المغرب.. أقدم أصدقاء أمريكا وركيزة في مسار العلاقات التاريخية    رواج الموانئ المغربية يسجل ارتفاعا ب11,6% خلال النصف الأول من 2025    السكتيوي: الفوز على أنغولا نتيجة نضج تكتيكي واضح    "الشان 2024".. المنتخب المغربي للمحليين يفوز على نظيره الأنغولي في أولى مبارياته    مصرع طيار وابنه في تحطم طائرة خفيفة في إسبانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    توقيف 11 مغربيا حاولوا دخول إسبانيا بطريقة سرية عبر زورق سريع "فانتوم"    حريمات أفضل لاعب في لقاء أنغولا    الشركات الرياضية تختبر حدود التمويل والحكامة في كرة القدم المغربية    إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج..بن حمزة يوضح    الجزائر تروج لوثيقة وهمية للطعن في اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء    السكيتيوي يكشف عن تشكيلة المنتخب أمام أنغولا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية النيجر بمناسبة العيد الوطني لبلاده    شخصيات مقدسية تشيد بمبادرة الملك محمد السادس إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لسكان قطاع غزة    لفتيت يقدم خطة الدولة من 7 أهداف لتعزير المسار الديمقراطي والأحزاب ملزمة بتقديم ردها قبل نهاية غشت    مبابي يشهد.. حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    كأس إفريقيا للمحليين.. هذا التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وأنغولا    بنغفير يجدد اقتحامه للمسجد الأقصى وسط حشد من المستوطنين المتطرفين ويؤدون طقوسا تلمودية    "3 لاءات" نقابية تواجه خطط الإصلاح الحكومية لأنظمة التقاعد المغربية    موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الأحد إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    وزارة الداخلية الإسبانية: 361 مهاجرا يعبرون إلى سبتة في 15 يوما    الناظور..مالك كشك "شارع 80" يعلن نيته الطعن قضائياً بعد إغلاق محله        الجامعة و"الشيخات"    الجديدة.. جريمة قتل مروعة تهز حي سيدي موسى بوسط المدينة .    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    الستاتي والرحماني يُسدلان الستار على مهرجان العيطة المرساوية    4 أحواض مائية لا تتجاوز 30 بالمائة.. وملء السدود يلامس "مستويات حرجة"    الشيبي وبنتايك الأفضل بدوري مصر    جمعية أنزا الهجرة والتنمية تنظم الدورة الرابعة لمهرجان المهاجر    استياء واسع بسبب ضعف صبيب الأنترنيت باقليم الحسيمة    الدبلوماسية البيئية في مواجهة خصوم الوحدة الترابية للمغرب.. الوكالة الوطنية للمياه والغابات نموذجا    دراسة تحذر: هل يكون عام 2027 بداية نهاية البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي؟    أنفوغرافيك | جهة سوس ماسة.. تتصدر حالات إفلاس الشركات    كتاب طبطبة الأحزاب /3من5    تدشين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعرائش    اختتام معرض الصناعة التقليدية بالعرائش    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    السياسة وصناعتُها البئيسة !        الفوضى تعيق المساعدات في غزة    حملة دولية للمطالبة بالإفراج الإنساني عن ناصر الزفزافي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    قلق داخل الجيش الإسرائيلي من ارتفاع معدلات انتحار الجنود بسبب المشاهد الصعبة في غزة    قافلة طبية تخفف معاناة مرضى القلب بجرسيف    تهديدات جهادية تستنفر درك السنغال    تقرير: أكثر من 12 ألف رأس نووي في العالم .. 87 بالمائة منها بيد دولتين فقط    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراما الحياة على وجوه نور الدين الغماري
نشر في المساء يوم 02 - 04 - 2008

يمثل الفنان الفوتوغرافي المغربي نور الدين الغماري تجربة مثيرة للاهتمام، ومغامرة مفتوحة على ممكنات الصورة الفوتوغرافية وعلى ثرائها البصري، ويعتبر معرضه الجديد الذي سيحتضنه رواق محمد الفاسي في الرباط في العاشر من الشهر الجاري بعنوان «وجوه» نقلة نوعية في تجربة هذا الفنان واقترابا من التيمات الجديدة التي يشتغل عليها.
