الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي        وهبي: قانون العقوبات البديلة مفتوح أمام المحكوم عليهم قبل صدوره    الأخطبوط في فترة استراحة: تدابير صارمة لضمان الاستدامة البحرية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الرباط وباريس يبحثان تطوير الشراكة الأمنية ومواجهة التهديدات الإرهابية    51 قتيلا على الأقل في تظاهرات النيبال    اغتيال "تشارلي" يهز الولايات المتحدة    "المونديال" يستقطب اهتماما عالميا مبكرا بأكثر من 1,5 مليون طلب تذكرة في يوم واحد    بداية العد العكسي.. 100 يوم يفصل المغرب عن استضافة كأس الأمم الإفريقية    "السجون" توضح الوضع الصحي لبعيوي    وزير الصحة يباشر جولات للمستشفيات    فضيحة عقارية تعصف بعامل إنزكان آيت ملول    تدشين المحطة السككية الجديدة بتازة وإطلاق خدمة الربط بالحافلات مع الحسيمة        سفيان بوفال يكذب إشاعة وفاة والدته: والدتي بخير    العدّ التنازلي لحفل الكرة الذهبية 2025: هذا موعد تتويج أفضل لاعب في العالم!    "يويفا" يقرر تأجيل البث في نقل مباريات الدوري الإسباني والإيطالي للخارج    يامال يتحدث عن صعوبة البدايات وجذوره المغربية: "جدتي تسلّلت في حافلة من المغرب لإسبانيا.. وكانت تعمل 3 مرات في اليوم"    الحكم على بولسونارو بالسجن 27 عاما.. وترامب يصفه بالرجل الصالح    ابتزاز إسرائيلي: موقع عبري يتخيل هجوما على باريس عام 2029 يحاكي "طوفان الأقصي"        "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" تحذر من تفاقم "احتقان اجتماعي" في إقليم أزيلال    بيت الشعر بالمغرب يحتفي ب"موسم الخطوبة" في إملشيل بفعاليات ثقافية وشعرية    دراسة: التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    كيوسك الجمعة | مسطرة جديدة لتدبير وصرف المنح لفائدة متدربي التكوين المهني    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب        أخنوش يكسر صمت الحكومة... حصيلة بالأرقام ورسائل بين السطور    بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح        معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة: اجمالي استثمارات متوقعة بأكثر من 90 مليار دولار    الكسريوي يكشف عن توسيع شبكة "مؤسسات الريادة" بتطوان    ناصر بوريطة يؤكد موقف الملك الثابت ضد ترحيل الفلسطينيين واحتلال غزة    ضابط مخابرات عسكرية أمريكي سابق: أمريكا لا تملك حلفاء بل دول تابعة لها وخاضعة لهيمنتها (فيديو)    تقرير: المغرب يستورد سلعا إسرائيلية تتجاوز قيمتها 177 مليون دولار خلال عام واحد        ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده        أخنوش: الحكومة حققت حصيلة إيجابية في سياق دولي مضطرب وفي ظل ظروف مناخية صعبة    مجلس الحكومة يهتم بحماية النباتات    نهضة بركان أمام الوافد الجديد أولمبيك الدشيرة، وقمة الرجاء ضد الفتح، والوداد يستقبل الكوكب المراكشي .. اليوم تنطلق البطولة الإحترافية بمواجهات تجمع بين خبرة الكبار وحماس الصاعدين        المغرب يطور منصة للذكاء الاصطناعي    إدريس الروخ يحذر جمهوره من شخص ينتحل اسمه وصورته    72 في المائة من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية)    التقدم والاشتراكية يطالب وزير الداخلية بالتصدي الحازم لاستعمال المال في الانتخابات    دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    الكتابة والاستضافة        الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري        188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"وَرْطَةُ" الْحُكَّامِ الْجُدُدِ !(2/2)
نشر في الرأي المغربية يوم 14 - 10 - 2013

فأكبر تحدٍّ يواجه الإسلاميين، ليس هو تحدي إقناع الجماهير ببرنامجهم الانتخابي، أو السلوك اليومي لأفرادهم في الشوارع والقرى والمداشر،... لكن أكبر تحدٍّ يواجه الأحزاب الإسلامية التي تحكم، هو القدرة على تحويل الوعود الجميلة إلى حقائق حية تدب على أرض الواقع. و هو ذات التحدي الذي فشلت فيه الأحزاب المغربية الحاكمة قديما وحديثا، كما فشل فيه-للأسف- الحزب الحاكم اليوم في المغرب؛ بل الشيء الذي عمق فشله أكثر- لسوء حظه- أنه جاء بعد ربيع عشريني علق عليه الشعب المغربي آمالا غير مسبوقة في تحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي، والارتقاء بالمغرب نحو نهضة حقيقية، تنتشله من ربقة التخلف والفساد والخوف والاستبداد و"الحكرة"،... مما عقد مهمة حزب العدالة والتنمية وجعلها شبه مستحيلة؛ إذ كان على الحزب، لو أراد النجاح، أن يقتحم هذه العقبة الكأداء بكل ما يملك من رصيد أخلاقي، وشعبي، وفكري، ونضالي،... وهو يؤسس لِلَبِنات البيت الحكومي في نسخة جديدة ومختلفة.
