إدارة مركز التوجيه والتخطيط التربوي تنشر معطيات تفصيلية حول الجدل القائم داخل المؤسسة    منتخب أقل من 17 سنة يكشف التشكيلة الرسمية لمواجهة الولايات المتحدة في مونديال قطر 2025    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية 2026 برمته بأغلبية 165 ومعارضة 55 نائبا ولا أحد امتنع عن التصويت    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    ملعب طنجة.. الصحافة الدولية تسميه "ابن بطوطة" ومطالب محلية بتثبيت الاسم رسميًا    أمطار رعدية ورياح قوية بعدة مناطق    مبديع أمام محكمة الاستئناف: معاملات فلاحية وراء ثروتي.. ولست "شفاراً"    ملعب طنجة الكبير، صرح رياضي عالمي بمعايير "فيفا 2030"    المكتب الوطني المغربي للسياحة يستقطب المؤتمر السنوي لوكلاء السفر الهولنديين إلى المغرب    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    أكثر من 170 لاعباً يحتجون في الدوري الكولومبي بافتراش أرض الملعب    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    فرنسا.. مقتل شقيق الناشط البيئي أمين كساسي في مرسيليا رميا بالرصاص    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يقوي ويؤمن تزويد مدينة طانطان والمناطق المجاورة لها بالماء الشروب    قتيل وجرحى في حادثة سير بإقليم سطات    الصناعات الغذائية.. مسؤول حكومي: "التعاون المغربي-الإسباني رافعة للفرص أمام المصدرين المغاربة"    إحباط محاولة لاغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    شَرِيدٌ وَأَعْدُو بِخُفِّ الْغَزَالَةِ فِي شَلَلِي    متابعة "ديجي فان" في حالة سراح    بطولة اسكتلندا.. شكوك حول مستقبل المدرب أونيل مع سلتيك    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    الملك يهنئ خالد العناني بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    لوديي: تراجع حصة ميزانية الدفاع من الناتج الداخلي الخام رغم ارتفاع الغلاف المالي إلى 73 مليار درهم وإطلاق 10 مشاريع صناعية دفاعية    روما.. المغرب يمثل إفريقيا في اللجنة التنفيذية للدستور الغذائي    حرائق غابات ضخمة في الجزائر تهدد حياة السكان والسلطات تتحرك    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    موقع عبري: الجالية اليهودية في المغرب تفكر في استخراج جثمان أسيدون ونقله إلى مكان آخر بسبب دعمه ل"حماس"    الحكم على سائق "إندرايف" سحل شرطيا ب11 شهرا حبسا وغرامة مالية    استفادة "تجار الأزمات" من أموال الدعم.. الحكومة تقر بوجود ثغرات وتؤكد ضرورة تصحيح اختلالات المقاصة    الإطار الاستراتيجي لتعامل الصحراويين مع مقترح الحكم الذاتي المغربي: دروس من التجربة الكتالونية    تصفيات مونديال 2026.. مدرب إيرلندا بعد طرد رونالدو "لا علاقة لي بالبطاقة الحمراء"    منتشين بفوزهم الساحق على كاليدونيا.. أشبال الأطلس يتحدون أمريكا لمواصلة الحلم    عمال راديسون الحسيمة يستأنفون احتجاجاتهم بعد فشل الحوار ويكشفون "مقترحات مجحفة" لإقصائهم    بأغلبية 165 صوتا.. مجلس النواب يقر الجزء الأول من مشروع قانون المالية    استغلال إصلاحات الإنارة يثير جدلا سياسيا بمكناس وحزب فدرالية اليسار يطالب بفتح تحقيق    سعيد بعزيز: لوبي الفساد تحرك داخل البرلمان وانتصر في إدخال تعديلات لفائدة مقاولات التأمين    رشق الرئيس السابق لاتحاد الكرة الإسباني بالبيض في حفل إطلاق كتابه    بوعلام صنصال بعد الإفراج: "أنا قوي"    استطلاع: 15% من الأسر المغربية تفضل تعليم الأولاد على الفتيات.. و30% من الأزواج يمنعون النساء من العمل    إدارة مستشفى محمد الخامس بالجديدة توضح: جهاز السكانير متوفر والخدمات الطبية مفتوحة للجميع    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    مدير المخابرات الفرنسية: المغرب شريك لا غنى عنه في مواجهة الإرهاب    منح 10 تراخيص لمشاريع الصناعة الدفاعية بقيمة 260 مليون دولار.. و5 أخرى قيد الدراسة (لوديي)    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    المسلم والإسلامي..    