يكتب جعفر عاقيل، رئيس الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، عن المعرض القادم لنور الدين الغماري الذي تحتضنه قاعة محمد الفاسي في العاشر من الشهر الجاهري ما يلي: «تندرج فوتوغرافيات نور الدين الغماري ضمن التجارب الفوتوغرافية المغربية المهووسة بالبحث عن صيغ شكلية ومضمونية تختلف عن اختيارات الإرث الفوتوغرافي السابق، سواء على مستوى المحتويات أو الأشكال التي تحتويها. ويبقى أهم ما يمز فوتوغرافياته الحضور المكثف للعناصر التشكيلية عموما والغنى التلويني خصوصا والانجذاب نحو تمثيل تفاصيل الوجه وتقاسيمه. إن طريقة بناء المجال المصوَْر عنده يختلف عن التقليد الذي رسخته إنتاجات العقود السابقة: الوِضعات poses المنمطة والرؤى السياحية والمغرب الغرائبي... إلخ. فالعوالم التي تلتقطها عينه عوالم تصويرية pictural بامتياز. صحيح أن للصدفة نصيبا في التمثيلات التي تنقلها مساحات فوتوغرافياته، لكن هذا لا يمنعنا من الحديث عن نظر أو أسلوب فوتوغرافي».
يعتقد جعفر عاقيل أن الغماري مولع بلعبة الوجوه وبقراءة الترسبات التي يخطها الزمن على السحنات وكأن الوجوه كتاب مفتوح على الحكايات، ومكان تتكثف فيه كل المشاعر الممكنة، بما فيها تلك العائمة في بحار من الغموض وطبقات من الإخفاء. يقول عاقيل «إن المشاهد حين يتأمل في فوتوغرافياته لا يتلقى معرفة مُطَمْئِنَة ولا أشكال جاهزة. فالغماري يدرك تمام الإدراك أن صورا فوتوغرافية من هذا القبيل ستؤول إلى الزوال بسرعة ومعرضة للموت السريع. إن فوتوغرافياته تساءل عين المشاهد وفي أحيان كثيرة تستفزها. وحين تحاول عين هذا الأخير فهم ما يجري أمامها تصطدم بمساحات تصور خطوطا متداخلة وبقعا ضوئية ولطخات لونية وأشكالا هندسية ونظرات ثاقبة تذكر المشاهد بأثر حياة وجوه هشة وأخرى صلبة مرت من هنا ولم يبق شاهدا على وجودها سوى بصمة أو رسم. وهذا ما يجعل فوتوغرافيات الغماري تندرج ضمن التجارب التي تثير باستمرار قضايا الأشكال؛ أليس تاريخ الفوتوغرافيا هو تاريخ قضايا الأشكال التي تثيرها الحساسيات والأذواق والمقاربات الفوتوغرافية؟».
ويضيف عاقيل في تحليله للميكانيزم الفني الذي يتشغل به الغماري:» لا ندري هل هي المصادفة أم نظر الفوتوغرافي الثاقب أم حسه الاستشرافي الذي جعل من موضوع الوجه، سواء الفوتوغرافيات الملتقطة بأرض المغرب أو بمِصْر، موضوعا فوتوغرافيا بامتياز. ذلك أن عنصر الوجه يأخذ مساحة هامة في أعماله بل يشكل الحلقة المحورية في التعريف بهوية الأشخاص المُصوَّرة.