ولقد حاول، فعلا، أن يقدم منتوجه التدبيري الفريد والمتميز، لكن ما لبث أن فشل في تشكيل ملامح هذا المنتوج بعد أن توالت عليه الضربات، والتدخلات، والتنبيهات؛ أسقطت في يده، وأربكت مساره، وحولت وجهته إلى إكراهات، وتحديات لا قبل له بها. مما اضطره إلى استدعاء رصيده الجماهيري لإقناع الشعب بأن التحديات فاقت الطموحات، وأن الإكراه الحاصل مدعاة للمزيد من الصبر والتحمل للقرارات "المؤلمة"؛ مما أوقعه في استهلاك خطير لرصيده الشعبي الذي لم يعد يحتمل الانتظار !!!!
فإذا كان العسكر وأذنابه من العلمانيين في مصر قد أخطؤوا حينما ابتدروا الانقلاب العسكري علي "الإخوان"، ولم يتركوا للشعب أن يصدر الحكم الفيصل في حقهم؛ مما ضاعف من شعبيتهم، ومكن لوضعهم الجماهيري في الشارع المصري؛ فإن خصوم إسلاميي الحكم في المغرب كانوا أكثر ذكاء حينما "أطالوا" صبرهم، واشتغلوا على وضع "العصا في عجلة الحكومة" في مهارة خادعة، وواجهوا "الحكام الجدد" بحرب كلامية مثيرة ومستفزة أوقعت إسلاميي الحكم في الكثير من ردود الفعل غير المحسوبة، مست رصيدهم الشعبي، وألبت ضدهم الأصدقاء قبل الخصوم، وحولت الكثير من المعجبين إلى ناقمين، والمؤيدين إلى معارضين.
لقد "أخطأ" إسلاميو الحكم في المغرب حينما "مارسوا" الأخلاق المقدسة في حقل السياسة "المدنسّ"( !!!)، وقرروا أن "يصارحوا" (من خلق الصراحة الحميد) الشعب المغربي، الذي تطبَّع على قبول الكذب و"اتشلهيب" السياسي، بما يجوز وبما لا يجوز؛ في أمور السياسة والاقتصاد. وظنوا، "في سذاجة"، أن رصيدهم الشعبي كافٍ ليمكنهم من تمرير قراراتهم "اللاشعبية" دون مشاكل، في اعتماد فج وغير مؤسس على موازنات فقهية ومقاصدية في تدبير شأن سياسي مجالٍ للاختلاف، والصراع، والتأويل، والأخذ والرد، وفي واقع غالبية "مواطنيه" أميون لا يفقهون في الدين ولا في السياسة ولا في الاقتصاد شيئا !!!.
نعم، لقد أخطأ إسلاميو الحكم في المغرب حينما وعدوا الشعب المغربي بترك الحكم إذا حيل بينهم وبين الإصلاح ومحاربة الفساد حائل؛ فلم يوفوا؛ وظلوا يدبرون وسط العاصفة، ويواجهون العالم من حولهم في عناد ستكون له -ولا شك- تداعيات ثقيلة ومكلفة ستأتي على "رصيدهم" الشعبي من القواعد، وسترمي بهم إلى رف النسيان، إذا لم يبادروا إلى مصارحة المغاربة بعجزهم، ويعلنوا تنحيهم نهائيا عن تدبير شأن تداعت إليه الأطماع، واجتمعت حوله الذئاب والسباع والتماسيح والعفاريت و"الحياحة"...وهَلُمَّ مخلوقاتٍ وأشباحاً !!!!!
