اليوفي يكتسح العين في الموندياليتو    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    غامبيا تشيد بمصداقية الحكم الذاتي ودينامية التنمية بالصحراء    كأس العالم للأندية.. الوداد الرياضي ينهزم أمام مانشستر سيتي    بونو يهدي الهلال تعادلا ثمينا أمام ريال مدريد    توقيع اتفاقية شراكة بين بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية لتعزيز الشمول المالي في القطاع الفلاحي المغربي    صواريخ إيران تُشرد 2000 عائلة إسرائيلية    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    تعاونيات إفريقية تستفيد من المغرب    اتحاد تواركة إلى نهائي كأس التميز    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    نشرة إنذارية: طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة بعدد من المناطق    كومنولث دومينيكا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء    الأمم المتحدة/الصحراء.. سيراليون تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية    المغرب يستعد لإحصاء وطني جديد للماشية ويعد بشفافية دعم الكسابة    المغرب أولًا .. ومن يرفع "راية إيران" يسقط في امتحان الوطنية    بونو يحبط ريال مدريد ويمنح الهلال تعادلا ثمينا في كأس العالم للأندية    الأزهر يثمن "الكد والسعاية" المغربي    احتجاج جديد أمام البرلمان.. خريجو الجامعات يصعّدون ضد شروط الإقصاء في مباريات التعليم    بونو ينقذ الهلال من مقصلة الريال    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    لقجع: المغرب ملتزم بجعل مونديال 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    فطيمة بن عزة: برامج السياحة تقصي الجهة الشرقية وتكرس معضلة البطالة    بنعلي وقيوح يبحثان فرص تعزيز الربط القاري وتطوير الصناعات المرتبطة بالطاقات المتجددة والنقل البحري    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة ببرد وهبات رياح    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مباحثات رئيس مجلس النواب و"سيماك"    معرض باريس الجوي.. مزور: 150 شركة طيران تتوفر على وحدة إنتاج واحدة على الأقل بالمغرب    تفكيك شبكة دولية لتهريب السيارات المسروقة نحو المغرب عبر ميناء طنجة المتوسط    السعودية تُعلن فتح باب التقديم لتأشيرات العمرة لموسم 2025 بشروط جديدة وتسهيلات موسعة    السيّد يُهندس مسلسل شارع الأعشى في كتاب    ثلاثة مغاربة ضمن قائمة أغلى عشرة لاعبين عرب بمونديال الأندية    النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي تفقد الثقة في إصلاح النظام الأساسي    إيران: سيطرنا على أجواء الأرض المحتلة اليوم وبداية نهاية أسطورة الدفاع للجيش الصهيوني    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الدرك الملكي يحجز 8 أطنان من الشيرا    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني.. تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    جلالة الملك يهنئ رئيس السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    خامنئي: إيران "لن تستسلم أبدا" للضغوط    لقجع: الدعم الاجتماعي المباشر حلقة جديدة ضمن المبادرات الملكية الهادفة إلى صون كرامة المواطن    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«محرقة» تودي بحياة 56 عاملا داخل مصنع للأفرشة
نشر في المساء يوم 27 - 04 - 2008

56 قتيلا و17 جريحا هي الحصيلة الأولية التي خلفها الحريق غير المسبوق الذي شب صبيحة أمس السبت بأحد مصانع صناعة الأفرشة بالمنطقة الصناعية ليساسفة بالدار البيضاء. انطلقت شرارة الحريق الأولى من الطابق الأول لبناية المصنع المكون من أربعة طوابق، حيث يتواجد عمال النجارة، قبل أن تعم باقي الطوابق الأخرى.
تستحضر فاطمة، إحدى عاملات المصنع التي كانت ساعة الحريق بالطابق الثاني، أنها بينما كانت منهمكة في عملها الروتيني، إذا بها تفاجأ بزميلة لها تصرخ «العافية.. العافية»، وبعد إلقاء نظرة خاطفة فوجئت بلهيب النار المستعرة التي زاد وهجها بسبب المواد التي يستعملها المصنع من الإسفنج والخشب والثوب والجلد ومواد كيماوية مختلفة ( دوليو، لصاق...).
أحد العمال الناجين، رفض ذكر اسمه، حمل صاحب الشركة مسؤولية ما وصفه ب«المحرقة» التي ذهب ضحيتها كل هذا العدد الضخم، بسبب عدم إقدامه على توفير شروط السلامة الداخلية وتسييج جميع نوافذ البناية بشبابيك من حديد، ووضع مواد قابلة للاشتعال حتى في الممرات والسلالم. وزاد من حدة هذه الكارثة، حسب هذا العامل وعدد من زملائه الآخرين وأيضا أبناء المنطقة ممن التقتهم «المساء»، تأخر رجال الوقاية المدنية عن الحضور إلى عين المكان بحوالي ساعة على وقوع الحريق. وحتى عندما حضروا انتظروا ما يزيد عن ساعة أخرى من الزمن بحثا عن مصدر للمياه، بعد أن اتضح لهم أن هذه المنطقة الصناعية لا تتوفر على مصدر مياه خاص بالوقاية المدنية يتم اللجوء إليه في مثل هذه الكوارث. وقد اضطر رجال الوقاية المدنية إلى نشر مخروط مياه طويل فاق طوله الكيلومتر من أجل حل هذا المشكل. ومما عقد مهمة الإطفاء أن قوة دفع الماء الذي استعمل لم تكن بالقوة المطلوبة للتغلب على الحريق الذي زاد من حدته طبيعة المواد الكيماوية التي لا تنطفئ بسرعة.