فبالرغم من الاختلاف الظاهري بين مختلف التلونات والأشكال والأحجام التي تزخر بها فوتوغرافياته تبقى القيمة البارزة في أعمال الغماري نقل فوتوغرافيا أحاسيس الموضوع المصوَّر وميولاته وانتمائه وذاكرته وبعبارة أشمل ثقافته. فكل من تقاسيم الوجه وتعابيره وملامحه ونظراته وابتساماته وأحزانه تنتظم وتتآلف وتمتزج في سيمفونية واحدة تنشد نشيد الحياة. لقد صار الوجه في أعماله باب العبور إلى أغوار الشخصية المصوَّرة أمامنا ودوافنها وذريعة لاستفزاز ذاكرة المشاهد للاقتراب شيئا فشيئا مما يخفيه هذا العنصر المركزي في جسد الإنسان من دلالات ثقافية. إن ما يميز فوتوغرافياته أيضا تمثيل إيقاعات الوجه في تعدًّداته واختلافاته وتناقضاته وألوانه. لكن، حين تتلاقى عين المشاهد مع هذه الرقع البصرية، تظل المتعة واحدة والإحساس نفسه أي الشعور بحالة وجدانية ثقافية واحدة».
بورتريهات درامية
من موقع مقاربة أخرى يكتب الفنان والناقد التشكيلي المغربي بنيونس عميروش في ورقة بعنوان «بورتيرهات درامية» عن تجربة الغماري ما يلي: «في البدء، تنصاع الرؤية لاستقبال أشخاص بهيئات مختلفة، وفي متوالية أوضاعها الماثلة بين الثبات والحركية، تستأنس العين بالشخوص الملبوسة بأدوار درامية، المنبثقة من قاع مناخ شعبي، حيث الوجوه والملابس والإكسسوارات والخلفيات المعمارية تصر على جعل المتلقي في وضع متأرجح بين المغرب والمشرق (مصر). غير أن هذا التأرجح سرعان ما ينطفئ تحت تأثير السحنات وجاذبية النظرات Regards التي جعل منها الفنان الفوتوغرافي نور الدين الغماري ذلك الخيط الرفيع الذي يربط بين المواضيع والأجواء.
وعن وجوه «ضحاياه» وتعددهم يكتب عميروش «في مقابل الطفولة المشخصة بحركاتها الخجولة، وعنفوانها الكتوم المشفوع بالنظرة المتطلعة والمتسائلة، تستوقفنا سحنات الشيوخ المفعمة بسخاء تعبيري مفرط، المتمثلة بحياكات Textures جلدية مغلَّفة بلباسة لمّاعة، بين ملساء وحرشاء، مُصاغة بشكل يرمي إلى مضاعفة حدة الأخاديد التي تحدد خارطة الدهر، وترسم على الوجه متاهة زمن ملغَّم بسرائر عيش منذور لديمومة مقاومة متصلبة، تسري لتنطبع على الجبين. الابتسامات نفسها مُضمرة، مُتواطئة مع النظرات المسالمة والعنيدة، المشِعَّة من عيون مُصفّات، المنتشية ببروق مستعارة، تستكين لرغبة الحاضر الممنوح والآتي الممتنع.
إذا كانت هذه البورتريهات ذات التأثير الدرامي، بالرغم من كونها ملتقَطة في الوقت الحاضر، خالية من أي مؤشر يحيل على مظاهر عصرنا المديني الحديث، فإن المبدع يروم الانحدار بالمشاهد عبر الزمان والمكان، في دعوة إلى إلى تقاسم وتشارك حَيَوَات وأجواء وديكورات تتمسك بتمظهراتها الأصلية، البدائية، حيث البساطة مبدأ الجمال. وفي طريقة معالجاته (الرقمية) الفنية التي تشي بحرفية فائقة، ورؤيته القائمة على عين قاطعة وفاحصة، يقدم لنا نور الدين الغماري هذه الباقة من نماذج الوجه، كصورة مضاعفة، صورة «القرين» الصورة الأخرى التي يصبح معها «التشويه» و«الانمساخ» فعلا إبداعيا، وحافزا نفسيا يمس الذات والوجدان. وعليه، هل يجوز لنا اعتبار الفوتوغرافي في هذه الحال مجمِِّل وجوه Visagiste؟ وفي تأملنا لهذه الفيزيونوميا المكيفة بالتحليل المرن، هل يمكن توْصيفُها ببورتريهات متخيلة، ولو بمقدار، خاصة وأنها تذكرنا باستلهام البورتريهات التاريخية لدى الفنانين القدامى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.