نعم، على الحكام الجدد أن يبادروا إلى تفويت فرصة الانقضاض عليهم، بالانسحاب المشرف من ساحة التنافس غير الشريف، وينحازوا إلى الشعب؛ لتنكشف وجوه المعرقلين، والمثبطين، و"البلطجية"، و"الفلول"و...وحاميهم، لعامة الشعب المغربي، ويكتشف -هذا الشعب– كما اكتشف الشعب المصري قبله- سر المكيدة، وحقيقة المؤامرة !
كما عليهم أن يعلنوها صراحة: أن الوضع لا يحتمل الاستمرار، وأن ثقة الشعب بالنسبة لهم أعظم بكثير من فتات الكراسي والمناصب، وأن سمعة "المشروع المجتمعي الرسالي الإسلامي" أعظم بكثير من "عائدات" حكم معوق بكل هذه العراقيل، والحواجز، والمثبطات، والفرامل،... حتى يترفعوا- قبل فوات الأوان- بالاعتراف الجميل عن الاعتذار الذليل !!!.
بيد أن هذا الأمر لا يعني أبدا أننا نتنكر للقاعدة الذهبية المغربية " دخول الحمام ليس كالخروج منه" !. فلا شك أن اتخاذ ابن كيران وإخوانه في الحكم قرارا من هذا الحجم سيكلفهم الكثير، وقد يكون سببا في مؤامرة من الخصوم الجذريين أشد وأنكى مما لو بقوا في الحكم؛ لذلك سيكون من الحكمة والتعقل أن يتم الانسحاب من قلب العاصفة بتدرج وروية، وبعيدا عن اللغط الإعلامي، والمزايدات السياسوية الاستفزازية. وحتى يتحقق ذلك يلزم إسلاميي الحكم- في اعتقادنا- أن يبدؤوا في تسجيل انسحابهم من هذه "الورطة" غير المحسوبة العواقب، بتدرج عاقل ينقل المسؤوليات والمناصب إلى الضفة الأخرى، ويكتفوا بالقطاعات التقنية البعيدة عن تحكم الدولة العميقة. وفي نفس الوقت يعملوا على "توريط"/إشراك الأطراف التي قبلت الحكم معهم، في تدبير الملفات الاستراتيجية، والقضايا المصيرية؛ حتى تظهر الصورة ب"شكل مختلف"، استعدادا لإبراء الذمة من تهمة "حكومة الإسلاميين" !(1)، التي يحاول البعض أن يلصقها بهم، ومن تم يلصق بهم و بالتيار الإسلامي عامة، كل الأخطاء، والقرارات اللاشعبية التي تصدر عن هذه الحكومة "الائتلافية" التي لا يمثل فيها الإسلاميون إلا طرفا، وإن كان وازنا.
فمشروع خصوم الحكام الجدد في المغرب، هو نفسه مشروع كل التيارات المناوئة لحكم الإسلاميين في العالم الإسلامي؛ مشروعٌ يقوم على هدف واحد ووحيد وهو :" تحييد الإسلاميين من المنافسة الانتخابية، للاستفراد بساحة الحكم دونهم". ولن يكون ذلك إلا بضرب شعبيتهم، العارمة، وإفقاد الشعب الثقة فيهم، بتحميلهم جرائم الدنيا والدين، وإلصاق كل الاخطاء والأزمات والتعثرات، والمصائب التي تحل بالشعب؛ بتدبيرهم الحكومي، وتقديرهم السياسي!...
.............................
(1) الحكومة المغربية حكومة ائتلافية تضم حساسيات مختلفة، ولا يمثل فيها الإسلاميون إلا فريقا؛ لذلك تعتبر كل محاولة لإلصاق "تهمة" الإسلامية بها، أمام هزالة المردود الحكومي الذي تقدمه هذه الحكومة، محاولة كيدية تبغي المس بمصداقية الإسلاميين، ومصداقية مشروعهم المجتمعي الرسالي .. !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.