الترجمة الفلسفية وفلسفة الترجمة - مقاربة استراتيجية    نجاح واسع لحملة الكشف المبكر عن داء السكري بالعرائش    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"وَرْطَةُ" الْحُكَّامِ الْجُدُدِ !(2)
نشر في اشتوكة بريس يوم 12 - 10 - 2013

فأكبر تحدٍّ يواجه الإسلاميين، ليس هو تحدي إقناع الجماهير ببرنامجهم الانتخابي، أو السلوك اليومي لأفرادهم في الشوارع والقرى والمداشر،... لكن أكبر تحدٍّ يواجه الأحزاب الإسلامية التي تحكم، هو القدرة على تحويل الوعود الجميلة إلى حقائق حية تدب على أرض الواقع. و هو ذات التحدي الذي فشلت فيه الأحزاب المغربية الحاكمة قديما وحديثا، كما فشل فيه-للأسف- الحزب الحاكم اليوم في المغرب؛ بل الشيء الذي عمق فشله أكثر- لسوء حظه- أنه جاء بعد ربيع عشريني علق عليه الشعب المغربي آمالا غير مسبوقة في تحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي، والارتقاء بالمغرب نحو نهضة حقيقية، تنتشله من ربقة التخلف والفساد والخوف والاستبداد و"الحكرة"،... مما عقد مهمة حزب العدالة والتنمية وجعلها شبه مستحيلة؛ إذ كان على الحزب، لو أراد النجاح، أن يقتحم هذه العقبة الكأداء بكل ما يملك من رصيد أخلاقي، وشعبي، وفكري، ونضالي،... وهو يؤسس لِلَبِنات البيت الحكومي في نسخة جديدة ومختلفة.
ولقد حاول، فعلا، أن يقدم منتوجه التدبيري الفريد والمتميز، لكن ما لبث أن فشل في تشكيل ملامح هذا المنتوج بعد أن توالت عليه الضربات، والتدخلات، والتنبيهات؛ أسقطت في يده، وأربكت مساره، وحولت وجهته إلى إكراهات، وتحديات لا قبل له بها. مما اضطره إلى استدعاء رصيده الجماهيري لإقناع الشعب بأن التحديات فاقت الطموحات، وأن الإكراه الحاصل مدعاة للمزيد من الصبر والتحمل للقرارات "المؤلمة"؛ مما أوقعه في استهلاك خطير لرصيده الشعبي الذي لم يعد يحتمل الانتظار !!!!
فإذا كان العسكر وأذنابه من العلمانيين في مصر قد أخطؤوا حينما ابتدروا الانقلاب العسكري علي "الإخوان"، ولم يتركوا للشعب أن يصدر الحكم الفيصل في حقهم؛ مما ضاعف من شعبيتهم، ومكن لوضعهم الجماهيري في الشارع المصري؛ فإن خصوم إسلاميي الحكم في المغرب كانوا أكثر ذكاء حينما "أطالوا" صبرهم، واشتغلوا على وضع "العصا في عجلة الحكومة" في مهارة خادعة، وواجهوا "الحكام الجدد" بحرب كلامية مثيرة ومستفزة أوقعت إسلاميي الحكم في الكثير من ردود الفعل غير المحسوبة، مست رصيدهم الشعبي، وألبت ضدهم الأصدقاء قبل الخصوم، وحولت الكثير من المعجبين إلى ناقمين، والمؤيدين إلى معارضين.
لقد "أخطأ" إسلاميو الحكم في المغرب حينما "مارسوا" الأخلاق المقدسة في حقل السياسة "المدنسّ"( !!!)، وقرروا أن "يصارحوا" (من خلق الصراحة الحميد) الشعب المغربي، الذي تطبَّع على قبول الكذب و"اتشلهيب" السياسي، بما يجوز وبما لا يجوز؛ في أمور السياسة والاقتصاد. وظنوا، "في سذاجة"، أن رصيدهم الشعبي كافٍ ليمكنهم من تمرير قراراتهم "اللاشعبية" دون مشاكل، في اعتماد فج وغير مؤسس على موازنات فقهية ومقاصدية في تدبير شأن سياسي مجالٍ للاختلاف، والصراع، والتأويل، والأخذ والرد، وفي واقع غالبية "مواطنيه" أميون لا يفقهون في الدين ولا في السياسة ولا في الاقتصاد شيئا !!!.