وأمام تأخر رجال الوقاية في الحضور إلى عين المكان وصراخ عمال المصنع الذين كان غالبيتهم من النساء والقاصرين والقاصرات واستنجادهم خلف شرفات المصنع المسيجة بالحديد وكأنهم داخل زنازين سجن، تطوع أبناء المنطقة الذين هبوا إلى عين المكان وباشروا عملية الإطفاء عبر أنابيب مياه للاستعمال المنزلي. حيث لم يتم إنقاذ إلا القليل من عمال وعاملات المصنع الذين قضى الكثير منهم نحبه بسبب الاختناق بالدخان الكثيف. تحكي رشيدة ظريف، تعمل خياطة بالمصنع من مواليد 1979 وأم لطفلين والمنحدرة من بني ملال، أن الحريق فاجأها حوالي الساعة العاشرة والنصف بينما كانت بالطابق الثالث المخصص لأعمال الخياطة، حيث كان رفقتها ساعتها 48 خياطة أخرى، وأثار انتباههن الدخان الكثيف الذي كان ينبعث من الأسفل: «ما بيقنا عرفنا باش تبلينا»، بعدها أقدم رئيسهن المباشر على قطع الكهرباء حيث عم ظلام دامس، ولم يعدن يسمعن سوى عبارة «اصعدوا إلى فوق»، وبعد أن صعدت إلى السطح الذي كان مشيدا بالقصدير وجدن ثقبا صغيرا ولجن منه مسرعات حيث كان من حسن حظهن أن عمال البناء المجاورين للمصنع تركوا سلما تمت الاستعانة به في النزول إلى البناية المجاورة.
شهود عيان أكدوا ل«المساء» أن رب المصنع، عند نشوب الحريق، أعطى أوامره بإغلاق الأبواب حرصا على سلامة السلع والمدخرات، كما أنه استنفر العمال الذين كانوا بالطابقين الأول والأرضي لإبعاد باقي المواد الأخرى من إسفنج وأثواب وخشب إلى الخارج وأغفل سلامة العمال والعاملات. لكن رشيدة وعدد من العمال الآخرين الناجين أكدوا أن الأبواب أغلقت بفعل الحريق.
عملية إخراج جثث القتلى تمت بعد حفر ثقب من سطح بناية مجاورة في طور البناء، تطوع لحفره أبناء المنطقة مستعينين بآليات عمال البناء، وعند الانتهاء من الحفر كادت السنة النيران أن تلتهمهم أيضا. لتباشر انطلاقا من هذا الثقب عملية الإطفاء، وعبره تم الولوج إلى داخل المصنع ومباشرة عملية إخراج الجثث التي كانت غالبيتها مفحمة ومشوهة، كما تم العثور على أطراف جثث، ووضعت الجثث فوق سطح البناء المجاور إلى أن اكتمل العدد في حدود الساعة الرابعة حوالي 53 جثة تم وضعها داخل أكياس بلاستيكية.
وغير بعيد من مكان الحريق، احتشدت العشرات من عائلات الضحايا الذين زاد بكاؤهم ونحيبهم على ذويهم الهالكين من تعميق حدة هذه المأساة. ولم يحل بينهم وبين محاولاتهم المتكررة للدخول إلى المصنع إلا حشود قوات الأمن والتدخل السريع التي حلت بكثافة غير معهودة في مثل هذه الحوادث، وضربت طوقا أمنيا امتد على مسافة مئات الأمتار. وزاد من معاناة أسر الضحايا سلوك بعض رجال الأمن الذين منعوهم من الاقتراب من مكان الحادث، كما لم تتم أي عملية للتواصل معهم حيث شوهدت العديد من النسوة يصرخن ويتمرغن في التراب حزنا على أقاربهم.
بعد ذيوع خبر الحريق، بدأت وفود كبار المسؤولين بمختلف رتبهم تصل إلى مسرح المأساة. حوالي الساعة السادسة و45 دقيقة، حل وفد وزير الداخلية، المكون من الجنرال حسني بنسليمان والشرقي الضريس، وقبلها حلت طائرة هليكوبتر تابعة للدرك الملكي حطت بالقرب من مكان الحادث، حيث هرول باتجاهها المئات من الجماهير المحتشدة ظنا منهم أنها كانت تقل وزير الداخلية، ولم يمنع الجماهير الغاضبة عنها سوى قوات الأمن التي تركت هي الأخرى مواقعها بالقرب من الحادث وهرولت مسرعة لإنقاذ الموقف.
في حدود الساعة السادسة، أعلن المسؤول الجهوي للوقاية المدنية على أن الحريق قد تمت السيطرة عليه بالكامل، مشيرا، في تصريح لوسائل الإعلام التي حلت هي الأخرى بكثافة، إلى أن أسباب ارتفاع عدد القتلى راجع إلى غياب شروط السلامة بالمصنع، وبكون جميع المنافذ كانت مغلقة ومسيجة إلى جانب وجود مواد قابلة للاشتعال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.