيا) في منطقة اسمها فلسطين في أمريكا، حسبها العرب انتصارا للانتفاضة.
وعندما زحف الأمريكيون على بغداد في ربيع 2003م ثار الغبار فاعتبر البعض أن الله يقاتل بجانب صدام، وكتب مثقف، لا ينقصه فهم ووعي في جريدة إماراتية، أن أمريكا تهزم بطريقة جديدة، وأنه يتوقع صعود شمس صدام ؟؟
لكن الأمريكيين قصوا شارب صدام وأعدموه بخطة بديلة..
وعندما انفجر شالينجر، مكوك الفضاء، اعتبره البعض عقوبة إلهية. ونظر الأمريكيون إلى الحدث على أنه خطأ فني وأرسلوا بعده العشرات.
وفي يناير 2004، أرسل المكوك الفضائي الأمريكي روفر صورا من المريخ؟؟
أما تفسير عميد كلية الشريعة في بلد خليجي، فاعتبر أن الزلزال عقوبة إلهية للعاصين في الجزر الإباحية؟؟؟..
فأين مكان المقرودين التعساء من جزيرة هايتي...
وهكذا، فمن يبني عقله على العلم يبني لنفسه بيتا في المريخ، ومن يبنيه على الخرافة ينحبس في خانة المجهول والتخلف ومرض القراد الذي يضرب النحل فيقص أجنحتها فلا تطير ولا تجني الرحيق. ولا يبقى قفير ولا عسل.
ومن يمشي على رأسه يخسر رأسه ورجليه معاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.