نعم، لقد أخطأ إسلاميو الحكم في المغرب حينما وعدوا الشعب المغربي بترك الحكم إذا حيل بينهم وبين الإصلاح ومحاربة الفساد حائل؛ فلم يوفوا؛ وظلوا يدبرون وسط العاصفة، ويواجهون العالم من حولهم في عناد ستكون له -ولا شك- تداعيات ثقيلة ومكلفة ستأتي على "رصيدهم" الشعبي من القواعد، وسترمي بهم إلى رف النسيان، إذا لم يبادروا إلى مصارحة المغاربة بعجزهم، ويعلنوا تنحيهم نهائيا عن تدبير شأن تداعت إليه الأطماع، واجتمعت حوله الذئاب والسباع والتماسيح والعفاريت و"الحياحة"...وهَلُمَّ مخلوقاتٍ وأشباحاً !!!!!
نعم، على الحكام الجدد أن يبادروا إلى تفويت فرصة الانقضاض عليهم، بالانسحاب المشرف من ساحة التنافس غير الشريف، وينحازوا إلى الشعب؛ لتنكشف وجوه المعرقلين، والمثبطين، و"البلطجية"، و"الفلول"و...وحاميهم، لعامة الشعب المغربي، ويكتشف -هذا الشعب– كما اكتشف الشعب المصري قبله- سر المكيدة، وحقيقة المؤامرة !
كما عليهم أن يعلنوها صراحة: أن الوضع لا يحتمل الاستمرار، وأن ثقة الشعب بالنسبة لهم أعظم بكثير من فتات الكراسي والمناصب، وأن سمعة "المشروع المجتمعي الرسالي الإسلامي" أعظم بكثير من "عائدات" حكم معوق بكل هذه العراقيل، والحواجز، والمثبطات، والفرامل،... حتى يترفعوا- قبل فوات الأوان- بالاعتراف الجميل عن الاعتذار الذليل !!!.
بيد أن هذا الأمر لا يعني أبدا أننا نتنكر للقاعدة الذهبية المغربية " دخول الحمام ليس كالخروج منه" !. فلا شك أن اتخاذ ابن كيران وإخوانه في الحكم قرارا من هذا الحجم سيكلفهم الكثير، وقد يكون سببا في مؤامرة من الخصوم الجذريين أشد وأنكى مما لو بقوا في الحكم؛ لذلك سيكون من الحكمة والتعقل أن يتم الانسحاب من قلب العاصفة بتدرج وروية، وبعيدا عن اللغط الإعلامي، والمزايدات السياسوية الاستفزازية. وحتى يتحقق ذلك يلزم إسلاميي الحكم- في اعتقادنا- أن يبدؤوا في تسجيل انسحابهم من هذه "الورطة" غير المحسوبة العواقب، بتدرج عاقل ينقل المسؤوليات والمناصب إلى الضفة الأخرى، ويكتفوا بالقطاعات التقنية البعيدة عن تحكم الدولة العميقة. وفي نفس الوقت يعملوا على "توريط"/إشراك الأطراف التي قبلت الحكم معهم، في تدبير الملفات الاستراتيجية، والقضايا المصيرية؛ حتى تظهر الصورة ب"شكل مختلف"، استعدادا لإبراء الذمة من تهمة "حكومة الإسلاميين" !(1)، التي يحاول البعض أن يلصقها بهم، ومن تم يلصق بهم و بالتيار الإسلامي عامة، كل الأخطاء، والقرارات اللاشعبية التي تصدر عن هذه الحكومة "الائتلافية" التي لا يمثل فيها الإسلاميون إلا طرفا، وإن كان وازنا.
فمشروع خصوم الحكام الجدد في المغرب، هو نفسه مشروع كل التيارات المناوئة لحكم الإسلاميين في العالم الإسلامي؛ مشروعٌ يقوم على هدف واحد ووحيد وهو :" تحييد الإسلاميين من المنافسة الانتخابية، للاستفراد بساحة الحكم دونهم". ولن يكون ذلك إلا بضرب شعبيتهم، العارمة، وإفقاد الشعب الثقة فيهم، بتحميلهم جرائم الدنيا والدين، وإلصاق كل الاخطاء والأزمات والتعثرات، والمصائب التي تحل بالشعب؛ بتدبيرهم الحكومي، وتقديرهم السياسي!...
صالح أيت خزانة
.............................
(1) الحكومة المغربية حكومة ائتلافية تضم حساسيات مختلفة، ولا يمثل فيها الإسلاميون إلا فريقا؛ لذلك تعتبر كل محاولة لإلصاق "تهمة" الإسلامية بها، أمام هزالة المردود الحكومي الذي تقدمه هذه الحكومة، محاولة كيدية تبغي المس بمصداقية الإسلاميين، ومصداقية مشروعهم المجتمعي الرسالي .. !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.